بالترحيب والإشادة، تلقى الفلسطينيون قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنهاء خدمات مستشاريه كافة، وإلزام أعضاء الحكومة السابقة بإعادة المبالغ التي تقاضوها بعد زيادة رواتبهم "بشكل غير قانوني".
ومع إشادتهم بقرارَي عباس، أكد فلسطينيون أنهما أتيا متأخرين، وغير كافيين للقضاء على تفشي الفساد الإداري والمالي في مؤسسات السلطة.
وفي خطوة وصفت بالجريئة، أصدر الرئيس عباس قراراً بإنهاء خدمات مستشاريه كافة، "بصفتهم الاستشارية" بصرف النظر عن مسمياتهم أو درجاتهم، وإلغاء عمل العقود المتعلقة بهم.
كما أصدر قراراً بإلزام رئيس وأعضاء الحكومة السابقة رامي الحمد الله بإعادة المبالغ التي تقاضوها عن الفترة التي سبقت تأشيرته الخاصة برواتبهم ومكافآتهم.
وطالب القرار الوزاء السابقين بإعادة المبلغ المستحق عليهم دفعة واحدة، واعتبار المبالغ التي تقاضوها لاحقاً لتأشيرته مكافآت.
عشرات المستشارين
وأفادت مصادر مطلعة لـ "اندبندنت عربية" بأن مستشاري الرئيس يتجاوز عددهم العشرات، بعضهم يعود تعيينه إلى عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مشيرة إلى أن معظمهم لا يقومون بأي شيء سوى التمتع بامتيازات ورواتب واستغلال مواقعهم".
وأضافت المصادر أن قرار عباس إنهاء خدمات مستشاريه كافة جيد، "وينهي حالة الفوضى والفساد لكنه متأخر"، متوقعة أن يبدأ بتعيين بعض المستشارين الجدد كل بتخصصه وبحسب الحاجة.
وأوضحت المصادر أن الرئيس سيعمل على إعادة بعض المستشارين الذين أنهى خدماتهم، لتفعيل طاقم مستشاريه.
وجاءت قراراته تنفيذاً لتوصيات لجنة تحقيق شكلها في يونيو (حزيران) الماضي حول مضاعفة رواتب الوزراء في عهد حكومة رامي الحمد الله، ما أثار ردود فعل غاضبة في الشارع الفلسطيني، بخاصة في ظل الأزمة المالية للسلطة منذ سبعة أِشهر.
وحصلت اندبندنت عربية على نسخة من قرار تشكيل اللجنة التي رفعت توصياتها في 16(يوليو) تموز الماضي، عقب تسريب وثائق رسمية تظهر زيادة رواتب الوزراء بنحو ألفَي دولار لكل منهم.
وأوردت تلك المصادر، أن قرار زيادة رواتب الوزراء، نُفذ بأثر رجعي منذ تعيينهم في مناصبهم، مشيرة إلى أن بعض الوزراء يعود تعيينه إلى أكثر من ست سنوات.
ورجحت المصادر أن يكون إنهاء الرئيس عباس لمهام مستشاريه كافة له علاقة بقضية زيادة رواتب الوزراء السابقين، موضحة أن الرئيس قد يكون تخلص من مستشاريه لأنهم سببوا له مشكلة مع الرأي العام الفلسطيني الغاضب أصلاً من أداء السلطة الفلسطينية.
في المقابل، رفض رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في حينها، الزيادة في رواتب الوزارء السابقين، قائلاً إن حكومته ملتزمة بما ينص عليه القانون الفلسطيني بما يخص رواتب الوزراء.
اشادة بالقرار
وأشاد المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) مجدي أبو زيد في حوار مع "اندبندنت عربية" بقراري عباس ووصفهما بالإيجابيين وبأنهما يأتيان على الطريق الصحيح، معبراً عن أمله في أن يكون ذلك ضمن "سياسة عامة لترشيد النفقات وإدارتها بشكل عادل وشفاف".
وطالب أبو زيد بعدم الاكتفاء بالتسوية المالية مع الوزراء السابقين، ومحاسبة ومحاكمة أي مسؤول تجاوز القانون واستغل موقعه بهدف التكسّب.
في السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي خليل شاهين أن إنهاء الرئيس عباس خدمات مستشاريه، عالج أهم قضايا الفساد المطروحة منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، مضيفاً أن ذلك ليس من باب معالجة قضية الموارد المالية فقط، بل "لإعادة تنظيم التعيينات بشكل واضح وشفاف بخاصة أنه لا داعي لوجود مستشارين من الأصل".
وقال شاهين إن خطوة الرئيس عباس إيجابية لكنها متأخرة وإنه كان لا بد من القيام بها منذ زمن.
ووصف زيادة وزراء الحكومة السابقة مرتباتهم بأثر رجعي في ظل إعلان حالة التقشف بأنها "قضية فساد بامتياز،" مشيراً إلى أن ذلك "مسَّ الرئيس بشكل خاص، لأن قرار رفع رواتب الوزراء أشير فيه إلى أن الرئيس هو من تورط بشكل أو آخر بتوقيع هذا القرار".
وأوضح شاهين أن معالجة الرئيس عباس زيادة الرواتب يعني ضمنياً إقراراه بالخطأ الذي حدث، وقد تراجع عن قرار خاطئ.
وتعيش السلطة الفلسطينية منذ فبراير (شباط) 2019 أزمة مالية حقيقية بسبب رفضها استلام أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل لصالحها منقوصة، ما أجبر الحكومة الفلسطينية على دفع نحو نصف قيمة رواتب موظفيها.
وتجمع إسرائيل نحو 127 مليون دولار في الشهر على شكل رسوم جمركية مفروضة على البضائع المتجهة إلى الأسواق الفلسطينية والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية، قبل أن تحولها إلى السلطة الفلسطينية.