Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجاليات الهندية تتفوق عدداً وتأثيراً عن أية جالية أخرى في التاريخ

"أدوبي" و"بريطانيا" و"شانيل" يديرها أشخاص من جذور هندية

الجالية الهندية منتشرة في كل بقاع الأرض وتترك بصمة إيجابية أينما حلّت (غيتي)

ملخص

المهاجرون الهنود جالية لافتة في العدد والاندماج والتأثير.

نشرت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية في الـ 12 من يونيو (حزيران) الجاري مقالة تناولت فيها الجاليات الهندية الموزعة حول العالم، وقد سلطت الضوء على حجم هذه الجاليا الواسعة الانتشار وتأثيرها مقارنة مع غيرها من الجاليات الكبيرة.

واُستهلت المقالة بمقاربة بين الحاضر والماضي لرسم معالم التغيير الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي في الهند ودول الاغتراب، يليها شرح عن هجرة الأدمغة التي بدأت بحثاً عن حياة أفضل وبلغت حد تبوء الهنود أعلى المراكز أينما حلوا، فما لا لبس فيه أبداً هو التجاذب المتبادل بين اليد العاملة الهندية التي تسعى إلى النهوض بمستواها المعيشي، بينما تبقى مرتبطة ومتعلقة بالبلد الأم، وبين دول الانتشار التي ترغبها وتثني على وجودها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدايةً، لقد تجاوز عدد سكان الهند مؤخراً عدد سكان الصين، إذ تخطى 1.4 مليار شخص، كما يشار إلى أن المهاجرين الهنود حول العالم هم أكثر عدداً من أقرانهم الصينيين وأكثر نجاحاً أيضاً، فمنذ عام 2010 تعتبر الجالية الهندية الأكبر في العالم، ويشكل المهاجرون الهنود مورداً مالياً لافتاً بالنسبة إلى الحكومة الهندية، يليهم المهاجرون المكسيكيون ومن ثم المهاجرون الصينيون.
ولعل إدراك مدى نجاح المهاجرين الهنود، في حين زرع غيرهم الشك على غرار المهاجرين الصينيين، يبرز إنجاز هذه الجالية ولا سيما من طريق المقارنة بين المجموعتين، وينعكس إيجاباً على صورة الهند من جهة وعلى استحسان أداء رئيسة الوزراء من جهة أخرى.

وتربط المهاجرين الهنود علاقات أكثر متانة مع بلدهم الأم مقارنة مع أحفاد المهاجرين المولودين في الخارج، وبالتالي يبنون روابط حيوية بين منازلهم في الخارج ومسقط رأسهم، كما سجلت التحويلات الوافدة إلى الهند عام 2022 رقماً قياسياً بلغ حوالى 108 مليارات دولار، أي ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وبالنظر إلى الأرقام، ينتشر المهاجرون المولودون في الهند في جميع أنحاء العالم، ويعيش 2.7 مليون منهم في أمريكا وأكثر من 835 ألفاً في بريطانيا و720 ألفاً في كندا و579 ألفاً في أستراليا، ويتجه الشباب الهنود إلى الشرق الأوسط حيث يتم دفع أجور أفضل لوظائف البناء والضيافة التي لا تحتاج إلى مهارات عالية، وثمة 3.5 مليون مهاجر هندي في الإمارات العربية المتحدة و2.5 مليون في السعودية، ويعيش كثر آخرون في أفريقيا وأجزاء أخرى من آسيا ومنطقة البحر الكاريبي.

تمتلك الهند المكونات الأساس لتكون مصدراً أساسياً للمواهب، فهي تضم كتلة شبابية كبيرة وتؤمّن نوعية ممتازة من التعليم العالي، وربما يساعد إتقان الهنود للغة الإنجليزية، وهو إرث من الحكم الاستعماري البريطاني، في ذلك أيضاً.

وتنطوي المقالة في صحيفة "ذي إيكونوميست" أيضاً على لمحة تاريخية تعود لاستقلال الهند عام 1947، عندما كانت هناك موجات عدة من الهجرة إلى الدول الغنية، مما مكن الجالية من النمو من حيث العدد والتأثير، وكانت أول موجة هجرة خلال السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، تشمل العمال ذوي المهارات المنخفضة من ولايتي غوجارات والبنجاب، وقد ذهب عدد كبير منهم إلى بريطانيا التي كانت تواجه نقصاً حاداً في اليد العاملة، كما عملوا في أماكن صعبة مثل مصانع النسيج والصناعات الأخرى، وتوجه كثير من الهنود الذين انتقلت عائلاتهم إلى شرق أفريقيا خلال الفترة الاستعمارية كعمال بعقود إلى الغرب أيضاً، وتمكنت أميركا من جذب مجموعة من الأفراد الموهوبين من خلال إصلاح قوانين الهجرة عام 1965.

وتتابع المقالة البحث في هجرة الأدمغة التي تطاول الشعب الهندي اللامع أكاديمياً والباحث عن أسلوب حياة أفضل، بعيداً من الاكتظاظ السكاني والحر الشديد، وبات المهاجرون الهنود يتوجهون إلى دول العالم المتقدم فيشغلون المناصب المرموقة في قطاعات لافتة مثل الطب والهندسة وتكنولوجيا المعلومات، بعد النجاح بامتياز في امتحانات شديدة التنافسية للحصول على وظيفة معينة، وكان النموذج الهندي لافتاً إلى درجة أن الخبراء في علم الديموغرافيا أطلقوا عليه تسمية القوة الناعمة لجهة التأثير، لافتين إلى أن مثل هذه القوة لا تُبنى بمجرد الوجود في بلد ما، بل بالأثر التي تتركه الجالية ككل حيثما حلت.

يذكر أن المهاجرين الهنود أثرياء نسبياً، فهم الأعلى دخلاً في أميركا حيث يبلغ متوسط دخل الأسرة حوالى 150 ألف دولار سنوياً، وهذا ضعف المتوسط المحلي لدى الصينيين تقريباً، إذ يبلغ متوسط دخل الأسرة حوالى 95 ألف دولار سنوياً.

وتتطرق المقالة إلى صعود المهاجرين الهنود على السلم الاجتماعي، إذ إن وصولهم إلى مراكز مرموقة لم يكن سهلاً أو سريعاً، ولكنهم ما لبثوا أن أصبحوا في كل مكان، لا سيما على رأس شركات رائدة على غرار "أدوبي" و"ألفا بيت" و "آي بي أم" و"مايكروسوفت"، ولم يكتف الهنود بمناصب في الشركات بل خاضوا غمار السياسة، فوصل 19 شخصاً من أصل هندي إلى مجلس العموم البريطاني، بمن فيهم رئيس الوزراء ريشي سوناك.

وعلاوة على ذلك فللهند قواعها الخاصة، فبينما تنجرف أميركا نحو حرب باردة جديدة مع الصين، ينظر الغربيون بشكل متزايد إلى البلاد على أنها عدو، وربما زاد وباء كورونا الذي بدأ في مدينة ووهان الصينية الأمور سوءاً، وأدت المخاوف الأخيرة المتصلة بظهور منطاد تجسس صيني فوق أميركا أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتقارير هذا الشهر التي تفيد بأن الصين قد توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الكوبية لإنشاء محطة تنصت إلكتروني في الجزيرة، إلى تعزيز صورة الصين كخصم معاد.

والحال أن كون الهند ديمقراطية تتمتع بقيم ليبرالية أمر يساعد الجالية في الاندماج بسهولة أكبر في الغرب، وجاء مثال مذهل على ذلك عام 2005 عندما أبرمت أميركا اتفاقاً اعترف بالهند كدولة نووية، على رغم رفضها التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (إلى جانب باكستان وإسرائيل)، وساعد الضغط وجمع التبرعات من قبل الأميركيين الهنود في دفع الصفقة لتصل إلى الكونغرس.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات