Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البيئة الشامية تستعيد حضورها في الدراما الرمضانية

مسلسلات سورية حافلة بأعمال الثأر والجريمة في أحياء مغلقة ومهمشة والمؤسسة الرسمية مشلولة

أيمن زيدان في مسلسل "زقاق الجن" (ملف المسلسل)

ملخص

#مسلسلات_سورية في رمضان حافلة بأعمال #الثأر والجريمة في أحياء مغلقة ومهمشة والمؤسسة الرسمية مشلولة

بعد أن تجاوز الواقع السوري المخيلة بأشواط بعيدة، تحاول الدراما التلفزيونية السورية لهذا الموسم، الهروب في الزمن نحو الماضي، والنبش في قصص شعبية ارتكزت في معظمها على اتخاذ البيئة ملاذاً لصراع شخصياتها، فيما انكفأت الأعمال الاجتماعية التي كانت تصور تطلعات الإنسان الراهنة، وتبحث في آليات الفساد والإرهاب، وتحاول معايشة الظروف الحياتية، من خلال بلورة واقع فني يطل على تطلعات العائلة، وهموم شرائح واسعة من المشاهدين.   

الموسم التلفزيوني لعام 2023 حفل بعديد من أعمال البيئة الشامية التي تصدرت قائمة الإنتاج، ويأتي على رأسها مسلسل "زقاق الجن"(تأليف محمد العاص، وإخراج تامر إسحاق وإنتاج ماهر برغلي). تدور أحداث العمل في حي زقاق الجن الشهير في قلب دمشق خلال القرن التاسع عشر، ويتناول ظاهرة اختطاف الأطفال، في ظل صراع دموي بين عائلات شامية متنفذة، تحاول السيطرة على مقاليد الأمور، بينما تخيم أجواء الدسائس والمؤامرات على مجريات الأحداث التي يؤدي بطولتها أيمن زيدان وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري.

وتعود المخرجة رشا شربتجي إلى أعمال البيئة الشامية عبر مسلسلها "مربى العز" عن نص لعلي معين صالح، إنتاج مجموعة "أم بي سي". تدور أحداث العمل في العشرينيات من القرن الماضي، وتسرد حكاية ثلاث عائلات من وجاهات الشام، تواجه كل منها الأخرى في صراع يأتي على خلفية اختطاف أحد أبناء زعماء الحارات الثلاث، ويشارك  في بطولة العمل عباس النوري، وأمل عرفة، وخالد القيش، ومحمود نصر، وسوزان نجم الدين، ونادين تحسين بك.

الإحتلال العثماني

 

ويقدم المخرج سيف الدين سبيعي مقترحه الجديد في أعمال البيئة الشامية عبر مسلسله "العربجي" عن نص مشترك لعثمان جحا ومؤيد النابلسي، وتدور أحداث هذه الملحمة الشعبية التي أنتجتها شركة غولدن لاين، في زمن الاحتلال العثماني لبلاد الشام، وتتطرق لأول مرة لواقع صراع تجار القمح والحبوب، وتسلط عائلات بعينها لاحتكار موارد الشام وخيراتها، بينما يرزح الفلاحون والحرفيون والشغيلة تحت نير استعباد طبقتي الباشاوات والمتصرفيين. يطل من بين جموع المقهورين بطل شعبي يدعى عبدو العربجي (باسم ياخور)، العتال الذي سوف يقود تمرداً على سلطات الأمر الواقع، حاشداً جموع الفلاحين والمستضعفين في ثورة ضد العثماني وأعوانه، وفي بطولة هذا العمل سلوم حداد، وديمة قندلفت، وميلاد يوسف، وروبين عيسى.

سيرة البطل الشعبي تظهر في أعمال بيئة مغايرة هذه المرة لحارات الشام، عبر مسلسل "الزند- ذئب العاصي" فتدور أحداث العمل الذي كتبه عمر أبو سعدة وأخرجه سامر برقاوي، في ريف حمص ومدينتها. ونطل عبرها على صراع بين طبقتي الإقطاعيين- (الآغاوات) وبين طبقة الفلاحين عبر قصة مشوقة تقود حبكتها شخصية الزند (تيم حسن) للانتقام لأبيه وسط انقلاب اجتماعي على سلطة العثماني مطلع القرن العشرين، وبروز شخصيات وطنية تنادي بالنهضة السياسية القومية على رأسها المفكر والصحافي عبد الحميد الزهراوي، ويلعب بطولة هذا العمل الذي أنتجته شركة الصبّاح دانة مارديني، ورهام قصار، وباسل حيدر، وفيلدا سمور، ونهال الخطيب.

 

وتكمل أعمال معروفة قصتها دونما أثر يذكر في الجمهور عبر أجزاء جديدة من مسلسلات من مثل "باب الحارة" في جزئه الـ 13، و"حارة القبة" في جزئه الثالث، و"مقابلة مع السيد آدم" في جزئه الثاني، بينما نشاهد الجزء السادس من المسلسل الكوميدي "صبايا" مع أن أعمال الكوميديا تراجعت في الدراما السورية، وتوقفت في هذا الموسم سلسلة "بقعة ضوء" الشهيرة، التي شهدت مجدها مع بداية الألفية الحالية، وكانت محط تطلع جمهور واسع من المشاهدين، لما كان لهذا العمل من دور في ملامسة هموم الشارع السوري، وانتقاده المباشر لـ"غيلان" الفساد بأسلوب ساخر لا يخلو من جرأة سياسية.

السوريون في لبنان

وتطل هذا الموسم أعمال معاصرة تطرح مقترحات فنية جديدة على صعيد القصة والشخصيات، وحتى على صعيد الأماكن التي تدور فيها الأحداث، ويأتي مسلسل "النار بالنار" للكاتب رامي كوسا والمخرج محمد عبدالعزيز في مقدمة تلك الأعمال التي تقدم نموذجاً للمرابي عبر شخصية عمران (عابد فهد) الذي يفرض الخوات على أبناء الحي، ويقع في حب مريم (كاريس بشار) معلمة المدرسة التي نزحت عن سورية إلى لبنان. وفي أتون ذلك يخسر المرابي الرهان، ويميل قلب المدرسة الشابة نحو عزيز (جورج خباز) مدرس الموسيقى الذي ما زال يعيش آثار الحرب الأهلية اللبنانية. تنقلب الأمور رأساً على عقب، ويشتد الصراع بين رجلين يكافحان من أجل الظفر بقلب حسناء الحي اللعوب. العمل من إنتاج شركة الصبّاح، ويتعرض لواقع النازحين السوريين في لبنان، وهو من بطولة طوني عيسى وزينة مكي وطارق تميم.

 

ويروي مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" لسامر رضوان، إخراج عروة محمد، قصة عائلة حاكمة يقع الخلاف بين بكر أبنائها وأخيه على وراثة الحكم عن أبيهما، في إسقاط سياسي لا يخلو من المباشرة الفنية. تتواتر أحداث العمل في إيقاع درامي لاهث لتروي قصة صراع السلطة والمال في إطار دموي، ومحنة الطاغية الذي يبطش بمعارضيه رغبةً منه في امتلاك القمر. العمل من إنتاج شركة "ميتافورا"، وبطولة مكسيم خليل، وعبد الحكيم قطيفان، ومرح جبر، وعبد القادر الملا، ومازن الناطور، وسوسن أرشيد.

 

بدوره يقدم مسلسل "خريف عُمر" قصة درامية تروي حكاية المحامي عمر الدالي (سلوم حداد) الذي تنقلب حياته رأساً على عقب بعد أن تخبره ابنته عن ظروف حياتها القاسية مع زوجها. يبدأ نضاله في أروقة المحاكم لاسترداد حقوق ابنته، لكن القانون يخذله، مما يضطره إلى مواجهة صهره الأهوج خارج دساتير القوانين. العمل يعالج حياة رجال القانون في ظل ضعف سلطته في بلاد العالم الثالث، وما يشوبها من فوضى ومحسوبيات تزهق الحقوق، وتقلب الحق باطلاً. المسلسل حظي بفرصة عرضه على قناة أبو ظبي، وهو من إنتاج شركة "سما الفن"، وكتابة حسام شراباتي ويزن مرتجى، وإخراج المثنى صبح، وبطولة عبد المنعم عمايري، وحسن عويتي، ومعتصم النهار، وكارمن لبس، وقمر خلف.

شلل رسمي

 

تغيب مسلسلات القطاع العام في سورية بعد سنوات من الإنتاج، فلم تسجل "مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني" حضورها في أي عمل درامي لموسم 2023، بينما توقفت عجلة الإنتاج في "مديرية الإنتاج التلفزيوني" في التلفزيون السوري، وتعد هاتان المؤسستان التابعتان لوزارة الإعلام في مقدمة قطاعات الإنتاج التي غابت لأول مرة منذ سنوات بعد تدهور ميزانياتها، وبسبب انحدار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وانعدام أي استراتيجية حكومية لتجاوز تعرفة الأجور للفنانين والكتّاب، بحيث بقيت التعرفة القديمة المعتمدة منذ عام 2011 من دون أي تعديل على الأجور، مما أطاح بدراما القطاع العام عن خريطة الإنتاج، وجعل كثيراً من الممثلين والمخرجين والكتّاب بلا عمل، بعد عقود من الأعمال التي مهدت الطريق لنجاح الدراما السورية ورواجها عربياً من مثل "العبابيد" و"الفراري" و"أسعد الوراق" و"هجرة القلوب إلى القلوب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشهد "المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني" انكماشاً إنتاجياً حاداً بعد تحقيقها عديداً من الأعمال بين عامي 2019 و2020 عبر مشروع أطلق عليه مديرها السابق زياد الريس "خبز الحياة". المخرج زياد الريس تحدث عن مشروعه الموءود لـ "اندبندنت عربية" وقال: "أنتجنا أكثر من 12 مسلسلاً بين المنخفض الإنتاج والمتوسط والضخم، وتم بيعها وتسويقها لقنوات شبكة "بي أن" القطرية ولقنوات فلسطين ومنصة "وياك" وتلفزيونات "الظفرة" و"الشلال" الخليجية، واسترددنا أكثر من 46 في المئة من حجم الإيرادات، وبلغ حجم مبيعنا في شهر رمضان لعام 2019 مبلغاً قدره 461 ألف دولار، ووقعنا 160 عقداً مع ممثلين ومخرجين وفنيين. وكنا نطمح أن نطلق قناة متخصصة بعرض أعمال الدراما السورية وشبكة عملاء لتسويق أعمالها. لكن كل هذا ذهب أدراج الرياح، ووزارة الإعلام للأسف الشديد، قللت من أهمية المؤسسة وجهدها، وهمشت دورها في الإنجاز الذي حققته. كل هذا من أجل إلغاء دور المؤسسة، وتعزيز دور الأفراد، وكلها في النهاية مصالح شخصية، وقد غادرتُ المؤسسة نهاية عام 2021، وتركتُ في خزينتها مبلغاً قدره ثلاثة مليارات ومئتا مليون ليرة سورية، فماذا فعلوا بهذه الأموال؟".               

وتخلف عن موسم هذا العام مسلسل "مال القبان" لمؤلفيه علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج سيف الدين سبيعي. العمل يطل بقوة على الشوارع الخلفية للحرب، ويقتفي أثر شخصيات تعيش أزمات خانقة في ظل تسلط أثرياء الحرب ومافيات تجارة الأعضاء البشرية والمخدرات. وغاب الجزء الثاني من مسلسل "كسر عضم" بعد انسحاب كاتب الجزء الأول منه علي معين صالح ومخرجته رشا شربتجي، بينما أصر منتجه إياد النجار عبر شركته "كلاكيت" على إنتاج موسم ثان منه. ومثله مسلسل "دوار شمالي" العمل الذي لقي نصه لمؤلفه حازم سليمان معارضة حازمة من الرقابة السورية، ليتم تصويره بإدارة المخرج عامر فهد في لبنان، من دون تحديد شركته المنتجة "أي سي ميديا" أسباب تأجيل عرضه على قناة "أبو ظبي"، بعد تعرض المسلسل لحملات تشويه وتحريف طاولت صنّاعه، وبعد رفض الرقابة للنص الذي حمل في البداية عنوان "تحت الرماد"، وفيه تناول كاتبه التحالف الضمني بين رجال الدين والسلطة في ثمانينيات القرن الفائت على خلفية أحداث الإخوان المسلمين في سوريا.        

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة