Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آمال أوروبا في غاز أذربيجان معرضة للخطر

تزعم باكو وموسكو أن مهمة دول الغرب عملية استخبارات عسكرية تحت غطاء المراقبة

حقل نفط سوراكاني الواقع على ساحل بحر قزوين خارج باكو  (أ ف ب)

ملخص

إرسال بعثة مدنية للمساعدة في مراقبة الحدود بين #أرمينيا #وأذربيجان وانتقاد ملف حقوق الإنسان يثير التوتر بين #بروكسل وباكو

منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022 برزت أذربيجان واحتياطاتها الهائلة من النفط والغاز كمصدر مهم للطاقة في أوروبا بديلاً عن غاز روسيا الذي يرزح تحت طائلة العقوبات الغربية. فسرعان ما أبرمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اتفاقاً ثنائياً جديداً مع باكو يهدف إلى مضاعفة واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الأذربيجاني، من 8.1 مليار متر مكعب في عام 2021 إلى 20 مليار متر مكعب في عام 2027، فضلاً عن طموحات الأوروبيين في تعزيز وجودهم جنوب القوقاز وبناء علاقات اقتصادية مع أذربيجان مع تقديم الدعم السياسي لأرمينيا المجاورة في محاولة للحفاظ على التوازن بين الدولتين المتنافستين.

وبينما يزداد التوتر بين أذربيجان وأرمينيا تفاقماً وسط مواصلة الأولى حصار إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه الذي يقطنه سكان أرمن، فإن طموحات أوروبا تواجه تهديداً متزايداً بعد أن أثار إرسال بعثة مدنية للمساعدة في مراقبة الحدود من الجانب الأرمني، تنديد باكو في شأن ما تعتبره تدخلاً أجنبياً، فضلاً عن عاصفة من الغضب أثارها تقرير للبرلمان الأوروبي يدين سجل حقوق الإنسان في أذربيجان.

المراقبة الأوروبية تثير الغضب

ووفق مسؤول دبلوماسي رفيع في الاتحاد الأوروبي تحدث لمجلة "بوليتيكو" الأميركية، مطلع الأسبوع الجاري، فإن "بعثة المراقبة يبدو أنها أدت إلى توتر العلاقات"، قائلاً "كنا نأمل سيناريو مختلفاً مع باكو. نحن نشارك جميع المعلومات ذات الصلة عن الدوريات، وما إلى ذلك مع أذربيجان، لأننا لا نريد أي مشكلات".

وفي خطاب ألقاه الشهر الماضي، انتقد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف التدخل الخارجي في المواجهة بين بلاده وأرمينيا حول منطقة ناغورنو قره باغ، وأعلن أن "الوسطاء المتورطين في نزاع قره باغ [يحاولون] ألا يحلوا القضية، بل تجميدها"، قائلاً إن باكو رفضت الجهود "لإرهاقنا بمفاوضات لا معنى لها"، فيما تزعم وسائل الإعلام الرسمية في البلاد أن بعثة الاتحاد الأوروبي تساعد في الواقع على "استفزاز أذربيجان إلى حرب جديدة"، معتبرة أن "الاتحاد الأوروبي يتحمل اللوم" عن أي صراع جديد.

وفي سبتمبر (أيلول) 2020 شن علييف هجوماً عسكرياً ناجحاً سيطر من خلاله على مساحات شاسعة من ناغورنو قره باغ، وهي منطقة انفصالية داخل حدود أذربيجان المعترف بها دولياً، ولكنها تخضع لسيطرة السكان من أصل أرميني منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. انتهى الصراع بوقف إطلاق النار بوساطة روسية، لكن التوترات تتصاعد، وهناك خوف من تجدد القتال الكامل. وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي ماركوس ريتر للإذاعة الألمانية، "يعتقد عديد من الأرمن أنه سيكون هناك هجوم خلال الربيع الحالي من جانب أذربيجان. إذا لم يحدث هذا، فإن مهمتنا تكون قد نجحت".

فيما قال رئيس البعثة الأذربيجانية لدى الاتحاد الأوروبي واقف صادقوف إن وجود المراقبين بالقرب من الحدود مع أذربيجان يثير قلق باكو. وحذر صادقوف من أن المهمة يمكن أن ينظر إليها على أنها محاولة من بروكسل لتعزيز وجودها في المنطقة، قائلاً "هذه قضية ثنائية بين أرمينيا والاتحاد الأوروبي، لكنها تحدث على بعد بضع مئات من الأمتار من مراكزنا الحدودية وفي بيئة عسكرية شديدة، حيث لدينا حرس حدود روسي وحرس حدود أرمني ووحدات نظامية روسية ووحدات نظامية أرمينية، وقريبة إلى الحدود الإيرانية، الجيش الإيراني. الآن، لدينا أيضاً قوات حفظ سلام تابعة للاتحاد الأوروبي، لذلك لدينا تساؤلات أمنية مشروعة".

"غسل الغاز"

وفقاً للدبلوماسي الذي تحدث لـ"بوليتكو"، فإن "أذربيجان وروسيا ترددان المزاعم نفسها بأن مهمة الاتحاد الأوروبي هي عملية استخبارات عسكرية تحت غطاء المراقبة". وأضاف، "لقد حاولوا تشويه سمعة المهمة التي هي مدنية حصراً وغير مسلحة، منذ البداية، وليس هناك كثير مما يمكننا القيام به حيال ذلك".

وترتبط أذربيجان وروسيا بمصالح فيما يتعلق بالغاز والطاقة، ولكل منهما مخاوفه الخاصة من الوجود الأوروبي في المنطقة. فوفقاً لمايكل روبين من معهد أميركان إنتربرايز في واشنطن فإنه في حين يقول عديد من الأذربيجانيين والداعمين لهم في ساحة الأبحاث في واشنطن إن أذربيجان تؤدي دوراً أمنياً مهماً لأوروبا من خلال توفير مصدر للطاقة يلغي الاعتماد على روسيا أو إيران، فإن الحقيقة هي أنه نظراً إلى أن باكو لديها عقود تتجاوز حجم إنتاجها، فإن كثيراً من النفط والغاز الذي توفره أذربيجان لأوروبا من المحتمل أنه روسي أو إيراني، وهو ما يوصف بعمليات "غسل الغاز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والعام الماضي أعلنت شركة "غازبروم" الروسية المنتجة للغاز أنها ستزود شركة النفط الحكومية الأذربيجانية "سوكار" بمليار متر مكعب من الغاز لمساعدة أذربيجان على تزويد نفسها بالوقود والوفاء بالتزاماتها، كما أبرمت أذربيجان صفقة مع شركة "لوك أويل" الروسية لتعزيز الإنتاج.

قلق روسي

في الوقت نفسه يشعر الكرملين بالقلق من بعثة الاتحاد الأوروبي التي تم نشرها مارس (آذار) الماضي، على رغم أنها متواضعة في الحجم والصلاحيات، إذ تتألف من 100 مراقب غير مسلح.

ويقول مركز كارنيغي للسلام الدولي إنه بينما تخسر موسكو ثقة أرمينيا بسبب عدم رغبتها في الضغط على أذربيجان، فمن المنطقي أن يزيد الاتحاد الأوروبي وجوده في المنطقة. المهمة الجديدة ليست الخطوة الأكثر جرأة التي يمكن أن تتخذها بروكسل، لكنها كافية لتغذية المشاعر المؤيدة للغرب في أرمينيا، وهو ما يثير القلق في موسكو. وقد وصف كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المهمة علناً بأنها "مرحلة جديدة من مشاركة الاتحاد الأوروبي في جنوب القوقاز".

واتهمت وزارة الخارجية الروسية الاتحاد الأوروبي بتنفيذ السياسة الأميركية التي "لا يمكن أن تؤدي إلا إلى المواجهة الجيوسياسية وتصعيد الخلافات القائمة في المنطقة"، كما احتوى بيان موسكو على تهديد مستتر بأن قوات الحدود الروسية المنتشرة على الحدود الأرمينية منذ عام 1992 "سترد على سلوك مراقبي الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى التطورات على الأرض".

قمع المعارضة

وعلى رغم توقع البعض أن الاتحاد الأوروبي لن يكون محايداً تماماً في تعاملاته في جنوب القوقاز، إذ سيضطر الأوروبيون إلى أن يضعوا في اعتبارهم تقلبات أسواق الغاز والنفط في ظل انخفاض الشحنات من روسيا، فإن أوروبا أثارت غضب باكو، الشهر الماضي، عندما أصدرت تقريراً "يدين العدوان العسكري واسع النطاق الأخير من جانب أذربيجان (على أرمينيا) في سبتمبر (أيلول) الماضي"، متهماً نظام علييف بتقويض عملية السلام، و"يؤكد استعداد الاتحاد الأوروبي للمشاركة بشكل أكثر نشاطاً في تسوية النزاعات التي طال أمدها في المنطقة".

ونص القرار الذي صوتت عليه لجنة الشؤون الخارجية على أن "احترام أذربيجان لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لا يزال سلبياً للغاية ويحتاج إلى تحسين قبل أن يعمق الاتحاد الأوروبي شراكته السياسية والطاقة مع البلاد". وسلط الاقتراح الضوء على قمع نشطاء المعارضة وحالات التعذيب وغياب القضاء المستقل.

وسارعت لجنة العلاقات الدولية في البرلمان الأذربيجاني بالرد، زاعمة أن قرار الاتحاد الأوروبي يحمل "رائحة فساد لا تطاق". واتهمت أعضاء البرلمان الأوروبي بالوقوع تحت تأثير من أرمينيا وأرمن الشتات، واصفة الأرمن بأنهم "ورم سرطاني في أوروبا".

فيما قال الناشط الديمقراطي الأذربيجاني ورئيس حركة 1918 المعارضة أحمد محمدلي في تعليقات للصحافة الأميركية، إن "مخاوف الاتحاد الأوروبي في شأن حقوق الإنسان تثير غضب المسؤولين في باكو". ودعا إلى فرض عقوبات على نظام الرئيس الأذربيجاني، قائلاً "الضغط الغربي على الدول الاستبدادية ممكن دائماً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير