Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"شريرات الدراما" السورية واللبنانية... خارج سلطة الرجل

قدمت عدة ممثلات في الموسم الرمضاني الفائت أدوارا تميزت بالقوة والبلطجة عبر مجموعة من المسلسلات

نادين جابر بين دانييلا رحمة وماغي بو غصن (حساب نادين جابر على إنستغرام)

ملخص

يرى مراقبون أن "ظهور المرأة بهذه الأدوار يؤكد تطور الدراما العربية وهذا يعد إنجازاً لها"

تمكنت المرأة من فرض نفسها في الدراما العربية بشكل عام بعد أن كانت مجرد تابع يدور في فلك الرجل من خلال أدوار تطل فيها في ثوب المرأة الضعيفة الخانعة لسلطته أو تصويرها في إطار الجرأة والإغراء، مقارنة بقلة من الأعمال التي تتطرق إلى الأدوار الريادية للمرأة في المجتمع. لكن هذا المشهد تغير في ظل توجهات صناع الأعمال نحو رفع قيمة المرأة وإثبات حضورها، وأصبحت هناك أعمال تكتب خصيصاً للممثلات سواء من خلال الأعمال الاجتماعية التي تنقل حالاً اجتماعية معينة أو من خلال أعمال السيَر الذاتية التي تقدم قصصاً عن حياة نساء تركن بصمة في مجالات مختلفة.

وفي الموسم الرمضاني الفائت، قدمت الدراما السورية واللبنانية المرأة بأدوار الشر والبلطجة عبر مجموعة من الأعمال، من بينها المسلسل اللبناني- السوري المشترك "للموت"، كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر الذي تدور أحداثه حول الشابتين ريم وسحر اللتين تحتالان على الرجال الأثرياء من أجل المال والثروة، إضافة إلى ثلاثة أعمال عن البيئة الشامية هي مسلسل "زقاق الجن" إخراج تامر إسحاق وكتابة محمد العاص الذي قدمت فيه صفاء سلطان دور الخادمة ثريا التي تتغلغل في عائلة أبو نذير وتتزوج منه وتشتت عائلته بهدف الانتقام منه، ومسلسل "مربى العز" تأليف علي الصالح وإخراج رشا شربتجي الذي لعبت فيه سوزان نجم الدين دور جواهر التي تحيك مخططاً من أجل الانتقام من أبناء زعماء الحارات الثلاث الذين شهدوا على فضيحة والدها، وكذلك مسلسل "العربجي"، تأليف عثمان جحى ومؤيد النابلسي وإخراج سيف السبيعي الذي قدمت فيه ديما قندلفت شخصية الداية التي ورثت المهنة عن عمتها، لكنها تستغل عملها بصورة بشعة بهدف الوصول إلى مرادها في الانتقام من عبده العربجي وسعيها إلى أن تكون من علية القوم والزواج من رجل صاحب نفوذ. وأضاء هذا الدور على تفوقها في أدوار الشر كما يقول محبوها، خصوصاً أنها كانت نجحت قبله بلعب دور المرأة المستبدة والقوية والمتسلطة في مسلسل "ستيليتو". كذلك برزت نادين خوري في مسلسل "العربجي" بشخصية درية خانم التي تستغل حتى أولادها لتحقيق مصالحها الشخصية.

فهل أساءت الدراما اللبنانية والسورية في بعض أعمالها لصورة المرأة أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد مادة درامية تهدف إلى جذب المشاهدين لا أكثر؟


"إن كيدهن عظيم"

في هذا الإطار يعتبر الناقد وسام كنعان أن "تقديم المرأة بصورة غير سوية ليس جديداً على الدراما بل سبق أن تم تقديمها بصورة مماثلة في الأعمال التاريخية السورية التي تناولت حياة القصور والملوك والخلفاء، فكانت تحاك كثير من الدسائس والمؤامرات من أجل الوصول إلى الحكم وكان للمرأة دور بارز فيها سواء كانت زوجة أو جارية أو خادمة". وأوضح كنعان "في مسلسل هارون الرشيد لعبت الخيزران التي جسدت شخصيتها الممثلة سمر سامي دوراً في تهدئة الاوضاع واستقامة الدولة وإعادة الحكم لابنها هارون الرشيد، حتى قيل إنها قتلت ابنها الأكبر لأنه قرر أن ينقل ولاية العهد لابنه وليس إلى من هو أحق فيها. ولطالما كان هناك دور حقيقي وجوهري للمرأة في الأعمال التاريخية، أما اليوم، فيعود السبب في تقديمها بالأدوار الملتوية لضرورات درامية وليس في ذلك إهانة للمرأة. فكما أن بعض النساء يسهمن في إثارة الفتن وإشعال النار وزيادة حدة الصراع، هناك أخريات مستقيمات وسويات ويمثلن الخير بشكل أو بآخر. وضرورات الصراع الدرامي تقتضي بأن تكون هناك جهة تشعل الخلاف وتصب الزيت على النار وجهة أخرى تعمل على التهدئة، ولا شك في أن هناك نساء أكثر كيداً وخبثاً من الرجال، حتى إنه جاءت في إحدى آيات القرآن الكريم ’إن كيدهن لعظيم‘ وبإمكان المرأة أن تهدم دولة كاملة".

كما يشير كنعان إلى أن "طرح الدراما العربية للمرأة على أنها نموذج للشر ليس قضية أو ظاهرة، ولطالما قدمت الدراما السورية نماذج لنساء عظيمات مثل زنوبيا وشجرة الدر وسواهما".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


البحث عن التنويع

في المقابل رأى الممثل باسم مغنية أن "الممثلات اللواتي يقدمن أدوار الشر يشاركن أيضاً في أدوار أخرى مختلفة عنها تماماً، والممثل يحب التنويع ويتجنب حصر تجربته بأدوار معينة تقدمه بصورة الشخص الطيب والمثالي دائماً".

كما لفت مغنية إلى أن "القصة تفرض نفسها ومسلسل ’للموت‘ عمل بوليسي يجمع بين الإثارة والحركة ولا يمكن أن تكون موجودة  فيه شخصيات تمثل المثالية". وأضاف "حتى الممثلين الرجال الذين شاركوا فيه كانوا أشراراً وغير أسوياء، فأنا قدمت فيه شخصية عمر المدمن على المخدرات ولكنني لا يمكن أن أكرر نفسي بل سأطل بشخصية مختلفة في عمل آخر، بينما في مسلسل العربجي، قدم الممثل باسم ياخور دور الرجل الطيب، ودرامياً يفترض أن تكون شخصية البطلة معاكسة لشخصيته ولذلك أطلت الممثلة ديما قندلفت بشخصية المرأة الشريرة في العمل نفسه".

الشر والخير

كاتبة مسلسل "للموت" نادين جابر أشارت إلى أن "ريم وسحر وكارما التي لعبت دورها ورد الخال في الجزء الثالث من العمل، يجمعن بين الخير والشر، كما كل البشر، ولا يمثلن الشر في المطلق. والناس شاهدوا أيضاً الجانب الطيب في شخصيتهن والظروف التي جعلت منهن نساء شريرات يسلكن طريق الخطأ وهذه الخلفية لا تظهر في كل المسلسلات، بينما أنا تعمدت ككاتبة إبرازها في المسلسل تجنباً للأحكام المسبقة التي تطلق على الإنسان عندما يخطئ وللكشف عن المبررات التي أوصلته إلى الخطأ وهن في الواقع ضحايا المجتمع والأهل والحياة".
بطلات كلاسيكيات

في المقابل يعتبر الكاتب طوني شمعون أن "ظهور المرأة بهذه الأدوار يؤكد تطور الدراما العربية وهذا يعد إنجازاً لها. صار هناك تقبل للممثلة في أدوار القتل والرقص والسهر في الملاهي الليلية وهذه الأمور كانت من المحرمات في الدراما العربية حتى إنه كان ممنوعاً إقفال الباب على الرجل والمرأة في مشهد واحد. وهذا النوع من الأعمال يحمل طابعاً أجنبياً أكثر منه عربياً، وشخصيات هذه الأعمال مستوحاة من الأعمال الأجنبية التي تتم صياغتها في مسلسل، ولا أعرف سبب تقبل الناس لها وإن كنت أرى في ذلك تطوراً لم يكن يسمح به سابقاً. في الماضي كان الناس ينتظرون هند أبي اللمع وإلسي فرنيني ونهى الخطيب سعادة كبطلات كلاسيكيات يحترمن الذوق العام بأدوار المرأة الحنونة أو العاشقة أو المغرورة أو المناضلة، لكن الزمن تغير ومعه تغيرت طبيعة أدوار المرأة نتيجة تأثر الدراما العربية بالأعمال التركية وقبلها الأميركية، مما يعني أن هناك مجموعة حضارات وثقافات طرأت على الدراما العربية والمنصات بأمس الحاجة إليها اليوم بسبب إقبال الناس على مشاهدتها".

وأرجع شمعون السبب في تقديم المرأة الملتوية في أكثر من عمل في موسم واحد إلى "توارد الأفلام" نتيجة "مشاهدة الكتاب العرب لأعمال أجنبية والاقتباس منها من دون أن يجرؤ أي منهم على توقيع العمل باسمه كقصة وسيناريو وحوار" بحسب قوله، ولكنه في المقابل يشيد بدور المرأة في الدراما معتبراً أن "قصص الحب ولت إلى غير رجعة وإن كانت صورة المرأة في الدراما العربية لا تشبه صورتها الحقيقية. في الأعمال التاريخية هي كانت مجرمة تقتل زوجها الملك أو ابنها الملك بينما تقدمها الأفلام الاميركية اليوم بصورة المرأة الخارقة، ولكن الممثلات العربيات غير قادرات على الإقناع في تقديم مثل هذه الأدوار كما في الدراما الأميركية أو التركية بسبب تفوقهما في صناعة الدراما. المرأة اليوم أقوى من الرجل وتشغل مناصب مهمة ومرموقة والدراما تقوم على المنطق، إلا في الأعمال الخيالية، وعند الدخول إلى ميدان المنطق يجب إقناع المشاهد بالحقيقة، والمرأة أثبتت حضورها درامياً ولكنه حضور ضعيف في بعض الأعمال لغياب قصة حقيقية بل هي مجرد عروض أزياء تفرح النساء لمشاهدتها كما في الدراما التركية التي يشاهدها الرجال لإعجابهم بالشكل لأنهم يشعرون بالراحة عند مشاهدة ممثلة بهذه الصورة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة