Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بنغازي تحيي الذكرى السادسة لاغتيال عبد السلام المسماري

اشتهر بمعارضته لسيطرة "الإخوان" على السلطة

عبدالسلام المسماري الذي اشتهر بمعارضته حكم الإخوان (مواقع التواصل الاجتماعي)

أحيت مدينة بنغازي الذكرى السادسة لاغتيال واحد من أبرز رموزها السياسيين، الناشط عبد السلام المسماري، الذي اشتهر بمناهضته التيارات الإسلامية ودعواته إلى مدنيّة الدولة ومحاربته الفساد.

 كما اشتهر بجملته "لا بد من ليبيا وإن طال النضال" التي أعاد مدونون ليبيون نشرها مع صورته في ذكرى مقتله كتكريم للرجل الذي بات أيقونة ورمزاً لكثيرين من المناضلين الليبيين المدافعين عن الحقوق والحريات.

عداء لجماعة الإخوان

اغتيل المسماري في السادس والعشرين من يوليو (تموز) 2013 عقب خروجه من المسجد الذي كان يؤدي فيه صلاة الجمعة وهو محام وناشط سياسي وحقوقي من مواليد بنغازي (1968)، ومن الشخصيات التي شاركت في التظاهرات المناوئة لحكم العقيد السابق معمر القذافي في 17 فبراير(شباط) 2011.

اشتهر بمعارضته لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة في البلاد، بعد ثورة فبراير، إذ كان أول من انتقد محاولات سيطرة هذه الجماعة على المجلس الوطني الانتقالي السابق، عندما كان رئيساً لما يُعرف بائتلاف السابع عشر من فبراير.

وأدى اغتياله إلى خروج تظاهرات في المدينة تندد بالإرهاب وبعمليات الاغتيال التي كانت على أشدها آنذاك.

نضال ومظاهرات

برز المسماري بعد سنوات الثورة، من خلال تنظيم تظاهرات ومسيرات عدة، بدأت منددةً بعمليات الانتقام من المناصرين لنظام القذافي بعد انتصار الثورة، ومن ثم نظّم مسيرات احتجاجية ضد سيطرة تيار الإسلام السياسي على المجلس الوطني الانتقالي، أول جسم تشريعي بعد الثورة.

وبعد سلسلة الاغتيالات التي طالت منتسبي الجيش والشرطة والهيئات القضائية والناشطين في بنغازي بداية من عام 2012، وقف المسماري في وجهها وكالعادة نظم مسيرات منددة بها واتهم في لقاءات تلفزيونية عدة التنظيمات الإسلامية الناشطة في المدينة (داعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين) بتدبير عمليات القتل الممنهجة لخلق حالة من الفراغ الأمني والسيطرة لاحقاً على المدينة.

مواجهة باسلة للموت

كان المسماري في آخر أيامه، يعلم أن هناك من يسعى إلى قتله وإسكات صوته، وظهر ذلك في منشور شهير له في صفحته على "فيسبوك" قال فيه "لمن يهددون باستخدام العنف ضدنا أو القتل او التغييب بسبب مواقفنا الوطنية، نقول لكم سنهزمكم بنضالنا السلمي، أقوى سلاح بيد الشعوب. فخلال انشغالكم بالصراع على السلطة ونهب أموال ليبيا، نجحنا في تغذية وعي الشعب بالأفكار والحقائق التي بلورت ولادة تيار شعبي واسع يرفضكم، ويدرك تجاوزاتكم والضرر الذي ألحقتموه بالوطن".

حلقة في سلسلة مرعبة

يُعتبر اغتيال المسماري، الأشهر بين عمليات الاغتيال التي أصابت لعنتها المدينة التي تُعد عاصمة الشرق الليبي، وثاني أكبر مدن البلاد، ولكنه ليس إلا حلقة في سلسلة محزنة امتدت لعامين متتاليين.

وتفيد الإحصاءات بأنه "بين عامي 2012 و2014" تجاوزت عمليات الاغتيالات أكثر من 700، وغالبية الضحايا من عناصر الجيش والشرطة والنشطاء المدافعين عنهما والمحاميين والحقوقيين وبعض الإسلاميين المنتمين إلى التيار السلفي.

وتوصف هذه الحقبة بالأسوأ والأكثر دموية في تاريخ المدينة، التي كانت شرارة الثورة ضد نظام القذافي، وأول مدينة اكتوت بنار الفوضى التي خلفتها بعد سقوط النظام وانهيار المؤسسات وعلى رأسها الجيش والشرطة، فكانت خلال هذين العامين، تنام على تفجير وتصحو على اغتيال، ودُمرت فيها بشكل ممنهج عبر سلسة تفجيرات كل مراكز الشرطة، حتى جاء يوم لم يكن في بنغازي مركز شرطة واحد يعمل بشكل طبيعي.

 وكان الخروج خلال تلك الفترة "المظلمة" إلى الشارع بزي الجيش أو الشرطة يمثل انتحاراً بكل ما للكلمة من معنى.

اغتيال النساء والسفير الأميركي

طالت يد القتل في بنغازي بعد الثورة وحتى منتصف عام 2014، كل من علا صوته، من دون تفريق بين رجل وامرأة، صغير أو كبير.

ولعل أشهر النساء اللواتي اغتلن في تلك الفترة، الناشطة والحقوقية سلوى بوقعيقيص التي مُزقت طعناً في بيتها من قبل مجهولين، اتضح في ما بعد أنهم ينتمون إلى تنظيم داعش، في حادثة هزت أركان المدينة وأبكت أهلها دماً.

 ولعل الاغتيال الأبرز الذي شهدته المدينة، كان اغتيال القنصل الأميركي كريستوفر ستيفينز في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2012، الجريمة التي اتُّهم بتدبيرها أحمد بوختالة، المنتمي إلى تنظيم القاعدة الذي قبضت عليه الولايات المتحدة في العاصمة الليبية في عملية نفذتها فرقة خاصة واقتادته بعدها إلى سجونها.

رفرفة الرايات السوداء

تزامنت حالة الفوضى والعنف غير المسبوق في بنغازي مع العامين الأسودين، كما يصفهما أهل المدينة مع ظهور تنظيم داعش.

وحمّلت النيابة العسكرية التنظيم بعد سنوات، مسؤولية المجازر التي ارتُكبت في بنغازي.

ويقول أحد مواطني المدنية لـ "اندبدنت عربية"، "لقد كانت أيام خوف ورعب وبؤس، لم تشهد لها بنغازي مثيلْ. كان القتل حدثاً يومياً والتفجيرات تستهدف كل من له علاقة بالجيش والشرطة من مؤسسات وأفراد أو من يدافع عنهم ويتعاطف معهم. لقد بات الذهاب إلى المدافن روتيناً في حياة أهل المدينة".

أيام لا مثيل لها

وعن الوضع حالياً بعد سيطرة الجيش الوطني على بنغازي مقارنةً بتلك الأعوام، يقول مواطن فضّل عدم ذكر اسمه "ليست هناك مقارنة، صحيح أن الوضع حالياً ليس مثالياً ونشهد بين الفينة والأخرى تجاوزات تزعجنا جميعاً في بنغازي، لكن على الأقل توقف نزيف الاغتيالات، وقلّت حتى تكاد تنعدم التفجيرات التي كان صوتها مألوفاً لسكان بنغازي في تلك الفترة. نحن الآن نرى الشرطة تعمل والمحاكم ومعسكرات الجيش ربما ليست بالكفاءة المطلوبة أو المثالية، لكنها سدت الفراغ القاتل الذي عانته المدينة أمنياً بعد الثورة".

تجاوزات مقلقة

في المقابل، يقول مواطن آخر لـ "اندبندنت عربية"، "على الرغم من الاستقرار بدرجة كبيرة حالياً في بنغازي بعد سيطرة الجيش عليها، عقب حرب شرسة خاضها ضد التنظيمات الإرهابية، وعلى الرغم من عودة مؤسسَتَيْ الجيش والشرطة إلى العمل وإعادة بناء المراكز الأمنية والعسكرية، فإن تجاوزات متفرقة ومتنوعة تحدث على الصعيد الأمني باتت تقلق جدياً أهالي المدينة، منها على سبيل المثال، حالات الانتقام واستيفاء الحقوق خارج إطار القانون وتحت مظلة القضاء، وتكرر العثور على جثث لأشخاص منتمين إلى الجماعات المتطرفة، وبعض حالات الإخفاء القسري كما حصل مع النائب في مجلس النواب سهام سرقيوة أخيراً، وعميد بلدية بنغازي السابق أحمد العريبي، وهي انتهاكات مزعجة".

المزيد من العالم العربي