Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إخوان الأردن وفرصة استعادة الشعبية من "بوابة غزة"

مراقبون يرون أن الجماعة تحاول تحقيق مكاسب انتخابية في برلمان 2024 المقبل

الإخوان حشدوا لاحتجاجات واسعة دعما لقطاع غزة (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

على رغم الموقف الأردني الرسمي غير المسبوق حيال إسرائيل فإن جماعة الإخوان تطالب بمزيد من التحركات في قطاع غزة

لشهر كامل انفردت جماعة الإخوان المسلمين بالدعوة إلى مئات التظاهرات ونسقت التحركات الشعبية والمسيرات في العاصمة عمان والمدن الأردنية، على وقع الحرب في غزة، في محاولة لاستعادة شعبيتها التي تراجعت خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وعلى رغم صدور حكم قضائي قطعي عن محكمة التمييز الأردنية، وهي أعلى هيئة قضائية في الأردن، يقضي بحل الجماعة لعدم بدئها في تصويب أوضاعها القانونية في عام 2020 فإنها تتحرك اليوم بحرية ومن دون منع من السلطات، إذ لا يخلو يوم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تظاهرة أو احتجاج تقف وراءه الجماعة.

وبعد نحو سبع سنوات من إغلاق السلطات الأردنية مقر الجماعة في عمان بالشمع الأحمر، تتحرك "الإخوان" عبر ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي والمرخص قانونياً، لكن على الأرض تبدو كوادرها المنظمة براياتها الخضراء هي من يحتل المشهد ويحتكر الشارع ويسحب البساط من تحت باقي المكونات الحزبية الأردنية الأخرى.

أداة ضغط

يقول الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين معاذ الخوالدة، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إنه لا توجد أي نية لاستثمار حرب غزة سياسياً أو شعبياً من قبل الجماعة، وإن الأولوية والهدف من التظاهرات والتحركات هو الضغط لتحسين وتجويد الموقف الرسمي الأردني.

يضيف الخوالدة "لا نسعى إلى ركوب الموجة أو تجييش الشارع، ولدينا قناعة أن دعم غزة مصلحة أردنية، في ظل وجود قيادة إسرائيلية يمينية متطرفة تستهدف بلادنا".

ويرى أن جماعة الإخوان المسلمين ومن خلال تنظيم التظاهرات لديها رسالة وموقف وطموح يتجاوز المواقف التي تقدمها الدولة الأردنية على رغم أنها شهدت تحسناً ملحوظاً، نافياً وجود انقسام داخلي في الجماعة بل تباين في الآراء فقط.

استمالة العشائر

ووفقاً لقيادي في التيار المعتدل داخل الجماعة فإن الإخوان وجدوا في حرب غزة فرصة مواتية لالتقاط الأنفاس واستعادة الحضور الشعبي بعد سنوات من الأفول والغياب، والاستهداف والتضييق.

لا ينكر هذا القيادي محاولة الجماعة استمالة العشائر والقبائل الأردنية ووضعها في مقدم الصفوف التي تقود حراك الشارع، باعتبارها أحد أهم المكونات في البلاد، على رغم الانتقاد والامتعاض الذي قوبلت به دعوة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الخارج العشائر الأردنية للاحتجاج قبالة الحدود مع فلسطين.

مراقبون مقربون من الحكومة وصفوا كلام مشعل بأنه دعوة صريحة إلى التمرد وإثارة الفوضى، بخاصة أن معظم القبائل الأردنية مسلحة، وبعضها ملاصق للحدود من جهة وجودها وتعدادها السكاني، وهو ما يرتب أعباء إضافية أمنية على السلطات التي تحاول عقلنة الغضب الشعبي إزاء ما يحدث في غزة من دون الانجرار إلى تبعات مكلفة.

يقول حزب جبهة العمل الإسلامي الذارع السياسية للجماعة، في بيان، إن هناك حملة اعتقالات طاولت عدداً من شباب الحزب والناشطين على خلفية حراكهم في الفعاليات الشعبية التي تشكل سنداً للموقف الرسمي الأردني حيال حرب غزة.

ويصف الحزب هذه الاعتقالات بأنها تتناقض مع الموقف الرسمي الأردني الذي يؤكد حق المواطنين في التظاهر والتعبير عن مشاعرهم الوطنية وغضبهم تجاه ما يحدث في قطاع غزة، داعياً إلى الانسجام ما بين الموقف الرسمي والشعبي.

تشويش سياسي

لكن مصادر حكومية ذكرت أن بعض التظاهرات التي يقودها الإخوان المسلمون تنحرف بوصلتها في كثير من المناطق وتحاول أن تمارس الشغب والتشويش السياسي على المواقف الرسمية، متسائلة عن سبب تنظيم تظاهرات ووقفات قبالة السفارتين المصرية والفرنسية، في حين أن هناك تظاهرات يومية قبالة السفارة الإسرائيلية.

تصف المصادر بعض التصرفات التي تتخلل التظاهرات بأنها شعبوية وتسيء لموقف الدولة وتضعفه، كافتعال الشغب والمواجهات مع رجال الأمن، كما أنها تسبب الحرج الدبلوماسي وقد تؤدي إلى أزمات مع دول عربية شقيقة وأخرى صديقة، وتحرف البوصلة، سعياً إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية وأدوات ضغط على الحكومة الأردنية لاحقاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم وجود موقف رسمي متقدم تمثل بإنزال جوي للمساعدات عبر طائرات أردنية فوق غزة، وقول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن أي تهجير للفلسطينيين بمثابة إعلان حرب، سبقه تصريح غير مسبوق لوزير الخارجية أيمن الصفدي مفاده أن حركة "حماس" فكرة والفكرة لا تموت، عدا عن سحب السفير الأردني في إسرائيل والتلويح بمراجعة اتفاق وادي عربة للسلام.

إلا أن ذلك كله لا يلبي رغبات الإخوان المسلمين وتطلعاتهم التي تتجاوز أخطار تخطي الواقعية السياسية والتحرك ضمن موازين قوى عالمية وإقليمية، إذ يصر المراقب العام للجماعة في الأردن عبدالحميد ذنيبات على أن دعم الحكومة حركة "حماس" مصلحة أردنية، مطالباً بخطوات عملية، في حين تصر عمان على التعامل مع السلطة الفلسطينية فقط.

رصيد انتخابي

تقول مصادر سياسية في تصريحات خاصة إن الحكومة الأردنية تغض الطرف عن التحركات الإخوانية في الشارع بسبب طبيعة الظرف السياسي في المنطقة وتداعيات ما يحدث في غزة، على رغم أن الحراك الإخواني قد يخدم بصورة أو أخرى الرصيد الانتخابي للجماعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يتوقع أن تجري في صيف أو أواخر عام 2024 على أبعد تقدير.

ومنيت جماعة الإخوان بخسارة كبيرة في الانتخابات النيابية التي جرت في عام 2020، ولم تتمكن من حصد سوى ثمانية مقاعد في البرلمان، مقابل 18 مقعداً في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2016.

يصف الباحث الدكتور سعود الشرفات عموم تجربة الإخوان المسلمين في الأردن منذ تأسيسها بأنها تجربة هجينة تتماهى بين الأبعاد الدينية والاعتبارات السياسية، وأن ثمة تغيرات وتحولات طرأت على خطابها من وعظي دعوي إلى احتجاج سياسي.

ويضيف الشرفات "في منتصف الخمسينيات بدأت إرهاصات تحول الجماعة نحو العمل السياسي، نقيضاً للدور الذي أسست على أثره الجماعة".

بينما يقول الباحث في معهد واشنطن بن فيشمان، إنه كلما طال أمد الحرب في غزة، أصبحت جماعة الإخوان المسلمين أكثر شعبية، مشيراً إلى أنها لعبت الدور الأبرز في تنظيم الاحتجاجات في الشارع الأردني حتى الآن، إذ رفعت أعلامها الخضراء إلى جانب الأعلام الفلسطينية. ودعا قادتها إلى "تسليح الشعب الأردني"، وإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1994.

بدورها تؤكد الحكومة الأردنية دعمها التظاهرات المناصرة لغزة وفق القانون. ويقول وزير الاتصال الأردني مهند مبيضين إن الهدف هو التعبير السلمي المنضبط، بينما اضطر وزير الداخلية مازن الفراية إلى التفاوض مع قيادات إخوانية قبل أسابيع لإقناعهم بالعدول عن فكرة تنظيم تظاهرات مليونية حاشدة بمنطقة الحدود، خشية من حدوث تطورات أمنية.

انتحار سياسي

ووسط هذا المشهد ثمة مؤشرات على انقسام في صفوف الجماعة ما بين تيار متشدد يطالب باتخاذ قرارات ضاغطة على الحكومة، وتيار براغماتي معتدل يحاول مسك العصا من منتصفها وعدم تحويل الأزمة إلى أزمة داخلية مع الحكومة.

تقول المؤشرات إن التيار المتشدد طالب نواب الجماعة في البرلمان بتقديم استقالاتهم من البرلمان كنوع من الضغط على الحكومة حتى تتخذ قرارات أكثر صلابة في مواجهة الحرب على غزة، خلافاً لأكثرية رأت في هذا الاقتراح بمثابة انتحار سياسي بخاصة أن البلاد مقبلة على انتخابات تشريعية استثنائية قد تحقق لهم الغالبية وفق قانون الانتخابات الجديد الذي خصص 40 في المئة من مقاعد مجلس النواب المقبل للنواب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات