هل أنهى الاحتراف انتماء لاعبي كرة القدم للأندية؟

"انتماء اللاعبين"... عبارة نسمعها ونرددها وكانت دائماً مرتبطة بكرة القدم في المقام الأول، إلى أن بدأت تتلاشى، أخيراً، ويختفي معها الارتباط بفريق واحد، ليطرح تساؤلات هل ما زال الانتماء بين اللاعبين لأنديتهم موجوداً، أم أن عصر الاحتراف وجلب الصفقات قضى عليه وأصبح مجرد كلمة تكتب وتردد فقط وأصبح عكسها "الخيانة" كما يحلو للجماهير تسميتها؟

احتراف وانتماء

قال لاعب المنتخب المصري المعتزل أحمد حسن، الذي يعد من بين أكثر من مثل منتخب بلاده وكان عميداً للاعبي العالم، "أصبح الانتماء مجرد شعار يتغنى به اللاعبون، لأن الأموال باتت هي الحاكمة في عالم كرة القدم، والأمر برمته أصبح مغلفاً تحت شعار الاحتراف، فحينما تتحدث مع لاعب ترك ناديه وذهب لغريمه يكون رده إننا في عصر الاحتراف".

وأضاف حسن "لست ضد الاحتراف وتطور اللاعبين، لكن لا بد من مراعاة الجماهير، فكل لاعب يترك ناديه الأصلي وينتقل لناد منافس يترك معه أثراً سلبياً في نفوس الجماهير التي طالما نادت باسمه"، لافتاً إلى أن "الانتماء لم يعد موجوداً بالشكل الكامل في منظومة كرة القدم سوى لدى الجماهير فقط، لأنها فقط من تحمل الولاء لفرقها اسماً وصفة وفعلاً من دون أي مقابل، لكن باقي أعضاء المنظومة يحصلون على المقابل ولا يفكرون بعواطفهم".

وأشار عميد لاعبي العالم الأسبق إلى أن "هناك لاعبين لا يلعبون سوى في فريق واحد طوال مسيرتهم، وآخرون لا يستمرون مع أنديتهم ويرحلون، وكذلك من يعتزلون صغار السن لعدم قدرتهم على اللعب في ناد آخر سوى الذي تربوا فيه".

أيقونة توتي

فرانشسكو توتي قيصر روما الذي عشقته جماهير إيطاليا كلها، قضى مسيرته كلها في عالم كرة القدم مع فريق الذئاب الإيطالي، ولعب مع الفريق الأول لروما منذ موسم 1992-1993، وحتى موسم 2016-2017 عندما أعلن اعتزاله كرة القدم، توج خلالها ببطولة الدوري الإيطالي مرة وحيدة، وكأس إيطاليا وكأس السوبر مرتين.

خيانة كروية

بعض جماهير كرة القدم اتهمت عديداً من النجوم بـ"الخونة" بعد أن رحلوا عن أنديتهم وفضلوا خوض تجربة جديدة في مسيرتهم الاحترافية بالانتقال إلى الغريم التقليدي أو النادي المنافس، وهؤلاء هم الأبرز في تاريخ اللعبة.

مانويل نوير حارس بايرن ميونيخ الألماني وصفته جماهير شالكه بالخائن بعد رحيله للفريق البافاري، وليوناردو بونوتشي الذي انتقل إلى ميلان الإيطالي في خطوة مفاجئة بعد مشوار تاريخي مع مواطنه يوفنتوس قبل أن يعود إلى اليوفي من جديد.

وجاء ضمن هذه القائمة المطولة، سول كامبل الذي رحل عن توتنهام هوتسبير الإنجليزي لينضم إلى جاره أرسنال ليتم وصفه بـ"المرتزق"، وكذلك ماتس هوملز غادر اللاعب صفوف بايرن ميونيخ ليلعب بقميص الغريم التقليدي بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.

ويعد لويس فيغو النجم البرتغالي الشهير وإحدى أساطير كرة القدم في العالم أكبر عدو لجماهير برشلونة الإسباني بعد انضمامه للغريم التقليدي ريال مدريد عام 2000.

ومن بين هؤلاء ماريو غوتزه، بعد مغادرته فوف فريق بوروسيا دورتموند عام 2013 نحو الغريم التقليدي بايرن ميونيخ، بعد أن سدد قيمة الشرط الجزائي في عقده والمقدر بنحو 37 مليون يورو (40.6 مليون دولار).

الظاهرة رونالدو

لعب الأسطورة والظاهرة رونالدو البرازيلي بقميص برشلونة موسم 1996-1997 قبل أن يلعب مع الغريم التقليدي ريال مدريد بين عامي 2002 و2007 لكنه يحظى بحب جماهير الناديين حتى الآن، وهذا يعتبر الحالة الشاذة في هذه القائمة.

وكارلوس تيفيز تم اعتباره خائناً بعد رحيله عن صفوف مانشستر يونايتد الإنجليزي لينضم إلى جاره السيتي عام 2009، أما السويدي زلاتان إبراهيموفيتش فهو الأغرب فبعد أن لعب مع عمالقة الكرة الإيطالية المتنافسين وجهاً لوجه يوفنتوس والإنتر وميلان، لم يتم نعته بالخيانة حتى وصفته جماهير فريق مالمو السويدي، أخيراً، بـ"الخائن" لشرائه أسهماً للنادي المنافس هاماربي.

إعدام دمية

وفي أشهر الوقائع يأتي ماتيو فالبوينا نجم وسط مارسيليا ومنتخب فرنسا الذي قضى وقتاً طويلاً مع فريقه، قبل أن يرحل إلى دينامو موسكو، ويعود منه إلى ليون الغريم التقليدي لمارسيليا، لتنتفض جماهير الأخير ضد اللاعب ويقومون أيضاً بشنق دمية تحمل صورته.

وانتقل المهاجم الأرجنتيني جونزالو هيغوين إلى فريق يوفنتوس صيف 2016 من نابولي كأغلى صفقة في تاريخ إيطاليا مقابل 90 مليون يورو، وهي الصفقة التي تسببت في حالة من الغضب لدى مشجعي نابولي ضده بسبب رحيله للعدو اللدود اليوفي.

ماونت وتشيلسي

هاجم عدد من جماهير تشيلسي الإنجليزي عبر منصات السوشيال ميديا، نجم فريقهم السابق ماسون ماونت الذي انتقل إلى صفوف مانشستر يونايتد في صفقة بقيمة 60 مليون جنيه استرليني (77 مليون دولار)، وهو آخر الصفقات التي فتحت جراح الانتماء واتخاذ الاحتراف شعاراً للمرحلة.

على رغم نوبة الغضب، يشك المشجعون في أن ماونت، الذي يتقاضى الآن 200 ألف جنيه استرليني (257 ألف دولار) أسبوعياً في يونايتد، سيهتم كثيراً بهجوم الجماهير عليه.

وغادر ماونت تشيلسي بعد 18 عاماً قضاها مع النادي، وتخرج من أكاديميتهم واقتحم الفريق الأول عام 2019، كما غادر اللاعب البالغ من العمر 24 سنة بميدالية الفوز بدوري أبطال أوروبا باسمه. وقال "ليس من السهل أبداً مغادرة النادي الذي نشأت فيه، لكن مانشستر يونايتد سيقدم تحدياً جديداً مثيراً للمرحلة التالية من مسيرتي".

وأضاف ماسون "بعد أن تنافست ضدهم، أعرف مدى قوة الفريق الذي سأنضم إليه، ولا أطيق الانتظار لأكون جزءاً من حملة هذه المجموعة للفوز بالألقاب الكبرى، ويمكن للجميع أن يروا أن النادي خطا خطوات كبيرة إلى الأمام تحت قيادة إريك تن هاغ".

وتابع ماونت "بعد أن التقيت المدرب وناقشت خططه، لا يمكنني أن أكون أكثر حماساً للمواسم المقبلة، وأنا مستعد للعمل الشاق المتوقع هنا، أنا طموح للغاية، وأعلم كم هو رائع الفوز بالألقاب الكبرى وما يتطلبه الأمر للقيام بذلك"، مستطرداً القول "سأقدم كل شيء لتجربة ذلك مرة أخرى في مانشستر يونايتد".