وسّع رئيس الدولة الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، من عمليات تسمّيها السلطة "تطهيراً للمؤسسات الحساسة"، تزامناً مع ثاني أبرز قرار منذ توليه قيادة الدولة في أبريل (نيسان) 2019، بتوقيعه مرسوماً يؤسس دائرة لـ "الحرب الإلكترونية" تتبع وزارة الدفاع، وذلك بعد أيام على استعادة ضباط الاستخبارات صفة "الضبطية القضائية" في متابعة ملفات الفساد.
ووقّع عبد القادر بن صالح، مرسوماً رئاسياً يستحدث دائرة لـ "الحرب الإلكترونية" في وزارة الدفاع الوطني، بهدف معالجة أنظمة المعلومات الإلكترونية ومراقبة نشاط شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد تزايد الجرائم الإلكترونية بشكل كبير ومتسارع.
وأطلقت تسمية "دائرة الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية" على الهيئة الجديدة، وكُلّف برئاستها الجنرال عبد القادر لشخم، الذي كان تولى في السابق الإدارة المركزية للإشارة وأنظمة المعلومات. كما أطلق المرسوم الجديد تسمية "الحرب الإلكترونية" على الدائرة التي يتولاها، وذلك بعد سنة على تدشين المركز الرئيس لصيانة أجهزة الحرب الإلكترونية.
سحب ملف ثان
بعد شهور على استعادة وزارة الدفاع، لجهاز الاستخبارات الذي كان ألحق في العام 2015 برئاسة الجمهورية، تسحب المؤسسة العسكرية ملف "الحرب الإلكترونية" من وزارة العدل، على الرغم من اختلاف التسميات. واللافت أن توقيع مرسوم تأسيس الهيئة الجديدة، حصل في اليوم ذاته لبدء إجراءات التحقيق مع الرجل القوي في نظام بوتفليقة السابق، وزير العدل حافظ الأختام السابق، الطيب لوح.
واللافت أن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، كان وقّع أيضاً في يونيو (حزيران) 2019، مرسوماً رئاسياً، يقضي بنقل الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال لتكون تابعة لوزارة الدفاع، بعدما كانت تسيّرها سلطة إدارية لدى وزير العدل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نهاية حقبة "تصفية الحسابات"؟
ويعيب رجال قانون على عمل الهيئة السابقة، دخولها في "تصفية حسابات" ضد مدوّنين وصحافيين في السابق، والإشارة هنا إلى ما عُرف بملف "صحافيين ومدونين وفنانين ولاعبي كرة قدم"، جرت متابعتهم خريف العام 2018، إثر تقرير لهذه الهيئة، واعتُقلوا أكثر من شهرين في حبس الحراش، قبل حصلوهم على البراءة، واحداً تلو الآخر.
ويقول يونس قرار، وهو خبير تكنولوجيات ومدير ديوان سابق لوزارة تكنولوجيات الإعلام والاتصال إن "هناك فرقاً بين الحرب الإلكترونية والجرائم الإلكترونية، فالأخيرة هي الأهم وتشمل الكثير من القطاعات من بينها الدفاع الوطني"، أما الحرب الإلكترونية فهي من "اختصاص الجيش حصراً في إطار الحفاظ على الأمن الوطني ضد هجمات إلكترونية تستهدف الأنظمة المعلوماتية للجيش نفسه أو التي تخص مؤسسات سيادية في الدولة".
و"عبارة الحرب الإلكترونية تعني صلاحيات المؤسسة العسكرية" أما "الجرائم الإلكترونية في مفهومها العام فتشمل ابتزازاً وسرقات إلكترونية، وهي تسيّر من قبل أجهزة أمنية عبر العدالة". يعتقد قرار أن "تأسيس دائرة الحرب الإلكترونية يعني تحويل ملف الجرائم الإلكترونية من وزارة العدل إلى وزارة الدفاع"، مضيفاً "ربما لاحظ مسؤولو البلاد أن الهيئة التي تأسست قبل ثلاث سنوات تحت إشراف وزارة العدل لم تقدم أي شيء، لذلك قد تكون وزارة الدفاع هي الأنسب الآن".
ويتابع "هذه الهيئات التي تحارب الجرائم الإلكترونية وتسهر على "نظام الرقمنة" هي أهم شيء تقوم به السلطات، لأن "خدمات الرقمنة" تمس القطاعات كافة وأمن هذه القطاعات وبالتالي الأمن الشامل".
ما علاقة التسريب الصوتي لرئيس الأركان؟
لا معطيات حتى الآن حول إذا ما باشرت وزارة الدفاع تحقيقاتها حول التسريب الصوتي لرئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح قبل أيام، والذي ينقل مقطعاً لكلام "عفوي" لرئيس الأركان أمام عدد من الضباط، إما في مقر وزارة الدفاع أو إحدى النواحي العسكرية.
وعلى الرغم من غياب معطيات متعلقة بهذا الملف، وأي معلومات تؤكد أو تنفي " تعمد" التسريب من عدمه، إلا أن التغييرات التي طالت عدداً من رؤساء أركان النواحي العسكرية، بعدها إلحاق اختصاص "الحرب الإلكترونية" بالمؤسسة العسكرية، قد توحي بعلاقة ما بين هذه الإجراءات وتحقيق مفترض بدأت نتائجه في الظهور على نطاق ضيق بين كبار العسكريين.
تغييرات شاملة في رئاسة الجمهورية
قال مسؤول كبير لـ "اندبندنت عربية" مساء الثلاثاء 23 يوليو 2019، إن "رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، قد أدخل تغييرات شاملة بداية من رئاسة الجمهورية، قبل أن تتوسع إلى مؤسسات سيادية أخرى"، ويلمّح المسؤول إلى ما يسمى رسمياً "أذناب العصابة" في المؤسسات الرسمية المورثة عن النظام السابق، ما يعني بحسب هذا المسؤول "عملية تطهير بكل ما للكلمة من معنى".
ويقول المتحدث ذاته إن "99 في المئة من الطاقم البشري لرئاسة الجمهورية جرى تغييرهم بالكامل"، وأضاف "من بينهم المستشارون السابقون للرئيس المستقيل البالغ عددهم 18، وقد استُبدل منهم 16". ومن المعروف أن مؤسسة الرئاسة بدورها، أنهت مهام كبار المستشارين ثم مسؤولي المصالح الحيوية، أبرزها مصلحة الاستقبال والإقامات الرسمية ومصلحة التشريفات والمصلحة الإلكترونية، إضافة إلى الطاقم الأبرز، الأمين العام والديوان.