ملخص
تغيير مرتقب في قانون عالمي من شأنه إلغاء الضرائب الوطنية المفروضة على عمالقة التكنولوجيا مثل "غوغل" و"فيسبوك" و"أمازون"
تحاول أكبر اقتصادات العالم هذا الأسبوع إنقاذ صفقة ضريبية تاريخية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بعد أن هددت الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ بإفشال دفع الشركات متعددة الجنسيات مزيداً من الضرائب حيثما تعمل.
اجتمع ممثلو أكثر من 130 دولة في مقر المنظمة في باريس لمدة ثلاثة أيام من المحادثات حول تطبيق جزء رئيس من صفقة ضريبية رائدة عانت تأخيرات ومشكلات في شأن التصديق.
وعلى جدول الأعمال هناك تغيير في القانون العالمي من شأنه أن يسمح للبلدان بإلغاء المجموعة الحالية من الضرائب الوطنية المفروضة على عمالقة التكنولوجيا مثل "غوغل" و"فيسبوك" و"أمازون".
ويأمل المسؤولون أيضاً أن يمدد الحظر المفروض على ما يسمى بـ"ضرائب الخدمات الرقمية" الذي من المقرر أن ينتهي في بداية عام 2024، حتى يتوصل إلى توافق في الآراء في شأن الإصلاح العالمي.
من دون تمديد من المرجح أن تنشأ حروب تجارية مع قيام الدول بمفردها في محاولاتها لاستعادة مزيد من الإيرادات من أكبر 100 شركة متعددة الجنسيات في العالم تغطيها الصفقة.
آمال معلقة
كما يأمل المفاوضون في تأجيل الحظر حتى عام 2025 بسبب مخاوف من أن بعض الدول ستكافح من أجل التصديق على الاتفاق ومن بينها الولايات المتحدة، حيث يقع المقر الرئيس لعديد من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
وقال شخص قريب من المفاوضات لـ"الفايننشال تايمز" إن المعضلة هي ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكون قادرة على إقناع الكونغرس بالموافقة على أية صفقة يتفق عليها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبينما تدعم إدارة بايدن اتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي اتفق عليه موقتاً في خريف عام 2021، تتطلب تغييرات المعاهدة الضريبية غالبية الثلثين في مجلس الشيوخ للتصديق عليها، إذ يفوق عدد الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الجمهوريين المتنافسين، وكثير منهم يعارضون الصفقة بقوة.
في غضون ذلك، تخشى بعض الأسواق الناشئة أن يؤدي الحل العالمي لفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى - التي يطلق عليها اسم "الركيزة الأولى" في دوائر الضرائب العالمية - إلى خفض عائداتها، وقال شخص قريب من المفاوضات "الهند على وجه الخصوص صعبة للغاية".
تم تصميم التغييرات لتحديث القواعد الدولية بحيث تدفع أكبر 100 شركة في العالم مزيداً من الضرائب حيثما تمارس أعمالها.
وفي الوقت الحالي لا يمكن لوزارات المالية فرض ضرائب على دخل الشركات إلا إذا كانت موجودة فعلياً في بلدهم، وهو نهج لم يعد مناسباً للغرض في عصر الرقمنة.
وسيتطلب النظام الجديد بدلاً من ذلك قيام الشركات متعددة الجنسيات بدفع ضرائب بناء على مكان إجراء المبيعات، وهو تحول تقدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه سيتغير، إذ يفرض ضرائب على أرباح تبلغ نحو 200 مليار دولار.
وعلى وجه التحديد ستنطبق التغييرات على الشركات متعددة الجنسيات التي تزيد إيراداتها على 20 مليار يورو (22 مليار دولار) وهامش ربح يزيد على 10 في المئة، وبالنسبة لتلك الشركات فإن 25 في المئة من أرباحها التي تزيد على هامش 10 في المئة ستخضع للضريبة في البلدان التي لديها مبيعات فيها.
اعتراضات دول على الصيغة
وتتركز اعتراضات الهند والأسواق الناشئة الأخرى على هذه الصيغة، التي يجادلون بأنها ستفضل البلدان المتقدمة، وذلك ببساطة لأن أكبر الشركات متعددة الجنسيات تحقق مبيعات أكثر في الاقتصادات الأكثر ثراء، ويذكر أن الهند لديها أيضاً ضريبة خدمة رقمية يجب أن تتخلى عنها، إذا كانت ستوقع الصفقة.
في حين أدى استياء البلدان النامية في شأن الطريقة التي سارت بها المفاوضات إلى تجاهل بعضهم للحظر المفروض على ضرائب الخدمات الرقمية واتخاذ تدابيرهم الخاصة لفرض ضرائب على عمالقة التكنولوجيا.
وكانت سريلانكا شاركت في الأصل في مفاوضات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكنها قررت في عام 2021 عدم الموافقة على الاتفاق السياسي، واليوم تعاني أزمة اقتصادية خانقة جعلتها تطالب صندوق النقد الدولي بخطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، كما تفكر في فرض ضريبة على الخدمات الرقمية على الأعمال التجارية الإلكترونية.
ومع ذلك قال مصدران للصحيفة، إن البلاد تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي للتخلي عن الخطة والاشتراك في اتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول في الحكومة السريلانكية إن موقف الصندوق هو أن "هذه الضريبة الجديدة ستؤجل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى سريلانكا".
ويرى المحللون أن التدابير الأحادية الجانب ليست الحل الأفضل، والحل الأمثل هو بالتأكيد التعاون، وقالت الرئيسة السابقة للضرائب الدولية في مصلحة الضرائب الأرجنتينية التي شاركت في المحادثات حتى يناير (كانون الثاني) الماضي فيرونيكا جروندونا، إن الحل الأكثر واقعية للدول النامية الآن هو اتخاذ إجراءات أحادية الجانب.
في وقت تشعر الشركات التي كافحت للامتثال لترتيب الترقيع الحالي بالقلق من احتمال كسر الصفقة.
وسبق أن حذرت غرفة التجارة الدولية الشهر الماضي من أن أهمية وجود "نظام ضريبي مستقر ويمكن التنبؤ به للشركات"، وقالت في رسالة إلى أمانة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الشهر الماضي إن المعاهدة العالمية المصدق عليها والمنفذة على نطاق واسع هي وحدها القادرة على "تحقيق هذا الهدف".
وتختتم المحادثات غداً الأربعاء، في حين يهدف المفاوضون إلى نشر نص متفق عليه في شأن تغيير القواعد العالمية، الذي يعتبرونه خطوة مهمة نحو المضي قدماً في حفل التوقيع قرب نهاية هذا العام، ومن المتوقع أن تصادق الدول عليه في هيئاتها التشريعية بعد ذلك.
ومع ذلك حتى إذا توصل إلى اتفاق موقت هذا الأسبوع في باريس، قال شخص قريب من المفاوضات إنه "ليس من الواضح" ما إذا كان سيكون هناك "كتلة حرجة" من الموقعين بحلول نهاية عام 2023.