Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يجب أن يعلن حمزة يوسف انفصاله عن الحزب الوطني الاسكتلندي

إذا كان مجرد الشعور بطفحان الكيل سبباً كافياً للتخلي عن السياسة هذه الأيام، فلا يمكن لأحد أن يلوم حمزة يوسف إذا قرر أن فترة أسبوعين آخرين تفوق قدرته على الاحتمال.

"...يبدو وكأنه يتساءل عن الفكرة نفسها التي تخطر في بالنا: الاستمرارية بماذا؟" (رويترز)

ملخص

لا يستطيع أحد أن يلوم #حمزة يوسف إذا قرر أن فترة أسبوعين أخرى تفوق قدرته على الاحتمال، لذا ينبغي له أن يعلن انفصاله عن #الحزب الوطني الاسكتلندي

بالنسبة إليَّ، عندما تردني رسائل "واتساب" تتناول خبراً سياسياً من أشخاص لا يهمهم المجال السياسي كثيراً، يمكنني أن أستخدم تعبيراً بغيضاً، وهو أن هذا الخبر قد "مس الناس واخترق عقولهم" [أي إنه تفشى وشكل صدمة هزت الناس، واستحوذت على انتباههم]. في الواقع، منذ اعتقال أمين صندوق الحزب الوطني الاسكتلندي كولن بيتي، صباح الثلاثاء، استناداً إلى عدد المرات التي سئلت فيها "ما الذي فعله فيل ميتشل الآن؟" [فيل ميتشل هو شخصية تلفزيونية من مسلسل "إيست أندرز" تشبه كولن بيتي بالشكل إلى حد كبير]، ربما يجدر بالحزب الوطني الاسكتلندي أن يشعر بالذعر.

من المسلم به أن الحزب الوطني الاسكتلندي يواجه حالياً أكبر أزمة له منذ عقود. والدليل على ذلك واضح لدرجة أنه يصعب تجاهله، علماً أن كلمة دليل هي بالتأكيد الكلمة الصحيحة التي يمكن استخدامها هنا. تم تحويل منزل نيكولا ستورجن إلى ما بدا وكأنه مشهد من "تاغارت" [برنامج اسكتلندي خيالي بوليسي يعرض على التلفزيون]، وانتشرت لقطات في جميع أنحاء العالم تظهر خيمة شرطة زرقاء عملاقة منصوبة في حديقة ستورجن الأمامية المتواضعة في غلاسكو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد ألقي القبض على زوجها، الرئيس التنفيذي للحزب الوطني الاسكتلندي، بيتر موريل، ثم أطلق سراحه من دون توجيه تهمة له في انتظار مزيد من التحقيقات. والآن اعتقل أمين صندوق الحزب، كولين بيتي، وجر إلى مركز الشرطة للسبب نفسه.

الأمر اللافت للنظر، كما هو الحال دائماً في السياسة البريطانية، هو النقص في المبالغ المخصصة لمشروع معين. يزعم أن الحزب الوطني الاسكتلندي قد جمع مبلغ 666 ألفاً و953 جنيهاً استرلينياً كتبرعات من أجل قضية الاستقلال بين عامي 2017 و2020. وعلى رغم ذلك، في نهاية عام 2019، لم يكن حسابه يحتوي إلا على 97 ألف جنيه استرليني. ليس هناك شك في وجود أسباب مخففة، ولكن في ظل الأحوال القائمة، قد تتعرض قضية الاستقلال الاسكتلندي للتشويه والتخريب بكلفة أقل من تلك المدفوعة لتصوير مشهد غير مهم من فيلم "برايف هارت" [فيلم يحكي قصة صمود أحد القوميين الاسكتلنديين في مواجهة الاحتلال الإنجليزي لبلاده].

طوال قرون، حارب بعض الرجال وماتوا في خدمة هذه القضية النبيلة، بينما ملأ البعض الآخر المكتبات بأغنيات وقصائد تعبر عن الشوق والحنين. والآن، في هذه اللحظة بالذات، يبدو أن مصير قضية الاستقلال الاسكتلندي يعتمد تماماً على حيثيات ركن عربة كارافان فخمة من مصدر غير معروف خارج منزل والدة زوج نيكولا ستورجن [صادرت الشرطة سيارة تخييم باهظة الثمن مركونة أمام منزل والدة بيتر موريل، زوج نيكولا ستورجن، اشتراها الحزب الوطني الاسكتلندي من أجل معركته الانتخابية].

وبطبيعة الحال، فإن حمزة يوسف المسكين يثير الشفقة. فهو يبذل ظاهرياً الجهود المطلوبة منه بصفته رئيساً للوزراء، على رغم أن خطواته وتحركاته تبدو زائفة بوضوح في عيون الجميع. وعندما يمشي "مرشح الاستمرارية" المنتخب هائماً أمام كاميرات التلفزيون للإجابة عن سؤال آخر مستحيل، يبدو وكأنه يتساءل عن الفكرة نفسها التي تخطر في بالنا: الاستمرارية بماذا؟

إنه مرشح الاستمرارية الذي لا يملك أدنى فكرة عن الأمور التي من المفترض أن يستمر بها، وذلك لأن أحداً لم يجد الوقت أو الفرصة لإخباره بما يحدث. وهو يقود حزباً لم يكن يعلم بأنه يفتقر منذ ستة أشهر إلى مراجعي حسابات، إلى أن تولى زعامته قبل أسبوعين.

وبالطبع، لم يترك من دون نصيحة في هذا الخصوص. لقد ظهر أليكس سالموند على برنامج نيوز نايت Newsnight ليخبره أن ما يحتاج إليه، على ما يبدو، هو إلغاء كثير من السياسات التي لا تحظى بشعبية مثل مخطط إرجاع العبوات [مخطط يفرض على المستهلكين إيداع مبلغ إضافي عند شراء مشروبات في عبوة تستعمل لمرة واحدة فحسب]، والتأمل في أن يؤدي ذلك إلى تحسين الوضع. وربما كان من قبيل المصادفة أن يوسف فعل ذلك بالضبط.

قرر سالموند وعدد من حلفائه أنه يجب توسيع نطاق قضية الاستقلال، بالتالي، فصلها فعلياً عن الحزب الوطني الاسكتلندي. والجدير بالذكر أن الاستقلال لا يزال يحظى بشعبية، إذ كشفت استطلاعات الرأي عن أن نسبة 45 في المئة من المشاركين يؤيدونه، بيد أن الحزب الوطني الاسكتلندي هو الذي تراجعت شعبيته.

ومن جهة هو على حق نوعاً ما، لكنه من جهة أخرى مخطئ تماماً. عندما ذهب جورج أورويل [كاتب بريطاني اشتهر بروايتيه "مزرعة الحيوان" و"أربع وثمانون وتسعمئة وألف" وبعدد من الكتابات والتحقيقات الصحافية منها: "تأبين كتالونيا"] للقتال في الحرب الأهلية الإسبانية، لاحظ أن القومية هي حصان يموت لحظة عبوره خط النهاية. قد يأخذك إلى المكان الذي تقصده، ولكن في اللحظة التي تصل فيها إلى هناك لن يكون له أي فائدة لك على الإطلاق.

عندما دعا غوردون براون [رئيس الوزراء العمالي السابق] إلى اللامركزية قبل ربع قرن من الزمان، حذره المحافظون الاسكتلنديون على وجه الخصوص من أن ذلك لن يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى منح القوميين مزيداً من الذخيرة لقضيتهم. ولفترة من الوقت بدت هذه التحذيرات صحيحة، لكن في هذه اللحظة بالتحديد، ثبت أن براون، الذي يطالب حالياً بتنفيذ مزيد من نقل السلطة [توسيع نطاق اللامركزية]، كان على حق.

إن عمل الحكومة الممل الطويل أصعب مما يبدو عليه، وقد لا يكون الاستقلال بالضرورة هو الحل لجميع مشكلات اسكتلندا. إذا كان لهذا أي قيمة، فإن ستورجن لم تخف حقيقة أن مهمتها القيادية، بصرف النظر عن الاستقلال، كانت تتمثل في سد فجوة التحصيل العلمي بين الأطفال الفقراء والبقية (أو في الأقل تضييق هذه الفجوة).

وعندما قدمت استقالتها قالت إن السبب بكل بساطة هو أنها لم تعد تتمتع في صميمها بما يكفي من الاندفاع والطاقة للاستمرار، ولكن على رغم تعبها المفرط، وباعتراف شخصي منها، فإن الفجوة لم تتقلص عما كانت عليه سابقاً.

إنه شيء مريح نوعاً ما أنها انسحبت في ذلك الحين. تخيلوا ماذا كان سيحصل لو أنها اضطرت إلى التعامل مع كل هذا وهي مرهقة أصلاً. إذا كان مجرد شعورها بطفحان الكيل سبباً كافياً للتخلي عن السياسة هذه الأيام، فلا يمكن لأحد أن يلوم حمزة يوسف إذا قرر أنه لا يستطيع تحمل أسبوعين آخرين.

© The Independent

المزيد من تحلیل