أمرت الولايات المتحدة الخميس، بأن يغادر موظفوها "غير الأساسيين" البعثات الدبلوماسية التابعة لها في فنزويلا، بينما أعلن رئيس البرلمان الفنزويلي المعارض، خوان غوايدو، الذي نصّب نفسه "رئيساً موقتاً" للبلاد، بأنه لا يستبعد فرضية منح العفو للرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
وصرح غوايدو في مقابلة مع قناة "يونيفيزيون" التلفزيونية: "مثل هذه الأمور تحدث خلال المراحل الانتقالية. يجري النظر في مشروع قانون العفو"، مشيراً إلى أن البرلمان المعارض لمادورو يبحث في مبادرة العفو الخاصة بالموظفين والعسكريين، كونها ستساعد على استعادة الديموقراطية في البلاد.
اجتماع في كندا
معارضة روسية
كما طلبت الولايات المتحدة أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً "علنياً" السبت لمناقشة الوضع في فنزويلا، رغم معارضة روسيا.
من جهتهم، دعا مسؤولون أميركيّون جمهوريّون وديموقراطيّون الخميس، بومبيو إلى إعطاء الأولويّة لسلامة الدبلوماسيين الأميركيين في فنزويلا.
وكان الجيش الفنزويلي وصف إعلان رئيس البرلمان خوان غويدو نفسه "رئيساً بالوكالة" بالانقلاب، بعدما وضع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ثقته في الجيش لمواجهة الدعم الدولي الذي يلقاه غويدو، وتتصدّره واشنطن وحلفاؤها في المنطقة. ونبّه وزير الدفاع فلاديمير بادرينو شعب فنزويلا من "انقلاب" يتمّ على المؤسّسات والديمقراطية والدستور، وضد الرئيس نيكولاس مادورو "رئيسنا الشرعي"، وفق كلامه.
وكانت الحكومة الفنزويلية أعلنت أنّ وزير الدفاع وكبار القادة العسكريين سيدعمون "الرئيس الدستوري للحفاظ على سيادة البلاد".
وتعتمد الحكومة على موقف المحكمة العليا، التي من المتوقع أن تجتمع اليوم الخميس. وكانت أعلى سلطة قضائية في فنزويلا، التي تضم قضاة مؤيدين للنظام، أعلنت قبل وقت قصير من إعلان غويدو أنها أمرت بإجراء تحقيق جنائي بحق أعضاء من البرلمان متهمين بمصادرة صلاحيات الرئيس.
وجاء ذلك بعد إصدار نواب، الثلاثاء، وعداً "بالعفو" عن عسكريين قالوا إنهم يرفضون الاعتراف بسلطة مادورو.
وطالب المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان الخميس، بإجراء تحقيق مستقلّ في ما يتعلّق بسقوط ضحايا خلال التحرّكات الشعبية الأخيرة في فنزويلا.
وشدّد دوجاريك على دعوة الأمين العام للأمم المتّحدة الأطراف المعنيّة كافّة في فنزويلا "للالتزام بحوار سياسي شامل، ذي مصداقية، لعلاج الأزمة في البلاد".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمل، الخميس، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في اللجوء إلى الحوار لتجنّب "تصعيد يؤدي إلى نزاع سيكون كارثياً على سكان البلاد والمنطقة".
وكانت أحياء شعبية في كراكاس شهدت احتجاجات، خلال الليل، بعد يومين من التظاهرات المعارضة والمؤيّدة لمادورو، تخلّلتها أعمال عنف.
وأحصت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان 16 قتيلاً، يوم الأربعاء وحده. وقال المرصد الفنزويلي للنزاع الاجتماعي لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ 13 شخصاً قتلوا خلال يومين من الاضطرابات منذ الثلاثاء، بينما ماتزال تظاهرات 2017، التي قتل خلالها 125 شخصاً، ماثلة في الأذهان في البلد الغني بالنفط الذي يعاني أزمة اقتصادية حادة.
وكان غويدو، البالغ من العمر 35 عاماً، أقسم الأربعاء أمام حشد من معارضي مادورو، أن يتولى رسمياً صلاحيات السلطة التنفيذية الوطنية "كرئيس لفنزويلا لإنهاء مصادرة السلطة وتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات حرة".
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بياناً اعتبر فيه مادورو رئيساً "غير شرعي"، وأن الجمعية الوطنية برئاسة غويدو هي "الهيئة الشرعية الوحيدة لحكومة انتخبها الشعب الفنزويلي وفق الأصول".
أما موسكو فأكدت دعمها للرئيس "الشرعي" مادورو ودانت "اغتصاب السلطة" في فنزويلا، وحذرت من "التدخل الأجنبي" فيها. ورأت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنّ "التدخل الأجنبي المدمر، خصوصاً في الوضع الحالي، غير مقبول... إنه طريق مباشر إلى التعسف وسفك الدماء".
ورد مادورو على الولايات المتّحدة الأميركية بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وأعطى دبلوماسييها 72 ساعة لمغادرة البلاد. وقال أمام مؤيديه خارج القصر الرئاسي في كراكاس "اخرجوا، غادروا فنزويلا، هنا لدينا كرامة".
فردت الخارجية الأميركية بأنها لا تعترف بشرعيّة مادورو، وأنّ قراراته لا تعني شيئاً.
وأعلن الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية اعتراف المنظمة الكامل بغويدو، واتخذت الموقف نفسه 11 دولة في المنطقة.
وفي حين أكدت المكسيك وكوبا وقوفهما بقوة إلى جانب مادورو، وصفت كوبا ما يجري بأنّه "محاولة انقلاب". من جهته، اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمادورو مؤكّداً دعمه له.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى انتخابات حرة، فيما دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أوروبا إلى دعم "إعادة الديمقراطية" إلى فنزويلا.
يشار إلى أنّ مادورو كان تولّى الحكم في 10 يناير (كانون الثاني) لولاية ثانية، رفضتها المعارضة ولم تعترف بها واشنطن والاتحاد الأوروبي والعديد من دول أميركا اللاتينية.
ومنذ الثلاثاء، ندّد مادورو بما وصفه بأنه دعوة إلى "انقلاب فاشي"، بعد تضامن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس مع المعارضة.
وشكلت احتجاجات الأربعاء أول تعبئة حاشدة منذ عام 2017. وأعلن غويدو أن المعارضة تستعد لتنظيم مسيرة ضخمة في الأسبوع الأول من فبراير (شباط).
والاثنين الماضي، حاولت مجموعة من 27 جندياً تنظيم تمرد في ثكنة في شمال كراكاس، لكن سرعان ما تم إيقافها. وفي أعقاب ذلك، سجلت أعمال شغب في الأحياء الشعبية في كراكاس وضواحيها.