Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بذور تتريك في المنهج الدراسي في شمال سوريا يثير مخاوف شعبية

تفرض أنقرة ثقافتها وتغيّر أسماء الأماكن والساحات العامة من العربية إلى التركية

مقر السرايا الحكومية في جرابلس، ريف حلب الشرقي، وعليه العلم التركي (اندبندنت عربية)

تساور نفوس السوريين ريبة كبيرة جراء السياسة التي تعتمدها تركيا في الشمال السوري، بسبب اتباعها تتريكاً ممنهجاً تفرضه طوعاً أو إجباراً، إضافة إلى نشرها ثقافتها بين أجيال من الأطفال والشباب السوريين عبر بوابة التعليم والتربية.
وعلى مدى أكثر من سنتين، رسمت القرارات التي يتخذها الجانب التركي في تلك المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، كل السياسات والخطط المحلية.
ولم تكتف الإدارة التركية بفرض العَلم والهوية التركية على السكان، في استباحة واسعة للهوية السورية، بل غيّرت أسماء الأماكن والساحات والدوائر الخدمية وغيرها إلى أسماء تركية ومنها على سبيل الذكر تسمية حديقة في مدينة إعزاز بـ "حديقة الأمة العثمانية"، ما زاد من مخاوف السوريين من التغلغل التركي، فيما يرى بعضهم أنه يندرج ضمن الاستقرار والأمان المنشودَين.
 


من البداية
 

في الوقت ذاته، ترى مصادر أهلية في ريف حلب الخاضع للنفوذ التركي أن الأكثر ريبة هو تتريك المناهج التعليمية في المدارس الابتدائية حتى الثانوية، بالإضافة إلى إدخال التتريك إلى رياض الأطفال مع إدخال اللغة التركية كلغة أساسية بالإضافة إلى اللغة العربية.
كما اعتُمدت الكتب المطبوعة في تركيا بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة هناك، وشُطبت منها كل كلمة كانت سابقاً في مواد الجغرافيا والتاريخ تشير إلى الاحتلال العثماني.

 
حالة أمان
 

في المقابل، يرى بعض أهالي مناطق النفوذ التركي أن الواقع الجديد سمح بفرض حالة أمان وحافظ على أرواحهم. كما ينظرون بعين الارتياح إلى النشاط التركي ويخففون من هول المخاوف المثارة حول عمليات التتريك. ويرى هؤلاء أن الدور التركي يشكل حالةً إيجابية وعاملاً مطوِّراً للمناطق النائية، لاسيما تعلم اللغة التركية.
وقال أحدهم إن وزارة المعارف التركية تبذل جهداً في نشر الكتب وطباعتها والمحتوى يبقى قريباً من المحتوى السوري القديم. وأضاف "لابد من قبول الواقع، نريد أن نعيش بسلام وأمان، المدنيون يريدون التطور، صحيح أن اللمسات التركية موجودة ولكنها لا تؤثر في هويتنا السورية".
في غضون ذلك، تعمل أنقرة بالتعاون مع الحكومة السورية المؤقتة على افتتاح 500 مدرسة، بالإضافة إلى افتتاحها عدداً من الجامعات، في مقدمها جامعة غازي عنتاب في جرابلس وجامعة أخرى في مدينة الباب.
 

"لا رغبة لنا بالاحتلال"

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح له في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 في ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك "عندما أتطرق إلى التطورات في سوريا والعراق فأنا أتحدث عن أمر مهم ألا وهو ضرورة أن نحافظ على حدود ميثاقنا الوطني". وأضاف "هذا ما نفعله من خلال عملية درع الفرات وما نفعله في إدلب وعفرين ولا نستطيع البقاء متفرجين على ما يحدث. نحن مجبرين على فعل ما يلزم". كما يقول أردوغان في تصريحات سابقة "ليست لدينا رغبة في احتلال هذه الأراضي لكننا نريد من مالكيها المشروعين أن يعودوا إليها".

التربية في إدلب

من جهة أخرى، تنوي مديرية التربية والتعليم في إدلب (شمال غرب) التي تخضع لسيطرة "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) العمل على مشروع جديد. وأكد مصدر من إدلب نيّة مسؤولي التربية في "الهيئة" فرض برنامج تعليمي في العام الدراسي المقبل.
وأكد المصدر أن قراراً اتُخذ في هذا الشأن يدعو إلى وضع برنامج تعليمي جديد وفق المعايير المتبعة في تركيا. وأضافت مصادر تربوية في ريف إدلب أنه "من الصعب تطبيق النظام الجديد كون البلاد تمر بظروف أمنية وميدانية صعبة للغاية بخاصة في ريف إدلب الجنوبي لاسيما القصف المستمر على مناطق أريحا وخان شيخون ومعرة النعمان، وهذا يتطلب تأهيل طواقم التدريس".
ويستخدم قطاع التعليم في إدلب الرازح تحت أعباء معاناة كغيره من القطاعات الصحية والخدمية وسط الحروب المستعرة في الشمال، حتى طوال فترة الحرب، المنهاج التعليمي الخاص بالدولة. وأوضحت إحدى المعلمات في مدينة خان شيخون "نستخدم منهاج النظام السوري في التعليم من الأساسي وحتى الثانوي ما عدا كل ما يتعلق بمادة القومية أو كل الشعارات التي تدل على النظام لا ندرسها".
وتبقى المدارس في إدلب تتبع لوزارة التربية في دمشق عبر ما يُسمى مجمعات تربوية مازالت تمنح للمدرسين في إدلب وريفها وريف حلب رواتب من الوزارة في دمشق أو مديرياتها في المحافظات السورية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

سباق مع الزمن
 

وتسابق وزارة التعليم في "الحكومة السورية المؤقتة" الزمن لرفد جهازها بالمدرّسين للخروج من عباءة النظام التعليمية بعد طباعة كم كبير من الكتب وتأهيل معلمين ومعلمات على مستوى عالٍ من الكفاءة.
ويرى مراقبون أنه ومع كل جهود "الائتلاف الوطني المعارض" اتجه طلاب من ريف حلب الشرقي إلى مدينة حلب في يونيو (حزيران) الماضي، نحو التقدم لنيل شهادة التعليم الأساسي والثانوي في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة السورية.
وتقول مصادر تربوية في دمشق أن مدينة حلب استقبلت عدداً كبيراً من الطلاب القادمين من الريف الشرقي الخاضع للمعارضة وتركيا، على الرغم من وجود مناهج وشهادة خاصة بتلك المناطق.
ويرى المدرس المتقاعد في إدلب، محمد نبهان أن "في قدوم هذا الكم من الطلاب، إشارة إلى ثقتهم بالشهادة السورية النظامية التي تفتح معها تساؤلات كثيرة عن مدى الاعتراف بالشهادة التي تمنحها مديريات الحكومة السورية المؤقتة".
وإزاء ذلك، يعود التمدد التركي بالغطاء الثقافي والديني أحياناً على ظهر مدرعات الجيش التركي مثيراً مخاوف سورية حول مستقبل تلك المناطق بعد كل ما يحدث فيها.
في المقابل، يخشى السوريون هناك من تصديق التطمينات التركية التي تتوالى عبر أذرعها السياسية والعسكرية السورية، بأنها جاءت لحمايتهم وتطوير مناطقهم النائية، في حين تضع في جيوب السوريين الهوية السورية الجديدة وعليه العلم الأحمر التركي.

المزيد من الشرق الأوسط