ملخص
500 فنان وفنانة يعرضون تجاربهم الحديثة في أتيليه العرب في القاهرة
يستمر في القاهرة حتى منتصف أغسطس (آب)المقبل معرض "مختارات عربية" الذي يستضيفه أتيليه العرب للثقافة والفنون- غاليري ضي. مختارات عربية هو المعرض الأكبر والأكثر تنوعاً بين معارض هذا الموسم في القاهرة نظراً لعدد المشاركين فيه والذي تجاوز الـ 500 فنان وفنانة من 14 دولة عربية يعرضون نحو 2000 عمل فني بين التصوير والرسم والنحت. افتتحت المعرض الفنانة السعودية شاليمار شربتلي في حضور عدد كبير من وسائل الإعلام والفنانين المشاركين. يقام المعرض للعام الرابع في القاهرة بعد قرابة عشرين عاماً على تنظيمه في مدينة جدة السعودية. يسعى الناقد الفني المصري هشام قنديل مؤسس هذا الملتقى السنوي إلى ترسيخ أسس التعاون العربي في مجال الفنون التشكيلية. فبعد اقتصار المعرض على فناني مصر والسعودية منذ انطلاقه في مدينة جدة، أصبح اليوم يستقطب فنانين من كافة أنحاء العالم العربي.
يشهد المعرض هذا العام حضوراً سعودياً لافتاً في مختلف الاتجاهات والأساليب الفنية، مما يعطينا لمحة عن مدى تطور الحركة الفنية في السعودية، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية. بين المشاركين من السعودية على سبيل المثال يبرز الفنانون عبد الله حماس وعبد الرحمن السليمان وشاليمار شربتلي وعلا حجازي ومحمد الشهري ووالفنان الراحل فهد الحجيلان. يضم المعرض كذلك مجموعة متنوعة من أعمال الفنانين المصريين الكبار من أمثال راغب عياد وتحية حليم وحسين بيكار وإنجي أفلاطون وعادل السيوي وجورج البهجوري وعمر النجدي وعصمت داوستاشي، بالإضافة إلى نخبة متميزة من فناني الكويت وسوريا والعراق ولبنان وتونس والمغرب وقطر ولإمارات واليمن والسودان.
الأعمال المشاركة في هذا المعرض تغطي حوالى قرن من الممارسات الفنية العربية، إذ تضم تجارب تصويرية تعود إلى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، هذا إلى جانب أعمال أخرى لفنانين معاصرين. يحظى المعرض برعاية أتيليه العرب للثقافة والفنون في القاهرة وأتيليه جدة للفنون، ويتميز باتساع رقعة العرض وتنوعها. وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من الأعمال المشاركة إلا أن الزائر لا يفتقد شغف التأمل، فلكل فنان من الفنانين المشاركين أسلوبه الخاص وبصمته الواضحة. يتسم المعرض كذلك بمشاركة عدد كبير من التجارب النحتية العربية والمصرية، وهي تجارب تمثل شرائح وتوجهات مختلفة في فن النحت. بين الأعمال النحتية المهمة على سبيل المثال عمل للفنان الرائد محمود مختار، وهو من مقتنيات أتيليه العرب للثقافة والفنون.
بين المشاركات اللافتة في معرض مختارات عربية يطالعنا هذا الحضور البارز لفن الكاريكاتير المصري، إذ تتضمن الأعمال المعروضة عدد كبير من رسوم الكاريكاتير النادرة للفنانين المصريين الراحلين من أمثال حجازي وطوغان ومصطفى حسين. ويعد هذا الحضور اللافت لفن الكاريكاتير في معرض يضم فنون التصوير والرسم والنحت سابقة تحسب لهذا الملتقى. غير أن الأمر هنا لا يقتصر على الكاريكاتير فقط، إذ تطالعنا وسائط أخرى غالباً ما كان يتم إغفال وجودها في مثل هذه العروض الجماعية الشاملة. بين الأعمال المُشاركة في هذا المعرض مثلاً مجموعة كبيرة من الأعمال الهامة لأحد أبرز رسامي الأغلفة في مصر وهو الفنان الراحل جمال قطب. عبر أكثر من ثلاثين عملاً نستطيع أن نتتبع ملامح التجربة الخاصة لهذا الفنان المتميز، والذي رافقت رسومه عدداً كبيراً من الأعمال الروائية والقصصية لكبار الكتاب المصريين، أمثال نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ويحيى حقي وثروت أباظة ومحمد عبد الحليم عبد الله.
بين الأعمال المعروضة ربما يقف الزائر طويلاً أمام لوحات الفنان المصري نور اليوسف (1928 – 2000 ) وهو اسم يبدو مجهولاً للكثيرين في الساحة الثقافية المصرية، رغم تجربة صاحبه المبكرة والمتميزة. من خلال الأعمال التي يمكن مطالعتها للفنان نور اليوسف، وهي حوالي عشرين لوحة مرسومة بخامة الألوان الزيتية نستطيع تبين مدى التمكن والفرادة في معالجاته لها. تعود هذه الأعمال المعروضة إلى فترتي الستينيات والسبعينيات، أما أسباب جهل الكثيرين بأعمال هذا الفنان فربما تعود إلى طبيعة شخصيته، إذ لم يكن الفنان الراحل محباً للاختلاط بالوسط الفني والثقافي، إلى جانب سفره الدائم خارج مصر بحكم عمله كقبطان بحري. المدقق في سيرة اليوسف سيكتشف أنه قد زامل الأخوين سيف وأدهم وانلي حين كانا يدرسان في أتيليه الفنان الإيطالي أوترينو بيكي بمدينة الإسكندرية، حتى أن التأثيرات المشتركة في أعمال الفنانين الثلاثة تبدو واضحة إلى حد كبير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذا ما ساهم كذلك في جهل الكثيرين بهذه الموهبة الرائدة أن اليوسف لم يشارك طوال حياته سوى في معرضين أو ثلاثة في مصر وكان يفضل الابتعاد طوال حياته عن دائرة الضوء. اسم نور اليوسف بدأ يتردد خلال السنوات القليلة الماضية فقط، وكانت أعماله حاضرة في عدد قليل من المعارض الجماعية التي نُظمت في مصر، حيث أثار الانتباه بأسلوبه المتميز. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يعرض له فيها هذا العدد من الأعمال في مناسبة واحدة. ولعل عرض أعماله وسط هذا الحشد الكبير من التجارب العربية المتنوعة من شأنه أن يساهم في تسليط الضوء على هذه الموهبة التي تحمل عبق الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.