Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتيال بلوغر في العراق يثير المخاوف من تصفيات "مؤثرين معارضين"

لم تصل التحقيقات إلى أية نتائج بخصوص معظم حوادث القتل التي جرت خلال الأعوام الماضية وقيدت ضد "مجهولين"

مقتل بلوغر عراقية تعرف باسم "أم فهد" في واحد من أكثر أحياء بغداد اكتظاظاً (أ ف ب)

ملخص

تثير حادثة الاغتيال الأخيرة كثيراً من التساؤلات حول الغايات التي تقف خلفها

في مشهد لم يغب طويلاً عن الساحة العراقية، أطلق مسلح يستقل دراجة نارية رصاصاته على "بلوغر" عراقية تعرف باسم "أم فهد"، ليرديها قتيلة في واحد من أكثر أحياء العاصمة العراقية بغداد اكتظاظاً، وهو الأمر الذي يعيد للأذهان مسلسل الموت الطويل الذي داهم البلاد خلال العقدين الأخيرين.

وقتلت الشابة غفران مهدي سوادي برصاصات مجهول، مساء الجمعة الـ26 من أبريل (نيسان)، وهو الأمر الذي أعاد فتح سلسلة من الأسئلة حول أسباب ودوافع الاغتيالات تلك والجهات التي تقف خلفها، في حين لم يتوصل إلى أية نتائج بخصوص معظم حوادث الاغتيال التي جرت في البلاد خلال الأعوام الماضية، وتم تقييدها في أغلب الأحوال ضد "مجهولين".

محاكمات "المحتوى الهابط"

وكانت "أم فهد" حوكمت العام الماضي وحكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر في فبراير (شباط) 2023، في ما أطلق عليه حينها بـ"حملة ملاحقة المحتوى الهابط"، وهو الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً، إذ عده مراقبون بوابة لقمع الحريات وتمهيداً لمرحلة مختلفة لا تتوقف عند ما أطلق عليه بـ"المحتوى الهابط" بل تتعداه لملاحقة معارضي سياسات حكومة "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران.

في السياق، قال شقيق المعروفة بـ"أم فهد" الأحد إن "القوات الأمنية سحبت العجلة الشخصية للضحية ومفاتيح المنزل وترفض دخولنا له".

في المقابل أعلنت وزارة الداخلية العراقية في بيان مقتصب فتحها تحقيقاً بالحادثة، فيما نفت الأنباء المتداولة حول "إلقاء القبض على مشتبه به".

عملية تخويف

وتثير حادثة الاغتيال الأخير كثيراً من التساؤلات حول الغايات التي تقف خلفه، وما إذا كان يمثل بداية لمسلسل دموي طويل يحيط بالأجواء العراقية مرة أخرى.

ويقول رئيس منطقة الشرق الأوسط في مؤسسة "غالوب الدولية" منقذ داغر، إن "ما جرى يتعدى حدود مقتل بلوغر ويصل إلى حد كونه عملية إخافة بأن ثمة إمكاناً لقتل أي شخص من دون التوصل إلى نتائج حول الجهات المتورطة وتقييدها ضد مجهولين".

ويلفت لـ"اندبندنت عربية" إلى أن تلك الحادثة وغيرها من الحوادث تأتي ضمن "وتيرة العنف المتصاعد في البلاد"، مبيناً أن "الأضواء لا تسلط عليه في الفترة الحالية، لكنه جزء من عملية الانفلات الأمني والاختراق السياسي الذي تعيشه البلاد".

حوادث متكررة

لم تعد حوادث القتل المستمرة في العاصمة العراقية بغداد في الفترة الأخيرة حدثاً مثيراً بشكل لافت، إذ تأثرت المدينة بموجات عنف مستمرة منذ عام 2003، حين سيطرت التنظيمات الإرهابية كتنظيم "القاعدة" على ملف الحريات المدنية وتعاملت معه بأعلى مستويات العنف وفرضت عقوبة القتل على الفعاليات المدنية التي تعتبرها منافية للقيم أو الدين، ولعل اللافت هو بعد انتهاء نفوذ تلك التنظيمات ورثت الميليشيات المسلحة الموالية لإيران كثيراً من مهماتها في ما يرتبط بملف الحريات، بحسب ناشطين سياسيين.

ولا يعد اغتيال "أم فهد" الأول من نوعه، إذ سبقته حوادث اغتيال عدة طاولت فتيات وعارضات أزياء أو ما يطلق عليه بـ"البلوغر". ففي عام 2018 مرت حادثة اغتيال تارة فارس من دون محاسبة، ولم يتوصل إلى الجهات التي تقف خلفه.

وعلى رغم تقييد معظم حوادث الاغتيال تلك ضد "مجهولين"، بدا أن السلطات لا تواجه مشكلة في التعرف على الجناة. ففي قضية اغتيال تارة فارس، قال وزير الداخلية حينها قاسم الأعرجي إنه "يعرف الجماعة الشيعية المتشددة التي اغتالت تارة وقتلت كثيرين، إلا أن ضابطاً رفيعاً في وزارته متعاطفاً مع تلك الجماعات التي تعتقد أن من حقها تطبيق الشريعة".

وفي السياق يقول الكاتب والصحافي العراقي أحمد الشيخ ماجد، إن الاغتيالات لمشاهير ما سمي بـ"حملة ملاحقة المحتوى الهابط" لم تبدأ مع إطلاق الرصاص على "أم فهد" بل سبقتها بأشهر عندما تم "إفراغ المستهدفين بتلك الحملة من أية صفة إنسانية أو أخلاقية، وبالتالي محاكمتهم من دون رادع أو اعتراض".

ويضيف أن تلك الحملة "سكبت كل رذائل النظام السياسي بمجموعة إن كان فيهم من لديه تصرفات خاطئة فهي أساساً تعود للبيئة التي خلقها رؤوس النظام وأعوانه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

‏ويشير إلى أن التصالح مع الاغتيال الأخير وإخفاء الأسئلة الحقيقية عنه، أثار تساؤلات عدة ترجع إلى حملة "المحتوى الهابط" نفسها، التي دفعت كثيرين إلى "الحديث عن أخلاق القتيل وعلاقته بمشكلات الابتزاز والضباط والسياسيين، التي هي بالأساس تدين النظام السياسي في البلاد".

ويختم أن "الفوضى التي تعامل بها النظام السياسي" مع ما أطلق عليه بـ"المحتوى الهابط" اتجهت في النهاية إلى "محاكمة القائمين على الحملة بتهم الابتزاز"، مبيناً أن تلك "هي الفوضى التي تسهل الاغتيالات بين الاغتيال القانوني والاغتيال الفعلي".

بداية مسلسل جديد من الاغتيالات

وأثيرت إشاعات مختلفة خلال الساعات القليلة الماضية بخصوص الأسباب التي أدت إلى حادثة الاغتيال تلك، إلا أن السلطات في البلاد سرعان ما نفت ذلك متعهدة بالتوصل إلى الجناة.

ومن بين تلك الإشاعات هي أن حادثة الاغتيال مرتبطة بالتحقيقات التي تجري مع مستشار وزير الداخلية سعد معن، إلا أن مدير إعلام الوزارة خالد المحنا نفى ذلك، مبيناً أن "قضية معن تخص بعض الصفحات التي ابتزت ضباطاً".

وتابع أن "أجهزة التحقيق ستتوصل إلى قتلة البلوغر (أم فهد)، وسيكون هناك عرض لهذا الموضوع أمام الرأي العام".

في السياق يعتقد الباحث والأكاديمي حميد حبيب أن حادثة الاغتيال "لن تكون الأخيرة خلال الفترة القليلة المقبلة"، مبيناً أنها ستمثل "بداية سلسلة تستهدف شخصيات مشهورة على وسائل التواصل الاجتماعي تارة، ومثقفين ومناوئين للنظام السياسي تارة أخرى".

وعلى رغم كون تلك الحوادث "تضر بسمعة البلاد"، بحسب حبيب، إلا أنها في الوقت ذاته "تخدم أجندات عديد من الميليشيات والأجنحة السياسية المسؤولة عن إثارة موجة من الرعب في أوساط معارضيها".

ويلفت إلى أن تلك الجماعات تستفيد من "إثارة موجات الرعب تلك، خصوصاً أنها تقابل إما بتقييد تلك الاغتيالات ضد مجهول، أو كما حصل في قضية الباحث الضحية هشام الهاشمي، إذ تم إطلاق سراح المتهم على رغم تدوين وتوثيق اعترافاته".

ويتابع أن "حال الإفلات من العقاب غير المسبوقة في البلاد هي التي تعزز وجود الجماعات المسلحة وتزيد من نفوذها على أجهزة الدولة".

ويلفت حبيب إلى أن احتمالات عدة ربما تقف خلف حادثة الاغتيال الأخيرة، من بينها أن احتمال أن تكون "محاولة من الميليشيات للتغطية على بعض الملفات المتفاعلة داخلياً من خلال إثارة البلبلة، أو تصفية حسابات من متنفذين في الدولة على ارتباط بتلك الشخصيات، أو حتى دوافع دينية متطرفة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير