Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات البلديات اللبنانية كرة نار يتقاذفها المسؤولون

العائق الأكبر تمويلها مع عدم قدرة المرشحين الحصول على المستندات المطلوبة

 تعاني البلديات أعباء ملفات النفايات ومخالفات البناء وشح التمويل (اندبندنت عربية) 

ملخص

تعاني #البلديات_ اللبنانية ملفات متوارثة وحصول الانتخابات في موعدها ليس مضموناً

بعد سبع سنوات عجاف يأمل اللبناني في أن تحقق الانتخابات البلدية في مايو (أيار) المقبل التغيير المنشود على مستوى الإدارات المحلية للمدن والبلدات، ولكن تلك الأماني دونها عقبات كبيرة يتعلق بعضها بطبيعة النظام ووصاية السلطة المركزية على البلديات، أما بعضها الآخر فيتصل بالتركة الثقيلة لناحية الملفات المتراكمة من عهد إلى عهد، من دون أن ننسى أثر رسوخ العصبيات العائلية والسياسية داخل القرى والمجتمع بصورة عامة.

الانتخابات قائمة؟

في الثالث من أبريل (نيسان) الجاري أطلق وزير الداخلية بسام مولوي عجلة الانتخابات البلدية والاختيارية على رغم التشكيك المستمر بالقدرة على إجرائها في موعدها القانوني قبل الـ 31 من مارس (آذار) الماضي، وأكد المولوي "الجهوزية التامة" لدى الوزارة لإجراء الانتخابات وأعلن مواعيدها الرسمية، إذ تنطلق في السابع من مايو في محافظتي الشمال وعكار، وفي الـ 14 من الشهر ذاته تجري في محافظة جبل لبنان، وفي الـ 21 مايو في محافظتي بيروت والبقاع، وختامها الأحد الـ 28 من مايو في الجنوب.

وفي مقابل تأكيدات وزير الداخلية والبلديات إجراء الانتخابات في مواعيدها، إلا أن جملة عراقيل ما لاتزال قائمة، فعلى المستوى الأول نجد أن مراكز المحافظة التي تلعب الدور المركزي في العملية الانتخابية إعداداً وتنظيماً ليست مستعدة بعد، ويكشف مرشحون للانتخابات أنهم قصدوا المحافظة لتقديم ترشيحاتهم في الموعد المقرر (الخامس من أبريل)، ولكن لم تستقبل طلبات الترشيح بحجة عدم الجهوزية وطلبوا منهم العودة الأسبوع المقبل، ويتخوف هؤلاء من ضيق الهامش الزمني لأن ما تبقى قبل إجراء الانتخابات في مايو المقبل هو ثمانية أيام عمل أقله في المحطة الأولى أي محافظة الشمال.

كما تطرح عقبات أخرى أمام الانتخابات نفسها لناحية من سيدير العملية الانتخابية، إذ يعيش لبنان حالياً أمام إضراب وصل حد التمرد على السلطة المركزية من قبل موظفي الإدارة العامة والمعلمين في القطاع الرسمي، أي الكادر البشري لتلك العملية من المرحلة السابقة للاقتراع إلى يوم الانتخابات والفرز وتسليم الصناديق تمهيداً لإعلان النتائج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التمويل غير مؤمّن

ويبقى تأمين التمويل عقبة أساسية، فخلال مؤتمره الصحافي طالب وزير الداخلية اللبنانية الحكومة بتأمين التمويل لتلك العملية، وكأن الوزير أراد رفع المسؤولية عنه ورمي الكرة في ملعب الحكومة والمجلس النيابي، ومن جهتها تؤكد أوساط وزارة المالية أن تأمين التمويل لا يقع حصراً على وزارة المالية بل هو جهد جماعي، وبالتالي يفترض من الحكومة والجهات الدولية التحرك من أجل تأمين المال، وتتجه الأنظار إلى التمويل الخارجي للاعتمادات في ظل تراجع الاحتياطات المركزية بالعملة الأجنبية، والعين إما على هبات أوروبية أو اللجوء إلى حقوق السحب الخاصة SDR وحصة لبنان من الاحتياط الدولي المنشأ لدى صندوق النقد الدولي عام 1969، إذ يعتمد توزيع حقوق السحب الخاصة كوسيلة لتكملة احتياطات النقد الأجنبي الخاصة بالبلدان الأعضاء لتسمح لها بتقليص الاعتماد على الدين الداخلي أو الخارجي العالي الكلفة، وكان لبنان حصل على حصته من الصندوق وهي 860 مليون دولار عن عام 2021، و275 مليون دولار عن 2009 بناء على طلب وزارة المالية.

يؤمل أن تشكل الانتخابات البلدية مدخلاً للخروج من الحلقة المفرغة التي تعيشها البلديات المنحلة ومن لعنة التمديد تلو التمديد في لبنان، ففي المستوى الأول هناك عدد كبير من البلديات المستقيلة والمنحلة، وعليه فإن عدم إجراء الانتخابات سيشكل تفاقماً للمشكلة ويزيد الأعباء على متسلمي إدارة أعمالها بالوكالة.

مشكلة البلديات المنحلة

تنطلق قائمقام زغرتا إيمان الرافعي من تجربتها في إدارة شؤون البلديات المنحلة في الشمال لتتحدث عن تلك الأعباء الإضافية، فهي موكلة بأعمال المجالس البلدية المنحلة في مدينتي الميناء والقلمون، وتتعهد إدارتها وصلاحياتها بصورة إضافية على مهماتها الأساسية، ومن هنا فهي تفضل أن تمارس الصلاحيات المنوطة بالبلديات من قبل رئيس مستمر وصاحب صلاحية.

وتلفت إلى أنه "على رغم الصعوبات والأوضاع الحالية لموظفي القطاع العام، تتم إدارة شؤون البلديات للحفاظ على استمراريتها وتأدية الخدمات العامة للمواطنين".

وتشرح الرافعي آلية تعيين الوكيل، فبعد حل المجلس البلدي يكلف المحافظ أو القائمقام بأعمال البلدية المنحلة وفقاً لقانون البلديات بقرار صادر عن وزير الداخلية والبلديات، وتؤكد الدور الأساس لموظفي البلديات الكبرى في إدارة أعمال البلدية وفي معاونة مدير شؤون البلدية، إلا أن وجود مجلس بلدي مكتمل الصلاحية هو أمر أسلم لناحية الإسهام في وضع القرارات اللازمة بالتنمية المحلية.

من ناحية أخرى هناك تخوف من التمديد وعدم إجراء الانتخابات على غرار ما جرى بعد عام 1963، وبحسب تقرير الدولية للمعلومات جرت الانتخابات عام 1963، وكان يفترض أن تجرى بعد أربع سنوات وفق النظام القديم، ولكن تم تمديد الولاية لتصبح ست سنوات، ومن ثم لم تعد تجري الانتخابات على رغم استقرار الأوضاع الأمنية.

واستمر الأمر على ما هو عليه إلى عام 1998، أي بعد 26 عاماً، وفي الفترة الفاصلة بين 1967 و1998 صدر 21 قانون تمديد وكان لبعضها مفعول رجعي.

التركة الثقيلة 

وتعاني البلديات تركة ثقيلة، فقد استفحلت مشكلة النفايات وتعاني معظم البلديات عدم وجود إستراتيجية مستدامة لإدارة النفايات الصلبة، كما تعاني انهيار الليرة اللبنانية مما يؤدي إلى تراجع كبير في المداخيل التي تجبيها البلديات وفق العملة الوطنية، كما لا يمكن تجاهل استفحال المخالفات والاعتداء على الأملاك العامة من خلال البناء عليها دون ترخيص مما يشكل مؤشراً إلى تراجع هيبة الدولة ومؤسسات تطبيق القانون.

والبلديات لا تحصل على حصتها من الصندوق البلدي المستقبل أي حصتها من الضرائب العامة إلا "بطلوع الروح"، وعلى سبيل المثال فقد بدأ عام 2023 دفع جزء من حصة البلديات عن عام 2020، أي أن تأخيراً كبيراً حاصلاً.

كما تعتمد السلطة المركزية أسلوب التقسيط والحسم، إذ تحسم كلفة طمر النفايات بصورة مسبقة مما يخلق مشكلة كبيرة للموازنات، ومن هنا ينبه المسؤولون الماليون لإحدى البلديات الكبرى إلى أن "معظم البلديات ستقفل أبوابها في حال لم تسدد الحسابات القديمة، وبالتالي فلا بد من دفع حصص البلديات كاملة لغاية عام 2022، وأن تدفع عائدات الصندوق أقله وفق دولار 15000 ليرة لبنانية ووفق التسعيرة المعتمدة في الموازنة العامة، وهناك خوف من وجود نيات لإعطاب الإدارات الرسمية كافة من وزارات ومؤسسات عامة وبلديات، علماً أن البلديات القوية هي ضرورة للدولة في مختلف أشكالها سواء كانت فدرالية أو مركزية".

قانون معجل مكرر 

ومما لا شك فيه أن تحرير عائدات الصندوق البلدي المستقل هو ضرورة لتفعيل عمل البلديات، ويؤكد النائب رازي الحاج من "تكتل الجمهورية القوية" أهمية إقرار القانون المعجل المكرر الرامي إلى إنشاء "الصندوق البلدي المستقل" لتوزيع الأموال المشتركة للبلديات واتحاد البلديات.

وجاء اقتراح القانون بمادة وحيدة، إذ أشار إلى "أنه لحين إقرار اللامركزية الإدارية ينشأ صندوق مستقل يتمتع بالشخصية المعنوية والمالي، على أن يحل الصندوق المستحدث محل الصندوق البلدي المستقل القائم، وتبدأ ولاية مجلس إدارة الصندوق من رؤساء البلدية القائمة ويجري انتخاب اثنين منهم عن كل قضاء من قبل رؤساء البلديات أو من يحل مكانهم في حال شغور مركزهم، على أن تبدأ ولاية مجلس الإدارة وتنتهي مع ولاية المجالس البلدية.

ومن أهم مدرجات الاقتراح ما يتوجب على المؤسسات العامة والخاصة والمختلطة والمصالح المستقلة من تحويل الأموال العائدة للصندوق البلدي المستقل مباشرة وبصورة فصلية سواء كانت من عائدات الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة المستوفاة من المشتركين بخدمات الماء والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتودع أموال الصندوق في مصرف لبنان ضمن حساب خاص لتحرك الأموال وفقاً للأصول بقرار مجلس إدارة الصندوق، كما يحظر صرف أية مبالغ من الحساب الخاص لدفع رواتب أو أجور أو نفقات لأي جهة كانت غير تلك المتعلقة بتوزيع الحصص على البلديات واتحادات البلديات.

ويشدد النائب رازي الحاج على أن "الأموال ملك البلديات ولا بد من أن تمتلك حق التصرف بها حصراً، وبالتالي لا يحق للسلطة المركزية اقتطاع أي مبالغ أو تحويلها ساعة تشاء أو أن تستخدمها لأمور أخرى"، مشيراً إلى أن "اقتراح القانون يأتي في سياق حماية حقوق البلديات وأموالها وأن تحصل على مخصصاتها بصورة فورية، وجاء الاقتراح ليقر آلية مستقلة عن الدولة المركزية وإدارة خاصة بها".

كما يأتي اقتراح القانون تمهيداً لإقرار اللامركزية الإدارية التي يفترض إنشاؤها لاحقاً، إذ سيكون هناك صندوق لتوزيع العائدات لمصلحة المناطق اللامركزية والبلديات، ومن هنا يكتسب القانون الصفة الموقتة ريثما يقر قانون اللامركزية الإدارية حسب الحاج.  

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات