Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات إخفاق الاتحاد الأفريقي في تعليق عضوية النيجر؟

يشير إلى الانقسام الحاد في "إيكواس" وحساسية الموقف الراهن لارتباطه بالمواءمات الإقليمية والدولية

الانقسامات وراء إخفاق الاتحاد الأفريقي في تعليق عضوية النيجر (أ ف ب)

ملخص

مراقبون يرون أن السيناريو الأقرب هو الاعتراف بالأمر الواقع، والعمل من أجل إطلاق سراح الرئيس المعزول بازوم، والاتفاق مع المجلس العسكري لتحديد الفترة الانتقالية.

للمرة الثالثة أخفق مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي، في تبني قرار بتعليق عضوية النيجر في الاتحاد. ونقلت مصادر إعلامية ودبلوماسية مطلعة أن اجتماع المجلس الذي عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس الإثنين، واستمر لثماني ساعات، شهد خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء، بين مؤيد ومعارض لقرار التعليق لاعتبارات المآلات المحتملة، بخاصة في ظل الانقسام الحاد بين الأعضاء.

وفي حين تم ترحيل الملف إلى اجتماع مقبل لم يحدد موعد له، فإن المراقبين يرون أن عدم قدرة المجلس على اتخاذ قرار التعليق، يشير إلى حساسية الموقف الراهن في نيامي، لجهة ارتباطه بالمواقف الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل الانقسام الحاد في منظمة "إيكواس" لدول غرب أفريقيا، التي تعد الجهة المنوط بها اتخاذ مواقف حاسمة تجاه الانقلاب، إذ كشفت مواقف الدول الأعضاء بهذه المنظمة عن تباينات حادة، لا سيما بعد اصطفاف كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا بجانب المجموعة العسكرية الحاكمة، وفشل المجموعة الأخرى في تنفيذ تهديدها بالحل العسكري. 

حساب  المكاسب والخسائر 

المتخصص في شؤون الغرب الأفريقي، محمد نهار، يقول إن إخفاق مجلس الأمن الأفريقي في اتخاذ قرار التعليق "يعود لخشيته من أن يؤثر ذلك في تعزيز سلطة الانقلابيين، إذ يعني القرار عدم مشاركة النيجر في أي اجتماعات لاحقة للاتحاد الأفريقي، وهو ما قد يسهم في سحب شرعية حكومة بازوم نفسها، أو التعاطي مع بعض رموزها".

وأضاف "على رغم موقف الاتحاد الأفريقي الواضح بشأن عدم الاعتراف بأي سلطة انقلابية، والسوابق المثبتة في هذا الشأن في تعليق عضوية البلدان التي شهدت انقلابات عسكرية، فإن التجارب الأخيرة لتنامي موجة جديدة من الانقلابات في أفريقيا، تستحق دراسة دقيقة لمكاسب وخسائر قرارات التعليق". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى المتخصص التشادي في شؤون دول غرب أفريقيا أن "تجربة بلاده تظل حاضرة في مداولات مجلس الأمن والسلم الأفريقي، فعلى رغم حدوث تغيير غير دستوري في 2021 في تشاد، فإن المجلس الأفريقي لم يتمكن من تنفيذ قرار تعليق العضوية، لاعتبارات سياسية وأمنية، تتعلق بدور إنجامينا المركزي في منطقة غرب أفريقيا".

وتابع "كما أن حالة الانقسام الواضح، داخل منظمة إيكواس، ألقت بظلالها في اجتماعات مجلس الأمن الأفريقي، إذ ينتظر المجلس مآل المبادرة التي تقودها هذه المنظمة، لا سيما بعد التحرك الواعد للوفد البرلماني التابع للمنظمة تجاه نيامي، مع قبول الانقلابيين بفكرة المحادثات". 

الاحتواء بديل التعليق 

ويقر نهار بأن "الوضع النيجري يزداد تأزماً، نتيجة إصرار الانقلابيين، على رفض أغلب المبادرات، والذهاب نحو  تشكيل الحكومة، وتغيير الولاة وكبار المسؤولين الأمنيين في البلاد، ما يتطلب من مؤسسات الاتحاد الأفريقي، محاولة احتواء الأزمة من خلال منح الانقلابيين فرصاً للعودة عن بعض القرارات، بخاصة بعد إعلان رغبتهم في محاكمة الرئيس المعزول محمد بازوم ومؤيديه بتهم الخيانة العظمى".

ويوضح "لعل هذا التطور الخطير قد دفع المجلس إلى عدم التصعيد، ومحاولة تأجيل قرار التعليق، من أجل الاستفادة من الفرص المتاحة، والضغط في اتجاه عدول الانقلابيين عن فكرة المحاكمة، لا سيما بعد إعلان رئيس الوزراء المعين من قبل قادة الانقلاب، علي الأمين زين، أن رئيس المجلس العسكري الحاكم، قد وافق على بدء المحادثات مع مجموعة دول إيكواس".

الاعتراف بالأمر الواقع 

من جهته، يرى الباحث في العلوم السياسية محمد أغ إسماعيل، أن فشل الاتحاد الأفريقي في اتخاذ قرار تعليق العضوية أو دعم التدخل العسكري، يعود للتباينات القائمة بين دول غرب أفريقيا، في قراءتها للتعاطي مع الشأن النيجري، مؤكداً أن "السيناريو الأقرب هو الاعتراف بالأمر الواقع، والعمل من أجل إطلاق سراح الرئيس المعزول بازوم، والاتفاق مع المجلس العسكري لتحديد الفترة الانتقالية أملاً في العودة إلى النظام الدستوري ولو بعد حين".

وينوه إسماعيل إلى أن اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي للمرة الثالثة، من دون التوصل إلى قرار، لا يختلف كثيراً عن مواقف دول "إيكواس" التي عجزت عن تنفيذ تعهداتها، بشأن اللجوء للخيار العسكري، في حال عدم عدول الانقلابين عن مواقفهم وإعادة الرئيس بازوم لمنصبه خلال أسبوع واحد. 

وأضاف أن "ذلك الموقف قد تجاوزته الأحداث الآن، ليس لرفض الانقلابيين الالتزام به فحسب، بل لأن دولاً فاعلة كالجزائر عارضت بشدة  أي تدخل عسكري في النيجر، فضلاً عن مواقف كل من مالي وبوركينا فاسو وغنينا"، مشيراً إلى أن غالبية الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن والسلم، تتخوف من العواقب الوخيمة لاتخاذ أي مواقف، بخاصة في ظل حالة الانقسام التي تشهدها منطقة غرب أفريقيا. 

صراع دولي وإقليمي 

وينفي الباحث السياسي أن يكون الاتحاد الأفريقي مقتنعاً بجدية الانقلابيين في شأن قبول المحادثات، بالتالي يعمل على منح الفرص لعدولهم عن بعض القرارات، قائلاً إنه "من الواضح أن بعض الدول الأعضاء داخل المجلس تقبل بالأمر الواقع وتؤيده، لأسباب بعيدة من ميثاق المنظمة، وفكرة الاحتواء، وتنزع نحو المصالح السياسية".

ويشير إلى أن "السيناريو التشادي هو الأقرب لقراءة هذه الدول في تعاطيها مع الراهن النيجري"، منوهاً بأن "الصراع في النيجر بدأ يأخذ طابعاً دولياً وإقليمياً، بخاصة مع حضور المواقف الروسية والصينية". ويتابع أن "هناك دولاً في المجلس تدفع بهذا الاتجاه، بصرف النظر عن تأثير ذلك في النظام الدستوري وشرعيته، إذ إنها لا ترى ثمة أولوية للحكم الديمقراطي في هذه القارة".

ويلاحظ إسماعيل أن هناك تراجعاً كبيراً على المستوى السياسي والأمني في ظل الحكم الحالي في النيجر، مؤكداً أن "الجماعات الإرهابية أضحت تستغل الوضع من خلال القيام بعمليات إرهابية كان آخرها مقتل جنود نيجريين الأسبوع الماضي". ولم يستبعد وقوع مزيد من العمليات، فضلاً عن تصاعد الخلافات الداخلية نتيجة استهداف مؤيدي بازوم والزج بهم في السجون، وعدم قدرة نيامي على تحمل العقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول "إيكواس" والمجتمع الدولي، لفترة أطول.

المزيد من تقارير