ملخص
كتبت أوليفيا بيتر: ليست عبارة 'high maintenance' [وتعني مكلفة] سوى مرادف لكلمة "مجنونة"، ولا ينبغي للرجال استخدامها لوصف النساء، مثلما يتعين بالتأكيد على النساء من أمثال غوميز عدم استخدامها لوصف أنفسهن: أغنية سيلينا غوميز الجديدة 'مكلفة' إهانة للنساء في كل مكان وبخاصة لها هي
كلمة "مجنونة" أسوأ ما يمكن أن تنعت به امرأة، ولكن بما أن معظم الناس يعرفون ذلك الآن، كما آمل، فهناك عدد قليل من النعوت الجديدة المرشحة، وأعتقد شخصياً أن القائمة تشمل "بيبي" (التطفيل) و "بقرة" (التحيز الجنسي) و "سايكو" (راجعوا كلمة "مجنونة ")، لكن مصطلحاً آخر لم يناقش بالقدر الوافي ظهر أخيراً وتداولته سيلينا غوميز، فقد طرحت تسمية "مكلفة"، وهي تسمية أصبحت أسوأ مخاوف النساء، لا سيما عندما ينسبها إلى المرأة رجل تعاشره، فهل يقتصر هذا الهاجس علي أنا وحدي؟
قد تظنين أنك تعرفين كل شيء عن هذا الوصف، لا بل والأفظع أنك قد لا ترين أنه بذلك السوء، ومن يدري، لربما تستخدمينه لوصف نفسك، وإذا كان الأمر كذلك فأخشى أنك في حال إنكار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن دعونا نعود لغوميز، فقد تحدثت الممثلة والموسيقية هذا الأسبوع عن حياتها في المواعدة خلال مقابلة في برنامج Hits1 على أثير إذاعة SiriusXM، بعد إصدار أغنيتها الأخيرة "Single Soon"، وفي حديثها أوضحت الفتاة البالغة من العمر 31 سنة أنها وإن كانت تشير إلى نفسها على أنها "مكلفة" في كلمات أغنيتها الجديدة، فإن هذه ليست الطريقة التي تنظر بها إلى نفسها.
وأصرت غوميز على أنها تضع معايير معينة في مواعداتها الغرامية، مما يؤثر في الطريقة التي يفكر بها الرجال فيها، وقالت "أعتقد أن لدي معايير، وأعتقد أنني أعيش في عالم الآن يخلط فيه الرجال بين المعايير والتطلب، لكن العبارة كانت ممتعة حقاً لأنني لا أخجل من القول: أنا في الواقع أطلب كذا وكذا وكذا لتكون معي".
وتحاكي كلمات الأغنية الفعلية، "أعلم أنني مكلفة بعض الشيء، لكنني أستحق المحاولة"، شيئاً قالته غوميز في مقطع فيديو انتشر انتشاراً واسعاً منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي وجرى تصويرها فيه وهي جالسة على دكة ملعب كرة قدم وهي تصرخ على اللاعبين: "أنا عازبة، وإن كنت مكلفة بعض الشيء إلا أنني سأغمرك حباً"!
لقد أثار ذلك قلقي بكل ما فيه، ليس لأن غوميز تعتقد أن لديها معايير عالية في حياتها في المواعدة، ولا لأنها صورت وهي تصرخ بأنها كانت عازبة على غرباء محتملين، فقد مر جميعنا بمرحلة كهذه، لا بل لأنها تبدو مهووسة بواقع أنها مكلفة، وهو ما قد يكون في سياق العلاقات الغرامية مصطلحاً مثقلاً بالدلالة كثيراً، بخاصة إذا كان يعني ضمناً أنها سمة سلبية كما نفهم من غوميز.
ضعي في اعتبارك ما تعنيه العبارة في الواقع، فقاموس مريام وبستر Merriam - Webster يعرف المصطلح بأنه يعني "تتطلب قدراً كبيراً من الرعاية أو الصيانة وتميل إلى التسبب في المشكلات أو طلب الانتباه: حساسة للغاية أو مكلفة أو مزاجية"، ولنكن واضحين، فهذه ليست أنماطاً سلوكية إيجابية، لكن هذا لا يعني أن حاملات هذه السمة لسن طبيعيات في العلاقات، فلدينا جميعاً لحظاتنا، أليس كذلك؟
كما تعلمون أن الأوقات التي نعود فيها للمنزل بعد يوم شاق في العمل، ونشعر بالقليل من التسرع أو التسلط أو الانفعال، لكن هذا لا يجعل من المرء شخصاً فظيعاً بل يجعله إنساناً ببساطة، وعندما نكون في حال حب، ألا نحتاج جميعاً إلى قدر كبير من الرعاية والصون؟
أليست العلاقة شيئاً يتطلب كلا هذين الأمرين، وعلى أساس منتظم إلى حد ما؟ بلى هي كذلك، إذاً لماذا تخجل غوميز على ما يبدو من سمة "مكلفة" التي نسبتها إلى نفسها؟
وإذا قمنا بتفصيلها فسنرى أنه عند استخدامها لوصف امرأة فإنها غالباً ما تكون مجرد مرادف آخر لكلمة "مجنون"، وليس بالضرورة بمعنى الاضطراب العقلي، ولكن بمعنى وجود شيء مضطرب غير معقول وهستيري إلى حد ما بخصوص الطرف الآخر، وكلها مصطلحات تجرد النساء من استقلاليتهن وسلطتهن، مما يحولهن إلى كوابيس شكاءة عاثرة.
ويغدو هذا كله أكثر تعقيداً حينما يصار إلى التفكير في أن النساء (وبخاصة النساء المغايرات جنسياً) قد نُمذجن للتصرف بأكبر قدر ممكن من الهدوء عند الدخول في علاقة رومانسية، وأثناء نشأتنا علمنا التلفزيون والأفلام أن نكون مسترخيات ومرتاحات وهادئات مع الرجال، وأي شيء آخر (آراء، تطلعات، مخاوف) سيدفع بهم إلى الابتعاد منا، وبعبارة أخرى نحن جميعاً نود أن نكون غير متطلبات.
لا يسعني إلا أن أعتقد أن غوميز تستخدم ذلك الوصف لنفسها خوفاً من أن يستخدمه الآخرون من وراء ظهرها، إنها آلية دفاع كلاسيكية، أليس كذلك؟ أنا لا ألومها حين النظر إلى السياق لكنني لا أحسب أن هناك عيباً في التطلب ولا أدنى قدر، والحقيقة هي أنه من أجل الحصول على علاقة ناجحة فإن التساهل من دون أي تفكير نقدي ربما لن يفضي إلى أي نجاح، وفي الواقع ربما يكون من المفيد لنا جميعاً أن نكون متطلبات بعض الشيء.
© The Independent