Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقابلة ترمب مع كارلسون تفجر تفاعلات اليمين واليسار

حوار الـ45 دقيقة على منصة "إكس" بين الرئيس السابق والمذيع المطرود من شبكة "فوكس نيوز" يشكل اختبارا لقوة وسائل التواصل الاجتماعي أمام التلفزيون بعدما حصد عدد مشاهدات تجاوز 250 مليونا

من الحوار بين ترمب  كارلسون (صفحة كارسون على "إكس")

ملخص

انتقد بن برغيس أسئلة كارلسون عبر محاولته إضفاء لحظة من الدراما على المقابلة من خلال دفع ترمب إلى قبول فكرة أن اليسار سيغتاله

ما زالت مقابلة الرئيس السابق دونالد ترمب مع المذيع المطرود من قناة "فوكس نيوز" تاكر كارلسون على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) تثير جدلاً في الولايات المتحدة امتد إلى جوانب كثيرة، ليس فقط لأنها تزامنت مع بدء أول مناظرة للمرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية، وإنما أيضاً لأن نوعية الأسئلة والردود كانت مثيرة للخلاف، كما أن نسبة المشاهدة القياسية للمقابلة خضعت لإعادة التقييم وفجرت الطلقة الأولى في معركة ستختبر ما إذا كانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على تشكيل تحد خطر لأخبار التلفزيون.

تفاعلات لم تنقطع

وعلى رغم صمت الشخصيات الجمهورية والديمقراطية التي هاجمها ترمب في لقاء مصور مدته 45 دقيقة على موقع "إكس" مع كارلسون مذيع قناة "فوكس نيوز" السابق، فإن التفاعلات اليمينية واليسارية مع هذا اللقاء لم تنقطع، إذ اتهمت الكاتبة وعضوة مجلس التحرير في صحيفة "نيويورك تايمز" ميشيل كوتل الرئيس السابق بمحاولة تخريب أول مناظرة بين الجمهوريين في السباق الرئاسي لعام 2024 عبر قراره التكتيكي بجذب الانتباه بعيداً من خلال لقاء مسجل مسبقاً على مدى 46 دقيقة وتجاهله الناخبون وحقهم في تقييم مجال المنافسة بدقة.

وبدلاً من الظهور على خشبة المسرح مع أشخاص يتنافسون معه، ولكنهم يرفضون انتقاده إلى حد كبير، استمتع ترمب بالأسئلة المتعاطفة التي طرحها كارلسون للتفاخر بما اعتبره إنجازاته، والتقليل من شأن منافسيه مثل مهاجمة آسا هاتشينسون الحاكم السابق لولاية أركنساس، وكريس كريستي الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي صديق ترمب السابق، الذي وصفه بالمجنون المتوحش، فضلاً عن اعتباره أن الهجوم على مبنى "الكابيتول" في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 من قبل أنصاره يحمل روح الحب والوحدة.

كما اعتبرت شبكة "أي بي سي" أن ترمب لم يضع أي وقت في مهاجمة المرشحين الجمهوريين الآخرين خلال مقابلته. وقال إنهم أشخاص لا ينبغي لهم حتى أن يترشحوا للرئاسة، واتهمت الشبكة كارلسون بأنه غذى ادعاءات ترمب في شأن سرقة انتخابات 2020 خلال المقابلة.

كارلسون بين الإشادة والنقد

غير أن الخلاف حول الأسئلة التي طرحها كارلسون شكلت جزءاً مهماً من الجدل حول المقابلة، إذ أشاد الكاتب والمؤرخ أوليفر بيتمان بنجم قناة "فوكس" السابق. وقال في موقع "أنهيرد"، إن الرئيس السابق اختار طريقاً مختلفاً مع كارلسون بتنسيق غير تقليدي على منصة "إكس" بدلاً من السجال مع المنافسين الأقل شهرة الذين لا تعادل أرقام استطلاعاتهم المجمعة تقدم ترمب في استطلاعات الرأي، وتمكن تاكر من طرح أسئلة غير مملة على الرئيس السابق لن تسمعها في أي مكان آخر، فقد ضغط بصراحة على قطب العقارات السابق في شأن قضايا مثل احتمال قتل الممول جيفري إبستين، واحتمال نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة، والحالة البدنية للرئيس جو بايدن، واحتمال اغتيال ترمب إذا فشلت لوائح الاتهام في وقف إعادة انتخابه.

واعتبر بيتمان أن المقابلة شهدت خروجاً عن الخطاب السياسي التقليدي، حينما تناول الحديث قناة بنما، التي أصر ترمب على أنه يمكن إعادتها إلى السيطرة الأميركية، والطريقة التي صاغ بها الرئيس السابق وجهات نظره في شأن القضايا البيئية من السيارات الكهربائية إلى التجهيزات الموفرة للمياه، وبدا تعليق الرئيس السابق في كثير من الأحيان متعارضاً مع الجهود الأوسع لمكافحة تغير المناخ، بل يمكن القول، بحسب بيتمان، إن الجزء الأكثر إثارة للمشاعر من المقابلة جاء عندما طرح كارلسون سؤالاً حول احتمال نشوب حرب أهلية وتسليط ترمب الضوء على الانقسامات العميقة التي رآها في الأمة الأميركية وحديثه عن الكراهية والتعاطف، والمخاوف في شأن نزاهة الانتخابات التي عادت إلى الظهور من جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مرآة للمناخ السياسي

لكن في حين يرى بيتمان أن مقابلة كارلسون تعد بمثابة مرآة للمناخ السياسي الحالي في أميركا وتؤكد أن الحدود التقليدية للخطاب السياسي آخذة في التغير في ظل المواضيع التي تأرجحت بين ما هو مقلق وما هو غريب، انتقد المعلق اليميني بن شابيرو في برنامجه على موقع "ديلي واير" المحافظ استخدام تاكر أسئلة لينة وتحريضه ترمب على نائبه السابق مايك بنس حين سأله عن كونه لطيفاً مع بنس وعدم انتقاده، وهو ما وصفه شابيرو بأنه أكثر الأسئلة جنوناً على الإطلاق، كما انتقد فشل تاكر في عرض المبادئ التي يتمتع بها ترمب طوال المقابلة.

وتعرض تاكر لانتقادات أخرى من المعلق السياسي ديفيد فولكينفليك في الإذاعة الوطنية العامة "أن بي آر" حيث اعتبر أن كارلسون كان لطيفاً ودافئاً بشكل لا يصدق، بينما بدا المحتوى عدمياً، وبخاصة حينما دفع ترمب إلى تبني فكرة الارتباط بين العنف والسياسة في مسعاه إلى إثبات أنه ما زال يمتلك أصواتاً في السياسة المحافظة بعد أن طردته "فوكس نيوز" من برنامجه الناجح في الربيع الماضي، عقب أيام قليلة من اضطرار المؤسسة إلى دفع ما يقرب من 500 مليون دولار لأن عديداً من مذيعيها ومنهم كارلسون تبنوا ادعاء ترمب حول الاحتيال في انتخابات عام 2020.

وفي موقع "جاكوبن"، انتقد الكاتب بن برغيس أسئلة كارلسون عبر محاولته إضفاء لحظة من الدراما على المقابلة من خلال دفع ترمب إلى قبول فكرة أن اليسار سيغتاله أو يبدأ حرباً أهلية على رغم أن ترمب لم يبتلع الطعم قط، واندهش برغيس إزاء طلب تاكر من رئيس سابق للولايات المتحدة إبداء رأيه في ما إذا كان أحد المتاجرين بالجنس الأثرياء، المعروف بصلاته السيئة بسلسلة طويلة من الأسماء الشهيرة، بما في ذلك ترمب نفسه، ربما قتل لمنعه من إفشاء أسرار الأشخاص الأقوياء.

صراع الأرقام القياسية

غير أن الجدل حول مقابلة ترمب مع كارلسون لم يقتصر على فحوى النقاش، بل امتد إلى ما إذا كان الرئيس السابق قد حطم مجدداً الأرقام القياسية في عدد المشاهدات بعدما تجاوز 250 مليون مشاهدة على منصة "إكس"، فقد تفاخر ترمب بمقابلته مع كارلسون، قائلاً إنها أصبحت أوسع فيديو انتشاراً في وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق.

لكن موقع "ماشابل" شكك في هذه الأرقام، مدعياً أن المقابلة لم تحقق سوى 14.8 مليون مشاهدة فيديو على "إكس" وأنه لم يكن من الواضح لمعظم المستخدمين ما هي المقاييس المستخدمة، وأظهر الموقع لقطة شاشة توضح عدد مشاهدات الفيديو الفعلي لمقابلة كارلسون مع ترمب، التي تحسب عدد المرات التي يتم فيها تشغيل جزء من محتوى الوسائط على النظام الأساسي وفقاً لإصدار قديم من تطبيق "تويتر"، الذي لم يعد متاحاً للعامة حالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بصرف النظر عن عدد مشاهدات مقابلة الرئيس السابق على منصة "إكس"، فإنه ما زال قادراً على أن يجعل العالم يتحدث عنه طوال الوقت وهو ما يساعده على تخطي كثير من الصعاب التي تواجهه.

مواجهة "فوكس"

ولهذا لم تكن المقابلة مجرد محاولة من الرئيس السابق للتغلب على ثمانية منافسين جمهوريين كانوا يتناقشون في مناظرة على قناة "فوكس نيوز"، بل كان عرضاً صارخاً للانقسامات في وسائل الإعلام اليمينية، والطلقة الأولى في معركة ستختبر ما إذا كانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على تشكيل تحد خطر لأخبار التلفزيون بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وبعدما استخدم كارلسون وترمب (وكلاهما يحتفظان بمشاعر سيئة إزاء قناة فوكس نيوز)، المنصة المملوكة لإيلون ماسك ونجحا في جذب ملايين المشاهدات، واجهت "فوكس"، باعتبارها شبكة الكابل الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة، منافسة غير مسبوقة في لحظة كبيرة خلال نقلها المناظرة التمهيدية الأولى لمرشحي الحزب الجمهوري، على رغم أن المناظرة جذبت 12.8 مليون شخص على قناتي "فوكس نيوز" و"فوكس بيزنس" وهو أعلى تصنيف مشاهدة للأحداث غير الرياضية، وتعد أفضل قليلاً من مناظرة تمهيدية أخرى للحزب الجمهوري على قناة "فوكس نيوز" خلال دورة عام 2016، التي اجتذبت أكثر من 12 مليون مشاهد بمشاركة ترمب.

وفي حين أن الرئيس السابق تحدث عن تراجع التلفزيون كوسيلة مؤثرة مشيراً إلى التقييمات الأفضل لمنصة "إكس"، رأى المدير التنفيذي السابق لشبكة "أن بي سي نيوز" مارك لوكاسيفيتش أن كل جانب سيجد طريقة لادعاء النجاح في جذب المشاهدين. وقال لوكاسيفيتش، الذي يشغل الآن منصب عميد كلية "لورانس هربرت" للإعلام بجامعة "هوفسترا" "لا أعتقد أن الأعمال المثيرة التي حدثت لمرة واحدة مثل مقابلة ترمب مع كارلسون ستغير قواعد اللعبة بالنسبة لـ’فوكس نيوز’".

وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن مقارنة أرقام مشاهدة مقابلة ترمب بشكل مناسب مع نسبة مشاهدة قناة "فوكس نيوز" يكاد يكون من المستحيل، لأن مرات الظهور في "إكس" تمثل إجمالي عدد مرات مشاهدة المنشور، التي يمكن أن تتضمن مشاهدات متعددة بواسطة مستخدم واحد، في حين أن تقييمات التلفزيون بشكل عام هي متوسط عدد المشاهدين الذين تابعوا البث التلفزيوني في أي وقت محدد.

ومثل جميع شبكات الكابل، تواجه "فوكس" تهديدات طويلة المدى تتمثل في شيخوخة المشاهدين مع ابتعاد الشباب عن متابعة التلفزيون وإنهاء كثيرين من الناس خدمة تلفزيون الكابل، ولكن حتى الآن لا يزال نموذج تلفزيون الكابل مربحاً للغاية، حيث تعزز رسوم فاتورة الكابل الشهرية والإيرادات الإعلانية الميزانيات العمومية لشبكات الكابل، ولهذا لا يعتقد كثير من خبراء الإعلام أن يتخلى التلفزيون عن مكانته المتفوقة في وسائل الإعلام السياسية في أي وقت قريب.

وعلى رغم أن قناة "فوكس نيوز" شهدت انخفاضاً في تصنيفاتها في أوقات الذروة منذ رحيل كارلسون، وتواجه بعض المنافسة من شبكات التلفزيون اليمينية المنافسة مثل "نيوزماكس"، إلا أنها لا تزال القناة الإخبارية الأعلى مشاهدة، ويشير جوناثان ألتر الصحافي المخضرم الذي غطى السياسة والإعلام إلى أنه من الصعب على السياسيين أو الشخصيات الإخبارية الأخرى إثارة هذه الضجة لأن مقابلة ترمب مع كارلسون تعتمد على جاذبية الرئيس السابق فقط وتعد حدثاً منفرداً أكثر من كونها نموذجاً يمكن أن يتبعه الآخرون في المناظرات المستقبلية.

المزيد من تقارير