Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البلاديوم المعدن الأبيض الذي تفوق على الذهب

يستخدم في تقنية محولات تحفيز وقود السيارات لتقليل الانبعاثات الكربونية وارتفع سعره إلى 1523 دولاراً خلال 2019

سبائك من البلاديوم داخل مصنع بروسيا (رويترز)

البلاديوم ينتمي إلى مجموعة المعادن البلاتينية "PMGs"، هو معدن ثمين ونادر، ومن خصائصه مقاومة التآكل والحرارة الشديدة، يستخدم في تقنية محولات تحفيز محركات الوقود للتقليل من انبعاث الغازات الضارة، ويتم الحصول عليه كمنتج ثانوي من عملية تعدين البلاتين والنيكل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في يناير (كانون الثاني) 2019 ارتفع سعر البلاديوم فوق مستوى سعر الذهب للمرة الأولى خلال 17 عاما، يبلغ سعره الآن 1523 دولار لكل أوقية "أونصة".

المعدن الأبيض ارتفع فوق الـ1600 دولار مرتين منذ بداية هذا العام بـ27.2٪ (مقارنة بالذهب الذي بلغت مكاسبه 12٪ منذ بداية العام)، وبلغ الارتفاع خلال الـ12 شهرا حتى يوليو 2019 71.2٪ (الذهب مكاسبه خلال الـ12 شهر بلغت 16٪)، وبهذا تفوق البلاديوم بلونه الأبيض على المعدن الأصفر من حيث العائد.

 المعادن الصناعية الثمينة إضافة إلى مكانتها في المحفظة الاستثمارية نجد أن استخداماتها الصناعية وميكانزمات العرض والطلب تحدد سعرها، مثلا البلاديوم يستخدم في تقنية محولات تحفيز وقود السيارات لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكان العام 2018 مميزا للبلاديوم بعدما فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات اقتصادية على روسيا، التي تعتبر الدولة الأولى عالميا في إنتاج وتصنيعه، وقفزت أسعاره وتجاوزت الذهب في ديسمبر (كانون الأول) 2018 للمرة الأولى خلال 18 عاما.

البلاديوم وصناعة السيارات

يستخدم 70-80% من إنتاج البلاديوم في صناعة السيارات، ويعمل كمحفز لخفض انبعاث الكربون من عوادم السيارات، إذ يحول 90٪ من الغازات الضارة المنبعثة من عوادم السيارات مثل أول أوكسيد الكربون والهايدروكربونات إلى ثاني أوكسيد الكربون وبخار ماء ونيتروجين (الأقل ضررا)، وتستخدم أغلب مصانع السيارات المعادن الثمينة في قطع عوادم السيارات لتنقية مخلفات عملية الاحتراق، التي تتم في ماكينات هذه السيارات، وأشهر المعادن المستخدمة البلاتين والبلاديوم.

وفي ثمانينيات القرن الماضي كان البلاتين يستخدم بكثافة، مثلا في منتصف العام 1986 كان سعر البلاتين عند مستوى 450 دولارا، بينما كان سعر البلاديوم 125 دولارا، وقامت شركات تصنيع السيارات بزيادة الاعتماد على معدن البلاديوم في تقنية المحولات التي تستخدم في عوادم السيارات، وتبعا لذلك ارتفع الطلب عليه، وارتفع سعره إلى ما يزيد على  الـ1000 دولار في 2001، وكانت شركة فورد تستخدم نصف البلاديوم في قطاع السيارات بأميركا الشمالية حوالي 1.5 مليون أونصة، وفي نفس العام زاد إنتاج مناجم التعدين في جنوب أفريقيا وروسيا، وتراجعت أسعار البلاديوم حينها إلى 350 دولارا، وتكبدت شركة فورد خسارة بلغت مليار دولار حينها لسوء إدارة مخزوناتها من البلاديوم.

وفي 2015 اعترفت شركة "فلوكس فاغن" بالتحايل على اختبارات انبعاثات عوادم سياراتها التي تعمل بالديزل، واعترفت بوجود حوالي 11 مليون سيارة مزودة بأداة خداع الانبعاثات  defeat device، وتناول الإعلام هذه الحادثة حينها وأطلق عليها "فضيحة فلوكس فاغن"، وقررت الشركة سحب 500 ألف سيارة من السوق الأميركية بخسارة بلغت 6.5 مليار يورو، وتأثر سعر البلاتين سلبا بهذه الفضيحة، وتراجع إلى 925 دولاراً في 2015، وكان السعر الأدنى لهذا المعدن في ست سنوات. أغلب السيارات التي تعمل بالديزل تستخدم البلاتين، وفي المقابل كان سعر البلاديوم 690 دولارا  في 2015 وارتفع الطلب عليه بصورة ملحوظة على ضوء فضيحة سيارات الديزل لفلوكس فاغن، حيث تراجع الطلب على سيارات الديزل في أوروبا وارتفع الطلب على السيارات التي تعمل بالبنزين التي تستخدم البلاديوم في عوادم هذه السيارات، وارتفع سعر البلاديوم إلى 770 دولارا في 2016 ثم تجاوز السعر الألف دولار في 2017، وارتفع السعر إلى 1200 دولار في 2018، وهذا العام 2019 ارتفع السعر فوق 1600 دولار.  

وفي فبراير (شباط) 2019 اتفق البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي على تقليص الانبعاثات الكربونية من السيارات بـ30٪ بحلول 2030، يدفع الاتحاد الأوروبي مصنعي السيارات لتصنيع سيارات ذات انبعاثات أقل. وتفرض الصين ضوابط بشأن انبعاثات الكربون وتستهدف تخفيضها بـ28٪.

نقص إمداد البلاديوم وزيادة الطلب عليه

وتتوقع شركة نوريلسك الروسية Norilsk التي تنتج حوالي 40٪ من الإنتاج العالمي لهذا المعدن الأبيض أن تبلغ الفجوة بين العرض والطلب على البلاديوم 600.000 أوقية في 2019 وتتوقع أن يتجاوز الطلب 11 مليون أوقية، وترجح بعض تقارير البحثية أن تبلغ الفجوة 800.00 أوقية هذا العام مع ندرة هذا المعدن وارتفاع الطلب عليه من قطاع صناعة السيارات في أوروبا والصين التي تواجه ضوابط مشددة بشأن الانبعاثات الناتجة عن الحرق في محركات السيارات، مما دفع الأسعار للارتفاع.

وهناك عجز في الإمداد منذ العام 2012 فالمعروض من المعدن أقل من الطلب، ومتوقع أن تستمر هذه الفجوة حتى تستحدث بدائل من معادن أخرى، وبالنسبة لخريطة الطلب الخاص بقطاع تصنيع السيارات أرقام 2018 تشير إلى أن الطلب يأتي من الصين، وأميركا الشمالية وأوروبا وكذلك اليابان، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب من قطاع السيارات في 2019 حوالي 9.496 مليون أوقية، نصيب الصين منها 2.5 مليون أوقية، وأوروبا 2.2 مليون أوقية، بينما أميركا الشمالية حوالي مليوني أوقية (حسب تقرير جونسون ماتي)، ونتيجة لعجز الإمداد نشطت أسواق إعادة التدوير بإعادة فصل البلاديوم مرة أخرى من القطع التي يضاف إليها في عوادم السيارات، وأصبحت رافدا من روافد الإمداد لهذا المعدن النادر.

بعد ارتفاع سعر معدن البلاديوم خلال السنوات الماضية عاد الزخم لسوق إعادة التدوير بحوالي 3 ملايين أوقية من البلاديوم في 2018، ويطلق على إعادة تدوير هذه السوق "السوق الثانوية" التي سجلت نموا بـ11٪ في 2018 وزيادة بلغت 20٪ في 2017، ويتوقع أن يرتفع عجز الإمداد إلى مليون أوقية في 2020 وهو ليس بعيدا من هذه التقديرات في 2019.

أدوات الاستثمار المرتبطة بالبلاديوم

أشهر الأدوات الاستثمارية صندوق متداول في البورصات ETF يسمى PALL، وهو الصندوق الوحيد المسجل في بورصة نيويورك، وتبلغ موجودات هذا الصندوق من البلاديوم 640.000 أونصة من المعدن، مخزنة في لندن وزيورخ بمخازن جي بي مورغان، نسبة للطلب المرتفع أخيرا على التسليم الفوري بعلاوة تتجاوز السعر.

واستمر هذا الصندوق في سحب جزء من الموجودات المخزنة من البلاديوم في الأسبوع الثالث من شهر يوليو (تموز) 2019، وهو الأسبوع الثالث عشر على التوالي من انخفاض موجودات الـETF، وتم تسييل حوالي 138.000 أونصة من البلاديوم منذ بداية العام لتنخفض الكمية الإجمالية بـ18٪ من حيازة الصناديق الاستثمارية المتداولة في البورصات من البلاديوم، وفي العام 2014 كانت تحتفظ صناديق الـETF بحوالي 3 ملايين أوقية من البلاديوم  في الخزائن.

وخلال الأربعة سنوات قامت هذه الصناديق بتسييل ما يعادل 2.2 مليون أوقية، حسب التقرير الذي نشرته شركة جونسون ماثي في شهر مايو (أيار) 2019، لارتفاع الطلب على التسليم الفوري. أيضا يمكن للمستثمرين الراغبين في الانفتاح على هذا المعدن بالاستثمار في أسهم الشركات المتخصصة في البلاديوم عبر امتلاك سبائك المعدن أو قطع معدنية منه، إضافة إلى ذلك توفر بورصة نيويورك عقوداً مستقبلية من البلاديوم عبرComex Exchange، ويستخدم هذا النوع من العقود غالبا بغرض التحوط ضد تقلبات الأسعار، ونظرا لصغر حجم سوق البلاديوم، فإنها تشهدا تذبذبا عاليا في أسعاره.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد