Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخروج غير المنظم والاقتصاد البريطاني

من التداعيات المباشرة أن ترتفع تكاليف الأغذية متأثرة بالتعريفة الجمركيَّة ورسوم الواردات

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق ارتفعت نسبته إلى 30٪ في أكتوبر من هذا العام (رويترز)

الخروج غير المنظّم يُقصد به أن يحلّ اليوم الـ31 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019 دون أن يتوصَّل الطرفان بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن فك الارتباط وطبيعة العلاقة المستقبليَّة. بعد مضي أربعين عاماً ويزيد على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي اختار البريطانيون الخروج في استفتاء يونيو (حزيران) 2016.

29 مارس (آذار) 2019 هو التاريخ الذي كان يجب أن تخرج فيه بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن قامت تيريزا ماي بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة في مارس (آذار) 2017 (المادة التي تنظم عملية خروج أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي). وهذه سابقة، إذ لم تتقدم أي دولة بتفعيل هذه المادة.

وحسب المعاهدة يجب أن تغادر بريطانيا بعد 24 شهراً من تفعيل المادة 50، ونسبة لتعقيد عملية فك الارتباط وحالة الانقسام الداخلي ببريطانيا تقدَّمت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة بطلب لتمديد الخروج إلى 7 أشهر حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وفشلت في إقناع البرلمان في الموافقة على خطة الخروج التي تحتوي على شبكة الأمان back stop لتنظيم الحدود بين إقليم أيرلندا (جزء من المملكة المتحدة) وجمهورية أيرلندا (جزء من الاتحاد الأوروبي)، وهي الحدود البريَّة الوحيدة التي تربط بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ثم استقالت تيريزا ماي بعد فشلها في الحصول على تصويت البرلمان على خطة الخروج لثلاث مرات وخلفها بوريس جونسون في رئاسة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء، الذي يعتبر أحد صقور البريكست.

وفي أول تصريحاته قال "بحلول الـ31 من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 سنخرج من الاتحاد الأوروبي باتفاق أو دون اتفاق''. تراجع الجنيه الإسترليني متأثراً بهذه التصريحات إلى أدنى مستوى له في 28 شهراً إلى دون مستوى 1.2100، وبلغ تراجع العملة البريطانية نحو 16.7٪ منذ تصويت الخروج قبل ثلاثة أعوام، أشار استطلاع predictlt.org إلى ارتفاع نسبة توقعات خروج بريطانيا في التاريخ المحدد ارتفعت بـ50٪، مقارنة بـ33٪ في استطلاع سابق. 

الجنيه الإسترليني يترنح في يوليو 
خَسَرَ الجنيه الإسترليني نحو 7٪ خلال الثلاثة أشهر الماضية، وفقد 4٪ مقابل الدولار الأميركي في شهر يوليو (تموز) 2019. الهبوط الشهري الأكبر للعملة البريطانية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وتراجع إلى 1.2090 بعد تصريحات بوريس جونسون وتصريحات ميشيل غوف المكلَّف بملف البريكست، الذي قال إن "الإدارة البريطانيَّة تعمل على التحضير للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق". الجنيه الإسترليني كان يتداول فوق مستوى 1.3100 قبل شهرين من تولي جونسون رئاسة الوزراء، وكان يتداول عند مستوى 1.2500 قبل أسبوعين من فوز جونسون في سباقه نحو رئاسة الوزراء. خلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو (تموز) 2019 الجنيه الإسترليني تراجع للأسبوع الـ13 على التوالي مقابل اليورو.

في أحدث استطلاع لتوقعات البنوك أجرته وكالة بلومبيرغ، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق ارتفعت نسبته إلى 30٪ في أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، وارتفع هذا الاحتمال بثلاثة أضعاف مقارنة باستطلاع شهر فبراير (شباط) 2019، ويتوقع أن يخسر الجنيه الإسترليني 9٪، وتراجع إلى 1.10 مقابل الدولار الأميركي. 

تداعيات الخروج غير المنظم على الاقتصاد البريطاني 
قوانين منظمة التجارة واحدة من الخيارات بشأن العلاقة التجاريَّة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد الخروج دون اتفاق، وهذا يعني مزيداً من العقبات ستواجه التجارة مقارنة بما قبل فك الارتباط، وتعني أيضاً تطبيق التعريفة الجمركيَّة على السلع والبضائع.

في 2018 بلغت صادرات بريطانيا للاتحاد الأوروبي 46٪ من إجمالي الصادرات، وهذا يعني أن العلاقة التجاريَّة المستقبليَّة تأخذ أهميتها من حجم التبادل التجاري بينهما، على صعيد الخدمات المالية ستفقد بريطانيا أهم مميزاتها التفضيلية، وهي الـpasporting، ويعني تقديم الخدمات المالية لكل دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 500 مليون نسمة من المركز المالي بلندن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حذَّر مارك كارني رئيس بنك إنجلترا المركزي من تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وقال هذا من شأنه إحداث ''صدمة فورية للاقتصاد''، إضافة إلى تحذيرات سابقة من بنك إنجلترا المركزي. من الأسئلة الملحة ماذا سيفعل البنك لمساعدة الاقتصاد في تفادي مخاطر هذه الصدمة؟ المطلوب هو خفض سعر الفائدة، لكن سيكون صعباً في ظل ضعف نمو الاقتصاد.

بنك إنجلترا المركزي خفَّض توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني هذا العام إلى 1.5٪ مع تصريحات كارني التي توقع أن يكون تأثير الخروج تضخمياً. مع تراجع الجنيه الإسترليني يتوقع أن يرتفع التضخم الذي سيكون مصحوباً بضعف نمو الاقتصاد، ما يعقّد مهمة بنك إنجلترا المركزي بشأن خفض سعر الفائدة. توقع البنك أن كل هبوط في سعر صرف الجنيه الإسترليني بـ5٪ سينتج عن ذلك ارتفاع معدل التضخم بـ1٪.

من التداعيات المباشرة لعملية الخروج غير المنظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير ذلك في أسعار الغذاء. 30٪ من الغذاء في بريطانيا يأتي من الاتحاد الأوروبي، متوقع أن ترتفع تكاليف الأغذية متأثرة بالتعريفة الجمركيَّة ورسوم الواردات، إضافة إلى تأخير وصولها إلى الأسواق البريطانية. تشير توقعات مكتب الميزانية إلى أن أسعار المنازل ستنخفض بـ10٪ مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

هذا التراجع في حال حدوثه سيوفر فرصاً للاستثمار في السوق العقارية البريطانية مع هبوط سعر العقارات، وانخفاض سعر الجنيه الإسترليني (حدث هذا بعد تصويت الخروج في يونيو "حزيران" 2016). يتوقع مكتب الميزانية أن يتقلص حجم الناتج المحلي الإجمالي بـ2.00٪، وأن ترتفع نسبة البطالة إلى فوق الـ5.00٪. الأسواق تترقب صدور بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني للفصل الثاني من 2019 يوم الجمعة من هذا الأسبوع، وترتفع المخاوف من تسجيل انكماش سيكون هو الأول منذ 2012. 

الحكومة البريطانية تستعد للخروج من غير اتفاق 
في يونيو (حزيران) 2018 أعلنت الحكومة البريطانية ترتيبات الاستعداد لمواجهة الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وحددت عدداً من القطاعات تعمل على ذلك، مثلاً قطاع الرعاية الصحية وزيادة مخزونات الأدوية، وتحديداً ذات الصلاحية القصيرة تفادياً لتعقيدات سلاسل الإمداد بعد الخروج. 

صرح رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون أنه غير مستعد للقاء قادة أوروبا لمناقشة خروج بلاده ما لم يتغير موقف قادة بروكسل السابق من اتفاق الخروج. على صعيد ترتيبات الحكومة والاستعداد للخروج دون اتفاق، صرح ساجد جاويد وزير مالية الحكومة البريطانية أن "حكومته أقرت زيادة حجم الميزانية لمجابهة تداعيات الخروج غير المنظم من الاتحاد الأوروبي بـ2.6 مليار دولار ليرتفع المبلغ الإجمالي إلى 7.6 مليار دولار"، وصرَّحت أنها ستقوم بإلغاء الرسوم الجمركية على البضائع المقبلة من الاتحاد الأوروبي فور الخروج دون اتفاق. في المقابل لم يلتزم الاتحاد الأوروبي بهذا الإجراء نفسه.

على صعيدٍ سياسيٍّ آخر صرَّح زعيم حزب العمال جيرمي كوربين أنه سيدعو إلى التصويت بعدم الثقة في بوريس جونسون عندما يعود البرلمان البريطاني في 3 سبتمبر (أيلول) 2019، وذلك لمنع جونسون من إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وإذا خسر بوريس جونسون هذا التصويت سيكون أمام الحكومة 14 يوماً لتحصل على الثقة في البرلمان، وإذا لم تستطع ستذهب بريطانيا إلى انتخابات خلال 25 يوماً كحد أدنى.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد