Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تكريم طالبات محجبات يثير ضجة في الكويت

رجل دين يدعمه شرعاً ومراقبون يعتبرونه تمييزاً بين الفتيات

 حفلة تكريم في مدرسة أم عطية الأنصارية، في منطقة عبدالله السالم، لطالبات صغيرات بسبب ارتدائهن الحجاب (مواقع التواصل الاجتماعي )

ملخص

لاقى احتفال نظمته مدرسة كويتية لتكريم طالبات صغيرات بسبب ارتدائهن الحجاب تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، وأخذت ردود الفعل منحنى دينياً واجتماعياً واسعاً بين تأييد وانتقاد لصغر عمر الفتيات.

لاقى احتفال نظمته مدرسة كويتية لتكريم طالبات صغيرات بسبب ارتدائهن الحجاب تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، وأخذت ردود الفعل منحنى دينياً واجتماعياً واسعاً بين تأييد وانتقاد لصغر عمر الفتيات.

وانتقدت ست جمعيات كويتية احتفال مدرسة أم عطية الأنصارية في منطقة عبدالله السالم، معتبرة في بيان مشترك أن "الحجاب حرية شخصية نحترمها ونرفض استخدامه للتمييز بين الطالبات في المؤسسات التربوية الرسمية".

ورأت الجمعيات أن تصرف المدرسة التابعة لوزارة التربية "غير مسؤول وكفيل بأن يؤثر في حرية الطالبات غير المحجبات، ويشكل عامل ضغط مما سيؤدي إلى اتخاذهن قرارات غير مدروسة في مثل هذه السن".

الحجاب في الكويت

وتاريخياً كانت الفتيات الكويتيات قبل بلوغهن يلتزمن بارتداء "البخنق" عندما يخرجن للعب في الشارع أو لأي سبب آخر، والبخنق رداء يحوي فتحة مخصصة للرأس ويكون مزيناً بالتطريز الذي يأتي حول الوجه ليمسك بالفك وينسدل على الأكتاف والصدر ويغطي ثلاثة أرباع الجسم لليافعات أو ما قبل منتصف الساق للصغيرات.

وبحسب المؤرخ الكويتي سالم المسباح فإن الفتيات قديماً بعد بلوغهن يرتدين "المغفرة" في البيوت، وإن خرجن يلبسن الثوب والعباءة التي تغطي الرأس وتحتها "البخنق".

إلا أنه مع النهضة الشاملة وإقرار الدستور طالبت الكويتيات بحقوقهن ومن ضمنها ما أقره الدستور في مادته الـ (29) من أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين".

وفي خمسينيات القرن الماضي خرجت مظاهرات للكويتيات طالبن فيها بنزع الحجاب تماشياً مع النهضة المدنية الشاملة وأسوة بالمظاهرات النسائية التي انطلقت في مصر والبحرين لتحصيل الحقوق المشروعة، وفقاً للمسباح.

آراء متباينة

ويحاول الباحث الاجتماعي الكويتي حمد جاسم الفواز تقديم صورة إنسانية من التعبيرات الصادمة على وجوه الفتيات غير المحجبات والتي جذبته خلال التكريم بقوله، "نظيراتهن المحجبات قد يكون حجابهن في الأساس بقرار من الوالدين أو ما نسمعه اليوم من ترغيب للقاصرات عبر الهدايا والنقود والتسوق لتشجيعهن".

ويقول الفواز لـ "اندبندنت عربية" إن "هذه النظرات من الطالبات المتابعات للحفل شدتني، وكنت أتمنى من ناظرة المدرسة محاولة فهم وجهة نظرنا بتجرد وتكلمنا بعيداً من اتهامنا، لأنني وجدت في ردودها نوعاً من الاستنقاص لأفكارنا".

تصنيف منتقدي التكريم "كأعداء للدين" أمر أزعج الباحث الكويتي كثيراً ودفعه إلى الحديث عن أنهم "ضد فرض التدين أو دعم رأي ديني ضد آخر، لأنني أرى أن تكريم الطالبات اللاتي يؤمن بالحجاب كفريضة بمثابة استنقاص أمام زميلاتهن اللائي لا يرتدينه إلا عند وقت الصلاة أو كسنّة أو ورع وغير ملزمات بتبرير ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستطرد الباحث الاجتماعي، "أتمنى أن يكون التكريم بحسب التحصيل الدراسي والتفوق العلمي، ولا نرضى إقحام الدين بما يخالف الدستور الكويتي الذي كفل للمرأة اختيار أسلوب الحياة كما تريدها".

ويروي، "عندما نسأل المحجبة لماذا تخلع حجابها بعد أن تكبر في العمر يكون الرد في الغالب أنها تحجبت بطلب من والديها ومن دون قناعة منها"، متسائلاً "ماذا لو تم تكريم الشباب على تدينهم الظاهري في المدارس الحكومية؟"

لكن رجل الدين فرحان عبيد الشمري في حديثه حول رأي الشرع بتكريم الفتيات المحجبات يؤكد في تصريح خاص أن "مديرة المدرسة قامت بمسؤوليتها الشرعية والتربوية من حيث التشجيع على الأخلاق الفاضلة والعادات الإسلامية".

وقال، "الاحتفال بالمحجبات بحفل مدرسي ليس فيه إساءة إلى أحد لأن المديرة تشجع العادات الاجتماعية الحميدة والآداب الإسلامية المطلوبة ولم تجبر أحداً على ارتداء الحجاب ولم تسيء إلى واحدة من الطالبات غير المحجبات".

خجل الفتيات

من جانبها أوضحت مديرة مدرسة أم عطية الأنصارية هيلاء التنيب لـ "اندبندنت عربية" أن فكرة التكريم "بدأت بعد تواصل من والدات الطالبات المحجبات، إذ لاحظن شعور بناتهن بالخجل وفقدان الثقة بسبب أنهن قلة أمام مئات من الزميلات غير المحجبات، فكان الحفل مبادرة من إدارة المدرسة لتعزيز مكانتهن".

واستنكرت التنيب ردود الأفعال الرافضة للحفل قائلة، "أستغرب حقيقة هذا الصوت العالي والانفعال غير المبرر واتهامنا بالتمييز والعنصرية على رغم أن ما قمنا به سلوك تربوي إسلامي لثوابت ديننا وقيمنا، وأغلب المدارس تكرم الطالبات المحجبات ليس تميزاً وفرقة وإنما تشجيعاً لغرس قيم ديننا التي نصت عليها المادة الثانية للدستور".

وتضيف، "كل الطالبات بناتي إن كن محجبات أو غير ذلك، بخاصة أن أعمارهن صغيرة ولا نفرق أبداً أو نميز في ما بينهن، ولكن الهدف مثلما ذكرت مسبقاً هو تعزيز وثبات المحجبات على سلوكهن في ارتدائهن للحجاب والاحتشام وتعزيز الثقة بأنفسهن، ولم أواجه ما قمت به من سلوك تربوي وإيجابي وتعزيزي لوحدي بل تضافرت جميع الجهود والرأي العام يقف في صفي ويثني على ما قمت به".

عقدة الجسد

ومن زاوية مختلفة ترفض الأكاديمية في جامعة الكويت حنين الغبرا واقعة التكريم فتقول، "للأسف إذا نظرنا إلى التاريخ فإن الحجاب دائماً ما يعمل كمؤشر عنصري مرتبط بجسد المرأة المسلمة، وفي حين يجبر بعضهن في بعض البلدان على خلعه يتم إجبار بعضهن الآخر على ارتدائه".

وتؤكد أن "المرأة إما تستخدم كأداة من قبل الغرب للدخول اقتصادياً وسياسياً إلى منطقتنا باستخدام مصطلحات المرأة المسلمة مضطهدة ويجب تحريرها، وفي الغالب تحريرها يرتبط بخلع الحجاب، أو كأدوات هنا إذ يتم الاحتفاء بها من طريق التغطية بدلاً من أن يتم تقدير إنجازاتها ونجاحها وتعليمها".

وتضيف، "إذا لم نتوقف عن ربط المرأة بالحجاب فسنستمر في السيطرة على جسدها، وهنا المشكلة لأن المرأة المسلمة ستظل محاصرة دائماً بين بطريركيتين، إحداهما تجبرها على خلع الحجاب والأخرى على ارتدائه".

وختمت حديثها بأنه "في هذه الحادثة الأخيرة التي احتفلت فيها مدرسة بارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب، كان ذلك مفتعلاً ومدمراً ومشوشاً للفتيات اللواتي يكافحن بالفعل لتطوير هويتهن"، متسائلة "هل يمكنك تصور مدى شعور أولئك الذين تم استبعادهم؟"

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي