ملخص
يثير ازدياد حوادث المرور في تونس تساؤلات في شأن ما إذا كان هناك مشكلات على مستوى القوانين التي تكرسها البلاد لتنظيم السير في الطرقات
كشف الناطق الرسمي باسم الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات أشرف اليحياوي، عن أن بلاده سجلت مقتل 600 شخص وأربعة آلاف جريح خلال السداسي الأول من العام الحالي في حوادث مرور، وهو رقم اعتبره مفزعاً لا سيما في ظل التحذيرات من تصاعد معدلات الحوادث.
وحذرت وحدات الحماية المدنية في تونس، الثلاثاء الماضي، من الوضع، مؤكدة أنها سجلت وفاة 12 شخصاً وإصابة 418 خلال 24 ساعة فقط، على رغم وجود تشريعات مشددة تنظم السير في الطرقات.
إرهاب مروري
تسجل تونس سنوياً نحو ألف قتيل جراء حوادث المرور، وهو ما جعل عديداً من المنظمات والجمعيات تعكف على إطلاق حملات توعية للحد من بعض السلوكات التي تقود إلى هذه الأرقام المفزعة، والتي ترتفع في زمن العطل المدرسية والمهنية.
الناطق الرسمي باسم الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات أشرف اليحياوي يقول لـ"اندبندنت عربية"، "أطلقنا على ما يحدث مسمى إرهاب مروري، وهو إرهاب أخطر من الإرهاب المسلح، لأن مؤشر الخطورة في زيادة، وهو ما يفسر ارتفاع أعداد القتلى، فالسداسي الأول من 2023 شهد ارتفاعاً بأكثر من 31 في المئة في أعداد القتلى جراء هذه الحوادث".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتابع اليحياوي أن "الأسباب عديدة في مقدمتها العنصر البشري، الذي يشمل التهور وعدم احترام الإشارات والقواعد المرورية وغيرها بنحو 75 في المئة ثم العربات، إذ أوضحت دراسة في أواخر 2021 أن أكثر من 52 في المئة من أسطول العربات التي تجوب شوارع تونس يتجاوز عمرها 15 عاماً"، لافتاً إلى أن "طرقاتنا أيضاً مصنفة من أخطر الطرقات في العالم، إذ نحتل المرتبة 138 من جملة 180 دولة في كفاءة الطرق".
وشدد على أنه "يجب تغيير عقلية السلامة المرورية وخلق حس تأميني لدى الناس، فالغالبية الساحقة من قائدي الدراجات النارية لا تقوم بالتأمين، فقط ثلاثة في المئة منهم يفعلون ذلك".
يثير ازدياد حوادث المرور في تونس تساؤلات في شأن ما إذا كان هناك مشكلات على مستوى القوانين التي تكرسها البلاد لتنظيم السير في الطرقات، خصوصاً أن الإقبال على شراء العربات والدراجات النارية لا يزال مستمراً على رغم الأسعار التي تشهد ارتفاعاً جنونياً.
لكن اليحياوي يقول إنه "لا مشكلة في الترسانة القانونية، لكن كل التشريعات بقيت حبراً على ورق، ومشكلتنا الكبيرة في تطبيق القانون وإنفاذه، إذ لا توجد إرادة حقيقية لذلك، ويجب اعتبار ملف حوادث المرور أمراً يتعلق بالأمن القومي، لأنها تؤثر في التعاملات المالية من خلال التأمين وغيره، وأيضاً على المستوى البشري بالتالي القدرة الإنتاجية وغير ذلك".
وأبرز أنه "في السداسي الأول سجلنا أكثر من 600 قتيل وأربعة آلاف جريح، وهي أرقام مفزعة تعكس وجود إرهاب مروري بالفعل".
إجراءات مرتقبة
في ظل استمرار ارتفاع عدد حوادث الطرق تتأهب السلطات في تونس لإطلاق سلسلة جديدة من الإجراءات للحد منها، خصوصاً في ظل الاكتظاظ الذي تعرفه طرقات البلاد.
ويشهد فصل الصيف ارتفاعاً غير مسبوق في حوادث المرور في تونس، خصوصاً بعد عودة الجاليات التي تعيش في عواصم أجنبية، ولجوء كثير من التونسيين إلى استئجار سيارات خلال العطل المدرسية والإجازات المهنية وسط لهفة كبيرة على الشواطئ.
المتحدث الرسمي باسم المرصد الوطني لسلامة المرور التابع لوزارة الداخلية التونسية مراد الجويني، يقول إنه "يجري تصنيف تونس وطرقاتها الآن ضمن البلدان الخطرة في مؤشر السلامة المرورية".
وأشار الجويني إلى أن "البلاد شهدت في الأشهر الماضية مقتل 548 مواطناً، 90 قتيلاً منهم طلاب، وللأسف السلوك اليومي لمستعملي الطريق والمخالفات التي يرتكبونها يخلفان مثل هذه الأرقام المرتفعة والمرعبة".
وحول الأسباب التي تقود إلى هذه الأرقام، قال الجويني إنها "تكمن في السرعة والكحول وعدم وضع حزام الأمان، وتم مثلاً تسجيل حوادث خطرة الأسبوع الماضي"، موضحاً أن "قيادات وزارة الداخلية عقدت اجتماعاً تحت إشراف الوزير، وتم اتخاذ بعض الإجراءات للردع إلى جانب التوعية".
وتابع "انطلقنا في برنامج العطلة الآمنة، وغيرنا طريقة الخطاب عبر الهياكل الرسمية، واعتمدنا تقنية الصدمة لتقليص ارتفاع عدد ضحايا حوادث الطرقات".
عادة ما تراهن السلطات على حملات التوعية لجعل التونسيين يدركون خطورة عدم احترام الإشارات المرورية أو القيادة في حال سكر أو غير ذلك، لكن يبدو أن هذه الاستراتيجيات لم تثمر بعد عن النتائج المرجوة، وهو ما يدفع السلطات إلى البحث عن بدائل مثل تشديد العقوبات أو غير ذلك لردع المخالفين.
في ظل وجود بنية تحتية مهترئة أصلاً، واكتظاظ كبير تعرفه طرقات تونس، من غير المستبعد أن تواصل أرقام الحوادث الارتفاع، وهو ما قد يدفع السلطات إلى إطلاق استراتيجيات جديدة للتخفيف من الأضرار المادية والبشرية.