Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمطار تنوب عن القصف وتعمق معاناة نازحي غزة

المياه اخترقت الخيام وخلفت بركاً والمشردون غادروا منازلهم على عجالة بملابس خفيفة

ملخص

كانت دنيا تصرخ "لا تدعوا المطر يخمد النار ويتلف أرغفة الخبز" بينما كان الرجال يعالجون الثقوب في الخيام.

كانت دنيا تعد الخبز على الحطب عندما هطلت الأمطار الغزيرة وبدأت تخترق القماش "المشمع" الذي حولته إلى خيمة تؤويها في جنوب قطاع غزة،  بدلاً من بيتها الذي دمره الجيش الإسرائيلي شمال القطاع في الحرب الدائرة ضد حركة "حماس".

صرخت دنيا قائلة "لا تدعوا المطر يخمد النار ويتلف أرغفة الخبز الرقيقة، تعالوا وسدوا الثقوب الموجودة في سقف الخيمة، مطر الخير تحول إلى نقمة علينا"، وبسرعة بدأ الشباب يبحثون عن قطع من النايلون لحل المشكلة، فالخبز اليوم نادر جداً ولا يقدر بثمن وينتظرونه بلهفة.

تقلب الأحوال الجوية

في غزة، بدأ الطقس يتقلب وبات فصل الشتاء يقترب كثيراً، وعلى مدى اليومين الماضيين هطلت الأمطار بغزارة على القطاع الذي يعيش معظم سكانه حالاً من النزوح إما في معسكر للخيام شيدته الأمم المتحدة أو في غرف الفصول الدراسية داخل المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويعد النازحون الذين يعيشون في معسكر الخيام الأسوأ حظاً، إذ جرى نصب خيامهم المصنوعة من القماش المشمع على الرمل، ويفتقر المعسكر إلى شبكة صرف صحي وليست هناك مصارف للتخلص من المياه المجمعة.

وما إن تساقط المطر حتى بانت عورة القماش المشمع، وتقول دنيا "وجدنا فيه ثقوباً وبدأت قطرات المياه تتسلل إلى داخل الخيام، كنا نحب المطر لكن اليوم نكره هطوله، بسببه غرقنا وتبللت الملابس والفراش والأغطية، هذه العيشة لا تحتملها حتى الكلاب".

أعمال شاقة

في كل مكان انتشر الرجال وانهمكوا في وضع خطط لتفادي مشكلة الأمطار، فتمكن بعضهم من العثور على أكياس من النايلون البلاستيكي وراحوا يثبتونه مكان الثقوب لتغطية سقف الخيام التي من المتوقع أن تكون مأوى لهم لفترة طويلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فيما كان الجزء الآخر يحاول إفراغ الماء الذي تجمع فوق قماش الخيام المشمع، وعدد منهم شرع في بناء سواتر الطين أملاً في تقليل انجراف السيول إلى داخل خيامهم، وعلى رغم أن عملهم البدائي هذا جيد لكنه لا يعالج المشكلة، إذ تجمع المطر في أرضية المخيم وتحول إلى مياه راكدة وبركة من الوحل.

تضيف دنيا "عندما هطلت الأمطار وضع الرجال بعض القوارير تحت الخيام لتجميع المياه. نحن نعيش وضعاً مأسوياً، ونحن الآن تحت رحمة المطر بعدما كنا هدفاً للقنابل والصواريخ، أمس كنا في بيوتنا معززين واليوم في الشارع نتعرض للإهانة".

بلا ملابس ثقيلة

ليست مشكلة المطر وحدها التي يعانيها النازحون، وإنما بدأ البرد أيضاً يلسع أجسادهم، وتقول فاطمة "غادرنا بيوتنا على عجالة بملابسنا التي نرتديها فقط، وتركنا كل شيء للقصف الإسرائيلي، لا نملك ملابس ثقيلة تقينا البرد".

 

كانت فاطمة ترتدي قميصاً خفيفاً وأطفالها حولها يلعبون بالوحل وهم يلبسون ملابس صيفية، وتضيف "تبللت ملابس الصغار، ولا توجد لهم أخرى إضافية، الوضع أصبح لا يطاق نحن في بداية الشتاء، ماذا سنفعل حين يشتد المطر وأين سنذهب بأطفالنا؟".

وتخشى فاطمة على أطفالها من المرض بسبب البرد، مؤكدة أن مناعتهم ضعيفة بسبب قلة الأكل والتلوث والشتاء سيفاقم الأزمة، وتشير إلى أن ركود المياه على أرضية المخيم سيسبب أوبئة تنقلها المياه وهذا أخطر ما يواجهه النازحون.

استثمار للأمطار

في مدارس ومنشآت "أونروا" التي تحولت إلى مراكز إيواء نازحين، يعد الوضع في ظل الأمطار أفضل قليلاً، إذ يعيش المشردون من بيوتهم في غرف الفصول الدراسية ذات الأسقف الخرسانية.

لكن على رغم ذلك فإنهم يعانون أزمات أيضاً، ويقول منير الذي يعيش في مدرسة "غرقت حمامات المدارس لذا لا يوجد مكان ندخله للاغتسال أو لأي مستلزمات أخرى، كما أنه ليست لدينا ملابس شتاء، أطفالنا إن لم يقتلوا في الحرب فسيموتون من برد الشتاء".

 

في المدرسة، جلس منير عند فوهة أحد المزاريب التي تتدفق منها مياه الأمطار وبدأ يجمعها في أوعية بلاستيكية وزجاجية، ويضيف "لا يوجد ماء كافٍ وهذه فرصة لتخزين مياه الأمطار، هنا نحصل على كمية محدودة من المياه، إذ كان نصيبي في الأمس أقل من نصف ليتر، وعطشت حتى نزل المطر".

الأمور تتعقد

بحسب "أونروا" فإن النازحين يعيشون ظروفاً قاسية، واشتدت قساوتها عندما هطل المطر، وتقول مديرة العلاقات العامة في الوكالة الأممية جولييت توما "نركز بصعوبة على تلبية حاجات السكان في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء، ونجد صعوبة بالغة في الوقوف على معاناتهم، الأمر يتعقد من ساعة إلى أخرى لأن الوضع على الأرض بائس جداً".

وتضيف "مجرد هطول كمية من الأمطار تغرق شوارع غزة لعدم قدرة نظام الصرف الصحي على سحب المياه، وهذا في الوضع الطبيعي، فما بالك خلال فترة الحرب عندما يعيش نحو 1.1 مليون نسمة داخل مخيمات مصنوعة من القماش المشمع ومراكز إيواء".

وتوضح توما أن معسكر الخيام يفتقر إلى أي مقومات، ولا توجد به شبكة صرف صحي ولا حتى بنية تحتية، ويعيش المشردون على الرمل ويقضون يومهم في محاولة تفادي تجمع مياه المطر، لافتة إلى أن "أونروا" تسعى إلى توفير أي مستلزمات يحتاج إليها النازحون لتفادي المطر والبرد لكنها بصعوبة تستطيع توفير جزء بسيط من هذه المتطلبات بسبب الحصار ونفاد الوقود.

المزيد من متابعات