Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 الانتخابات البلدية في لبنان أسيرة السجال الدستوري

إبطال قانون التمديد سيفتح الباب أمام الفراغ في المؤسسات

إبطال قانون التمديد سيفتح الباب أمام الفراغ في المؤسسات (رويترز) 

ملخص

المجالس البلدية في لبنان على موعد مع الفراغ التام في نهاية مايو الحالي
 

فتح قرار المجلس الدستوري اللبناني في شأن "تعليق العمل بقانون التمديد للمجالس البلدية" باب التكهنات حول مصير البلديات بعد انتهاء ولايتها في 31 مايو (أيار) الجاري، ناهيك بتحديد موعد جديد للانتخابات في حال اتجه المجلس إلى إلغاء قانون التمديد الذي أقره مجلس النواب في 18 أبريل (نيسان) 2023.

جاء قانون التمديد بصيغة ملتبسة فهو تحدث عن"تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لتاريخ أقصاه 31 مايو 2024"، مما ترك للحكومة حرية إجراء الانتخابات في الموعد الذي تراه مناسباً قبل انتهاء أجل المجالس الممددة. هذا القانون الذي أضيفت إليه عند النشر حيثيات نالت انتقادات كثيرة، تقدمت بحقه مراجعات طعن متعددة أمام مجلس النواب، أبرزها مراجعة تكتل "الجمهورية القوية"، وأخرى من نواب "التغيير". وقد أصدر المجلس قراراً بتعيين مقرر وتعليق العمل بالقانون المذكور. من جهته، أكد رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب في تصريح له أنه ستكون هناك جلسة للبدء بدراسة الطعون، لافتاً إلى أن المجلس سيبت في الطعون المقدمة في يوم 30 أو 31 مايو كحد أقصى" أي في موعد أقصاه نهاية ولاية المجالس. 

ماذا بعد قبول الطعن؟ 

في حال قبل المجلس الدستوري الطعون، وقرر إبطال قانون التمديد يكون أعاد تجربة عام 1997. في حينه أبطل المجلس القانونين الصادرين عن البرلمان، اللذين مددا ولاية المجالس البلدية والاختيارية لغاية 30 أبريل 1999، تاركاً للحكومة الحق في تحديد التاريخ. ويفرض سؤال "الفراغ" نفسه على الطاولة، في الفترة الراهنة حيث بلغت مؤسسات الدولة اللبنانية "حقبة العجز". وفي وقت، ترفض بعض الآراء القانونية تطبيق نظرية "تصريف الأعمال" على المؤسسات المنتخبة، وبالتالي عند انتهاء ولايتها تنتهي صلاحياتها. 

وفي السياق، يتمسك الخبير الدستوري خالد الخير بمبدأ استمرارية عمل المرفق العام لعدم الوقوع في المحظور ودخول المؤسسات في حالة من الفوضى والفراغ. 

ويؤكد الخير وجوب انتظار تقرير المقرر ومن ثم المجلس مجتمعاً، مشيراً إلى أن "التعليق يعني عدم العمل بالقانون، وحينها يفترض بالحكومة التحرك سريعاً فور صدور القرار لدعوة الهيئات الناخبة وتحديد موعد للانتخابات. ويرجح أن تؤدي حالة البلبلة الراهنة إلى التأثير على الموعد، وعندها نكون أمام تمديد جبري ريثما يتم إعلام البرلمان والحكومة بقرار إبطال التمديد من المجلس الدستوري، وصولاً إلى تحرك الداخلية لدعوة الهيئات الناخبة، والمطالبة بتأمين الاعتمادات والتمويل لإجرائها". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قدسية المواعيد

يأسف الخير لعدم احترام المهل الدستورية وولايات المجالس المنتخبة التي تعتبر جوهر النظام الديمقراطي في لبنان، معتبراً أن "الأولوية هي لاحترام المهل الواردة في قوانين المؤسسات وسير أعمالها، وهذا من البديهيات للمحاسبة إلا في حال حدوث ظروف استثنائية جداً، عندها لا يمكننا إقفالها بالمطلق، ومن هنا لا بد من تأمين عملها ولو بالحد الأدنى". كما يدعو الخير الحكومة إلى "الإفراج عن عائدات البلديات في الصندوق البلدي المستقل التي تشكل لها، ومحتجزة لدى وزارتي المالية والداخلية". 

كما يشكل التمديد المتكرر للمؤسسات ضربة لصلب الفلسفة الدستورية والديمقراطية، التي تقوم على مبدأ "التناوب على السلطة وتغييرها" بحسب الخير، الذي يتحدث في المقابل عن الحالة المأسوية للإدارة العامة في لبنان، ووضع اقتصادي مزرٍ جداً، حيث لا يأتي الموظف العمومي إلى مركز عمله إلا ليوم واحد في الأسبوع بسبب كلفة النقل العالية، وهذا بدوره سيشكل عبئاً إضافياً على إجراء أي انتخابات في المستقبل. 

يلفت الخير إلى أن "البلديات تعيش في ظل ظروف استثنائية، ولا تمتلك أي أموال لتسيير أعمالها، والأمر ينطبق على وزارة الداخلية التي تفتقر إلى القدرات المالية واللوجيستية". لذلك يتخوف من تكرار تجربة الانتخابات النيابية لناحية "عدم فوز إلا من ينفق المال الانتخابي والخدمات المشوبة بالشك".

التعليق سياسي

يعتقد وزير الداخلية السابق مروان شربل، أن لقرار التعليق وجهين، فمن ناحية هو إنذار للبلديات والمخاتير أن ولايتهم محدودة بتاريخ 31 مايو، ومن الناحية السياسية، يمنح القرار من يتقدم بالطعون الشعور بالرضى، مضيفاً أن "هناك جدية من قبل المجلس الدستوري في التعاطي مع الطعن". 

يتحدث شربل عن "مسؤولية كبيرة في حال ألغى القرار قانون التمديد برمته، حيث سيخلق مشكلة لا يمكن لأحد تحملها، وتحديداً لناحية تعطيل عمل المخاتير مما قد يتسبب بانهيار كامل لأننا نحتاجه في المعاملات اليومية، كما أن الشوارع ستفيض في النفايات في حال غياب البلديات". يشير شربل إلى أنه عند انتهاء ولاية المجالس البلدية والاختيارية ندخل في الفراغ، ولا يمكن للمحافظ أو القائمقام استلام صلاحيات المجالس البلدية المنتهية ولايتها، على خلاف ما كان يجري عند انحلالها واستقالتها خلال فترة الولاية العادية لتلك المجالس. 

ويشدد على خطأ تمديد المجالس في مايو 2022، حيث كان يجب تنفيذها بصورة متزامنة مع الانتخابات النيابية، وكان ذلك سيوفر على الدولة 10 ملايين دولار، وكذلك كافة السجالات والحوارات الراهنة، مستدركاً "لكن لا توجد إرادة لإجراء الانتخابات البلدية، وكان المطلوب تمرير الانتخابات النيابية، ريثما يتفرغ أهل السياسة لموضوع البلديات، وكذلك المخاتير الذين يشكلون مفاتيح انتخابية للأحزاب". ويكرر شربل أن "إجراء الانتخابات البلدية كان ممكناً من الناحية التقنية مع تلك النيابية، لأن لوائح الشطب كانت متوافرة، وقلم الاقتراع مجهز، ولم يكن هناك حاجة إلا لوضع صندوق إضافي للتصويت، علماً أنه ليس في جميع قرى لبنان توجد بلديات مما يسهل عليهم الأمر، ولكن لا توجد الإرادة لذلك". 

يرد شربل على ما يثار حول عدم القدرة على تمويل الانتخابات، وجعله مبرراً لتأجيلها، فهي من مسؤولية الحكومة ووزارة المالية، حيث كان يفترض إرسال كتاب من وزير الداخلية إلى وزارة المالية طالباً فتح اعتمادات إما من الاحتياطي في حال توفره أو إرسال وزير المالية كتاباً لمجلس النواب لفتح اعتماد خاص بإجراء الانتخابات. ويعتقد أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي صدر عن وزير الداخلية بسام مولوي هو في حكم غير الموجود، لأنه يجب توقيعه من قبل رئيس الحكومة ووزير المالية من أجل إتمام شروطه الشكلية. لذلك، يتوقع شربل أننا "في نهاية الشهر الحالي، إما سنكون أمام الفراغ أو صدور تقرير من المجلس الدستوري لتبرير عدم إلغاء قانون التمديد أو في حالة الخلاف بين أعضائه قد يغيب بعض الأعضاء عن حضور الاجتماعات مما يؤدي إلى عدم إكمال النصاب كما حدث في تجارب سابقة لأن المجلس الدستوري مؤلف من توازنات سياسية على غرار كافة مؤسسات البلد".

يخلص شربل "أعتقد أن المجلس الدستوري لن يبطل قانون التمديد، الأمر الذي يرضي مجلس النواب، في مقابل إرضاء المتقدمين بالطعون من خلال تعليق مؤقت ريثما يصدر القرار النهائي"، منبهاً إلى أن "قانون التمديد لم يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية إلى نهاية مايو 2024، وإنما مهلة أقصاها لسنة. مما يلزم وزير الداخلية البدء بتحضيرات إجراء الانتخابات خلال الصيف". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير