Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعر الرسمي للدولار "أولوية قصوى" للحكومة العراقية

البنك المركزي يؤكد استمراره في تلبية طلبات الشركات والمواطنين وتجار السوق السوداء يستغلون جوازات المسافرين

إجراءات البنك المركزي العراقي أخيراً نجحت في تقليل الفارق بين السعر الرسمي والموازي للدولار (موقع البنك)

ملخص

تقييد تدفق الدولارات إلى خارج العراق أدى إلى ارتفاع قيمة العملة الأميركية مقابل الدينار العراقي في السوق السوداء

بات الوصول إلى سعر صرف موحد للدولار أولوية قصوى للحكومة العراقية، إذ يلجأ كثير من المواطنين إلى أساليب غير شرعية لاستغلال الفجوة بين السعر الرسمي والآخر الموازي، وشهدت الأشهر الماضية ارتفاعاً في أسعار العملة الخضراء نتيجة زيادة الطلب، إلا أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي العراقي أخيراً نجحت إلى حد كبير في تقليل الفارق.

وأكد المركزي العراقي استمرار تلبيته طلبات الشركات، وتمويل استيراداتهم من السلع والخدمات، فضلاً عن تمويل الحاجات الشخصية للمواطنين كالسفر والعلاج والدراسة عبر المنصة الإلكترونية للنقد، وتلبية طلبات المصارف وشركات الدفع الإلكتروني الخاصة بتعزيز أرصدتهم لتغطية تسويات بطاقات الدفع الإلكتروني وبسعر الصرف الرسمي 1320 ديناراً لكل دولار.

وكان البنك المركزي اعتمد سعر الصرف الرسمي خلال العام الحالي من 145 ألفاً إلى 130 ألف دينار في مقابل كل 100 دولار، إذ شكل ارتفاع سعر صرف الدولار اضطراباً في الحركة التجارية وأثر في القدرة الشرائية للمواطن.

الحصول على الدولار

قال الباحث الاقتصادي صلاح حزام إن قسماً من المواطنين العراقيين يستغل المبلغ المحدد بالدولار لكل مسافر فيحصل عليه بالسعر الرسمي، ويسافر لفترة قصيرة لتوفير النفقات ثم يعود بفائض معين بالدولار ويبيعه بسعر السوق السوداء ليحقق ربحاً بالدينار العراقي مستفيداً من فروق الأسعار.

وتابع أن "سبب نشوء الظاهرة هو التضييق المدفوع من قبل الجهات الأميركية على بيع الدولار للراغبين وجعل العملية مقننة ووفق ضوابط جديدة صارمة"، مشيراً إلى أن هناك أكثر من غرض وراء السعي إلى الحصول على الدولارات، منها ما هو تجاري ومنها ما له علاقة بتهريب أموال الفساد أو تمويل جهات معينة.

وأضاف حزام أن "الغرض التجاري في الغالب يكون بهدف استمرار الاستيراد من إيران مع عدم السماح بتمويل تلك الاستيرادات وتحويل الأموال عن طريق القنوات الرسمية بسبب العقوبات المفروضة على طهران، مما يدفع المستوردين للبحث عن أساليب أخرى للتمويل، ومنها جمع الدولار من السوق السوداء".

وحول الاستمرار في الإجراءات الأميركية وعدم تسهيلها، رأى حزام أنه "لا بد للحكومة من بعض الإجراءات للتخفيف من فرق السعرين وجعل العملية غير مجدية، وذلك بفرض غرامات كبيرة على المسافرين المخالفين، والعودة إلى نظام تحديد المبالغ المسموح بالحصول عليها من قبل المسافر بحسب الوجهة"، مستدركاً "لكن تبقى تلك المبالغ متواضعة قياساً بحجم التهريب ويمكن التغاضي عنها لأنه لا يمكن إلغاؤها تماماً، إضافة إلى ارتقاع تكاليف مكافحتها من ناحية ثانية".

وأشار إلى أن "استمرار مبالغ الفساد الضخمة في حد ذاتها يعتبر المحرك الأول لنشوء سعر السوق السوداء، والفساد في العادة مستعد للتضحية بهامش من أمواله لغرض تبييضها وتهربيها، لذلك فهو مستعد للبحث عن الدولارات بأي ثمن. ومن ثم فإن المفتاح لحل كثير من المشكلات هو محاربة الفساد بشدة والتضييق على الفاسدين وعدم ترك السبب الرئيس ومحاولة معالجة نتائجه".

خلق حوالات سوداء

من جهته قال مستشار رئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح إن إجراءات البنك المركزي العراقي أسهمت بالانخفاض التدريجي لسعر صرف الدولار واقتراب سعر الصرف الموازي من السعر الرسمي، مشيراً إلى أن السياسة النقدية للمركزي تهدف إلى تسهيل التحويلات الخارجية وفق ضوابط منصة الامتثال الدولية، وتسهيل مهمات الاستيراد من دون قيود واسعة، مستدركاً "لكن للأسف عصابات الجريمة المنظمة استغلت جوازات سفر المواطنين بشكل غير شرعي لخلق حوالات سوداء".

وأضاف صالح أن "هذه العصابات أثرت في خلق اضطراب وقتي في سعر صرف الدولار أمام مؤسسات الامتثال الدولية"، مبيناً أن "السياسة النقدية وسياسة الدولة والإجراءات الرادعة ستسهم بفرض قوة القانون والامتثال للنظام للحد من هذه الظاهرة الخطرة والتلاعب بحقوق المواطنين والقضاء على الجرائم الاقتصادية".

وبحسب المستشار المالي فإن "الوضع سيكون أفضل في الأيام المقبلة وسيعود صرف الدينار العراقي إلى التحسن كما كان قبل أشهر قليلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت بعض عصابات الجريمة المنظمة ظهرت في السوق المحلية والبورصة العراقية بعد تشديد إجراءات البنك المركزي لخفض سعر صرف الدولار أمام الدينار، لتهريب العملة إلى الخارج عن طريق سحب الدولار بواسطة جوازات السفر والتذاكر المزورة بطرق مدروسة لسحب الدولار من السوق.

وقال المواطن العراقي علي سالم إنه لجأ إلى شراء تأشيرة وتذكرة سفر في مقابل مبلغ من المال لكي يقدم على طلب الحصول على الدولار بسعره الرسمي من خلال أحد المنافذ التي خصصها البنك المركزي العراقي.

وأكد أن الحصول على الدولار وتطبيق إجراءات البنك المركزي العراقي أفضل بكثير من شراء العملة الأجنبية من المضاربين والشركات التي تبيعه بالسعر الموازي، إذ يكسب المواطن فارق السعر.

حماية المال العراقي

في السياق أكد أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن ارتفاع سعر الدولار جاء عقب فرض إجراءات خارجية تستهدف حماية المال العراقي من جهة وحماية النظام الدولي المالي من قبل البنك الفيدرالي الأميركي الذي يشترط اكتساب الحوالات الخارجية المعايير الدولية، وكان من الأجدر بالمؤسسات الرسمية أن تستعد لذلك، مبيناً أن "هناك كثيراً من التحذيرات الأميركية بعدم السكوت عن تهريب الدولار لتجنب حدوث أي تداعيات تؤثر بسعر العملة الخضراء أمام الدينار".

وأوضح السعدي أن تقييد تدفق الدولارات إلى خارج العراق أدى إلى ارتفاع قيمة العملة الأميركية في مقابل الدينار العراقي في السوق السوداء، الذي بدوره أدى إلى زيادة الطلب على الدولار.

وأكمل أن "العراقيين العاديين لا يستطيعون الآن الحصول على الدولارات إلا من محال الصرافة بالسعر الذي يحدده المضاربون، حيث إن البنك المركزي العراقي اتخذ إجراءات منها قرار يسمح للبنوك العراقية بإصدار بطاقات نقدية للمودعين تصل إلى 10 آلاف دولار بسعر الصرف الرسمي، ويمكن استخدامها في الخارج لسحب النقود، وألفي دولار للمسافرين العاديين"، مشيراً إلى أن "تجار العملة بدأوا في الأشهر الماضية التقدم بطلب للحصول على عشرات البطاقات المصرفية، ومنحها للمسافرين الذين سافروا إلى دول مجاورة لسحب الدولارات، لكن المشكلة في خلق طوابير من المسافرين ينتظرون بالساعات للحصول على الدولار".

وبحسب السعدي فإن أسباب خلق هذه الطوابير أمام بوابات البنوك تعود إلى موظفي المصارف المرخص لها بيع الدولار للمسافرين، إذ يتخذون وسائل عدة من أجل الاستحواذ على الدولار من خلال تذاكر سفر مزورة بالاتفاق مع شركات سفر.

وزاد أن هناك بنوكاً تشتري الدولار بفواتير مزورة أو بجوازات مواطنين اشترتها عن طريق موظفيها الذين يجلبونها في مقابل 100 دولار عن كل جواز.

وطالب السعدي بفتح منافذ إيداع جديدة أمام المسافرين للحصول على الدولار وتفعيل عمليات الرقابة عن طريق أشخاص مهنيين يتمتعون بالنزاهة، للحد من عمليات التلاعب وكشف عمليات تهريب الدولار أو المضاربة بطرق ممنهجة، مشيراً إلى أن 30 في المئة من المبالغ المبيعة في المنافذ الرسمية تذهب لمستحقيها، فيما تذهب 70 في المئة للشركات والمضاربين بالعملة عن طريق التحايل بإرسال مسافرين وهميين.

مكافحة غسل الأموال

وكان البنك المركزي العراقي كشف في وقت سابق عن إجراءاته في شأن قراراته الأخيرة لرصد عمليات غسل الأموال.

وقال معاون المدير العام لدائرة الاستثمارات في البنك المركزي محمد يونس في تصريح صحافي إن "مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أشار إلى أن قطاع العقارات هو الأعلى خطورة، لما له من مميزات جاذبة لغسل الأموال، وعلى أثر ذلك اتخذ البنك المركزي إجراءات تتناسب مع تلك المخاطر".

وزاد "تم وضع معالجات بالتعاون مع وزارة العدل ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ضمن خطة متكاملة تنفذ على مراحل متعاقبة، للحيلولة دون التأثير في العرض والطلب على تلك العقارات، وتدفع باستخدام الخدمات المصرفية وتعزيز الشمول المالي، وتضمن حقوق الطرفين في تسلم وتسليم الأموال".