Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فنلندا تفتح أبواب الـ"ناتو" وتهدم سور الحياد

هكذا وصل حلف شمال الأطلسي إلى عتبة روسيا... وموسكو تبدأ خيارات الرد بتوسيع درعها النووية إلى بيلاروس

العلم الفنلندي وعلم حلف شمال الأطلسي أمام مقر الحلف (صورة وزعها الناتو)

ملخص

بانضمام #فنلندا إلى عضويته وصل #حلف_شمال_الأطلسي إلى عتبة روسيا... وموسكو بدأت خيارات الرد بتوسيع درعها النووية إلى بيلاروس

قبل بضعة أشهر من احتفال حلف شمال الأطلسي (ناتو) بالذكرى الـ47 لتأسيسه، الذي سيجري الصيف المقبل، كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصرح بأن الحلف أصبح كهلاً، وأنه حان الوقت لتقاعده.

زاخاروفا أشارت إلى أن الـ"ناتو" "وقف وراء كثير من الحروب، وتحويل الدول إلى أطلال وجرائم حرب بلا عقاب وقتل للمدنيين، وتدمير للبنى التحتية المدنية في يوغسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا". وقالت متسائلة "ترى من التالي؟".

يعن للمتابع الجيد لشأن الـ"ناتو" أن يتساءل: هل لتصريحات زاخاروفا علاقة ما بقرار الـ"ناتو" ضم فنلندا، التي ظلت محايدة لعقود طوال، إلى دائرة أعضائه؟

تبدو فنلندا وكأنها ودعت حياد بلادها في مقابل تحويلها إلى خط أمامي، ونقطة انطلاق لردع روسيا في الاتجاه الشمالي الغربي.

هل كان الغزو الروسي لفنلندا السبب الرئيس وراء انضمامها لحلف الـ"ناتو"؟ ولماذا تخشى روسيا من هذا الفعل، ثم وربما هذا هو الأهم: ما هي ردود الفعل الروسية المحتملة، وهل ستقف روسيا مكتوفة اليدين وهي ترى الـ"ناتو" يحقق الخطة "ب"، بعد أن فقد الأمل في إدرك الخطة "أ"، التي كانت متمثلة في ضمم أوكرانيا إليه، وهل تقود ردود الفعل المتوقعة إلى ما هو أكثر هولاً ويدعو لمخاوف عالمية؟

موسكو – هلسنكي... ضغائن الماضي تعود

لا يمكن للمرء أن يقرأ علاقات الدول، من غير التوقف أمام أمرين: الخريطة الجغرافية من جهة، والتاريخ الإنساني من ناحية ثانية.

من هنا يمكن للمرء أن يقرأ العلاقات الروسية- الفنلندية المركبة، بل والمعقدة، سيما أن الروس كانوا قد جثموا على صدر الفنلنديين 100 عام قبل زمن القياصرة، ولم يقدر للفنلنديين أن يحصلوا على استقلالهم، قبل حدوث الثورة البلشفية في 1917.

لم تكن سنوات البلاشفة الأولى خالية من الانقسامات المريرة، وقد كان من تبعاتها أن قام السوفيات بغزو فنلندا عام 1939، بعد أن رفضت الأخيرة التنازل عن أراضيها.

جرت "حرب الشتاء" بين الروس والفنلنديين، على غير ما توقع أحفاد القياصرة، الذين قدروا أن غزوهم لفنلندا لن يكون سوى مغامرة سريعة، وأن الفنلنديين لن يبدو سوى مقاومة هشة.

فوجئ السوفيات في حقيقة الأمر بوحوش فنلندية ضارية، كبدتهم 700 ألف جندي، وحدوث خسائر فادحة في العتاد الروسي في شوارع هلسنكي.

كانت تلك المعركة، والعهدة على الراوي، وزير الدفاع الفنلندي أنتوني كاكونن، حجر الزاوية في الهوية الوطنية الفنلندية وجزء من التراث الفنلندي.

لعبت فنلندا لاحقاً دوراً مهماً بل حيوياً، في نزع فتيل المواجهة بين حلف وارسو وحلف الأطلسي، فقد شكلت جداراً عازلاً، استطاع بالفعل أن يخفف من التوترات بين الجانبين.

وبالوصول إلى عام 1973، استضافت هلسنكي مؤتمراً للأمن والتعاون في أوروبا، أفرز تالياً اتفاقيات هلسنكي، وهي معاهدة دبلوماسية نجحت طويلاً في نزع فتيل الحرب والصدام بين وارسو والأطلسي.

ما الذي حدث وجعل الفنلنديين يعمدون إلى إنهاء حالة الحياد التقليدية التي درجوا على السير في طريقها، ويمضون وراء الانضمام إلى حلف الأطلسي؟

مخاوف من تكرار السيناريو الأوكراني

لا يحتاج المرء لكثير من القدرات التحليلية الاستراتيجية للقطع بأن الحدث الأوكراني، كان هو السبب الرئيس في تغيير توجهات الفنلنديبن، وتغيير مركزهم، من محور الحياد، إلى قمة التحيز إن جاز التعبير.

على مدى عقود كان خيار الفنلنديين والسويديين، هو الحياد، وعدم الانحياز العسكري، غير أن هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، أفقد شعبي البلدين، إحساس الأمن والطمأنينة، لا سيما بين الفنلنديين الذي يتشاركون حدوداً مع روسيا تصل إلى 1300 كيلومتر.

في البرلمان الفنلندي ارتسمت علامة كاسحة لا تقل عن 85 في المئة من الأعضاء، مؤيدة للانضمام، وبعد أن كان التأييد العام للانضمام إلى الـ"ناتو" يراوح من 20 عاماً بين نسبة 20 و30 في المئة، كشفت آخر استطلاعات الرأي أن أكثر من 70 في المئة من الفنلنديين، يدعمون اليوم الانخراط في الـ"ناتو".

استشعر الفنلنديون الخطر القادم من ناحية روسيا القائمة كما العنقاء من الرماد، ولهذا قاموا بإعادة فرض التجنيد الإجباري، عام 2017، بعد أن كان قد ألغي سابقاً.

والشاهد أنه على الرغم من اعتبار الجيش الفنلندي، قوة استثنائية في أوروبا، فإنه وبتفعيل ميزان الانتباه العسكري، بينه وبين الجيوش الروسية، فإن الموازين حكماً تختل.

لا يزيد تعداد سكان فنلندا على خمسة ملايين ونصف نسمة، بينهم 280 ألف جندي جاهز للقتال، إضافة إلى 600 ألف جندي احتياط.

كان عدد العاملين في القوات المسلحة الفنلندية، أخيراً، لا يتجاوز 13 ألف جندي، ولو أنه يتم تدريب 22 ألف مجند كل عام، ارتفع هذا العدد بعد التوترات الروسية في القرم، وقبل غزو أوكرانيا إلى 50 ألف جندي عامل.

حافظت فنلندا على معاهدة الصداقة التي أبرمتها مع الاتحاد السوفياتي عام 1948، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث وافق القادة الفنلنديون على البقاء خارج التعاون العسكري الغربي والالتزام بنظام حيادي قسري عرف بمصطلح "الفنلندة"، وعلى الرغم من أن فنلندا أفلتت من ضمها إلى الاتحاد السوفياتي، فإن موسكو فرضت سيطرتها على سياساته الخارجية والعسكرية.

كيف ترى روسيا انضمام فنلندا؟

"يفاقم الوضع"... بهاتين الكلمتين، وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، انضمام فنلندا لحلف الـ"ناتو"، مشيراً إلى أن الحلف يخطط بالفعل للتعدي على حدود روسيا.

بيسكوف لم يتوقف عند حدود الإدانة، بل أكد خطوات موسكو المقبلة: "سوف نتخذ إجراءات مضادة لضمان أمننا من الناحية التكتيكية والاستراتيجية".

كما حذر من أن موسكو "ستواصل مراقبة الوضع ونشر البيئة التحتية لحلف شمال الأطلسي وأسلحته على أراضي فنلندا"، مضيفاً أن إجراءات الرد ستتخذ وفقاً لذلك.

أما وزارة الخارجية الروسية، ففي بيان رسمي لها قالت، "نحن مقتنعون بأن التاريخ سيحكم على هذه الخطوة المتسرعة التي اتخذتها سلطات هذا البلد من دون إيلاء اعتبار للرأي العام من خلال تنظيم استفتاء، ودون تحليل شامل لعواقب عضوية الـ"ناتو"، مؤكدة أن انضمام فنلندا إلى الـ"ناتو" سيكون له تاثير سلبي على العلاقات الثنائية الروسية الفنلندية.

هل كانت روسيا تتوقع هذه الخطوة من الفنلنديين، على الرغم من حيادهم الرسمي، والظاهر للعيان بقوة؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك بالفعل، منذ عام 1994 بدأت شراكة بين فنلندا وحلف الأطلسي، وذلك حين انضمت هلسنكي إلى برنامج الشراكة من أجل السلام.

منذ ذلك الحين، دعمت هلسنكي عمليات مختلفة للمنظمة في كوسوفو والعراق، وعززت تعاونها في قضايا الأمن وحقوق المرأة والسلام. وفي الخامس من يوليو (تموز) 2022، منح الحلفاء فنلندا صفة "الدولة الضيفة"، ما سمح لها بالفعل بحضور اجتماعات المنظمة.

وفي عام 1995، انضمت فنلندا إلى الاتحاد الأوروبي، وما بين الشراكة من أجل السلام والاتحاد الأوروبي، كان من الواضح للغاية أن هناك شيئاً ما يتحرك في أحشاء فنلندا لجهة الغرب، سيما بعد أن رأت ملامح روسية متغيرة قادمة، وهو شعور ترسخ بعد وصول فلاديمير بوتين إلى الحكم عام 2000.

لم يكن الرئيس الروسي بوتين بدوره بعيداً عما يجري في فنلندا والسويد، ففي منتصف مايو (أيار) من العام الماضي، كرر تحذيراته من أن روسيا لن تقف صامتة أمام توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً صوب الحدود الروسية، وقد صرح في ذلك الوقت، وخلال قمة لتحالف عسكري إقليمي عقد وقتها في الكرملين بالقول: إن "توسيع الناتو ليشمل فنلندا والسويد، لا يشكل تهديداً مباشراً لنا، لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد".

لماذا تخشى موسكو انضمام فنلندا؟

لا تنسى الدول الكبرى وروسيا في القلب منها من دون أدنى شك العثرات التاريخية التي عانت منها وروسيا في حقيقة الأمر، لا ولا يمكن أن تنسى أنها خسرت مئات الآلاف من جنودها، بقيادة جوزيف ستالين، على الأراضي الفنلندية، خلال ثلاثة أشهر فقط.

اليوم، وبانضمام فنلندا إلى حلف الـ"ناتو"، لا تواجه موسكو فقط الفنلنديين، بل تجابه جماعة الـ"ناتو" بأكملها، وبما يعنيه الأمر من قوة عسكرية، تدعمها وتزخمها قدرات اقتصادية هائلة.

من شأن التوسع القادم لحلف الـ"ناتو"، أن يغير بشكل دائم البنية الأوروبية ويقوض الموقف الجيوسياسي لروسيا، وستعتبر موسكو هذه التغيرات تهديداً لأمنها ومن المرجح أن ترد بطرق ستشكل تحديات لحلف الـ"ناتو" على المدى القصير والطويل.

يكتب رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني" الروسية إيغور كوروتشينكو فيقول، "لقد حصلنا على زيادة طول خط التماس مع الـ"ناتو" أكثر من 1200 كيلومتر، ما يؤدي إلى زيادة حادة في الخطر على شمال غربي روسيا، وسان بطرسبورغ، بالطبع في الواقع، يبدأ التطوير العسكري لمسرح العمليات العسكرية استعداداً لحرب جديدة ضد روسيا، مع احتمال أن تتقدم فنلندا، في مرحلة معينة، بمطالب رسمية حول الأراضي في روسيا".

ومع توقع انضمام السويد عما قريب، إلى حلف الـ"ناتو" بدورها، فإن موسكو سوف تحصل على تكوين عسكري غير موات للغاية بالنسبة لها في شمال غربي البلاد، وفي المستقبل، ستكون هناك إمكانية تحول بحر البلطيق فعلياً إلى بحر داخلي لحلف شمال الأطلسي.

في هذا السياق، يرى الأستاذ المشارك في قسم الاستراتيجية ودراسات الحرب في أكاديمية الدفاع الدنماركية يورغن ستون، في دراسة نشرها، أخيراً، "المركز الدنماركي للسياسات الدولية"، أن عضوية البلدين، فنلندا والسويد في الـ"ناتو"، سوف تخلق معضلة أمنية لعموم البلطيق، ويتوقع ستون اشتداد حرارة منطقة البلطيق، وبخاصة إذا ما جرى تحريك وحدات عسكرية للإمام أكثر، أو أن تشهد الحدود الفنلندية- الروسية حركات غير منسقة ببين الجانبين.

والثابت كذلك أنه وفي ظل علاقة متوترة كهذه، وغياب الثقة، تضيف خطوة توسع الأطلسي إلى حدود طويلة مع فنلندا، التي جرب معها الاتحاد السوفياتي السابق غزواً، وانتهى بنتائج كارثية كما أشرنا، عقدة جديدة في وجه طموحات روسيا لإبعاد الأطلسي عن حدودها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

روسيا ومزيد من عسكرة المشهد

يتساءل المراقبون للمشهد الروسي– الأوروبي بعد انضمام فنلندا للناتو: هل ستشهد سماوات المنطقة الملتهبة مزيداً من العسكرة والتصعيد المسلح، لا سيما من قبل موسكو رداً على خطوة الـ"ناتو"؟

ربما نجد الجواب عند وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الذي أشار إلى أن انضمام فنلندا إلى الـ"ناتو" وتحرك الحلف العسكري لزيادة الاستعدادات القتالية يزيد من مخاطر نشوب صراع.

أكثر من ذلك، وضوحاً وتصريحاً لا تلميحاً، قطع شويغو بأن بعض الطائرات العسكرية التابعة لبيلاروس أصبحت الآن قادرة على حمل رؤوس حربية نووية، وأنه جرى نقل أنظمة صواريخ "إسكندر" إلى بيلاروس .

والمعروف أنه بدأ بالفعل بتاريخ الثالث من أبريل (نيسان) الجاري تدريب الأطقم البيلاروسية داخل الأطر العسكرية الروسية.

أما السفير الروسي لدى مينسك بوريس غريزلوف فقد صرح من جهته بأن بلاده ستنقل أسلحتها النووية التكتيكية إلى القرب من الحدود الغربية لبيلاروس، وهو ما سيجعلها أقرب إلى دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي.

حكماً سوف ترتفع درجة حرارة القيادات العسكرية الروسية، فمع انضمام فنلندا والسويد إلى الـ"ناتو"، سوف يصبح الجناح الشمالي لروسيا أكثر عرضة للخطر.

من هنا سوف تتعاظم الأهمية الاستراتيجية لشبه جزيرة كولا والواقعة في أقصى الشمال الروسي، وتتشارك في حدود مع بحر بارنتس في الشمال، والبحر الأبيض في الشرق والجنوب (بحر داخلي في شمال الجزء الأوروبي من روسيا، وهو خليج في المحيط المتجمد الشمالي).

تستضيف شبه جزيرة كولا الأسطول الشمالي الروسي، الذي يتضمن غواصات الصواريخ الباليستية ذات القدرة على توجيه الضربة النووية الثانية، إضافة إلى الغواصات الهجومية والسفن السطحية المزودة بصواريخ كروز التي من شأنها أن تساعد روسيا على اعتراض قوافل التعزيز الأميركية في طريقها إلى أوروبا.

ولمواجهة احتمالات نشر الـ"ناتو" قوات وأسلحة في فنلندا أو السويد لاحقاً، فإن العسكرية الروسية سوف تشمل مخططات جديدة تتعلق بإنشاء فيالق من الجيش في جمهورية كاريليا بالقرب من الحدود مع فنلندا إضافة إلى إعادة إنشاء منطقتي موسكو وليننغراد العسكريتين من خلال قوات المنطقة العسكرية الغربية الحالية.

فنلندا... الروح تعود للناتو ثانية

هل جاءت خطوة انضمام فنلندا إلى حلف الـ"ناتو"، لتعلن بداية جديدة للحلف الذي ولد عام 1949، بهدف رئيس هو ردع أي تهديد توسعي من قبل الاتحاد السوفياتي في القارة الأوروبية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية؟

من متناقضات القدر أن يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكأنه هو من نفخ روحاً جديدة في الـ"ناتو"، بعد أن كان قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، سيما في ظل الخلافات بين جانبي الأطلسي في ولاية ترمب اليتيمة، وبخاصة في ظل إصراره على زيادة نسبة مساهمات الدول الأوروبية في موازنة الحلف.

بدا وقتها أن الأوروبيين وبتفكير فرنسي يتطلعون لجيش أوروبي موحد حتى وإن لم يكن قادراً على الحلول مرة واحدة محل الأطلسي، فإنه على الأقل سيوفر ضرباً من ضروب البدائل المؤقتة.

وحد بوتين بعد غزوه لأوكرانيا مشاعر جانبي الأطلسي وعزز الشراكة من جديد بينهما.

غداة الإعلان عن انضمام فنلندا للناتو، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالقول: "أميل إلى القول هذا ربما يكون هو الشيء الوحيد الذي يمكننا أن نشكر بوتين عليه".

قصد بلينكن الواضح، هو أن بوتين عجل من خلال غزوه لأوكرانيا، بأمر لطالما عمل على منعه، أي انضمام فنلندا الآن والسويد عما قريب إلى الحلف.

هل انقلب السحر على الساحر؟ هكذا يتساءل البعض لا سيما من الأوروبيين.

بالرجوع إلى عام 2010، سنجد حديثاً عن شراكة استراتيجية، بين الـ"ناتو" وروسيا، غير أن هذا الأمر قد ولى زمانه بالمطلق في حاضرات أيامنا، بعد أن أصبحت روسيا تشكل تهديداً مباشراً لأمن الحلف والسلام في المنطقة الأوراسية، الأمر الذي استدعى إعادة توجيه سياسي وعسكري، خصوصاً بالنسبة للدول الأعضاء في الحلف التي راهنت في العقود الماضية على علاقات شراكة مع روسيا.

لقد عزز غزو أوكرانيا، نشوء وارتقاء نسخة جديدة من الـ"ناتو"، نسخة فتحت وتفتح أبوابها لمزيد من الدول الأوروبية الشرقية أو الدول الاسكندنافية التي ظلت لعقود طوال على الحياد لطلب عضويته والاقتراب من بوابات روسيا.

لكن على الجانب الروسي تبدو الرواية مغايرة وتدور حول بدايات جديدة من الخطة "ب" للناتو، بهدف تطويق روسيا، بعد أن فشلت الخطة "أ" القاضية بتحويل أوكرانيا إلى دولة عضو في حلف الأطلسي.

وفي كل الأحوال، فإن التحولات الجيوسياسية الجارية على رقعة الشطرنج الإدراكية، بين روسيا والـ"ناتو"، لن تهدأ أو تتوقف في الزمن المنظور... هل هي بداية المخاض أم القارعة؟

غداً لناظره قريب.

المزيد من تقارير