Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انسحاب القوات الروسية من ريف حلب حقيقة أم مناورة؟

مراقبون يؤكدون تمسك موسكو بخطوط التماس العسكري وآخرون يرون أنها تعيد تموضع عتادها في القواعد البرية والجوية والبحرية

موسكو تستبعد الانسحاب من ريف حلب لأنها تعلم جيداً أن الأرض السورية لها أهميتها كورقة ضغط دولية (اندبندنت عربية)

ملخص

فسر بعض المراقبين تحرك القوات الروسية في منطقة تل رفعت الواقعة في ريف حلب على أنه انسحاب، فيما يرى آخرون أنه إعادة تموضع حول خطوط تماس إستراتيجية.

وسط تضارب أنباء انسحاب القوات الروسية من منطقة تل رفعت الواقعة بريف حلب شمال سوريا، وتأكيدات تفيد بعدم الانسحاب من خطوط التماس، لفت الحديث المتضارب الأنظار نحو قواعد الروس المتموضعة هناك، وهي بقعة من أراض لا تزال محط اهتمام على رغم الحديث عن مرحلة تسويات دولية مقبلة.

تل رفعت

وفي وقت نفى مصدر في مركز المصالحة الروسية لـ "اندبندنت عربية" الأنباء المتداولة أخيراً عن سحب قواتها من قاعدة المطحنة في كشتعار أو قاعدة تل رفعت، رأى مراقبون في المجال الميداني أنه من المستبعد إقدام الروس على خطوة كهذه بشكل مفاجئ.

 ويصب الإخلاء من دون مقابل لمنطقة إستراتيجية في مصلحة عدد من الأطراف المتنازعة، بخاصة أنها تتشاطر مع مناطق خاضعة للنفوذ الكردي، وهي بوابة مناسبة لاستعادة ما انتزعه الجيش التركي في عمليات التوغل السابقة، إضافة إلى محاذاتها مع مواقع حساسة لقوات المعارضة المسلحة المدعومة بنفوذ الأتراك، وكل هذه الأطراف تطمح في كسب منطقة تل رفعت التي تبعد 35 كيلومتراً شمال مدينة حلب.

وثمة استنتاجات عدة عن لغز تضخيم الانسحاب، ففي وقت اعتبر قيادي روسي أنها عملية تبديل للقوات، قال فريق من الموالين للسلطة إن الأمر لا يعدو كونه يندرج ضمن الترويج المتعمد من قبل القوات الكردية سعياً منها إلى دق ناقوس الخطر بعد نجاح الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات.

إعادة تموضع

ويعتقد الناشط السياسي أحمد الشيخ أن الأنباء المتداولة عن الانسحاب أخطأت التقدير فيما إذا كان عدد الجنود والعتاد الذي خرج من القاعدة كبيراً، لافتاً إلى أن ذلك يأتي مع ما يسري من حديث عن تسوية بين أنقرة وموسكو تتمثل بسحب القوات التركية من طريق "إم 4" اللاذقية - حلب وتسليمه إلى القوات الروسية، ولعل ربط حلب باللاذقية المطلة على البحر المتوسط يختصر للروس مسافة شاسعة.

 

 

وأضاف الشيخ، "باعتقادي أن الأمور أقرب إلى إعادة انتشار وتموضع روسي في المرحلة القريبة، وهذا يعتمد على ما ستفضي إليه اجتماعات الرباعية، أو من عدم استجابة أنقرة إلى طلبات موسكو ودمشق، وفي حال رفض تركيا الانسحاب كشرط للتفاوض فلا يمكن استبعاد نشوب مناوشات أقرب للمعارك، وبالتأكيد ستكون روسيا بمنأى عن ذلك لأنها الضامن الوحيد لعدم توسع رقعة الاقتتال، ولهذا تعمد القوات النظامية والروسية معاً إلى التوسع وليس الانسحاب لاحتمال اشتعال خطوط التماس التي ظلت هادئة لما يزيد على ثلاثة أعوام".

توترات أمنية

وفي المقابل يمكن اعتبار أن التجييش والزج بقوات إضافية هو ما يعتري اهتمام القيادة العسكرية الروسية خلال هذه الفترة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمكن اعتبار إعادة تأهيل قاعدة الجراح بعد السيطرة عليها من قوات "داعش" عام 2017 وإعادة وضعها في الخدمة مع نهاية الشهر الأول من هذا العام، مندرجاً ضمن سباق محموم لإحاطة حلب من أية تهديدات مستقبلية، علاوة على تهديدات أطلقتها قيادات هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على لسان الجولاني الذي هدد أكثر من مرة بالوصول إلى حلب.

حصار وصراع

ويأتي ذلك بالتزامن مع حال توتر أمني بين دمشق والفصائل الكردية، إذ تشير المعلومات عن حصار مطبق على مطار القامشلي توجد فيه قوات من الجيش النظامي، وذلك رداً لما تصفه مصادر كردية ذات صلة بحصار حول حيين يضمان غالبية سكانية من المكون الكردي، وهما الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، بينما تتوقع عودة الهدوء وفك الحصار في هذه المواقع بعد مفاوضات جارية لبسط الأمن.

ويثير الحديث عن سحب القوات خلال وقت تطمح فيه موسكو إلى التوسع في الشمال الشرقي حيث آبار النفط، ولهذا تتسابق مع إيران على بسط قواعد أمنية وعسكرية كان آخرها قاعدة القامشلي للمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري عام 2011، إذ هبطت طائرات روسية لتضاف هذه القاعدة إلى جملة القواعد العسكرية البرية والبحرية، ومن وأبرزها قاعدة طرطوس البحرية والتي تعد أكثر القواعد أهمية بإمداد القوات والاستطلاع والرصد والتجسس المطلة على البحر المتوسط، إلى جانب قاعدة حميميم الجوية والتي تعد من المطارات المهمة لسلاح الجو في ريف اللاذقية، وتبعد ما يقارب 50 كيلومتراً عن قاعدة طرطوس الروسية.

خفض المقاتلين

ويعود الانتشار العسكري الروسي إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 حين زجت وزارة الدفاع نحو 4500 مقاتل زادوا في العام التالي إلى 6 آلاف، ومع غياب عدد واضح ومعلن بشكل رسمي إلا أن تقارير استخباراتية غربية ذكرت أن العدد وصل إلى 60 ألف مقاتل.

من جهة ثانية يصف متابعون للشأن الروسي عدد القوات الروسية بالمبالغ فيه.

 

 

وليس بعيداً أن يعتمد الكرملين خفض قواته إلى عدد رمزي، باستثناء تلك الواقعة على خطوط التماس وبخاصة البحرية منها، بعد استقرار مناطق وسط البلاد وجنوبها، مع التطلع إلى خفض عدد المقاتلين بعد اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022.

وفي تصريح سابق ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه لم يتبق لقوات بلاده أي مهمات قتالية تقريباً في سوريا، وأن عددها على الأرض يتحدد وفق مهمات محددة.

وفي المقابل رحبت دمشق بأي مقترحات روسية لإقامة قواعد عسكرية جديدة أو زيادة عدد قواتها خلال زيارة رسمية للكرملين في مارس (آذار) الماضي.

وبلا شك فقد أثرت الحرب الأوكرانية في إمداد دمشق بكامل حاجاتها العسكرية أو بالعتاد وعدد المقاتلين بعد تصاعد المعارك، لكن موسكو تعلم جيداً أن الأرض السورية لها أهميتها كورقة ضغط دولية، وبالتالي فإن لعبة المصالح هي ما ستجعل للمصالحة بين الأطراف طعماً مختلفاً، وإلا فلا طريق سوى الحرب في الشمال.ش

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط