Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرامج السينمائية متعة مؤجلة عربيا

تركز القنوات على جانب ترفيهي يقود المتلقي إلى المشاهدة العمياء غير المنتجة

البرامج الفنية صاحبة العمق السينمائي مغيبة بالعالم العربي (مواقع التواصل)

ملخص

لم تستفد الشاشات الصغيرة في العالم العربي من تحولات الفرجة المعاصرة، إذ يغلب على القنوات الرسمية البعد التقليدي المتمثل في الأخبار والبرامج الحوارية الطويلة حول السياسة والمجتمع والاقتصاد بينما تبقى البرامج الفنية مهملة وغير مفكر فيها.

تعاني الساحة السينمائية في العالم العربي غياب برامج الفن السابع التي تلعب دوراً بارزاً في تنشيط الحياة السينمائية ونقلها إلى أفق آخر، ذلك أن هذه البرامج المتخصصة تعطي للمشاهد فسحة من التفكير والتأمل في الراهن السينمائي العربي، بل إنها تدفعه إلى تأجيج نقاشه حول تجارب الأفلام انطلاقاً مما تطرحه من قضايا وإشكالات.

السينما ليست مجرد وسيط بصري ترفيهي يلجأ إليه المشاهد من أجل المتعة والتسلية، بقدر ما تطرح أسئلة فكرية قلقة حول التاريخ والواقع والوجود. ولعل البرامج السينمائية تحقق متعة بصرية يستفيد منها المشاهد، وذلك من أجل تتبع مصائر شخصيات الأفلام وقضاياها وإشكالاتها.

بهذه الطريقة تصبح البرامج التلفزيونية أداة لتكثيف النقاش وتأصيله من الناحية الفكرية، وذلك لكون البرامج عبارة عن عملية مهنية لاحقة يتم فيها توطيد النقاش حول الصور والسيناريو والمونتاج والأداء والموسيقى.

وفقاً لهذه الرؤية البصرية يصبح البرنامج أشبه بمختبر بصري قادر على بلورة كل ما هو جديد حول واقع السينما العربية. ولأن هذه البرامج مغيبة فإنه في العادة يتم تعويضها ببرامج تلفزيون الواقع والطبخ والدين والموضة، التي تهجس بالترفيه والاستهلاك وتقود المتلقي إلى نوع من المشاهدة العمياء غير المنتجة لأي شيء.

 

 

والبرامج الترفيهية هذه باتت تدخل ضمن برامج حكومية تتعمد عرض هذه المحتويات من أجل تضليل المشاهد، فبدلاً من أن يتم تقديم محتوى فني هادف يخدم المشروع السينمائي العربي، تفضل بعض الشاشات عرض برامج تجلب لها المشاهدين رغم هشاشتها وضعفها.

تحولات الشاشة الصغيرة

لم تستفد الشاشات الصغيرة في العالم العربي من التحولات التي باتت تعرفها الفرجة المعاصرة، إذ يغلب على القنوات العربية الرسمية البعد التقليدي المتمثل في الأخبار والبرامج الحوارية الطويلة حول السياسة والمجتمع والاقتصاد، في حين تبقى البرامج الفنية مهملة وغير مفكر فيها.

ومرد هذا التهميش إلى كون المؤسسات العربية لا تعطي قيمة للفن، ما دامت تعتبره شكلاً إبداعياً تزيينياً للأجندات السياسية، بوصفها عملاً يخلق المتعة والترفيه، في حين أن التلفزيون الغربي يحبل بعشرات البرامج الفنية التي تعطي قيمة للفن والجمال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسعى البرامج الغربية هذه إلى أن تكون ذات تأثير في الحياة السينمائية نفسها، إذ يستضيف صاحب البرنامج آلافاً من صناع المسلسلات والأفلام والأغاني والموسيقى والمسرح ويعملون على مقاربة سير وتجارب وموضوعات بطريقة مكثفة وغنية، وفي المقابل تبقى القنوات العربية تعيد تكريس المكرر من الكلام وتغريب المنفلت الذي قد غدا بإمكانه أن يعطي للمحتوى قيمة فنية كبيرة.

كما أن عدم مسايرة المشهد الفني العالمي يعد أحد عوامل هشاشة التلفزيونات العربية، وهنا تظهر أهمية البرامج، التي ربما تعطي للمتلقي أفقاً بصرياً جديداً يدفع بطريقة غير مباشرة إلى مشاهدة الأفلام في الصالات بدل المنصات، كما أن البرنامج السينمائي، يتيح للمشاهد فرصة التعرف على الجديد الفني وتتبع أحوال الصناعة الفنية والمكانة التي أصبحت تشغلها.

ويعتبر البعض أن غياب هذه البرامج أتى من غياب سينما عربية مستقلة تحاول جاهدة البحث لها عن هويتها الخاصة، بالتالي يصعب على مخرج ما العمل على برنامج تلفزيوني به يضيء عوالم الفن السابع، فالتراكم الهزيل المنتج سنوياً، في نظرهم، لا يرقى إلى الاشتغال على برامج تعرف بهذه الصناعة، هذا مع العلم أنه إذا عملنا مقارنة منذ السبعينيات إلى اليوم سنجد هناك نمواً من ناحية الأفلام العربية المنتجة في السينما.

برامج فنية معطلة

والحقيقة أن السينما العربية رغم المكانة التي غدت تشغلها في المهرجانات العالمية، فإنها تبدو في عمومها وكأنها تجارب أفراد مستقلة عن المؤسسات، إذ عادة ما يعمل المخرج وحده على إنتاج أفلام من ماله الخاص، وهذا الأمر، بقدر ما يعطي إمكانية لميلاد نوع من السينما المستقلة بالعالم العربي، يزيد من تغريب التجارب السينمائية ويخلق نوعاً من النشاز البصري غير القادر على التماهي دفعة واحدة مع الواقع، لكن في مقابل ذلك هناك تحولات تقنية كبيرة ذات صلة بالصورة والمونتاج والموسيقى.

وعرفت هذه العناصر المشكلة للعمل السينمائي تحولات جمة في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت ذات ميزة لعديد من الأفلام. وحين يتعلق الأمر بجماليات الصورة فإن تحولات تقنية جعلت المخرجين يستلذون بها من أجل تصوير مشاهدهم وأفكارهم وأحلامهم.

بيد أن هذا التغريب الذي تعيشه البرامج لم يبق حكراً على السينما ووسائطها، بل يجد امتداده حتى في الموسيقى والغناء، لكن مع فارق كبير من حيث طبيعة البرامج الفنية. فهذه الأخيرة تحضر في مصر أكثر من غيرها في بلد عربي آخر.

وغالبية هذه البرامج ترفيهية تسعى إلى استقطاب نجوم يخلقون الترفيه بآرائهم وعواطفهم وسيرهم، بحيث تأتي البرامج وكأنها تبحث "قنابل" تثير الجدل إعلامياً عبر تصريحات ذات علاقة بالجسد أو السياسة أو الدين. وغالبية هذه البرامج يتم فيها التخلي نهائياً عن مناقشة الموسيقى والقوالب الغنائية والتجارب الفنية الغربية ومدى تأثيرها في نظيرتها العربية بما يجعل المشاهد يستفيد من حلقات البرامج انطلاقاً من نمط معرفي قوي وأصيل، وليس الارتكاز على أخبار تتعلق بالزواج والطلاق والحب والكراهية بين الفنانين.

المزيد من سينما