Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستغل "حزب الله" تطورات غزة في الملفات اللبنانية؟

هناك من يعتقد أن معركة الرئاسة أصبحت مرتبطة بوضع "حلف إيران" في المنطقة

ملخص

 ما يجري في غزة هل سيدفع "حزب الله" إلى التشدد في الملفات الداخلية اللبنانية؟

خطفت التطورات العسكرية في غزة الأنفاس في لبنان كما في باقي دول العالم، في ظل ترقب حذر للتطورات الميدانية المتسارعة على الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل، وسط تخوف من أن تؤدي إلى إقحام لبنان رغم عنه في الحرب، خصوصاً مع ارتفاع حدة التوترات وعمليات الاستهداف المتبادلة في الساعات الـ48 الماضية، وما تخللها من مقتل لثلاثة من عناصر "حزب الله" وضابط إسرائيلي إضافة إلى تسلل مجموعة من "الجهاد الإسلامي" الشريك الرئيس لحركة "حماس" في الحرب الدائرة في غزة إلى الحدود واشتباكها مع الإسرائيليين. ومع انشغال معظم اللبنانيين في تتبع رد فعل "حزب الله"، ورسائله لإثبات قدرته على التأثير العسكري، يبرز سؤال آخر حول الاستثمار السياسي في الداخل اللبناني للتطورات في غزة. فهل ما حققته "حماس" من خرق أمني وعسكري غير مسبوق، الذي يعد انتصاراً لما يسمى "محور الممانعة" الحليف لإيران، يمكن أن يستخدمه "حزب الله" لتحقيق مكاسب داخلية في لبنان، فيتشدد في الملفات الملحة بدءاً من ملف رئاسة الجمهورية مروراً بالحدود البرية وصولاً إلى مطلبي "التيار الوطني الحر" عن اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني؟

لا مكسب سياسياً للحزب

يستبعد مصدر رفيع في المعارضة أي تأثير للحرب الدائرة في غزة والعملية التي نفذها تنظيم "حماس" على الملفات السياسية في لبنان. ويؤكد أنه رغم العملية النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، فإن العملية النوعية ليست حرباً، والمكسب السياسي يمكن أن يكون لـ"حماس" فقط، فإضافة إلى ضرب معنويات الإسرائيليين، قد تستخدم "حماس" ملف الرهائن لتحقيق أهداف سياسية، ولكن حتى هذه المسألة ليست واضحة بعد. أما "حزب الله" فبحسب المصدر نفسه فهو على هامش هذه العملية، ولن يكون لديه أي مكسب سياسي في لبنان. وعلى رغم تأكيد كثر أنه من المبكر الحديث عن تأثير سياسي على لبنان لتطورات غزة، لا سيما أننا نشهد على متحولات يومية، فإن السؤال ماذا لو انتهت المعارك باستسلام "حماس" وإضعاف السلطة الفلسطينية، وماذا لو بقي الدعم العسكري للحزب محدوداً في الزمان والمكان؟

يعتبر الأستاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات الدكتور محيي الدين الشحيمي أنه لا تأثير مباشراً لحرب غزة على الملف الرئاسي في لبنان ولا على المبادرة الخماسية. ويرى الشحيمي أنه بغض النظر عن التقاذف الصاروخي الحاصل بين الجنوب اللبناني ومناطق فلسطين المحتلة، إلا أن الأمر لن يتخطى قواعد الاشتباك المرسومة، التي رسمها القرار 1701. ويرجح الشحيمي بقاء الوضع على ما هو عليه والقائم منذ سنوات على الحدود، ولذا لا انعكاسات في الملفات اللبنانية ولن ترجح كفة "الممانعة" في أي أمر. ويؤكد الشحيمي لـ"اندبندنت عربية" أن فرادة الإنجاز الفلسطيني هو في الداخل، و"حزب الله" لن يتمكن من استثمار هذه المشهدية في تفاصيل الاستحقاقات الدستورية، والملفات السياسية التي ترخي بظلالها على الساحة اللبنانية.

"حلف إيران"

وفي السياق يؤكد رئيس "لقاء سيدة الجبل"، المناهض لإيران وحلفائها، النائب السابق فارس سعيد لـ"اندبندنت عربية" أن البناء على منطقة تنام على شيء وتصحو على شيء آخر هو في غير مكانه. وبحسب سعيد "من المخجل اختزال كل ما يحصل في المنطقة بمعركة رئاسة الجمهورية في لبنان فيما الموضوع هو تحديد حدود نفوذ إيران في الشرق الأوسط"، ويعتبر أن معركة رئاسة الجمهورية تدور بين غزة والضفة والرياض والقاهرة وطهران وأي كلام آخر هو للمزاح فقط. بحسب سعيد طهران تمكنت من إحباط مرحلياً التقارب العربي - الإسرائيلي بهدف انتزاع مقعد لها على طاولة المفاوضات رافضة البقاء على مقاعد الانتظار. ويضيف "إذا لم تقدم الدول العربية إلى مد اليد للسلطة الفلسطينية لإنهاء الحرب في غزة وبمشروع سياسي يعيد إحياء مقررات قمة بيروت عام 2002 وحل الدولتين، فإن إيران ستتحكم بالمنطقة ودولها وتصبح رئاسة جمهورية لبنان من المسلمات في مقلب حلف طهران". 

التطورات لا تسمح للحزب بالتفرد

في مقلب "التيار الوطني الحر" الذي بدأ حواراً مع "حزب الله" يشترط فيه الأول الحصول على اللامركزية الإدارية المالية الموسعة والصندوق الائتماني مقابل القبول بمرشح "حزب الله" لرئاسة الجمهورية، فهل تسهم تطورات غزة في تصلب الحزب وعرقلة الحوار الذي لم يصل حتى الآن إلى نتيجة؟

على هذا السؤال يرد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب غسان عطا الله، معتبراً أن ما يحصل من تطورات يؤكد أننا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى رئيس "مرحلة" غير اعتيادي وغير تقليدي، ويستطيع أن يواجه وأن يقول "لا" للعالم ولديه حركة سهلة ويتمتع بقدرة الإقناع للشعب اللبناني، وذي حيثية ولديه غطاء من بيئته المسيحية، ويعتبر عطا الله أن التطورات الأخيرة تدفعنا إلى أن نرى الأمور من منظار مختلف خصوصاً أننا لا نعيش في حالة سلام ولسنا مرتاحين لما قد يحصل. ويذكر النائب المقرب من باسيل بما كتبه منذ أيام على منصة "أكس" عندما اعتبر أن كل من يشعر بأنه يمكنه أن يكسب الوقت ويماطل في ملف الرئاسة مخطئ لأننا في زمن تغيرات كثيرة وسريعة وقد يحدث شيء غير متوقع، على عكس التحليلات التي كانت تتحدث عن استقرار طويل في المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى عطا الله أن التطورات الأخيرة يجب أن تدفع كل القوى السياسية بما فيها "حزب الله" إلى التفكير أوسع والبحث بجدية في كل المواضيع وتحصين البلد برئيس قوي بدلاً من العناد الذي سيؤدي إلى خسارة الجميع. وإذ يعتبر عطا الله أن المعركة الحالية لا تقتصر فقط على فلسطين، بل لها علاقة أيضاً بما يحصل دولياً من اتفاقات اقتصادية وسياسية إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، يؤكد أن على "حزب الله" أن يرى كل ذلك، وأن الأمور ليست بهذه البساطة والسهولة ولن يسمح له بالتفرد بالقرار في لبنان، خصوصاً وسط التشعبات الكبيرة التي ستمنع على أي فريق أن يأخذ قرارات منفردة. بحسب عطا الله "من المؤكد أن أحداً في لبنان لن يستعجل على الحسم في الملف الرئاسي في هذه المرحلة، طالما أن المواجهة لا تزال في بداياتها، وطالما أن الأمور لم تنضج بعد ولم تنته إلى تحديد الخاسر والرابح. ومن الخطأ القول يضيف النائب في "التيار الوطني الحر"، "إن أحداً قادر على فرض رأي ما في هذه المرحلة، والأولوية يجب أن تكون لكيفية الحفاظ على لبنان وألا يكون في مهب الريح وسط الغليان الحاصل في المنطقة".

حزب الله سيتشدد

لم يتأخر الوقت حتى بدأت تأثيرات حرب غزة تظهر في المواقف الرئاسية، وعلم أنه بغض النظر عما سيؤول إليه الوضع الميداني وكيف سيتطور، فإن "حزب الله" سيتمسك أكثر من قبل بمرشحه سليمان فرنجية على قاعدة حاجته إلى "رئيس يحمي ظهر المقاومة ولا يطعنها" كما ثبتت الحرب الحالية، فيما سيتشدد في المقابل معارضو وصول فرنجية وسيتمسكون أكثر بالخيار الثالث. وتقول مصادر مقربة من الحزب أن الحرب التي تدور اليوم في فلسطين أكدت مدى صواب ترشيح فرنجية، لأنه يشكل ضمانة لمحور الممانعة. وفيما تؤكد مصادر سياسية متابعة للملف الرئاسي لـ"اندبندنت عربية" أن حركة الموفد القطري العامل على خط الحل الرئاسي في لبنان، توقفت "موقتاً" مع ترقب داخلي وخارجي لتطورات المنطقة. وفي انتظار مسار الأمور في غزة، أكد مصدر سياسي مقرب من الحزب رداً على التأثير السياسي لعملية حركة "حماس"، على الملف الرئاسي اللبناني، أن "حزب الله" سيتمسك بخياره الرئاسي ولن يتساهل في ملف الحدود البرية ولن يقدم هدايا مجانية. ويضيف "بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لن يكون كما قبله".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي