Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكارو والحمار "عربات إسعاف" تنقل جرحى غزة

توقفت طواقم الهلال الأحمر في مدينة غزة والشمال

أدى شح الوقود إلى توقف خدمات الإسعاف في مدينة غزة وشمال القطاع (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

بسبب نفاذ الوقود ونزوح فرق الإنقاذ بات سكان غزة ينقلون الجرحى على عربات تجرها الحيوانات

في الشارع المجاور لمنزل وسيم الفيومي وسط حي الشجاعية في مدينة غزة، أغارت الطائرات الإسرائيلية على بناية سكنية مكتظة بالسكان وخلّف القصف إصابات وضحايا، وما إن سمع الشاب صوت الانفجار هرع بسرعة لعربته الكارو وحماره، وانتقل لمكان الحادثة.

ولشدة القصف، تطاير المصابون والضحايا في الشارع، وبسرعة وصل وسيم على حماره، وأخذ يحمل المجروحين ويضعهم على عربة الكارو، وتحرك باتجاه "مستشفى الشفاء" لينقلهم إلى المرفق الصحي الذي يتابع حالاتهم.


توقف خدمة الإسعاف

ما إن شق وسيم طريقه، كانت قد وصلت عربات تجرها حيوانات أخرى عمل أصحابها على انتشال الضحايا ووضعهم على ألواح الكارو الخشبية ونقلوهم إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات قبل الدفن.

في الواقع لا يوجد في مدينة غزة خدمة إسعاف وطوارئ، إذ بسبب أوامر إسرائيل بضرورة إخلاء منطقة الشمال، إضافة إلى الاجتياح البري ووصول الدبابات إلى مقر "الهلال الأحمر"، المزود الرئيس لخدمة الإنقاذ، أُجبرت جميع الطواقم على النزوح قسراً باتجاه الجنوب.

ونتيجة هذه الظروف بات سكان غزة يعتمدون على عربات الكارو التي تجرها الحيوانات في نقل المصابين والضحايا باتجاه المستشفيات، وتحولت وسيلة النقل البدائية هذه إلى "سيارات إسعاف".

من دون الحمار الجميع أموات

ويقول وسيم "قبل أن يعتمد سكان غزة على الحيوانات في نقل الجرحى كان كل من يتعرض لإطلاق نار بحكم الميت، فالأشخاص الذين يصابون بأعيرة الجيش الإسرائيلي يبقون في مكانهم لينزفوا حتى الموت من دون أن يقدم لهم أحد خدمة الإسعاف".
وتلقى وسيم دورات تدريبية في خدمة الإسعاف الأولي من الهلال الأحمر ومارس عملياً في الميدان آليات التعامل مع المصابين والحفاظ على سلامتهم، ويقول "أنا أملك سيارة لكن لا يوجد وقود لتشغيلها، وكذلك لدينا بعض الدواب من بينها الحمار، وفي ظل استمرار الحرب حاولت استغلال الموارد المتاحة ومساعدة جيراني في تقديم خدمة الإنقاذ والإسعاف".

ويبدي وسيم حزنه على حال غزة الذي وصلت إليه، لكنه مصمم على مواصلة الحياة، أو بالأحرى هذا ما هو متاح أمامه، ويشير إلى أن سكان مدينته يواجهون وضعاً صعباً جداً وكارثة لم يشهدها العصر الحديث، إذ تمنع سيارات الإسعاف والدفاع المدني من العمل وممارسة نشاطها المكفول في القانون الدولي الإنساني.

مهمة صعبة

عملية الإسعاف ونقل الضحايا والمصابين في غزة ليست بالمهمة السهلة، وتكتنفها صعوبات وأخطار عدة، وفي هذا الصدد يؤكد وسيم أنه يضحي كل يوم بحياته من أجل نقل الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج ويوصلهم إلى المستشفيات.

ويوضح الشاب أن المصابين المدنيين يحتاجون لأحد ينقلهم إلى المرافق الصحية من أجل إنقاذ حياتهم، ولذلك سخر عربة يجرها حمار من أجل ذلك الغرض، لكن يلفت إلى أن هذه الوسيلة البدائية ليست مناسبة في ظروف غزة. وبحسب وسيم فإن الحمار يسير بسرعة متواضعة حتى وإن كان يركض طول الطريق، وهذا يؤثر على المصابين الذين ينزفون دماً وهم على عربة الكارو، وقد يعرض حياة الحالات الخطرة للموت في أية لحظة، على عكس سيارات الإسعاف التي تصل بسرعة قياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نقل غير صحي

ومن الصعوبات الأخرى أن العربة التي يجرها حمار مكشوفة ولا سقف يغطيها، ولا تملك إشارات متعارف عليها دولياً يمكن أن تراها الطائرات وتعرف أنها وسيلة نقل تقدم خدمة إسعاف، بخاصة في ساعات الليل. ويضيف وسيم أنه فكر في طباعة راية تحمل شعار الهلال الأحمر، لكنه تردد كثيراً خوفاً من المسألة، وفشل أيضاً بسبب عدم وجود مطابع تعمل.

ويفتقر وسيم إلى أية معقمات يستخدمها في تنظيف عربة الكارو بعد عمليات النقل، إذ ينقل المصابين الواحد تلو الآخر من دون مراعاة أي من معايير النظافة، لافتاً إلى أن ذلك قد يخلق بيئة مناسبة لنقل الأمراض وتفشي الأوبئة بين المجروحين.

ويملك الشاب الذي يقود الحمار دراية جيدة في تركيب المحاليل العلاجية وتضميد الجروح، لكنه لا يستطيع توفير تلك العناية للمصابين الذين ينقلهم. ويقول "سيارات الإسعاف مجهرة لغرض التعامل مع المرضى وفيها الإمكانات المخصصة لذلك، لكن على الحمار إذا نقلت جريحاً فلا أستطيع أن أوقف له نزفه، لأني لا أملك مقومات العمل، وأكون منشغلاً في قيادة عربة الكارو والحفاظ على مسار الطريق".

وفي كثير من الأوقات يتّبع وسيم سياسة المفاضلة، شارحاً "عندما أصل إلى مكان القصف أنظر إلى الضحايا، إذا كان هناك مصابون وضحايا أقدم للمجروحين خدمة الإسعاف والنقل، وأترك الأموات، أعتقد أنه يمكن إنقاذ حياة الذين ينزفون".

إدخال الوقود

وفي الواقع ظهرت حالات نقل الجرحى والجثث على عربات تجرها الحيوانات في مدينة غزة والشمال والمحافظات الوسطى (دير البلح والمغازي والبريج) وخان يونس جنوباً ولم تقتصر على مكان واحد.

ويقول وكيل وزارة الصحة في غزة منير البرش "باتت عربات الحيوانات تقدم خدمة الإسعاف في القطاع، وأسهمت الظروف في ذلك، إذ لا يتوفر وقود لسيارات الإسعاف، إلى جانب انقطاع الاتصال عن مناطق واسعة في القطاع، وصعوبة وصول طواقم الإسعاف العاملة إلى أماكن القصف، إضافة إلى تعمد إسرائيل تدمير الطرق العامة والفرعية بالقصف الجوي والمدفعي، وهذا عرقل تحرك المركبات الإنقاذ". ويضيف البرش، " هناك اعتماد كامل في بعض المناطق على نقل الضحايا والجرحى بواسطة الحمير. إذا لم تسمح إسرائيل بعودة فرق الإسعاف إلى غزة وإدخال الوقود إلى القطاع بسرعة سيكون المصير كارثياً".

في السياق يقول المتحدث باسم "الهلال الأحمر"، عبد الجليل حنجل، "أدى شح إمدادات الوقود إلى خروج عدد من سيارات الإسعاف عن الخدمة. وفي وقت تتصاعد فيه العمليات العسكرية، توقفت 34 سيارة إسعاف عن العمل نظراً لنقص الوقود، وهو ما يعادل أكثر من نصف عدد السيارات العاملة في هذا المجال".

أما في إسرائيل فوافق مجلس الوزراء المصغر (الكابينت) على السماح بزيادة تدفق الوقود إلى قطاع غزة، وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري إن "الهدف من القرار هو منع انهيار إنساني وتفشي الأمراض. الوقود سيدخل إلى جنوب القطاع فقط".

المزيد من متابعات