Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع قياسي لتكلفة الديون اللبنانية مع تنامي التوترات

 الاضطراب السياسي الداخلي وعجز أجهزة الحكومة عن العمل يعزز عدم ثقة المستثمرين في البلاد

صورة التقطت في 4 مايو 2019 لمقر مصرف لبنان في العاصمة بيروت (أ.ف.ب)

لا شك أن تجدد التوترات العسكرية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية كان بالغ الأثر على الاقتصاد اللبناني، لا سيما مع ارتفاع تكلفة تأمين الانكشاف على الدين السيادي للدولة إلى مستوى قياسي اليوم الثلاثاء لتزيد من المخاوف المالية التي يواجهها لبنان بالآونة الأخيرة.

وفي هذا الصدد أفادت بيانات "آي إتش إس ماركت"، ارتفاع مبادلات مخاطر ائتمان لبنان، الذي تثقل الديون والانقسامات السياسية كاهله، إلى 1205 نقاط أساس لخمس سنوات، أي بزيادة تسع نقاط أساس عن إغلاق الاثنين 26 أغسطس (آب).

ووسط توترات متصاعدة قال الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، إن "للبنان الحق في الدفاع عن نفسه"، مشبّهاً واقعة الطائرتين الإسرائيليتين المسيرتين بـ"إعلان حرب"، وسط توترات متصاعدة بين "حزب الله" وإسرائيل.

وأشار عون إلى أن خفض وكالة فيتش تصنيفها الائتماني للبلاد إلى "CCC" يأتي بسبب مخاوف متعلقة بخدمة الدين، والأزمة الحالية تتشكل منذ سنوات طويلة لكن الجميع يسهم حاليا في معالجة أسبابها.

وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، مساء الجمعة، تصنيفها للبنان من "B-" إلى  "CCC"، ما يعكس تصاعد الضغوط على نموذج التمويل للبنان وتزايد المخاطر المحيطة بقدرة الحكومة على خدمة ديونها، فضلا عن الحاجة لتدفقات كبيرة لرؤوس أموال لتغطية العجز الكبير في كل من الموازنة والحساب الجاري، وعلاج حالة عدم الاستقرار السياسي وعجز أجهزة الحكومة عن العمل اللذين يمثلان مشكلة أمام ثقة المستثمرين في البلاد.

وجاء خفض التصنيف، في ضوء التحديات الكبيرة التي يواجهها اقتصاد لبنان، وهذا يتطلب تكثيف الإصلاحات التي شرعت الحكومة اللبنانية في تنفيذها مع الميزانية الحالية.

وتوقع التقرير أن يحقق لبنان تقدماً بشأن الإصلاحات لتحسين ثقة المستثمرين في ضوء ضعف تدفق العملة الأجنبية.

خطة طويلة الأمد للسيطرة على ارتفاع الدين

وقالت فيتش، "إن الإجراءات التقشفية في موازنة 2019 ملحوظة، ولكن هناك تطلّع إلى خطة طويلة الأمد للسيطرة على ارتفاع الدين كنسبة من الناتج القومي".

في المقابل، كانت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني، أبقت على تصنيف لبنان دون تغيير عند "B-" مع نظرة سلبية، مستندة في ذلك إلى بدء إصلاحات هيكلية بالمالية العامة في موازنة 2019، التي ستستكمل بإصلاحات جديدة في موازنة 2020، إضافة إلى استمرار مصرف لبنان المركزي، في الدفاع عن الليرة من خلال الاحتياطي الأجنبي.

وفي هذا الصدد، قالت وزارة المالية اللبنانية في بيان، "إن التصنيفات الأخيرة ما هي إلا هو تذكير للبنان أن عمل الحكومة ليس ترفا، بل ضرورة قصوى في المرحلة القادمة، بما يتضمن أهمية مناقشة موازنة 2020 وإحالتها إلى مجلس النواب، إضافة إلى أهمية الإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء، ومكافحة التهرب الضريبي، وإطلاق العجلة الاقتصادية من خلال مقررات البيان الوزاري."

أزمة اقتصادية حادة وسط اضطرابات سياسية

يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ سنوات على وقع النزاع في سوريا المجاورة، وسط مخاوف في الأشهر الأخيرة على الوضع النقدي في ظل تفاقم الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد، وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، أي أكثر من 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق بيان صادر عن وزارة المالية.

ويعتبر 80% من ديون الدولة من المصرف المركزي والمصارف الخاصة التي تراكم أرباحاً هائلة من فوائد خدمة الدين.

وبلغ عجز الموازنة 11% من الناتج في عام 2018، مرتفعاً من 8.6% في عام 2017 إلى جانب تدهور الرصيد الأساسي إلى 41.4% من إجمالي الناتج المحلي بسبب الزيادة الكبيرة غير المتوقعة في الرواتب التي تم تنفيذها في أواخر عام 2017، إضافة إلى التوظيف الجديد.

وكانت عائدات الضرائب أيضاً أضعف مما كان متوقعاً. بالنظر إلى الدين العام الكبير (151% من الناتج المحلي في عام 2018)، وتجاوزت مدفوعات الفوائد الآن 9% من الناتج المحلي.

وارتفع العجز في الحساب الجاري إلى أكثر من 25% من الناتج في 2018، بسبب مزيج من انخفاض نمو الصادرات وارتفاع واردات الوقود وضعف التحويلات المالية الصافية إلى لبنان، فيما سجلت نسبة النمو 0.2 % عام 2018، وفق صندوق النقد الدولي.

ومنذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) فشلت السلطات المتعاقبة في لبنان بإجراء إصلاحات بنيوية في الدولة المثقلة بالديون، ولا يثق كثيرون من اللبنانيين بقدرة المسؤولين على إصلاح الوضع في ظل استمرار غلاء المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والفقر وانتشار الفساد.

المزيد من اقتصاد