Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السياسة العشائرية تمنعنا من الوقوف صفاً واحدا ضد بريكست من دون اتفاق

أظهرت الانتخابات الأوروبية أن القوى المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي تستطيع مجتمعة أن تفوز بأصوات أكثر من تلك التي يحققها الراغبون في الخروج منه

جانب من التظاهرات التي خرجت في أكثر من مدينة بريطانية للاحتجاج على إغلاق الحكومة للبرلمان (رويترز)  

بقيت بلادنا، تاريخياً، تُثمن بقاءها هادئة خلال الأزمات. وبإمكاننا نحن أن نلمّ الشمل لمواجهة الشدائد. فخلال الأوضاع الطارئة على المستوى الوطني، كان سياسيونا يضعون جانبا الولاءات الحزبية لتأليف حكومات وحدة وطنية والعمل معا للمضي بالبلاد الى الاستقرار والتعافي. وفي أوقات أخرى، تمكنوا من تشكيل ائتلافات في أوقات الانتخابات.

ومع اندفاع حكومة بوريس جونسون باتجاه الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، اقترب الوقت الذي يفرض على السياسيين من شتى الأطياف تقليص الفجوة التي تباعد بينهم والبدء بالعمل معاً.

أثار بريكست سلفاً زوبعة من الرسائل بين الأحزاب المختلفة، كما مهّد لعقد لقاءات جادة، وتوافقات أولية صائبة في قاعة مجلس العموم عابرة للأحزاب. غير أننا بتنا الآن في حاجة لتعاون النواب بشكل فعّال  في سبيل تشكيل حكومة بديلة، وليس فقط لتعليقاتهم المناسبة التي يطلقونها في تناغم وانسجام.

يبدو حالياً من المرجح أن تؤول حصيلة التصويت بعدم الثقة بحكومة بوريس جونسون إلى انتخابات عامة.

فمع الانقسام الزائد داخل أكبر حزبين في البلاد،  المحافظين والعمال،  حول كيفية الخروج من مأزق بريكست، فإن الانتخابات وحدها قد لاتفضي إلى حل حقيقي لأزمتنا السياسية الحالية. لذلك، يبرز خياران لتحقيق بعض التقدم:  تأليف حكومة تضمّ ممثلين عن الأحزاب كلها الآن، أو تشكيل ائتلاف للأحزاب  مؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، لخوض الانتخابات.

بالنسبة للخيار الأول، لا يمكن أن يكون موضوعا لأي قدر إضافي من التشهير المتبادل بين أحزاب المعارضة، كما لا ينبغي أن يكون كذلك، فطبيعة الوضع الطارئ في الوقت الراهن تقتضي من الأطراف كلها أن تتعامل مع بعضها بعضاً بلطف ولباقة، وأن تُجري تقييماً هادئا للكيفية التي تستطيع وفقها  الحكومة الجديدة أن تحقق الأغلبية، فهناك ضرورة لإيجاد آلية في البرلمان لاختبار إمكانيات تشكيل إدارات بديلة.

إذا صوتّ النواب لصالح إسقاط حكومة جونسون، فسيكون هناك  14 يوما ثمينا فقط أمام الملكة لدعوة شخص آخر  لتشكيل حكومة بديلة، على أن ينال ثقة النواب هو وحكومته.

استطاع مجلس العموم  ان يتصرف خلال الأشهر القليلة الأخيرة على نحو خلّاق، و إيجاد سبل غير تقليدية للعمل، مثل التصويت الاسترشادي على مقترحات بديلة عن بريكست، والتحكم بجدول أعمال البرلمان بأخذه من يد الحكومة، وضمان عدم القدرة على تجميد عمل البرلمان في الأوقات الحرجة.

وينبغي حالياً على النواب استخدام كل ما تبقى لديهم من حيلة وحيوية يمكن التعويل عليها من جديد لإجراء تقييم حسابي، ومن دون أي ضغينة، للدعم الذي يمكن أن يحققه الشخص الذي قد تدعوه الملكة للحلول محلّ جونسون.

يمكن القول، إنه بالنسبة إلى ملايين البريطانيين، ممن يؤيدون بريكست أو يرفضونه، سيكون الإجراء الديمقراطي الذي يجب أن تتخذه تلك الحكومة المؤقتة هو عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، إذ ليس هناك تفويض بذلك سواء من الاستفتاء الذي جرى عام 2016 أو من الانتخابات العامة التي جرت عام 2017، ولابد من العودة إلى الشعب لتقرير ذلك بنفسه. سينتهي هذا الاستفتاء المفترض بفوز خيار البقاء في الاتحاد الاوروبي حالياً، كما اعتقد. وفي أعقابه من الممكن إجراء انتخابات عامة سترمي إلى اختيار برنامج محلي جديد للحكومة، وليس للعمل بالوكالة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه.

أظهرت الانتخابات الأوروبية أن القوى المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي، تستطيع مجتمعة أن تفوز بأصوات أكثر من تلك التي يحققها الراغبون في الخروج منه. حان الوقت لوضع السياسات الحزبية جانبا وتشكيل تحالف داعم للبقاء.

تجدر الإشارة إلى أن الطرف الوحيد القادر على القبول بتجميد بريكست من دون اتفاق، هو حكومة وحدة وطنية متعددة الأحزاب، وفي هذه الحالة يكون على البلاد أن تخوض انتخابات أخرى على قاعدة بريكست. 

وفي هذه الحالة لن يستطيع أي حزب مؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي أن ينتصر لوحده، لكن أظهرت الانتخابات الأوروبية أن القوى المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي، تستطيع مجتمعة بسهولة أن تفوز بأصوات أكثر من تلك التي يحققها الراغبون في الخروج منه.

وباعتبار أن نايجل فاراج  والمتطرفين في حزب المحافظين  قد أبدوا استعدادهم للتعاون والتضحية لصالح بعضهم بعضاً إذا لزم الأمر، فإن معسكر "الخروج" سيُشكل بالتأكيد تحالفه الهادف إلى بلوغ أهدافه المشتركة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما معسكر أنصار "البقاء" فلم يعد أمامه وقت طويل لتحديد كيفية الرد. ما زالت كلمات دونالد تَوسك ، رئيس المجلس الأوروبي،  ترن بقوة في أذنيّ "رجاءً لا تضيعوا هذا الوقت".

يحتاج معسكر "البقاء" إلى دعم نواب من أمثال جيس فيليبس وبريجيت فيليبسون وآنا ترلي، قادرين على قيادة دوائرهم الانتخابية نحو الخيار السليم بدلاً من اتبّاع رغبات ناخبيهم . ويجب العمل معا لإلحاق الهزيمة بشخصيات مثل دومينيك راب وروز تومسون وزاك غولدسميث، ممن يتبنون آراء تتعارض تماما مع الناخبين الذين ارسلوهم إلى مجلس العموم.

وبالنسبة إلينا في منظمة "الأفضل لبريطانيا"، فقد باشرنا بإطلاق أداة لتقديم الدعم لأنصار "البقاء" كي يعرفوا كيف يصوّتون وأين يمكنهم أن يساعدوا، وذلك لضمان أن نجاح البرلمان المقبل في إبعاد بريطانيا عن حفة الهاوية التي تقف حالياً عندها.

هكذا بوضعنا مستقبل البلاد فوق السياسات العشائرية، نسعى إلى تبني توجه أممي منفتح على الخارج، يرى في الاتحاد الأوروبي فرصة ممكنة لا  تهديدا.

حان الوقت الآن لوضع الخلافات الحزبية جانبا والعمل معا في ائتلاف "البقاء". ومع عودة النواب الوشيكة إلى البرلمان، تكون حكومة بوريس جونسون قد انطلقت في مسارها الهادف إلى دفع البلاد صوب الخراب. 

ما زال هناك وقت لتغيير المسار والتوجه لانقاذ البلاد بدلاً من تخريبها.

( نعومي سميث الرئيس التنفيذي لمنظمة "الأفضل لبريطانيا")

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء