Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرهان يقيل حميدتي ويجري تغييرات في قيادة الجيش

القوات المسلحة السودانية تجدد هجومها الجوي على الخرطوم وبحري و"الدعم السريع" ترد بمضادات الطائرات

عنصران من الجيش في أحد شوارع الخرطوم، الجمعة 19 مايو الحالي (أ ف ب)

ملخص

تنتشر قوات الدعم السريع في المناطق السكنية في جزء كبير من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان، مما يدفع الجيش إلى شن ضربات جوية على نحو شبه متواصل

استمرت الحرب على أشدها اليوم الجمعة في السودان في ميادين القتال كما في السياسة، إذ اتخذ قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان خطوة طال انتظارها، حين أقال قائد "قوات الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) من منصب نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم، وعين مكانه مالك عقار زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال" التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة في عام 2020.
كما أصدر البرهان قراراً بتعيين الفريق أول ركن شمس الدين كباشي نائباً للقائد العام للقوات المسلحة.
لكن لماذا صدر قرار إعفاء حميدتي في هذا التوقيت، أي بعد مرور أكثر من شهر على الحرب، وهل من رسائل وراءه؟

ضغوط دولية

يقول الكاتب السوداني الجميل الفاضل "في تقديري أن توقيت هذا القرار مرتبط بالضغوط الدولية والإقليمية والجهود التي تبذلها الوساطة السعودية - الأميركية في المفاوضات الجارية بين الطرفين في جدة، فضلاً عن التحركات الدبلوماسية التي قام بها مستشار قائد الدعم السريع يوسف عزت إلى جوبا ولقائه رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت التي احتج عليها الجيش السوداني، وذلك من أجل سحب الشرعية منه، بخاصة أن هناك ملفات سيتم فتحها في مفاوضات جديدة تتعلق بوقف إطلاق النار، وإشراك القوى المدنية من خلال فتح باب الحوار السياسي". وأضاف الفاضل "من المؤكد أن قرار إعفاء حميدتي وراءه رسائل موجهة إلى الخارج أكثر من الداخل بعدم التعامل معه لأنه ليس لديه صفة رسمية في الدولة، وذلك بقص أجنحته حتى لا يقود أي تحرك خارجي. لكن من ناحية قانونية القرار فإن البرهان معروف منذ تنفيذه انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 ضد حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لا يأبه بقانونية القرارات، إذ سبق أن أعفى أعضاء مجلسي السيادة والوزراء وعين بديلاً لهم ثم أعفاهم وكأن شيئاً لم يحدث، فنحن في مرحلة اللا دولة، إذ تكون كل القرارات تحصيل حاصل".

وزاد الكاتب السوداني "في رأيي أن البرهان فاقد السيطرة على أجهزة الدولة، الأمر الذي يثير تساؤلاً حول ما إذا كانت القرارات التي يتخذها صادرة فعلاً عنه أم عن تنظيم الإخوان، فهناك شكوك حول هذه القرارات، لكن بشكل عام بعد الـ25 من أكتوبر أصبح هناك منصب انقلابي في إطار اللا قانون كأمر واقع".

حرب نفسية

في السياق أوضح الباحث السياسي شمس الدين ضو البيت بقوله "إن ما يحدث في المشهد السوداني هو أن هناك حربين تدوران في البلاد، الأولى حرب دموية على الأرض ضحيتها الأساس مواطنو الخرطوم ونيالا والجنينة، وتستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، فضلاً عن القصف الجوي بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، فهي حرب فعلية تضرر منها المواطن السوداني أينما وجد، إضافة إلى الوطن ومؤسسات الدولة، فضحاياها أكثر بكثير مما هو معلن، كما تسببت في هتك نسيج المجتمع".

ومضى ضو البيت قائلاً "أما الحرب الثانية فهي حرب إعلامية سبقت إطلاق الرصاصة الأولى، إذ تشارك فيها جهات وأطراف أخرى لديها أجندتها وتصورها ومزاعمها الخاصة بالحرب، لكنها لا تدور بمعزل عن الحرب الفعلية من خلال اعتمادها على الإشاعة والتضليل باعتبارها حرباً نفسية ومعنوية".

وأردف الباحث السياسي "بالتالي فإن قرار البرهان إعفاء حميدتي من منصب نائب رئيس مجلس السيادة يأتي في إطار الحرب الإعلامية التي تدور رحاها منذ اندلاعها في الـ15 من أبريل في الخرطوم، وذلك في محاولة لكسب نقاط معنوية للجيش السوداني، وإحداث آثار نفسية وسط قوات الدعم السريع، لكن ليس لهذا القرار أية صلة أو رسائل للقمة العربية المنعقدة بجدة".

تجدد الغارات

في موازاة ذلك تجدد الهجوم الجوي على الخرطوم ومدينة بحري المجاورة اليوم الجمعة مع دخول الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الخامس، مما يفاقم الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها العالقون والنازحون من المدنيين.
وقال شهود إن أعمال النهب التي تقوم بها أعداد كبيرة من المسلحين والمدنيين على السواء تفاقم بؤس الحياة بالنسبة إلى سكان الخرطوم المحاصرين بسبب القتال المحتدم بين الطرفين.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الجمعة إن الصراع أسفر عن نزوح ما يقدر بنحو 843 ألف شخص داخل السودان وفرار حوالى 250 ألفاً إلى الدول المجاورة.
واستهدفت الضربات الجوية مناطق في شرق الخرطوم. وأفاد شهود بأنهم سمعوا دوي أسلحة مضادة للطائرات تستخدمها قوات الدعم السريع. كما تعرضت بحري وشرق النيل على الجانب الآخر من نهر النيل أمام الخرطوم لغارات جوية الليلة الماضية وفي صباح اليوم الجمعة.

جثث في كل مكان

وقال أحمد، وهو شاب كان يشق طريقه عبر مدينة بحري، إنه رأى على الطريق نحو 30 شاحنة عسكرية دمرتها الضربات الجوية. وأضاف أنه شاهد جثثاً في كل مكان، بعضها لجنود من الجيش وبعضها لأفراد من قوات الدعم السريع وأن بعضها بدأ يتحلل، واصفاً الأمر بأنه مروع.
وتنتشر قوات الدعم السريع في المناطق السكنية في جزء كبير من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين، وهو ما يدفع الجيش إلى شن ضربات جوية على نحو شبه متواصل.
وقال شهود إن الجيش بدأ أيضاً في وضع حواجز على بعض الطرق في جنوب الخرطوم لإبقاء قوات الدعم السريع بعيدة من قاعدة عسكرية مهمة هناك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معارك دارفور

كما اندلع قتال في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور وإحدى أكبر مدن البلاد، لليوم الثاني بعد هدوء نسبي استمر لأسابيع. وأفاد ناشط محلي بأن القصف بالمدفعية الثقيلة بدأ في الساعة العاشرة صباحاً وأن أشخاصاً عدة لقوا حتفهم.
وحصدت هجمات شنتها جماعات محلية واشتباكات لاحقة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور أرواح مئات.
وتتواصل محادثات وقف إطلاق النار برعاية السعودية والولايات المتحدة من دون تحقيق انفراجة كبرى في مدينة جدة السعودية. كما أدرج الصراع السوداني ضمن البنود الرئيسة على جدول أعمال قمة جامعة الدول العربية التي استضافتها جدة اليوم الجمعة.
ومع نشوب القتال انهار القانون والنظام وتفشت أعمال النهب لتطاول منازل ومصانع وأسواق الذهب وبنوكاً وسيارات وكنائس، ويتبادل طرفا الصراع الاتهامات في ذلك.
وأدى النقص السريع في مخزونات الغذاء والسيولة النقدية والضروريات الأخرى إلى حدوث كثير من عمليات النهب والسلب.
وشكت سارة عبدالعظيم (35 سنة)، وهي موظفة حكومية في الخرطوم من غياب جهة تحمي المواطنين. وقالت "لا أحد يحمينا، لا توجد شرطة، ولا توجد دولة، الحرامية يهاجمون ويسرقون منازلنا وكل ما نملك".

الخسائر والمساعدات

وقتل نحو 705 أشخاص في الصراع السوداني وأصيب ما لا يقل عن 5287، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتعهدت الولايات المتحدة اليوم الجمعة تخصيص مبلغ قدره 103 ملايين دولار للسودان وجيرانه لدعم النازحين في ظل الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب.
وأعلنت رئيسة "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" سمانثا باور المساعدات الجديدة خلال زيارة أجرتها إلى تشاد التي كانت تستضيف قبل اندلاع الحرب حوالى 600 ألف لاجئ معظمهم من السودان.
وذكرت الوكالة أنها ستخصص 50 مليون دولار للاستجابة للحاجات داخل السودان، و22 مليون دولار لجنوب السودان، إضافة إلى 17 مليون دولار لتشاد و6 ملايين لمصر.
في تشاد ستوجه الأموال إلى برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساعدات غذائية ونقدية لأكثر من 135 ألف شخص، بينهم لاجئون وصلوا حديثاً من السودان.
وذكرت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي، أنها ستحتاج إلى 3,03 مليار دولار كمساعدات عاجلة للسودان ولأكثر من مليون شخص يتوقع أن يفروا إلى بلدان مجاورة هذا العام.
ولفتت الوكالة الأميركية للتنمية إلى أن تشاد "تحت ضغط شديد" في الأساس، بينما يواجه جنوب السودان بدوره أزمة إنسانية داخلية.
وأفاد بيان الوكالة الأميركية بأن "النزاع في السودان يجبر الشركاء الإنسانيين في أنحاء المنطقة على اتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية التعامل مع الحاجات المتفاقمة بالاعتماد على موارد محدودة"، وأضاف "تحض الولايات المتحدة جهات مانحة أخرى على مساعدتنا في مواجهة الثغرات الخطرة في التمويل".
ويشهد السودان نزاعاً منذ الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي ترفض خطة لدمجها في صفوفه.

المزيد من الأخبار