Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أئمة أطفال يتحولون إلى "نجوم تراويح" في المغرب

فريق يؤيد الظاهرة ويستند لرأي شرعي بجوازها في صلاة النافلة وآخر يعترض ويعتبر الأمر "حرقاً للطفولة"

أصغر إمام في تراويح رمضان هذا العام بالمغرب (مواقع التواصل)

ملخص

ظاهرة #الأئمة_الصغار في #المغرب بدأت قبل بضع سنوات وأثارت جدلاً داخل المجتمع وتعكس انتشار التدين وسط الأطفال والشباب في العقدين الأخيرين

يوصف الطفل سلمان أبللن بكونه "أصغر إمام لصلاة التراويح بالمغرب"، إذ يؤم المصلين في شهر رمضان الجاري بمسجد عثمان بن عفان بمدينة الصويرة، ومثله أيضاً أطفال صغار آخرون يتقدمون المحراب للصلاة بآلاف الناس في تراويح رمضان.

وتنتشر في شهر رمضان ظاهرة "الأئمة الأطفال" الذين باتوا "نجوم التراويح" في المغرب، إذ تصلي خلفهم أعداد وفيرة من الناس ورواد المساجد خلال الشهر الفضيل، وهي الظاهرة التي توزعت حيالها مواقف المغاربة بين محبذ ومنتقد.

أطفال أئمة

وإلى جانب الطفل سلمان أبللن اشتهر أطفال آخرون بإمامة صلاة التراويح في شهر رمضان في أكثر من مدينة ومنطقة، من قبيل محمد أمين الحوسيمي، وشقيقه آدم الحوسيمي، وزكريا إدموليد، وعبدالرحمن المرساوي وياسين أنفاسي وغيرهم من "الأئمة الصغار".

ويتسم أغلب هؤلاء الأطفال صغار السن في إمامة التراويح بأصوات رخيمة حسنة، الشيء الذي أكسبهم سمعة وشهرة في أوساط المصلين الذين يتحرون الأصوات الجميلة وإتقان ترتيل القرآن الكريم وإجادة الحفظ والأداء.

يقول الإمام الصغير ياسين أنفاسي (15 سنة) الذي يؤوم المصلين في إحدى مصليات مدينة سلا، المجاورة للعاصمة الرباط، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إنه لأول مرة يخوض هذه التجربة بإمامة حشود من أناس في صلاة التراويح.

وأردف البرعم الصغير بأن رهبة جارفة اعترته في أول وقوف له في محراب الصلاة، وخلفه مصلون من مختلف الأعمار والأشكال والألوان، مبرزاً أن إتاحة الفرصة لصغار السن للإمامة في صلاة التراويح تكسبهم نوعاً من الثقة بالنفس وتحببهم أيضاً في المسجد والقرآن والصلاة.

وجواباً على سؤال بخصوص الذي يجذب المصلين أكثر، هل سنه الصغير أم صوته الحسن في التراويح، أجاب ياسين بأن الصلاة في حد ذاتها هي من تجذب الناس في تراويح رمضان، كما أنهم يبحثون في الغالب عن قراء وأئمة يتلون كلام الله بأصوات جميلة ندية.

لا اعتراض شرعي

وتتوزع المواقف حيال ظاهرة الأئمة الصغار في تراويح رمضان بالمغرب، بين من يرى في ذلك أمراً محبذاً ومرغوباً لأنها تزرع قيم التعلم وحب القيادة منذ الصغر، وبين من يرفض تسليط الأضواء الكاشفة على الأطفال بمنحهم إمامة المصلين، لأن ذلك أكبر من سنهم، وقد "يحرق طفولتهم مبكراً".

وفي هذا السياق أفاد أحد أعضاء المجلس العلمي الأعلى (مؤسسة رسمية)، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث إلى الإعلام، بأنه "لا إشكال في إمامة الطفل أو الصبي للناس في صلاة التراويح باعتبارها صلاة نافلة، وليست صلاة مفروضة على المسلمين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق المتحدث ذاته، ضمن تصريح لـ"اندبندنت عربية" فإن الطفل في المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب يجب أن يكون بالغاً حتى تقبل إمامته في الصلوات الخمس المفروضة، غير أن إمامته في التراويح ليس فيها أي اعتراض شرعي، ما دام متقناً وحافظاً للقرآن.

ويستطرد بأن "ظاهرة الأئمة الأطفال في تراويح رمضان ظاهرة مرغوب فيها بشروط رئيسة، منها الإتقان والرصانة وحسن التلاوة وضمان الإمامة على وجهها المطلوب، كما أنها تعلم الصغير منذ هذه السن الاعتماد على النفس وفن قيادة الحشود البشرية" وفق تعبيره.

نجومية دينية

من جهته يرى الباحث الديني الدكتور إدريس الكنبوري، في تصريحات خاصة، بأن ظاهرة "الأئمة الصغار" بدأت قبل بضع سنوات وأثارت جدلاً داخل المجتمع، مردفاً أنها تعكس انتشار التدين وسط الأطفال والشباب في العقدين الأخيرين".

واسترسل الكنبوري بأنه "من شأن إمامة الأطفال تشجيعهم على ارتياد المساجد وتقليد بعضهم البعض والتحفيز على حفظ القرآن الكريم"، لافتاً إلى أن "هذا الموضوع له وجه آخر يتعلق بنطاق النجومية في المجال الديني، بينما كانت النجومية في الماضي مرتبطة فقط بالغناء والرياضة".

وأكمل الكنبوري شارحاً بأننا "أمام ظاهرة التشبيب في مجال الدين، والذي كان مرتبطاً بالشيوخ وكبار السن"، مورداً أنه "لا يرى مشكلاً إذا كان الطفل الذي يؤم المصلين حافظاً للقرآن ويعرف مخارج الحروف ويتقن القراءة، فقد كان بين الصحابة شباب صغار يؤمون في المساجد ويعهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم مهاماً كبرى مثل قيادة السرايا أو تبليغ الرسائل إلى القادة الأجانب أو تعليم الناس الإسلام".

حرق الطفولة

في المقابل، هناك من لا يجد ضرورة ليتحول الأطفال الصغار إلى أئمة يصلي خلفهم المئات والآلاف من الناس، منهم بلعيد زقوط، متقاعد، الذي لا يحبذ الصلاة خلف الأطفال، "لأنه بكل بساطة هناك كبار وحفظة ومتقنون للقرآن في نفس المسجد"، متسائلاً "لماذا في هذه الحالات يتم تسبيق طفل للإمامة بالناس؟".

وتابع المتحدث ذاته بأن الطفل يبقى طفلاً، حتى لو كان حافظاً للقرآن أفضل حفظ وأجمل ترتيل، لكنه لن يكون بمثل رجاحة الكبير، ولا إتقانه الوضوء والصلاة، ما يعني أن الطفل قد لا يضمن صحة صلاة من يؤمهم.

ويلتقط خيط الحديث من سابقه المحلل والمعالج النفسي أنس بوزوبع الذي يرى أن "تقديم طفل صغير إلى إمامة مئات وأحياناً آلاف المصلين في رمضان أو غيره هو أمر من الناحية النفسية يحرق طفولة الصغير" على حد تعبيره.

ويشرح المتحدث عينه بأن "تكليف طفل لإمامة الناس بالتراويح، سواء أكان أهلاً لذلك أو لم يكن أهلاً لها، فإنما يتم تحميله مسؤولية أكبر من سنه وطاقته، كما أنه بهذه الإمامة و(النجومية الدينية)، قد يفقد ما يتسم به الأطفال من عفوية في الحياة ولعب مع الأقران وغيرها من السلوكيات الملتصقة بالصغار".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات