Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب السودان تسكت صوت "شادن حسين" داعية السلام

سقوط قذيفة طائشة داخل منزلها في مدينة أم درمان جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع

قدمت المطربة السودانية شادن عدداً من الأغنيات التراثية (صفحة شادن على فيسبوك)

ملخص

شظايا حرب السودان تقتل المطربة الملقبة باسم "الحكامة" التي غنت للمحبة والسلم المجتمعي

على مدى عقد ونيف، ظلت الفنانة السودانية شادن محمد حسين داعية سلام عبر أغنياتها التراثية لإيقاف القتال ونبذ الفتن والعنف، بخاصة بعد الصراع الدموي القبلي الذي شهدته بعض مناطق البلاد. ولكونها شاعرة شعبية وناطقة بكلماتها المؤثرة، حملت في رسالتها الفنية ومشروعها الغنائي ثنائية نبذ الحرب والدعوة إلى السلام والوئام المنشودين، لتخاطب أمنيات ملايين السودانيين في حث الخطاب الجمعي للدعوة إلى وقف الحروب.

لكن المطربة الملقبة باسم "الحكامة"، التي غنت للمحبة والسلم المجتمعي، قتلتها شظايا الحرب السبت، إثر سقوط قذيفة طائشة داخل منزلها في مدينة أم درمان، جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ حوالى شهر.

مشروع التراث

منزل شادن محمد حسين في مدينة الأبيض، شهدت جدرانه على ولادة عائلة فنية موسيقية مثقفة من قبلية البقارة، وفي المنزل نفسه ولدت حسين وتلقت تعليمها الأساسي والثانوي، وتخرجت من جامعة أم درمان الأهلية، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية - قسم البنوك والتأمين، وركزت شادن على مشروع غناء التراث في مناطق جنوب وشمال كردفان غرب العاصمة الخرطوم، ووجدت أعمالها الفنية قبولاً لافتاً داخل السودان وخارجه، وسعت لنشره في الدول العربية والأوروبية، وشاركت في عدد كبير من المهرجانات. استفادت من البيئة المحيطة بها، وعملت على إعادة إنتاج أغنيات التراث بصورة مختلفة على مستوى الإيقاع والنغمات، وعقب بحثها في مجال إيقاعات الأبالة والسبارة والغنامة، خاضت تجربة مجال المسرح لفترة وشاركت في مسرحية "بوتقة سنار".

أشعار وأغنيات

قدمت شادن عدداً من الأغنيات التراثية منها (السكر حبيبا، عمتي، يوم بكرة) وغيرها، ومن أبرز الشعراء الذين تعاملت معهم المليح يحيى يعقوب، وهو من قبيلة الحوازمة في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان ومن قبيلة المسيرية، يحيى حماد باحث في التراث إلى جانب الراحل يوسف القديل والجبوري.

دعم الاحتجاجات

حين اندلعت الاحتجاجات السودانية ضد نظام البشير عام 2019، وجدت شادن محمد حسين نفسها ضمن صفوفها، وكان حضورها لافتاً في اعتصام محيط قيادة الجيش الذي أنهى عهد البشير بعد 30 عاماً من الحكم، كما وقفت ضد الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح البرهان عام 2021، وعندما بدأت الحرب الأخيرة وقفت ضدها، ويشهد بذلك آخر منشوراتها عبر حسابها على "فيسبوك"، ومنها، "الروح التي رخصت في بلدنا عند الله غالية، وعند الله لا يذهب شيء سدى، ومهما طال الليل لا بد من شمس باكر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حزن سوداني

ودون كثير من الفنانين والشعراء والصحافيين عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عبارات الرثاء للفنانة الراحلة.

وكتب الشاعر السوداني مدني النخلي على "فيسبوك" "إنا لله وإنا إليه راجعون، شادن الفنانة المهذبة، قتلتها أيادي البطش بشظية طائشة، تقبلها الله والعزاء للوطن وأهلها ومحبيها... سيرتها الحب والخير والجمال منذ عرفناها... أوقفوا الحرب اللعينة... يكفي قتل الزهور والعصافير والجمال".

ونعت الفنانة ندى القلعة، شادن "بمزيد من الحزن والأسى أتقدم بخالص التعازي والمواساة لأسرتها الكريمة ولكل أهلها ومحبيها وأصدقائها... اسأل الله تعالى أن يتقبلها القبول الحسن ويسكنها فسيح جناته ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان وحسن العزاء... إنا لله وإنا إليه راجعون".

الصحافي عامر آدم إسماعيل كتب على "فيسبوك" "أجريت لقاءً صحافياً مع الراحلة شادن حسين عام 2015، كانت متعمقة في التراث مهمومة بإضاءة تلك الأماكن المنسية عن عمد، كانت تؤمن أن الوصول إلى العالمية يكمن في التعمق في ثرواتنا المحلية من تاريخ وموسيقى، كانت متحمسة شغوفة متعلمة ومتمرسة محبة وداعمة لغيرها من أصحاب المشروع التراثي السوداني... رحمها الله".

مشروع مختلف

الباحث في التراث محمد عثمان الحلاج قال إن "مشاريع شادن الفنية كانت مميزة بحكم نشأتها الكردفانية، إلى جانب معايشة أغاني البنات والتراث والإيقاعات الفنية المتعددة عن قرب، خصوصاً نمط الأبالة على إيقاع الكرير الذي تجسده الراحلة في رائعتها:

ألبل عملن جوطة..

سيدن جرجر سوطة.

ذلك إضافة إلى أغنيتها خفيفة الإيقاع ذائعة الصيت (سكر حبيبة... لو حلفوني القسم أنا ما بسيبة)، وعديد من النماذج المشبعة بإيقاعات الجراري والمردوم والحسيس والتويا وغيرها".

وأوضح الحلاج أن "شادن تتمتع بشعبية وصيت وسط المهتمين والعارفين بالتراث، وتعد مرجعاً لا يمكن تجاوزه لكل الباحثين في تلك النوعية من النمط الغنائي في السودان".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير