Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرض كتاب "صمت الفتيات" لبات باركر: عمل أدبي ذو نزعة تحريفية مثير للإعجاب يستحق بلوغ القائمة الطويلة لجائزة "مان بوكر"

تجعلنا بات باركر الحائزة جائزة "مان بوكر" عام 1995 عن رواية "ذا غوست رود" (طريق الأشباح) نعيد التفكير في التاريخ لدى قراءة عملها الأخير.

لطالما كانت مواضيع باركر الصراع بين طرفي العلاقات الإناث والرجال (جوستين ستودارد)

لماذا لم تتضمن القائمة الطويلة لجائزة "مان بوكر" رواية "صمت الفتيات" لبات باركر؟ أعرف أن هنالك باستمرار عمليات استبعاد مثيرة للجدل، ولكن باركر ليست كاتبة مخضرمة فحسب، بل هي أيضاً فائزة بالجائزة عام 1995 عن روايتها "طريق الأشباح"، الجزء الأخير من ثلاثيتها الرائعة عن الحرب العالمية الأولى. الرواية الجديدة هي عمل أدبي ذو نزعة تحريفية مثير للإعجاب يذكرنا بوجود طرائق كثيرة جداً لسرد رواية معينة يماثل عددها عدد جميع الأشخاص المعنيين. إنها الإلياذة بعيْنَيْ بريزايس ذات ال19 عاماً، ملكة ليرنيسوس التي اتخذها أخيل "عشيقة" له "كجائزة شرف" على المذابح الجماعية التي ارتكبها.
ليست باركر الكاتبة الوحيدة التي تلجأ للكلاسيكيات من أجل الإلهام، فهذه ممارسة شائعة في الوقت الحالي. فرواية كاميلا شامسي "هوم فاير" (نار المنزل) ورواية مايكل هيوز "كاونتري" (البلد) على سبيل المثال تنقلان القصص الكلاسيكية إلى إطارات معاصرة، في حين يذكرنا مشروع باركر برواية سيرك لمادلين ميلر التي أعادت صوغ ملحمة "الأوديسية" من منظور الساحرة وليس من وجهة نظر المحارب. إلا أن الأحداث لديها تركز على رحلة عودته إلى الديار. ومن خلال منح الشخصيات النسائية مثل سيرك وبريزايس أدواراً لم تُمنح لهما في المعتاد، يستطيع القراء أن يكتشفوا نسخة أخرى من الأحداث. تبدأ برايزيس كلامها بالقول "أخيل العظيم، أخيل الرائع، أخيل المشرق، أخيل الذي يشبه الإله... كما تتراكم الصفات". "نحن لم نطلق عليه أياً من هذه النعوت، كنا نسميه "الجزار".
لقد تناولت باركر باستمرار موضوع العلاقات بين الجنسين أثناء الصراعات، معتمدةً اسلوب المناورة في السرد بين الصدمة والذاكرة، وهي لذلك خير من كتب في هذا الموضوع. فهي تكتب عن مشاهد دموية، وتتقرب من الشخصيات تقرّباً يعبّر عن فهم دقيق "لحلقة الكراهية والانتقام اللانهائية" المتسببة بالعنف. ولكنها برغم ذلك تركز على ما يحدث بعيداً عن أرض المعركة وانعكاسه على النساء في "معسكرات الاغتصاب".
بعد الحطّ من شأنهن والتعامل معهن بوصفهن أدوات، تصبح السيدات عاملاً في تأجيج الصراع في ما بينهن. فبطلة باركر المسماة هيلين توحي بالبذاءة وليس التقديس. ويتغنى الجنود بعينيها وشعرها ونهديها وشفتيها، هيلين هذه كانت السبب في اندلاع آلاف المعارك. وتتهم الفتيات أيضاً بالتحريض على بث الكراهية بين الرجال، أو ينظر إليهن ببساطة على أنهن من غنائم الحرب للمنتصر تماماً مثل الماشية والذهب.
أما بريزايس فمثلت الحالتين. بعد أسرها تعارك أخيل وأجاممنون للفوز بها، وقال عنها الأخير بغضب: “هي ليست ملكة، لا يستحق أن يحصل عليها". الرجال -اليونانيون أو الطرواديّون- يتمتعون بميزة التعبير بصوت مرتفع عن آلامهم وخسارتهم في حين يجب على النساء كبت معاناتهن. ويقال لهن "الصمت هو المرأة" وإن كن حرّات.
لم يعد الأمر متعلقاً بالسلوك اللائق، ولكن بالبقاء على قيد الحياة. ويعلن بريام أثناء إذلاله لنفسه أمام أخيل متوسلاً إليه أن يعطيه جثمان هيكتور، أنه "يفعل ما لم يفعله إنسان قبله ويقبّل يد من قتل ابنه". "وما أفعله هو ما أُجْبِرَت نساء لا حصر لهن على فعله من قبل"، كما تعبر بريزايس بمرارة كبيرة. "فأنا أفرج ساقَيّ للرجل الذي قتل زوجي وأشقائي".
الآلهة ترفرف بأجنحتها، لكن هذه الرواية تتعلق بالكشف عن التكلفة الحقيقية للحرب بين الرجال والنساء: و"الواقع القاسي للغزو والعبودية". برؤيتها المختلفة للأسطورة تجعلنا باركر أيضاً نتوقف لنراجع التاريخ.
نُشر كتاب "صمت الفتيات" لبات باركر لدى دار نشر "هاميش هاميلتون" (18.99 جنيه إسترليني)

© The Independent

المزيد من كتب