Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سر الإقبال المفاجئ لدور الأزياء الفاخرة على السينما؟

أحدث أفلام بيدرو ألمودوفار من إنتاج دار سان لوران للأزياء التي تمول أيضاً مشاريع لمخرجين أصحاب رؤى مثل كروننبرغ وونغ كار واي، لكن لا داعي للقلق من هذا التوجه.

طريقة جديدة وغريبة للتمويل: إيثان هوك (يسار) وبيدرو باسكال في فيلم "طريقة غريبة للحياة" للمخرج بيدرو ألمودوفار الذي تموله سان لوران (باتيه/ أي ستوك)

ملخص

ترتبط الموضة بالأفلام منذ بداية السينما التي تعد وسيطاً قادراً على التقاط أثر الأزياء ومداها بطرق نادراً ما يكون التصوير الفوتوغرافي أو الرسم التوضيحي قادرين عليها

عندما كان إيثان هوك يتبختر فوق السجادة الحمراء لمهرجان كان السينمائي هذا الصيف قبل العرض الأول لأحدث أعماله، فيلم الويسترن الرومانسي "طريقة غريبة للحياة" Strange Way of Life للمخرج بيدرو ألمودوفار، كانت ملابسه ترسل معلومات مثيرة للاهتمام: تم اختيار إطلالته بواسطة الجهة المنتجة للفيلم. يمثل "طريقة غريبة للحياة" الوليد الأول لشركة سان لوران للإنتاج، الفرع الجديد لدار الأزياء العريقة. يشرف على الشركة الناشئة أنتوني فاكاريلو، المدير الإبداعي في سان لوران، ويتفاخر بتطوير مشاريع لقائمة مغرية من المواهب، بما في ذلك ديفيد كروننبرغ، ونغ كار واي، باولو سورنتينو، جيم يارموش وغاسبار نويه. قال فاكاريلو عند إعلان إطلاق شركة الإنتاج: "أريد أن أعمل مع جميع المواهب السينمائية العظيمة التي ألهمتني على مر السنين وأقدم الفرصة لها".

على رغم أن سان لوران قد تكون حالياً دار الأزياء الوحيدة التي تفتخر بوجود شركة إنتاج فني تابعة لها، فإن "طريقة غريبة للحياة" ليس المشروع الأول من نوعه. في عام 2019، استضافت تظاهرة المخرجين في مهرجان كان العرض الأول لفيلم "الفتاة المذهلة" The Staggering Girl الذي مولته دار فالنتينو للمخرج لوكا غوادانيينو (صاحب فيلم "نادني باسمك" Call Me by Your Name وهو مخرج مشهور آخر يتمتع بحس أوروبي أنيق. وبالمثل، حظي التعاون المثمر للمخرج أوليفييه أساياس مع النجمة كريستين ستيوارت في فيلمي "غيوم سيلس ماريا" Clouds of Sils Maria و"المتسوق الشخصي" Personal Shopper بدعم جزئي من دار شانيل التي تمثلها ستيوارت كسفيرة منذ فترة طويلة، كما أن إصدار فيلم "البريئة" The Innocent للمخرج لوي غاريل هذا الشهر تحقق بشكل جزئي بفضل مشاركة دار جورجيو أرماني التي يتم شكرها في الشارة الافتتاحية للفيلم.

بالطبع ترتبط الموضة بالأفلام منذ بداية السينما التي تعد وسيطاً قادراً على التقاط أثر الأزياء ومداها بطرق نادراً ما يكون التصوير الفوتوغرافي أو الرسم التوضيحي قادرين عليها. لقد تم نحت عديد من أشهر اللحظات السينمائية مما أبدعته أيدي أعظم فناني الموضة، تذكروا مثلاً فساتين أودري هيبورن من تصميم جيفنشي في فيلم "إفطار عند تيفاني" Breakfast at Tiffany"s، أو بدلات أرماني ذات الأكتاف العريضة التي ارتداها ريتشارد غير في "العشيق الأميركي" American Gigolo. وفي العقود الأخيرة، أصبح من الشائع أن تكلف دور الأزياء صفوة الأسماء السينمائية بتشكيل هويات بصرية لعلاماتها التجارية، في الثمانينيات، أخرج كل من مارتن سكورسيزي وديفيد لينش إعلانات لجيل ساندر وكالفين كلاين على التوالي، في حين اختار أمثال صوفيا كوبولا ودارين أرونوفسكي نقل حسهما الفني إلى إعلانات لأزياء مارك جيكوبس وسان لوران، أثناء أخذهما استراحة من إخراج الأفلام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة لمخرج يكنّ اهتماماً للموضة مثل ألمودوفار الذي تشتهر أفلامه بألوانها ومناظرها الرائعة، فإن الشراكة مع علامات أزياء مهمة تبدو مناسبة تماماً. تقول إيلينا كاودورو، باحثة في السينما والإعلام في جامعة كوينز في مدينة بلفاست بشمال إيرلندا: "ألمودوفار هو أحد المخرجين الأوروبيين الذين تعاونوا مع مصممي الأزياء منذ البداية". وتشير إلى فيلمه "كيكا" Kika الصادر عام 1993، الذي استعرض في أحد المشاهد حمالة الصدر مخروطية الشكل الشهيرة من تصميم جان بول غوتييه. تقول كاودورو: "بالنسبة له، يعد التعاون مع المصممين ضرورياً... يهتم مخرجو الأفلام الذين يعتمدون بشدة على الصورة جداً بنسيج أفلامهم، ولهذا السبب تكون الملابس أو الأزياء المصممة مفيدة. التعاون مثمر للغاية".

من خلال إنتاج أعمال مهمة لمخرجين مثل ألمودوفار، تتخلص العلامات التجارية للأزياء من السمعة الدعائية التي التصقت ببعض الأفلام الترويجية السابقة التي يقودها مخرجون، ثم حصلت بعد ذلك على القبول في المهرجانات والمؤسسات السينمائية المرموقة في المقابل، لكن هذا قد لا يرجع فقط إلى المزايا الفنية للعمل. تقول كاودورو: "يعيش مهرجان الأفلام، من الناحية التجارية، على الإيرادات التي تأتي من الرعاية، ومن تداول العلاقات العامة الذي تحركه استضافة هذه الأحداث المميزة... وبالنسبة إلى المهرجانات نفسها، فهذا مفيد من الناحية الاقتصادية".

ترى فيونا كانينغهام، من شركة العلاقات العامة للأزياء "أل دي أن كوميونيكيشنز" أن خطوة سان لوران هي جزء لا يتجزأ من التحول المستمر منذ عقود: كون السجادة الحمراء للمهرجانات مساحة إعلانية تنافسية للغاية لعلامات الأزياء، موضحة: "ربما تكون السجادة الحمراء إحدى أهم الأدوات في الأحداث التسويقية السنوية للعلامة التجارية... قد يتمكن الفستان المناسب الذي ترتديه النجمة المناسبة من الوصول إلى مليارات المستهلكين". لذلك يبدو أن إنتاج دور الأزياء لأفلام تقول إن نجوماً يروجون لأزيائها هو الخطوة التالية المناسبة.

وعن هذا تقول ميلاني لارسن، الخبيرة الاستراتيجية في شركة "دبيلو جي أس أن" للتوقعات وتحديد الأنماط والسلوكيات والتحولات: "نحن غارقون في وضع يصعب فيه جذب انتباه الناس... يريد المستهلكون هذه الأيام أن يكون للعلامات التجارية هدف. الشراكة مع مخرجي أفلام مشهورين […] هي إحدى الطرق التي يمكن للعلامات التجارية من خلالها خلق المعنى". وترى لارسن أن عمليات التعاون الجديدة هذه جزء من تغيير جذري في صناعة المنتجات الفاخرة، حيث "تتجاوز العلامات التجارية الموضة إذ توسع جمهورها وتعيد إيجاد مكانة لنفسها كوسيط ثقافي على نطاق أوسع".

قد يلاحظ المسافر المهتم بالموضة أن هذا التحول بدأ يحدث خلال العقد الماضي. في عام 2014، افتتحت شركة "لوي فويتون" معرضاً فنياً في باريس، وحذت سان لوران حذوها بافتتاح متحفها الخاص في مراكش سنة 2017. وفي الوقت نفسه تدير برادا "مؤسسة برادا" في ميلانو، وهي مساحة معارض تضم سينما ومقهى بتصميمات داخلية فخمة من ابتكار ويس أندرسون. كشركة، تنشط برادا أيضاً في تمويل ترميم وإعادة إصدار الأفلام الكلاسيكية، وقد أنتجت سلسلة تمتد على عقد من الزمن بعنوان "حكايات النساء" Women"s Tales تدعو مخرجات ذوات بصمات فنية متباينة أمثال ناعومي كاواسي، لين رامزي وإيزابيل ساندوفال، لابتكار أفلام قصيرة تضم أزياء من أحدث تشكيلات علامة "ميو ميو".

على كل حال، هذه المبادرات ليست إيثاراً عفوياً. يمكن للعمل الخيري الفني أيضاً أن يحول الفوائد غير الملموسة لفرصة الترويج لعلامة تجارية إلى شيء يؤثر بشكل مباشر على النتيجة النهائية للشركة. تقول كاودورو: "غالباً ما تكون هناك إعفاءات ضريبية إذا تمت إعادة استثمار أجزاء من النشاط التجاري في الفنون... في إيطاليا، على سبيل المثال، إذا أرادت شركة ما الاستثمار في الإنتاج الثقافي، فقد تحصل على خصم ضريبي يصل إلى 30 في المئة".

في الأقل يبدو المخرجون المشاركون ممتنين للفرصة التي أتيحت لهم لتحقيق رؤى صعبة التحقق تجارياً. سمحت المساعدة المالية التي قدمتها شانيل في "غيوم ساليس ماريا" للمخرج أسياس بتصوير فيلمه على شريط بقياس 35 ملم بدلاً من كاميرا رقمية، وقد تلقى نويه سابقاً دعم دار سان لوران لإنشاء "النور الأبدي" Lux Æterna، وهو عبارة عن تجربة مصورة حصلت على مراجعات نقدية إيجابية تتناول السحر وشارلوت غينسبرغ وطيف أعمال سيسيل بي ديميل.

قال ألمودوفار لموقع "إندي واير" عن مصدر الإلهام وراء مشروعه الجديد، الذي يصور هوك وبيدرو باسكال كمغامرين وحيدين متورطين في لم شمل عاطفي: "كنت مهتماً بالقيام بأشياء لم يتم تجريبها في أفلام الويسترن من قبل". في الوقت نفسه تم تصميم فيلم غوادنيينو "الفتاة المذهلة" الذي لا يتبع خطاً سردياً محدداً من الألف إلى الياء بهدف تجسيد جوهر تصاميم فالنتينو. قال المخرج لموقع "ديدلاين" في عام 2019: "إذا كنت أمتلك الوقت، فأفضل أن أفعل شيئاً ما دائماً... شعرت أن هناك قصة في عمل [المدير الإبداعي لفالنتينو بيير باولو] يجب تجسيدها". من المناسب إذاً، في حالة فيلم ثري مستوحى من تشكيلات الأزياء الراقية مثل "الفتاة المذهلة"، أن تنتهي شارته الأخيرة بوصف تفصيلي للقطع التي ارتدتها النجمة جوليان مور بينما تحاول الشخصية التي تجسدها إقناع والدتها الفنانة بترك إيطاليا والعودة إلى نيويورك.

لكن رغم البذخ في الملابس التي ظهرت في هذه الأفلام، لم تتعامل ألسنة النقاد معها بلطف في بعض الأحيان. على رغم طاقم النجوم الذي يشارك في "الفتاة المذهلة" (هناك ظهور أيضاً لـكايل ماكلاكلن وميا غوث) والقائمة الطويلة من المتعاونين المحترمين، بمن فيهم المؤلف الموسيقي الراحل ريويتشي ساكاموتو، فقد تعرض الفيلم لانتقادات على نطاق واسع باعتباره عملاً رثاً إلى حد ما ويبلغ تقييمه الحالي على موقع روتن توماتوز 29 في المئة فقط. كتب ديفيد روني في مراجعته السلبية في موقع "ذا هوليوود ريبورتر": "يبدو العمل برمته مثل تغليف مسهب بدرجة تشتت الانتباه لتشكيلات أزياء فالنتينو الراقية".

حتى الآن، يبدو أن نهج سان لوران كان أخف في ما يتعلق بعلامتها التجارية، حيث تقدم أزياء مصممة خصيصاً بدلاً من القطع التي تباع ضمن تشكيلاتها. حظي "أسلوب غريب للحياة" باستقبال أكثر دفئاً إلى حد ما أيضاً، حيث يبدو أن النقاد متفقون على أن فيلم ألمودوفار يتبنى أسلوب دار الأزياء الراقية من دون مبالغة.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن اثنين من أضخم الأفلام الرائجة لعام 2023 – "باربي" Barbie و"سوبر ماريو بروس" Super Mario Bros هما عبارة عن عرض ترويجي خفي لدمية ولعبة فيديو. يعني هذا أن نموذج الموضة الجديد لا يبدو تجارياً بشكل فاضح. في الواقع، مع ظهور شركة سان لوران للإنتاج كأول اسم مدرج على الملصق الترويجي لـ"طريقة غريبة للحياة"، يثير المشروع الإعجاب تقريباً بمدى صراحته في إشهار رعايته. وإذا كانت العلامات التجارية مصممة على تحويل الفن إلى صالة عرض، فهي في الأقل تقدم تعاوناً جيداً.

سيتم عرض فيلم "طريقة غريبة للحياة" في دور السينما لأمسية واحدة فقط في 25 سبتمبر (أيلول) وسيتضمن العرض جلسة نقاش حصرية مع المخرج بيدرو ألمودوفار.

© The Independent

المزيد من سينما