Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرماية في غزة... لعبة الإرادات المتتابعة

شبابها يتدربون ذاتياً ويصنعون سهامهم بأنفسهم ويتجمعون لاستعراض المهارات وتصويب الأخطاء وأعينهم على "أولمبياد باريس"

تمكن الهواة سابقاً من المشاركة في بطولة كأس آسيا للقوس والسهم ضمن المنتخب الفلسطيني (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

في غزة تعد رياضة القوس والسهم نادرة جداً ويمارسها نحو 1000 من الهواة يفتقرون إلى الصالات أو النوادي المخصصة لها.

على بعد 70 متراً من لوحة الهدف وقف نسيم لافي عند خط الرماية ينظر بتركيز إلى حلقات أقراص التسديد الخمسة الملونة، ويركز نظره على أصغرها ذات اللون الأصفر قبل أن يصوب سهم قوسه في محاولة منه لإصابة نقطة الارتكاز بدقة.

رفع نسيم قوسه الأولمبي وشد خيط الوتد استعداداً لعملية التصويب، وأخذ يرسم في عينه ومخيلته مسار سهمه الأول، وما إن سمع صفارة الحكم حتى أطلق السهم ليصيب الدائرة الزرقاء ويرتكز على طرفها.

ولم يتوقف نسيم عن عملية التصويب وأخذ يسحب سهامه واحداً تلو الآخر من الحقيبة التي يعلقها في جنبه الأيمن ويطلقها بالتتابع نحو حلقات لوحة الهدف بسرعات متفاوتة لا تتجاوز ثلاث ثوان، وما إن نفدت السهام حتى بدأ الحكم يعد النقاط التي حققها الشاب بضرباته.

وتعد رياضة القوس والسهم من رياضات الرماية، وتعرف أيضاً باسم "النبالة" وهي مهارة يصوب فيها اللاعب على قرص مقسم إلى خمس حلقات مختلفة الألوان، وللعبة اتحاد دولي يضم 134 اتحاداً وطنياً بينهم الاتحاد الفلسطيني للرماية والقوس، ويقام لهذه الرياضة أولمبياد بشكل مستمر.

أصاب نسيم قرص الأهداف بـ 54 سهماً من أصل 72 أطلقها، واحد منها أصاب الحلقة الصفراء والباقية توزعت على مختلف الحلقات الملونة، وقد يئس الشاب كثيراً وغضب من النتائج التي حققها. يقول، "قُطر لوحة التسديد يبلغ 1.2 متر وضربة واحدة أصابت نقطة الوسط، سأحتاج إلى جهد مضاعف في عملية التدريب وربما لا أستطيع المشاركة بهذا الأداء في الأولمبياد الدولية".

لا نواد ولا إمكانات

ومنذ أكثر من عام يتمرن نسيم على رياضة النبالة في أرض فارغة وسط قطاع غزة، معتمداً في تدريباته على نفسه لتعلم مهارة حمل القوس الذي يزن نحو 18 كيلوغراماً، ورمي الأسهم ذات المواصفات الأولمبية.

ويقول الشاب، "ما زلت أكتسب مهارات جديدة في التدريب فأنا أتعلم أبجديات النبالة بجهد ذاتي وأستعين بمقاطع الفيديو التي تبث عبر منصة ’يوتيوب‘ وكذلك أتواصل مع مدربين وخبراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

 

 

وفي غزة تعد رياضة القوس والسهم نادرة جداً ويمارسها نحو 1000 من الهواة يفتقرون إلى الصالات أو النوادي المخصصة لها، كما لا يوجد مدربون لهذه اللعبة داخل القطاع ولذا تجري ممارستها بجهود ذاتية وإمكانات بسيطة.

وانضم الهواة في غزة إلى اتحاد فلسطين للرماية والقوس المنضم بدوره إلى الاتحاد الدولي للعبة وتمكنوا في وقت سابق من المشاركة في بطولة كأس آسيا للقوس والسهم ضمن المنتخب الفلسطيني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد النبّال نسيم أن أول حاجز تصطدم فيه رياضة القوس والسهم الأولمبية في غزة هو عدم توافر النوادي الآمنة والمخصصة للرماية نتيجة ضعف الاهتمام الرسمي بها.

ولا يتوقف نسيم عن تدريب نفسه ليشاركه الأمر ذاته جميع رماة القوس والسهم في غزة، الذين يحاولون أن يجتمعوا بشكل أسبوعي لاستعراض المهارات الجديدة التي تعملوها.

ويشير نسيم إلى أن "هدف تجمعهم هو أن يصوبوا لبعضهم الأخطاء، فالتدريبات تجري بأدوات بسيطة ومن دون إشراف مدرب، والجميع يحتاج إلى تثقيف وتطوير بخاصة أننا نمارس الرماية العربية والأولمبية على حد سواء، ونقوم بذلك لنتجهز للتأهل لـ ’أولمبياد باريس 2024‘".

أقواس أولمبية من القطاع

ويمارس نسيم رماية الأسهم على قوس صنع محلياً في غزة بعد أن عجز عن استيراد واحد من خارج القطاع، وحينها قرر زميله أحمد الزهار صناعة أقواس الرماية بنفسه.

يقول، "حاولت أن أشتري الأقواس ولم أجدها في غزة وفشلت جميع محاولاتي في إدخالها إلى القطاع لأن إسرائيل تدرجها تحت قائمة الأسلحة الممنوعة، لذلك قررت أن أصنع تلك الأقواس بيدي".

وبعد عملية البحث عرف أحمد أن هناك نوعين من الأقواس يتم استعمالهما في رياضة الرماية، وهي القوس العربي المصنوع من بقايا الأشجار وعظام الحيوانات، والقوس الأولمبي ذو المعايير والمواصفات الدولية.

ويضيف أحمد، "اعتمدت في صناعة الأقواس بشكل أساس على مبدأ التجربة والخطأ وفشلت مرات عدة، ولتفادي مزيد من الفشل لجأت إلى طريقة البحث العلمي والعملي، ومن خلال متابعة عدد من تصميمات شركات عالمية مختلفة توصلت إلى الشكل والتصميم النهائي للقوس الأولمبي".

 

 

وبعد رسم شكل القوس تواصل أحمد مع خبراء دوليين معتمدين في الاتحاد الدولي للقوس والسهم للتأكد من أن تصميمه يحاكي الأقواس الأولمبية، وبعد إضافة التعديلات حتى تصبح آمنة وبمعايير دولية بدأ عملية التصنيع التي استغرقت نحو ستة أشهر متواصلة أنفق خلالها كثيراً من المال.

ويتذكر قائلاً، "عملية التصنيع كانت معقدة لأن هذه الأسهم تحتاج إلى ضبط للأوزان وللقوة والأبعاد، واستخدمنا سبائك عدة لتصنيع المقبض المعدني الطويل وكانت هناك أجزاء بحاجة للتصنيع الميكانيكي مثل جهاز التوجيه والذراع المتحرك الذي يساعد السهم في الاندفاع نحو الأمام".

وفي النهاية صنع أحمد سهمه الأول، وبعد عملية التقييم التي تخللتها فحوص مخبرية للمعادن حصل على شهادة رسمية من الاتحاد الدولي للنبالة، وبات سهمه معترفاً به وآمناً للتدريب، ولم يتوقف عند ذلك بل صنع نحو 20 سهماً عربياً وأولمبياً.

وبحسب الشاب فإن القوس يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسة، هي طرفان وقطعة مركزية تسمى الناهض، إضافة إلى الوتد وهو الخيط الذي يربط بين طرفي القوس ويستخدم لإطلاق السهام التي قام بتصنيعها محلياً أيضاً وضمن مواصفات دولية.

لعبة محفوفة بالصعوبات

يقول عضو مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني للرماية والقوس صالح الفيومي إن ممارسة الرماية الأولمبية في فلسطين بدأت تشق طريقها بعد أن تمكن الهواة من صناعة قوس معترف به رسمياً، وعلى رغم ذلك فإن ممارستها أمر مليء بالتحديات.

ويضيف، "الأوضاع الاقتصادية لها دور في إعاقة هذه الرياضة لأن الأسلحة الرياضية والأهداف والأقواس باهظة الثمن، كما أن هذه الرياضة بحاجة إلى نواد متخصصة وآمنة وهذا صعب في غزة، وفي حال توافرت القدرة المادية فإن إسرائيل تمنع دخول المعدات".

وبحسب الفيومي فإن الاتحاد يقدم ورش توعية ويحاول تدريب الرماة لتطوير أداء منتخب فلسطين للرماية الأولمبية أملاً في المشاركة في "أولمبياد باريس 2024".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات