Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دعم المحروقات" يعيد السوريين للاحتجاج ضد النظام

المواطنون يواصلون التظاهر بالسويداء ودرعا وحزب البعث يغلق مقراته

تتزايد الوفود على الساحات العامة للانضمام إلى عصيان مدني لم يحدد موعد نهاية (أ ف ب)

ملخص

ضنك العيش أعاد السوريين إلى المربع الأول للحراك الشعبي... فما القصة؟

دفعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية المئات من العائلات السورية في مدينتي السويداء ودرعا، جنوب سوريا إلى الاحتجاج الشعبي لليوم الثالث على التوالي وسط مطالبات بتعديل قرارات حكومية رفعت بموجبها أسعار المحروقات والمشتقات النفطية إلى عصيان مدني وقطع للطرقات.

شرارة العصيان

الشلل أصاب مدينة جبل العرب "الأشم" كما يحلو للسوريين إطلاق وصف مدينة السويداء والتي تبعد 100 كيلومتر جنوب العاصمة دمشق، وهي معقل للطائفة الدرزية، في المقابل تتزايد الوفود على الساحات العامة للانضمام إلى عصيان مدني لم يحدد موعد نهاية له، بل يتطور بعد إغلاق مقرات سياسية وحزبية تابعة لحزب البعث الحاكم للبلاد، وبالتالي باتت المدينة خارج السيطرة بشكل كلي.

قرار رفع سعر المحروقات الصادر أخيراً في 16 أغسطس (آب) وتشمل المازوت والوقود والغاز نزلت على رؤوس السوريين كالصاعقة، من دون توقع مسبق عن هذا الارتفاع، فالوقود أوكتان (90) ارتفع من 2500 ليرة (دولار واحد بحسب سعر الصرف الرسمي) إلى 8 آلاف (3.19 دولار) وأوكتان (95) من 10 آلاف (4 دولارات) إلى 13500 ليرة (5.39 دولار) بينما حافظت ربطة الخبز على سعرها بحسب وزارة التجارة الداخلية.

في المقابل زادت الحكومة أجور العاملين بالدولة من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين 100 في المئة، لكن الأمر لم يرضِ الموظفين ولا حتى المواطنين ومنهم حرفيون أو عاطلون من العمل مما زاد من سخطهم مع ارتفاع معدلات التضخم الحاصلة كون الوزارة مولت زيادة الرواتب من رفع أسعار المشتقات النفطية.

واعتبر متابعون للشأن السوري الإجراء الحكومي أولى الخطوات نحو رفع الدعم عن الشعب السوري، وهو إجراء لطالما كانت تلوح به للتخفيف من الأعباء المتزايدة على الخزينة العامة، في حين صنف السوريون من قبل منظمات أممية 90 في المئة منه يعيش تحت خط الفقر.

وما زالت الدولة تساهم بالإنفاق على الخدمات من مياه وكهرباء ومشتقات نفطية، والخبز، وكذلك التعليم المجاني، واعتبر فريق من الموالين توقيت رفع الدعم بالخاطئ حيث ما زالت البلاد ترزح تحت حصار جائر، ولا بد من التراجع وفق أحد الناشطين من السويداء الذي وصف التطورات الأخيرة بالمتسارعة "من شعارات تندد بالوضع الاقتصادي إلى شعارات سياسة تطالب بإقالة الحكومة والسلطة".

أجور هشة

في غضون ذلك، اعتبر مراقبون التسعيرة الجديدة للمشتقات النفطية امتصت فعالية وأثر زيادة الرواتب والأجور، وأفقدتها محتواها، بل ودفعت إلى مزيد من ارتفاع لأسعار المنتجات بشكل مضاعف وهو أكثر رفع للأسعار قسوة على المواطنين منذ بداية الحرب السورية، علاوة عن تكبد الليرة مزيداً من الخسارات المتعاقبة أمام العملات الأجنبية.

وظلت السويداء مدينة الاحتجاجات بمنأى عن الصراعات المسلحة التي اندلعت عقب الحراك الشعبي عام 2011، وتمكن الوجهاء ورجال الدين من تشكيل فصائل حماية ذاتية لرد هجمات "داعش" القادمة من البادية، وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 اندلعت احتجاجات حيث هاجم المتظاهرون دار الحكومة ولقي رجل شرطة ومتظاهر مصرعهما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان مجلس الشعب عقد جلسة استثنائية في 24 يوليو (تموز) الماضي بهدف مناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة السورية، وتراجع القوة الشرائية لا سيما من ذوي الموارد المحدودة، ولم يخف رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس ما تشهده البلاد من حالة واضحة من عدم الاستقرار بسعر صرف العملة المحلية.

وذكر رئيس الحكومة في كلمة له آلية التسعير وارتفاع أسعار المنتجات إلى مستويات غير منطقية، والتسبب في تضخم كبير وركود في العديد من القطاعات، وطالب في الوقت ذاته بإجراءات محددة وفورية وبعضها استراتيجي ومنها محلي وأخرى خارجية من دون أن تملك الحكومة هوامش عمل مناسبة.

تراجع حكومي

ومن الواضح عدم قدرة الحكومة على تأمين استقرار الصرف في الأسواق ولو على المدى المنظور، ولعل رئيس الوزراء أوضح ذلك علانية في جلسة البرلمان حينما كشف عن فجوة تمويلية واسعة بين الحاجة إلى النقد الأجنبي لتلبية حاجات البلاد من الطاقة والقمح والمواد الغذائية والأدوية، وكذلك متطلبات الإنتاج، في حين أن كميات محدودة متاحة أمام مصرف سوريا المركزي.

واعتبر الخبير المصرفي عامر شهدا، زيادة الأسعار مخالفة للدستور، إذ تحابي الأثرياء وأصحاب المصالح، كما أن الوفورات السنوية المحققة تساوي أكثر من أربع أضعاف زيادة الراتب، حيث تحقق بعد رفع أسعار المشتقات النفطية وفق أرقام لوزراء النفط والمالية قرابة 6.3 مليار دولار بينما كتلة الأجور والرواتب السنوية تبلغ 1.58 مليار دولار، وذلك وفق أسعار الصرف الرسمية.

وطالب شهدا بتصحيح ما وصفه "أخطاء الفريق الحكومي" من خلال مرسوم لاحق لمرسوم زيادة الرواتب عبر منح تعويض معيشي قدره 150 ألف ليرة (ما يعادل 60 دولاراً بالسعر الرسمي و10 دولارات بالأسعار الموازية) غير خاضعة للضريبة، وكانت الزيادة الأولى بلغت 10 في المئة.

وأضاف الخبير الاقتصادي بهذا يمكن أن يحدث توازن بين ارتفاع سعر المازوت بنسبة 185 في المئة وبين الرواتب، ويعتبر المرسوم تصويباً لعمل الحكومة التي أفضت لرفع الأسعار، وبالتالي رفع سعر المازوت بهذه النسبة، إضافة لرفع سعر بقية المشتقات مواردها تغطي الزيادة والتعويض المعيشي.

ويتوقع شهدا أن هذا الإجراء سيرفع من نسبة الطلب بالسوق ويدفع عجلة الإنتاج، وبالتالي يخفف من نسب التضخم تدريجاً، مع دراسة صندوق تكافل اجتماعي لدعم العاطلين من العمل وأصحاب المهن ذات الدخل المتدني للغاية.

أسباب التدهور

وأرجع مراقبون في القطاع الاقتصادي ما يحدث من تدهور في قيمة الدخل إلى قصور في السياسات الاقتصادية واتباع التفكير التقليدي وتأثير على تدهور القوة الشرائية، منها إهمال سياسات تتعلق بتشجيع الإنتاج الزراعي، مع خضوع مناطق واسعة من ثروات البلاد الباطنية بيد التحالف الدولي، بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية، شمال شرقي البلاد، وطول أمد الحرب والصراع، لا سيما تعرض البلاد إلى الزلزال المدمر في السادس من فبراير (شباط) الماضي وما ألحق من أضرار إضافية بالبنية التحتية.

يأتي كل ذلك وسط تسريبات بالتزامن مع اندلاع الحراك الشعبي المتواصل إلى زيادة بأجور العاملين بالدولة تصل إلى 50 في المئة إلا أن الترجيحات الأولى لن تسكت صوت المطالبين بتحسين الواقع المعيشي، فأسعار الأسواق إلى زيادة غير مسبوقة ولن تلجمها إلا مضاعفة كبيرة للراتب أو إعادة التسعير بكل ما يتوافق مع دخل الفرد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير