ملخص
التخثرات قد تضاعف عواقب كورونا طويل الأمد على المرضى المصابين به.
تبين أن مشكلات في الإدراك والتفكير مرتبطة بالإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد" ربما تعزى إلى حدوث تجلطات أو تخثرات في الدم، بحسب ما ذكرت دراسة صدرت نتائجها أخيراً.
تفحصت دراسة نشرت في مجلة "نيتشر ميديسن" Nature Medicine حالة أكثر من ألف و800 شخص بالغ نقلوا إلى المستشفى بسبب "كوفيد"، فوجدت أن الارتفاع في مستوى اثنين من البروتينات، هما "الفيبرينوجين" fibrinogen و"دي - دايمر" D-dimer، كان أكثر شيوعاً لدى من يعانون أعراض "كوفيد طويل الأمد" التي أضرت بأدمغتهم. تذكيراً، يدل البروتينان كلاهما على وجود تجلطات دموية في الجسم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق ماكس تاكيت، أحد الباحثين الذين اضطلعوا بالدراسة في "جامعة أكسفورد"، فإن المرضى الذين ترتفع لديهم مستويات "الفيبرينوجين" ربما يعانون تجلطات دموية في الدماغ تسبب مشكلات في الإدراك والتفكير، في حين تسفر المستويات المرتفعة من "دي - دايمر" عن تجلطات دموية في الرئتين، تقلص بدورها مستوى تدفق الدم إلى الدماغ وتسبب أيضاً التعب وضيق التنفس.
كذلك وجدت الدراسة أن المرضى الذين يحملون تركيزات عالية من "دي - دايمر" شعروا غالباً بالتعب وضيق التنفس بعد "كوفيد".
وقال تاكيت إن "الأفراد الذين لديهم مستويات مرتفعة من "دي - دايمر" لم يكونوا أكثر عرضة لضبابية الدماغ [أحد الاضطرابات الذهنية التي تؤثر في قدرة المرء على التفكير وإتمام مختلف النشاطات اليومية] فحسب، بل ظهر لديهم أيضاً خطر متزايد لمواجهة صعوبات في أداء الجهاز التنفسي".
وتعتمد الدراسة، التي وصفها أحد الخبراء المستقلين بأنها "خطوة مهمة إلى الأمام"، على رأي تشكل في ذروة الجائحة ومفاده أن "كوفيد" يقود إلى إصابة بعض المرضى بتجلطات دموية صغيرة في رئاتهم، وربما أدمغتهم، تترتب عنها مجموعة واسعة من المشكلات الطويلة المدى في الذاكرة مرتبطة بالتركيز والتفكير.
كذلك تحدث في هذا الشأن داني ألتمان، وهو بروفيسور في علم المناعة في "إمبريال كوليدج لندن" وخبير بارز بمرض "كوفيد طويل الأمد"، فقال إن [الدراسة] خطوة مهمة إلى الأمام في فهمنا تدرجات "كوفيد طويل الأمد"، وربما بعض الآليات الكامنة خلفه، إذ يقدم الباحثون الحجج التي تدعم التدخل المحتمل من التأثيرات على مسارات تخثر الدم.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن تحليل مستويات البروتين في الدم لدى مرضى [كوفيد] من شأنه أن ينبه الأطباء إلى الفئة التي تحتاج إلى علاج مبكر من التجلطات، ويحدد مرضى "كوفيد" الأكثر عرضة للإصابة بضبابية الدماغ وغيرها من أعراض "كوفيد طويل الأمد"، ولكن مع ذلك، تبقى المؤشرات الحيوية عاجزة عن تحديد بعض المرضى المعرضين للخطر.
بناء عليه، "ثمة حاجة إلى رعاية حقيقية"، قال الدكتور مايكل زاندي من "معهد كوين سكوير لطب الأعصاب" التابع لـ"كلية لندن الجامعية"، مضيفاً أن "المؤسسات لم تضع في متناولنا حتى الآن آلية واضحة واحدة تناسب الجميع، ولا بد من أن تمر العلاجات بتجربة سريرية صارمة أولاً قبل استخدامها".
وتشير التقديرات إلى أن نحو 36 مليون شخص في المنطقة الواقعة ضمن نطاق تغطية الفرع الأوروبي من "منظمة الصحة العالمية" ربما عانوا "كوفيد طويل الأمد" في السنوات الثلاث الأولى من الجائحة.
ولكن كريس برايتلينغ، بروفيسور في طب الجهاز التنفسي في "جامعة ليستر" وباحث مشارك في الدراسة الأخيرة، قال إن مرضى "كوفيد طويل الأمد" لا يحصلون على الاهتمام الذي يحتاجون إليه.
"نحن الآن في حال تنافس بين ’كوفيد’ وكل متطلبات نظام الرعاية الصحية في البلاد، مما يعني وجود خطر يتهدد مرضى "كوفيد طويل الأمد" بعدم الحصول على الاهتمام المطلوب، ذلك أن هذه الحالة لم تختف بعد" قال البروفيسور برايتلينغ.
"كثير من المرضى ما زالوا يعانون الأمرين لأنهم لم يتعافوا تماماً"، أوضح البروفيسور برايتلينغ، و"لا نعرف مقدار الوقت الذي سيستغرقونه قبل أن يتماثلوا إلى الشفاء من المرض، أو ما إذا كانوا سيحتاجون إلى تلقي علاج ما".
تجيء نتائج هذه الدراسة مع تزايد المخاوف في شأن المتحورة الجديدة "بي أي.2.86" (BA.2.86)، التي لم تصنف ضمن المتحورات "المثيرة للقلق"، ولكن على رغم ذلك قال العلماء إنها تحمل عدداً كبيراً من الطفرات الجينية.
وقد أدى رصد المتحورة الجديدة إلى تفاقم المخاوف من نشوب موجة جديدة من "كوفيد" في المملكة المتحدة. وارتفعت معدلات الدخول إلى المستشفى بسبب "كورونا" في الشهر الماضي، تزامناً مع تلاشي فاعلية اللقاحات وظهور متحورة جديدة.
أما أعراض المتحورة الجديدة فتشمل سيلان الأنف والصداع والتعب والعطس والتهاب الحلق.
© The Independent