كيف أصبح بيدرو باسكال خليفة هاريسون فورد؟

كيف يمكن وصف شخصية جويل التي يؤديها بيدرو باسكال في مسلسل "آخر شخص منا" The Last of Us الجديد الذي تعرضه شبكة "أتش بي أو" ويدور حول صراع البقاء في وجه الزومبي [تسمية سينمائية تطلق على شخصيات يوصفون بأنهم موتى أحياء]؟ إنه رجل قليل الكلام ربما، سريع الغضب، وخشن حتى، هذا صحيح، لكنه يمتلك قلباً طيباً أيضاً. إذا بدا هذا الوصف مألوفاً، فذلك يرجع إلى كون الأبطال غير التقليديين المحبوبين يشكلون إحدى أكثر الصور ديمومة في هوليوود. وبحسب عبارة جيمس بوند القديمة التي تتردد كأنها أحد الأمثال "يريد الرجال أن يحلوا محله، وترغب النساء في أن يكن معه". غالباً، يمكن العثور على البطل غير التقليدي جالساً بمفرده، يعتصر آخر نقطة في كأسه بإحدى الحانات، لكن الكحول لا يؤثر فيه على الإطلاق، فلديه باع طويل مع الشرب. وإذا لزم الأمر، يستطيع إطاحة شخص معتدٍ بضربة قوية واحدة، لكن إذا استدعت الحاجة ذلك. نشأت جاذبية شخصية المحارب المتردد والمرهق، لكن يمكن الاعتماد عليه دائماً في الأزمات، قبل عقود من الزمن، إلا أنها نادراً ما أداها أحد بنفس كفاءة باسكال.

شكل الممثل التشيلي - الأميركي، بهدوء إلى حد ما، إحدى أكثر المسيرات المهنية المدهشة في هوليوود، في حين أن عديداً من الممثلين قد يشعرون بأنهم محظوظون لمشاركتهم في أحد أفلام الامتياز الشهيرة، عمل باسكال على إضافة الأدوار إلى رصيده كأنه تلميذ في المدرسة يجمع لصقات التقدير. يذكرنا صعوده الحاد ببطل هوليوودي غير تقليدي آخر، ربما بطلها غير التقليدي النهائي، أي هاريسون فورد. فعلى غرار فورد، كان باسكال في منتصف الثلاثينيات من عمره حينما حصل أخيراً على دور كبير. أثار الممثل إعجاب مشاهدي مسلسل "صراع العروش" Game of Thrones في دور الأمير أوبيرين مارتل، المبارز البارع وصاحب الصولات الجنسية في شبه جزيرة دورن، الملقب بالأفعى الحمراء، قبل أن تلقى شخصيته حتفها في إحدى حوادث الموت التي لا تنسى أبداً على الشاشة، على يد غريغور كليغين المعروف باسم "الجبل"، الفارس المفضل لدى الملكة سيرسي.

في العمر نفسه الذي تجاوز فيه فورد هيئته البشرية كي يصبح هان سولو، بطل الأميرة "ليا المستهتر، في فيلم "حرب النجوم، الجزء الرابع من أمل جديد" Star Wars Episode IV A New Hope. واصل فورد مساعيه إلى أن حصل على دور عالم الآثار، البروفيسور المغامر إنديانا جونز، في فيلم "سارقو التابوت الضائع" Raiders of the Lost Ark بعد أربع سنوات. أثبت سحر فورد الآسر وحضوره الجذاب أنه جوهرة نادرة بالنسبة لمخرجي هوليوود. وبالمثل، شرع باسكال في القفز من مشروع مهم إلى آخر بعد "صراع العروش"، وصارع مهربي المخدرات الكولومبيين على مدار ثلاثة مواسم من الدراما الشهيرة "ناركوس" Narcos التي تدور حول بارون المخدرات الكولومبي بابلو إسكوبار، قبل أن يحصل على دور خاص به في "حرب النجوم" كمغامر حاد الطباع، ثم صار صائد الهاربين المأجور "دين جارين" في مسلسل "ماندالوريان" The Mandalorian الذي تعرضه شبكة "ديزني بلس".

وقد تناول باسكال دوره في "ماندالوريان" متحدثاً عن الدرع الفعلية التي ارتداها فيه، "لم يكن من الصعب بالنسبة إليّ فهم إمكانية وجود شخصية معقدة كامنة تحت تلك الدرع كلها"، لكن ربما تناولت تلك الكلمات بشكل مجازي أياً من شخصياته. ومع تدقيق النظر في أدواره، قد يفترض البعض أن باسكال ممثل يجسد شخصياته بأسلوب واحد، لكنه مثل فورد، يضفي دائماً عمقاً على أدائه.

في ذلك السياق، يبرز رأي المخرج روبرت رودريكيز الذي أشرف على عمل باسكال في إحدى حلقات مسلسل "ماندالوريان" وفي فيلم الأطفال "يمكننا أن نكون أبطالاً" We Can Be Heroes الذي أطلقته "نتفليكس" عام 2020، "يذكرني باسكال بالممثل هاريسون فورد، إذ يستطيع أن يكون أي رجل. يمكنه أن يكون مرحاً، ويمكنه أن يكون شديداً حقاً، ويمكنه أن يكون في غاية البطولة، لكنه أيضاً إنساني ودافئ جداً". يجمع باسكال كل هذه الصفات في "آخر شخص منا"، حيث يقدم أفضل أداء له حتى الآن.

وفقاً لمقولة فورد الشهيرة في برنامج "توداي" على شبكة "أن بي سي" عام 2019، "لن يكون أي شخص آخر إنديانا جونز. ألا تفهمون ذلك؟ أنا إنديانا جونز". إذاً، هل يمكن أن يكون دور جويل هذا، بمثابة إنديانا جونز بالنسبة إلى باسكال؟ إنه يمتلك كثيراً من الإثارة، إنه حاد بشدة وقلبه طيب جداً، لدرجة تجعل قولنا "لا أحد يستطيع تجسيده" غير مبالغ فيه.