Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل دخلت الجزائر معركة الأمن المائي؟

السلطات تركز على ضرورة إيجاد حلول مسبقة ومتخصصون: دليل على إدراك الدولة للأخطار المقبلة

محطات تحلية ومعالجة المياه إحدى أهم البدائل لمواجهة الفقر المائي (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

التشديد على وضع مسألة المياه المسترجعة ضمن الأولويات وتحديد 40 في المئة كنسبة يجب الوصول إليها على المدى القريب بهدف استخدامها في الري الفلاحي والصناعة... هل يخففان من ضغط شح المياه في الجزائر؟

بين الأرقام والواقع دخلت الجزائر معركة الأمن المائي، فبينما تعد الاحتياطات الجوفية استراتيجية، لكنها غير مستغلة، يبقى ضمان التزود بالمياه الصالحة للشرب وسقي الأراضي الفلاحية متذبذباً بسبب ارتباط الأمر بتساقط الأمطار والمياه السطحية، مما جعل الالتفات إلى تأمين الموارد المائية في صلب اهتمامات السلطات.

وتأتي مناقشة موضوع المياه في اجتماع مجلس الوزراء الجزائري برئاسة الرئيس عبدالمجيد تبون، هذا الأسبوع، لتكشف عن حقيقة الانشغال الذي بات يشكل صداعاً للسلطة، وقد تم التشديد على وضع مسألة تثمين المياه المسترجعة ضمن أولويات العمل الحكومي، حيث حدد 40 في المئة كنسبة يجب الوصول إليها على المدى القريب، بهدف استخدامها في الري الفلاحي والصناعة بالنظر إلى أهمية هذين القطاعين في السياسة التنموية للبلاد، وضمان الأمن المائي الذي يعد من أبرز التحديات التي تعمل الدولة على رفعها على المديين المتوسط والبعيد في ظل الشح الذي تعانيه البلاد بسبب قلة تساقط الأمطار.

وطالب تبون بإجراء تحديد دقيق لنسبة المياه المسترجعة وفق عمليات التصفية، وكذا تحديد الحاجات وطنياً، كما أمر بإحصاء تقني لكل محطات التصفية بكل بلدية وولاية بهدف تحديد قدرات الإنتاج، فضلاً عن تسجيل الحاجات لتطوير الميكنة الخاصة بهذا القطاع ضمن برنامج الحكومة، مع إعطاء الأولوية للولايات التي لا تعالج فيها المياه المستعملة لاستخدامها في المجال الفلاحي مباشرة بدل اللجوء للمياه الجوفية المصنفة في الاحتياط الاستراتيجي.

استنفار حكومي

استنفرت وزارات الداخلية والموارد المائية والفلاحة والصناعة والبيئة مصالحها على أوسع نطاق لإنشاء مخطط استعجالي لسن سياسة جديدة لاقتصاد المياه وطنياً والحفاظ على الثروة المائية الجوفية، مع تعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي، تجنباً لتداعيات الأوضاع المناخية الصعبة التي يمر بها العالم مع المراقبة الصارمة لتراخيص استغلال المياه الجوفية لسقي المساحات المزروعة، موازاة مع تسليط أقصى العقوبات ضد أعمال حفر الآبار غير المرخصة، من خلال تفعيل دور شرطة المياه التي تختص بمراقبة مجالات استعمال المياه في كل المجالات ومحاربة التبذير لمراقبة استغلال المياه عبر الوطن.

ويبدو أن ضعف الاستشراف واستباق الأزمات زاد من تعميق أزمة المياه في الجزائر، على رغم تنبيهات متخصصين وتقنيين إلى هذه الوضعية منذ 2017، والتي أفرزها الوضع المناخي الطبيعي في العالم، لتتحول تلبية الطلب المتزايد على المياه إلى التحدي الأكبر للدولة، كما يمثل الحفاظ على الثروة المائية تحدياً آخر لا تقع مسؤوليته على الدولة فحسب، إنما على أفراد المجتمع باعتبارهم عنصراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة.

طبقة المياه الجوفية تغطي معظم الصحراء الجزائرية والتونسية وتمتد إلى ليبيا، 70 في المئة منها توجد في الأراضي الجزائرية، وتعد أكبر احتياط للمياه العذبة في العالم، ويحتوي على أكثر من 50 ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة التي هي نتيجة التراكم الذي حدث خلال الفترات الرطبة التي تتالت منذ مليون سنة، أي في مرحلة من فترة الطباشيري المبكر والأخيرة.

استباق الأخطار

في السياق ذاته، يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي علي حاجي إن موضوع المياه والأمن المائي بات من المواضيع التي تكتسب أهمية بالغة في الجزائر، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية التي يعرفها العالم وشح المياه وتحدي الجفاف وتسرب المياه للبحر، وعليه فإن القرارات والتوجيهات المتخذة على مستوى مجلس الوزراء تهدف إلى تلبية الحاجات المائية الراهنة ومواجهة المتطلبات المائية المستقبلية، والحفاظ على هذه الثروة الطبيعية المهمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف حاجي لـ"اندبندنت عربية" أن التدابير المتخذة لاتباع قواعد الحوكمة المائية، والاستغلال العقلاني للمياه الجوفية، والحفاظ على المياه السطحية ومكافحة التلوث، والحد من ظواهر التبذير والإسراف، فضلاً عن اللجوء إلى المصادر غير التقليدية لتوفير المياه الصالحة للشرب والسقي مثل تحلية مياه البحر واستغلال الشريط الساحلي وتطوير نظام السقي ومعالجة المياه المستعملة، كلها نقاط من شأنها إحداث نقلة نوعية نحو تحقيق الأمن المائي.

وأشار إلى أن اهتمام مجلس الوزراء بمشكلة المياه سمح بالتركيز على البدائل والثروات الاستراتيجية المتاحة لتوفير المياه الصالحة للشرب أو الموجهة للري الفلاحي، وذلك من خلال الاعتماد على تقنيات تصفية المياه المستعملة وإعادة استغلالها في الري الفلاحي، واستحداث مؤسسات ناشئة في هذا المجال للاستناد عليها في مسار تطوير آليات استعمال هذه المياه بالشكل الصحيح والفعال، وكذا تعميم محطات تحلية مياه البحر.

ويرى حاجي أن التركيز على الأمن المائي وضرورة استباق الحلول للمشكلة المائية المرتقبة في حال استمرار الظروف المناخية على ما هي عليه، دليل على إدراك للأخطار الناجمة عن ندرة المياه ومآلاتها التي يمكن أن تؤثر في مختلف مشاريع التنمية.

بديل مهم

من جانبه، اعتبر الباحث في مجال الزراعة أحمد مالحة استخدام المياه المصفاة خياراً استراتيجياً ضمن رؤية شاملة لتحقيق الأمن المائي، تتضمن تحلية مياه البحر وجلب المياه من الجنوب وجمع مياه الأمطار، مبرزاً أن المياه المستعملة يمكنها أن تصبح مورداً حيوياً في مجال الفلاحة التي تستهلك قرابة 80 في المئة من الموارد المائية.

وأشار إلى أن مصالح الفلاحة تحصي حالياً أكثر من 200 محطة لتصفية المياه على المستوى الوطني، وهو رقم قليل بالنظر إلى الحاجات الوطنية. وقال إنه لاعتبارات بيئية فإن إنشاء محطة تصفية هو استثمار في رسكلة المياه يسهم في حماية البيئة زيادة على توفيره فرصة استرجاع النفايات الصلبة واستعمالها كأسمدة في الفلاحة.

وواصل مالحة أن الجزائر قادرة على إنتاج من 600 ألف إلى 800 ألف متر مكعب من المياه المعالجة، وبتشغيل المحطات المعطلة واستكمال التي توجد قيد الإنجاز، يمكن الوصول إلى 1.5 مليار متر مكعب تسمح بسقي مئات الآلاف من الهكتارات.

وأوضح أن الوقت حان للاهتمام بالري الذكي، واستخدام التقنيات الحديثة من أجل اقتصاد المياه ومرافقة الفلاحين، وأن تقنيات معالجة المياه تخضع لمستويات متعددة يمكن أن تستخدم في كل مجالات السقي، سواء تعلق الأمر بالخضراوات أو الأشجار المثمرة وحتى القمح، حيث تصل التقنيات الحديثة المستخدمة في بعض الدول إلى مستويات تصفية متقدمة جداً تمكن من استخدام مياه الصرف المعالجة في المنازل أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات