Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين وقمة الكومنولث... العودة إلى حديقة روسيا الخلفية

يرى الناطق الرسمي باسم الكرملين أن واشنطن تتدخل بشكل مباشر في علاقات هذه البلدان مع روسيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  (أ ف ب)

ملخص

على رغم وجود "نوايا عدائية" من جانب الولايات المتحدة وأوروبا تجاه موسكو فإن الأخيرة تواصل التعاون مع دول الكومنولث المستقلة، لا سيما قرغيزستان وكازاخستان وأوزباكستان

 

في بيشكيك عاصمة قرغيزستان، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة استهلت "قمة كومنولث" البلدان المستقلة (بلدان الاتحاد السوفياتي السابق) أعمالها باجتماع اقتصر على زعماء هذه البلدان، وجمع إلى جانب رئيسي روسيا وقرغيزستان، فلاديمير بوتين وصدر جباروف، كلاً من رؤساء أذربيجان وبيلاروس وكازاخستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزباكستان، ورئيس جمهورية أرمينيا الذي جاء "نائباً" عن رئيس حكومتها نيكول باشينيان.

وأعقب الاجتماع آخر موسع حضره كل أعضاء الوفود المشاركة في القمة. وكان رئيس قرغيزستان جباروف الذي استبق افتتاح أعمال هذه القمة بمكالمة هاتفية مع نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال فيها، إن بلاده تقدر بشدة إسهام بوتين الشخصي في تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتحالف بين قرغيزستان وروسيا استناداً إلى الصداقة التاريخية والثقة المتبادلة بين البلدين.

وأرجع كثير من المراقبين هذه المكالمة الهاتفية إلى أن بوتين لم يغادر روسيا إلى الخارج منذ إصدار المحكمة الجنائية الدولية لحكمها بتوقيفه بتهمة "ارتكاب جريمة حرب للاشتباه في مسؤوليته حول ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا". على أن ذلك لم يحل دون مشاركته عبر نظام "فيديو كونفرنس" في عدد من الفعاليات الدولية، ومنها قمة رؤساء بلدان مجموعة "بريكس" التي عقدت في جنوب أفريقيا في أغسطس (آب) من العام الجاري، ومن المعروف أن قرغيزستان لم تصدق على نظام روما الأساسي (المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية).

تنازلت عن لقبها "كأفقر دولة أوروبية"

في حديثه الذي استهل به أعمال قمة رؤساء بلدان منظومة "كومنولث البلدان المستقلة" (السوفياتية السابقة) قال بوتين، إن التفاعل داخل "منظومة الكومنولث" يتطور على خلفية الوضع الجيوسياسي الصعب لتظل هذه المنظومة شكلاً "موثوقاً وشعبياً" للتعاون، وتتطور العلاقات على مبادئ الشراكة والمنفعة المتبادلة ومراعاة مصالح كل الأطراف.

وأضاف، أن روسيا على قناعة تامة بأنه لا يمكن ضمان التنمية وتطور كل الدول إلا على أساس المساواة بينها في السيادة والتوازن المضمون لمصالح أعضاء المجتمع الدولي، كما دعا إلى زيادة استخدام العملات الوطنية في التسويات المالية بين بلدان الكومنولث.

وتوقف الرئيس الروسي عند كل من جورجيا وأوكرانيا ومولدوفا التي قال إنها فقدت هويتها بسبب خروجها من منظومة الكومنولث، إذ خرجت الأولى بعد حربها مع روسيا عام 2008 بسبب "عدوانها" على جمهورية أوسيتيا الجنوبية، والثانية التي أعلنت انضمامها إلى المنظومة ولم تصدق على وثيقة الانضمام، أما الثالثة فقد فقدت هويتها عملياً بسبب تعامل قيادتها الحالية مع مولدوفا وكأنها "رومانية".

وأشار بوتين إلى أن مولدوفا تنازلت لأوكرانيا عن لقبها كأفقر دولة أوروبية. وقال إنه على رغم ضغوط العقوبات ضد كل من روسيا وبيلاروس، بل وعلى كل شركاء روسيا أيضاً، فإن العلاقات في ما بين دول المنظومة "آخذة في التوسع". وقارن بين الأوضاع الاقتصادية الحالية لبلدان المنظومة ونمو الإنتاج المحلي في العام الجاري بنسبة ثلاثة في المئة، بمثيله في منطقة اليورو الذي يبلغ 0.5 في المئة، إضافة إلى التعامل بين الجمهوريات أعضاء الكومنولث بالعملة المحلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع، من الضروري مواصلة التعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية، وأكد أن روسيا ستسهم في ذلك نظراً لأنها في عام 2024 لن تترأس "منظومة الكومنولث" وحسب، بل أيضاً مجموعة الـ"بريكس".

وتناول بوتين الضغوط التي تمارسها البلدان الغربية ضد بلدان الكومنولث، علاوة على محاولات "التخويف" ضد بعض قيادات بلدان هذه المنظومة، التي لم يشر إلى أي منها، مؤكداً أنه يتفهم ذلك بالقدر نفسه الذي يتفهم فيه أن هؤلاء القيادات "ما زالوا يسترشدون في المقام الأول بالمصالح الوطنية".

وكان الناطق الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أشار إلى "أن واشنطن تمارس ضغوطاً مباشرة وغير مقنعة وعدوانية على علاقات بلدان المنظومة مع روسيا، ومن وجهة نظرنا، فإن هذا ليس سوى ما هو أكثر من تدخل في علاقاتنا الثنائية مع هذه الدول".

وأوضح بيسكوف أنه على رغم وجود "نوايا عدائية" من جانب الولايات المتحدة وأوروبا، فإن موسكو تواصل التعاون مع دول الكومنولث (الدول المستقلة) ، لا سيما مع قرغيزستان وكازاخستان وأوزباكستان.

وعن مدى احتمالات خروج أرمينيا من منظومة الكومنولث، قال بوتين إنه اتصل هاتفياً مع نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا وناقش معه المسائل المتعلقة بانعقاد قمة "الكومنولث" بين أمور أخرى. وهناك ظروف أعتقد أنها مفهومة، ولكن على حد علمي أرمينيا لن تترك الكومنولث".

عدا أذربيجان وتركمانستان

وتوقف بوتين عند قضية الصراع في الشرق الأوسط ومسؤولية الولايات المتحدة عن الصراعات الإقليمية الرئيسة في العالم، وألقى بمسؤولية ما وصفها بـ"المأساة التي يعيشها الإسرائيليون والفلسطينيون الآن" على كاهل الولايات المتحدة التي حاولت احتكار التسوية في الشرق الأوسط دون البحث عن حلول وسط مقبولة لكل من إسرائيل وفلسطين.

وقال إن السياسة أحادية الجانب التي اتبعها الأميركيون لسنوات طويلة أسفرت عن طريق مسدود، وجرى تجاهل "الرباعية الدولية" من الوسطاء الدوليين، وأضاف أن الولايات المتحدة تحت مختلف الذرائع وقفت حائلاً دون ذلك التنسيق وقرار الأمم المتحدة الصادر في هذا الشأن.

اجتماع وزراء خارجية بلدان الكومنولث أسفر عن إصدار بيان في شأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقعه وزراء خارجية البلدان أعضاء المنظومة، عدا أذربيجان وتركمانستان، دانوا فيه التطرف والإرهاب واحتجاز المدنيين كرهائن والاستخدام العشوائي للقوة خلال العمليات العسكرية، إلى جانب دعوتهم  إلى "وقف الأعمال العدائية وفتح الممرات الإنسانية، كما أكدوا أهمية الجهود الدبلوماسية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".

وتطرق بوتين كذلك إلى موضوع الصراع حول ناغورنو قره باغ، حيث أشار إلى استعداد بلاده للإسهام في توقيع معاهدة سلام بين أرمينيا وأذربيجان. وأشار إلى أن روسيا بذلت خلال السنوات الأخيرة كثيراً من الجهود لمنع تصعيد الصراع في ناغورنو قره باغ، وكان بوتين قد اجتمع في جلسة مغلقة مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف على هامش أعمال القمة، إذ جرت مناقشة الأوضاع حول قره باغ.

قرارات "الكومنولث"

وفي اجتماع موسع للمجلس تحدث بوتين عن أولويات العمل لعام 2024، عندما تتولى روسيا رئاسة منظومة الكومنولث، وأشار إلى أن موسكو عازمة على تعزيز سلطة الكومنولث باعتبارها رابطة تكاملية، وقد تم إعداد مفهوم الرئاسة وخطة العمل في المجالات الاقتصادية والثقافية والإنسانية وغيرها من المجالات، وسيكون التركيز الرئيس على التكامل الاقتصادي.

 وأشار إلى أنه في المجالين العسكري وإنفاذ القانون، ستكون المهمة تحسين آليات مواجهة التحديات الجديدة والتقليدية وتعزيز الحدود الخارجية لبلدان المنظومة، ومن المقرر أن يتضمن برنامج الرئاسة الروسية 150 فعالية، بما في ذلك القمة المقبلة لرؤساء بلدان المنظومة في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في موسكو.

وقد وقع قادة بلدان المنظومة 16 وثيقة مشتركة خلال قمة بيشكيك ومنها على وجه الخصوص الاتفاقات المتعلقة بمعاهدة إنشاء المنظمة الدولية للغة الروسية، ونظام الرئاسة في عام 2024، وبيان رؤساء دول الكومنولث في شأن دعم وتعزيز اللغة الروسية كلغة للتواصل بين الأعراق، والاتفاق على إنشاء المنظمة الدولية للغة الروسية مع اعتماد مقر لها في سوتشي.

يضاف ذلك إلى قرار حول العلاقات الدولية في عالم متعدد الأقطاب، وحماية حقوق الإنسان في حرية الدين والمعتقد، ودعم وتعزيز اللغة الروسية باعتبارها "لغة عالمية للتواصل بين الأعراق"، وقرار حول وضع المراقب بمنظومة الكومنولث، واتفاق بشأن تشكيل المركز الدولي لتقييم الأخطار، وتشريع (غسل) عائدات الجريمة وتمويل الإرهاب، وإنشاء مجلس التنسيق للدول الأعضاء في مجال أنشطة الطب الشرعي، وقرار في شأن البرنامج المشترك بين الدول للتدابير المشتركة لمكافحة الجريمة للفترة 2024-2028. إلخ.

طرائف القمة ودلالتها

على هامش أعمال القمة أهدى نظراءه من زعماء بلدان الكومنولث مجموعة من الكتب هي مختارات من أدب بلدان الكومنولث في ثلاثة مجلدات، ومختارات من الأدب الروسي الحديث في مجلدين في طبعة حصرية.

كما سبق وأعلن بوتين موافقته على فكرة "تصدير الثقافة الروسية" إلى البلدان الصديقة، واقترح تنظيم مراكز أدبية بين بلدان بحر قزوين، خصوصاً في أذربيجان وتركمانستان وكازاخستان، من أجل "بناء جسور ثقافية عبر بحر قزوين، وتصدير الثقافة الروسية إلى البلدان الصديقة".

 وأعلن أن جمهوريات بحر قزوين نفسها مهتمة أيضاً بمثل هذه الفعاليات، إذ يتخذ السياسيون مبادرات لفتح المدارس الروسية، وعمل "المعلمين المباشرين للغة والأدب الروسي في هذه البلدان.

وذلك بينما ظهرت زجاجة مياه "توران" القزخية أمام الرئيس قاسم توقايف خلال أعمال قمة رؤساء بلدان الكومنولث، على خلاف زجاجات المياه المحلية القرغيزية التي وضعها منظمو القمة أمام بقية الرؤساء، الأمر الذي عدها مراقبون تفسيراً لاستئناف إمدادات المياه من قرغيزيا إلى كازاخستان التي كانت توقفت قبل أعمال القمة كما ذكر وزير الموارد المائية والري نورجان نورجيتوف في جمهورية كازاخستان المجاورة لقيرغيزيا.  

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات