Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأجيال الجديدة تعود بشغف لكاميرات التصوير بالأفلام

بعد أعوام من محاولات حثيثة لمحاكاة جمالية الفيلم الفوتوغرافي التقليدي، عبر استخدام فلاتر "إنستغرام" وتطبيقات المونتاج، يتحول عديد من المصورين الناشئين الآن إلى هذا النوع من التصوير حتى وإن أصبح توافر الأفلام أكثر ندرة بشكل متزايد

رغم ضبابية تلك الصور وعدم وضوحها بشكل كاف، إلا أنها تفسح في المجال للمشاعر والحالات المزاجية بالعودة للوراء أكثر بكثير مما قد يفعله أي جهاز "أيفون" (غيتي)

ملخص

السبب الرئيس الذي يجذب الشباب إلى التصوير الفوتوغرافي للأفلام هو الحنين إلى الماضي، إضافة إلى عوامل أخرى. فهناك الجانب "التجميلي" للفيلم الذي لطالما انجذب إليه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي

أعتمد على كاميرا هاتفي يومياً لالتقاط اللحظات المميزة وحفظ المشاعر الجميلة، ولكنني لا أتمكن من الاستمتاع بها بالكامل. أحاول تخزينها في ذاكرة هاتفي، إلا أنها تقبع هناك بلا حب [مهملة]. هي تشغل مساحة في التخزين السحابي لكن منزلتها غير أثيرة في قلبي.

وعندما تجتاحني نوبة حنين إلى الماضي، ألجأ إلى ألبومات الصور التي جمعتها منذ بداية تجربتي في التصوير الفوتوغرافي بالأفلام. فمعها أستطيع أن أشعر بشيء مادي ملموس بين يدي فأتصفح برفق صور أصدقائي وأفراد عائلتي. جميعها جرى تصويرها باستخدام كاميرا مستعملة قديمة تعود إلى عام 1998. فقد التقطت تلك الصور على مدى الأعوام الأربعة التي تلت اكتشافي للتصوير الفوتوغرافي التناظري للمرة الأولى. وعلى رغم ضبابية تلك الصور وعدم وضوحها نتيجة التقاط غالبيتها خارج نقطة التركيز، إلا أنها تفسح في المجال للمشاعر والحالات المزاجية بالعودة للوراء أكثر بكثير مما قد يفعله أي جهاز "أيفون".

ومع اقتراب إعادة افتتاح متجر سلسلة "إتش أم في" HMV للموسيقى مجدداً في "شارع أكسفورد" وسط العاصمة البريطانية، والعودة المرعبة لبنطلونات الجينز منخفضة الخصر، التي يمكن أن تشهد على ذلك، فنحن نعيش عصر حنين إلى أعوام التسعينيات. وما التصوير الفوتوغرافي بالأفلام - سواء كان بكاميرا رخيصة تستخدم لمرة واحدة، أم من خلال كاميرا ذات طراز عتيق فاخر، أم أخرى جديدة بلون الباستيل من نموذج متاجر "أوربان أوتفيترز" Urban Outfitters - سوى شكل فني تناظري آخر يشهد على عودة ظهوره بين أفراد "جيل زد" Gen Z (الذين ولدوا بين منتصف التسعينيات وحتى أوائل عام 2010).

فيليب غراي يعمل في "دارك روم لندن" Darkroom London، وهو استوديو تصوير مجتمعي يشتمل على غرفة مظلمة (لتحميض الأفلام وتظهيرها)، يقع في شمال العاصمة البريطانية. يتولى المركز أيضاً إقامة دورات في التصوير الفوتوغرافي التناظري. أخبرني غراي بأن الغالبية العظمى من الأفراد المشاركين في الدورات يقعون ضمن الفئة العمرية ما بين من 20 و35 سنة. وقال لي: "(بالنسبة إلى) معظمهم، غالباً ما تكون تلك أول تجربة لهم مع غرفة مظلمة. وعلى رغم أنهم ربما كانوا يصورون أفلاماً لأعوام عدة، فمن المؤكد أنه كانت تنقصهم الخبرة العملية". وقد يكون بعضهم الذين هم أصغر سنا، ولدوا في عالم ما بعد أفلام الكاميرات، لكنهم يبدون حرصاً الآن على عيش تجربة الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أنه يمكننا التقاط صور رقمية عالية الجودة بسرعة باستخدام هواتفنا، إلا أن التصوير الفوتوغرافي للأفلام يعد فناً أكثر دقة - إنه ينطوي على نسيج معين لا يمكن توقعه. ويمكن لفيلم جيد التصوير أن يعيدنا بالزمن للوراء، وأن يصبح أشبه بكبسولة زمنية للذكريات. مع ذلك، فإن خطأ واحداً في تحميل الكاميرا يمكن أن يفضي إلى كومة من الصور باهظة الثمن وعديمة الفائدة.

خلال طفولتي، لم أكن مهتمة كثيراً بالتصوير الفوتوغرافي (باستثناء الكاميرا الرقمية الوردية التي اعتدت على اصطحابها معي إلى الحفلات الموسيقية، لأقوم بكل حماسة بتحميل ما يقرب من 180 صورة تتضمن لقطات من تلك الأمسية، وتخزينها في ألبومات على "فيسبوك"، تحت عناوين مثل "ماك فلاي بريستول!!! أفضل أيام حياتي!!!" McFly Bristol!!! Best day of my life!!!).

قبل أن أفهم تماماً ما التصوير الفوتوغرافي للأفلام، انخرطت فيه دون علمي. كنت أزور متجر Boots الكبير في المدينة وأبحث عن آخر كاميرا أحادية الاستخدام، لالتقاط صور المهرجانات والحفلات التي كنت أرتادها. وكانت صورها ضبابية وغير واضحة، تحاكي الذكريات الضبابية التي قد تختبرها بعد تناول مشروب "سميرنوف آيس".

في عام 2019، قررت أخذ التصوير الفوتوغرافي بالأفلام على محمل الجد، فقمت بشراء كاميرا مستعملة رخيصة على موقع "إيباي"، غير أنها سرعان ما تعطلت خلال محاولتي الأولى لالتقاط الصور. إلا أن ذلك شكل منعطفاً مهماً في رحلتي التعلمية المثيرة (التي ما زلت أخوض غمارها)! وكانت تلك أول هواية ممتعة اكتشفتها كشخص بالغ - وكنت حريصة على تكريس وقتي وجهدي لها.

تجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيس الذي يجذب الشباب إلى التصوير الفوتوغرافي للأفلام هو الحنين إلى الماضي، إضافة إلى عوامل أخرى. فهناك الجانب "التجميلي" للفيلم الذي لطالما انجذب إليه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت الفيلترات هي القاعدة في بدايات "إنستغرام"، لمحاكاة الأجواء الحميمة الدافئة المشابهة للصور التي التقطت بكاميرات فيلم 35 ملم. أو آلات بولارويد القديمة.

ويمكن اليوم، لتطبيق "هوجي الشهير Huji أن يضفي على الصور الرقمية مظهر تلك التي التقطت بكاميرا صالحة لاستخدام واحد، ليضفي عليها وهجاً دافئاً ومميزاً، أو حتى يضيف عليها تاريخاً زمنياً يعود إلى عام 1998 يكون مطبوعاً في زاوية الصورة.

في هذا السياق، ينصب التركيز الأساسي على الجاذبية البصرية لصور الفيلم، وليس على التصوير الفوتوغرافي في حد ذاته. ويسلط كالوم، المخرج البالغ من العمر 26 سنة، الذي يشارك في التصوير الفوتوغرافي غير الرسمي والاحترافي على حد سواء، الضوء على الاعتراف الواسع بـ"مظهر الفيلم". وقد يكون من الصعب تحديده بدقة في بعض الأحيان، إلا أن هناك جودة غير ملموسة في ’الحبيبات‘ (النسيج المرئي أو الدقة الموجودة في فيلم التصوير الفوتوغرافي)، وأنظمة الألوان، وتسربات الضوء أو العيوب العرضية التي تثير تفاعلاً عاطفياً أكثر عمقاً مقارنة بالصورة الرقمية فائقة النقاوة.

ولا يمكن لشيء آخر أن يلخص ذلك، أكثر من الاتجاه السائد على تطبيق "تيك توك"، وهو: "’أيفون‘ في موازاة الفيلم العادي" iPhone versus Film، الذي يقوم فيه المستخدمون بالتقاط صور على هواتفهم الذكية، ثم يعمدون على الفور إلى التقاطها مرة أخرى على فيلم فوتوغرافي، بحيث يبرز الاختلاف الجمالي فيها. صحيح أن الهاتف الذكي قد يتمتع بجودة تقنية، لكن صور الفيلم تحمل أحاسيس عميقة في طياتها.

في المقابل، لا حرج في استخدام كاميرا تقليدية للنشر عبر الإنترنت. فمن المعترف به على نطاق واسع أن كل شخص يبدو أكثر جاذبية في صور الأفلام، فلماذا لا نتبنى ذلك؟ ومع ذلك، إن القيام بتبني التصوير الفوتوغرافي اليوم، من المدرسة القديمة، يمكن أن يشكل وسيلة نقاوم من خلالها التأثير السائد لهيمنة التكنولوجيا.

هيو شاب عمره 25 سنة، يعمل في الإنتاج المسرحي، ويقوم في أوقات فراغه بالتقاط صور على كاميرات أفلام تقليدية. وهو يعتقد أن التصوير الفوتوغرافي التناظري يعيد الإحساس بالقيمة الفنية إلى العملية، بحيث يكون التركيز متمحوراً حول السعي إلى التقاط صورة مثالية، بدلاً من لقطات متكررة بلا تفكير. ويقول: "إن هذا النهج يضفي على تلك الصور التي نلتقطها مزيداً من القيمة والأهمية".

ويشير فيليب إلى أن شعبية التصوير الفوتوغرافي بالأفلام، تجعل الفرد يحظى ببعض الاستراحة من ضغوط عصرنا الرقمي "متسارع ومضطرب" الوتيرة. ويقول إن "هناك رغبة كبيرة لدى كثير من الأشخاص في الابتعاد عن النمط الحياتي السريع، والانغماس في أنشطة تعزز التفكير العميق، وتسمح بالاستمتاع بوقت أبطأ وتيرة.

إن استهلاك لفة الفيلم لالتقاط الصور يستغرق وقتاً - سواء كانت تتضمن 24 أو 36 صورة - ويتطلب كثيراً من الحرص لتجنب إضاعة أي منها. كما أن الانتظار يجعل الفرد في حال من الإثارة والترقب وحتى الشعور بالرهبة. خلال الفترة التي قمت فيها بالانفصال عن صديقي، كنت صورت بالكاميرا قرابة نصف فيلم. أرسلت ملف الصور المظهرة إلى صديقة لي، وطلبت منها إزالة أي صور لصديقي السابق أخذت قبل الخوض في اضطرابات عاطفية، وتحديداً تلك التي التقطت حول الصورة رقم 16. هناك أشياء معينة لا يود المرء رؤيتها.

بين عملية شراء الكاميرا الأولى وتظهير الصور، يمكن أن يكون التصوير الفوتوغرافي التناظري عملية معقدة ومكلفة. فيتعين على الفرد معرفة طريقة استخدام الكاميرا، وتصوير لفة كاملة قبل أن يقوم بتظهير أي منها، ثم الحصول على الصور المطبوعة لتجميعها في ألبوم يمكن مشاركته مع الآخرين على شاكلة بعض الآباء المثيرين للحرج. كانت هناك بدائل زهيدة الثمن إلى حد ما، بدءاً من شراء نماذج الكاميرات المستعملة على موقع "إيباي"، إلى إيجاد معمل تظهير مستقل ميسور الكلفة. ومع ذلك، فإن الكلفة الكبيرة تكمن في ارتفاع أسعار الأفلام الملونة نفسها. ففي الأعوام الأخيرة، تضاعف سعر حتى أرخص الأفلام ثلاث مرات، مما جعل هذه الهواية الممتعة بعيدة من متناول أغلبية الناس.

عندما بدأت التصوير الفوتوغرافي على أفلام 35 ملم. قبل نحو أربعة أعوام، كان سعر الفيلم هو أرخص جزء في العملية بأكملها. وكان يمكن الحصول على ثلاث لفات "كوداك" منه من نوع "كولور بلاس" ColorPlus الصديقة للمبتدئين - كل منها يحتوي على 36 صورة - وذلك بأقل من ثلاثة جنيهات استرلينية للواحدة (ثلاثة دولارات و75 سنتا). ومع ذلك، ازداد سعر الفيلم بأكثر من ثلاثة أضعاف الآن، حتى في المتاجر التي تبيعه بأرخص الأسعار. بالطبع، نحن نواجه أزمة غلاء معيشة وارتفاع التضخم الذي يجعل كل شيء أكثر كلفة. لكنها مشكلة تتعلق أيضاً بالتصوير التناظري. فإنتاج الفيلم بات مكلفاً، فيما يزداد صعوبة الحصول على موارد معينة مطلوبة في عملية التصوير والتظهير، لأسباب تتعلق بالكلفة وبحماية البيئة.

معلوم أن شركة "فوجي فيلم" FujiFilm، وهي أحد المنتجين القلائل للأفلام الملونة، وصلت إلى حد التوقف عن الإنتاج خلال العقد الماضي، فيما أعلنت شركة "كوداك" الرائدة في هذا القطاع إفلاسها في عام 2012. ومع ذلك، تمكنت "كوداك" من الاستفادة من حنيننا إلى الماضي، لتعاود السيطرة على سوق الأفلام الملونة مرة أخرى. ورفعت أسعارها بشكل مطرد منذ عام 2019، بحيث ألقت مجلة التصوير الفوتوغرافي "سيلفر غراين كلاسيكس" Silvergrain Classics باللوم في ذلك على "زيادة الطلب على الأفلام، والاستثمار اللازم بعد ذلك في الآلات والموظفين لمواكبة الإنتاج".

ومنذ ذلك الحين، حققت شركة "كوداك" أرباحاً متزايدة، بحيث أشار فيليب غراي إلى أن غياب أي منافس لها لعب دوراً كبيراً في ارتفاع أسعارها. وفي المقابل، زادت كلفة الأفلام بالأبيض والأسود، التي يتخصص فيها مختبره، زيادة طفيفة من حيث الكلفة، لكنها لا تقارن بسعر الأفلام الملونة. وقد تحقق كالوم من ذلك بنفسه. فقد توقف عن استخدام أفلام "بورترا" Portra الملونة المميزة التي تصنعها "كوداك" - التي تعد مخزون أفلام شهيرة بجمالية تذكر بفلاتر "إنستغرام" - لكنها في المقابل تذكر أيضاً بأن استخدام هذه الأفلام بالذات قد يكون مكلفاً للغاية، بحيث تبلغ قيمة كل لفة 20 جنيهاً استرلينياً (25 دولارا)، وهو يستخدم الآن إلى حد كبير أفلاماً بالأبيض والأسود من شركات مثل "إيلفورد" Ilford، بدلاً من ذلك.

إن ارتفاع سعر الفيلم يعني بالنسبة إلى كثير من المصورين الهواة، تعليق هواية التصوير الفوتوغرافي - أو على الأقل إبطاءها. ويقول هيو - الذي كان في ما مضى مصوراً متقداً حماسة - إنه يكتفي إلى حد ما بتصوير المناسبات الخاصة، ولا يريد أن يهدر مخزوناً باهظ الثمن من الأفلام على صور أقل أهمية. ويقول في هذا الإطار: "كنت ألتقط صوراً على أفلام بشكل منتظم أكثر مما أفعل الآن. إنه لأمر مزعج ... وفي الحقيقة إن التكاليف تواصل ارتفاعها". ويوافقه كالوم مضيفاً: "إن نصف متعة التصوير بالأفلام هي في التجارب. فإذا ما كلفتك تجاربك 20 جنيهاً استرلينياً لكل لفة (25 دولارا)، إضافة إلى التظهير والمسح الضوئي، يصبح من الصعب للغاية تبرير هذه الهواية ووصفها بأنها "ممتعة".

إنه اتجاه نلحظه في النهاية في مختلف المجالات، فعندما يتضاعف سعر المواد اليومية ثلاث مرات ويجد الناس صعوبة في تدفئة منازلهم، لا يعود التصوير الفوتوغرافي بطبيعة الحال يشكل أولوية. لكن في عالم نتعرض فيه لضغوط متزايدة لجهة العمل لساعات طويلة وتجنب ممارسة الهوايات - أو بدلاً من ذلك، لتحقيق الدخل منها - لا يقتصر الأمر على خسارة الهوايات. إنها تتيح لك الوقت لتعلم مهارة من أجل المتعة. وفي ما يتعلق بالتصوير الفوتوغرافي التناظري، فهو يساهم في التقاط لحظات ثمينة ترغب في الاحتفاظ بها. إن تعلم التصوير على فيلم هو مسار ينطوي على كثير من المحاولات التي قد تخفق فيها لتعود البدء من جديد. إنني حقاً أكره أن أخسر تجربة من هذا النوع.

© The Independent

المزيد من منوعات