Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أثرت السن على أداء الرؤساء الأميركيين عبر التاريخ؟

غالبية الناخبين يريدون رئيساً شاباً لكن المراقبين يختلفون حول تأثير العمر

الرؤساء الأميركيون السابقون كارتر وبوش الأب وكلينتون وبوش الإبن وأوباما خلال مشاركتهم في افتتاح مركز جورج دبليو بوش الرئاسي في دالاس، في 25 أبريل 2013 (أ ف ب)

ملخص

تثار أسئلة عدة حول مدى تأثير عامل العمر على أداء رؤساء #الولايات_المتحدة ، وكيف يؤثر ذلك في انتخابهم

كان جو بايدن أكبر رئيس أميركي أدى اليمين الدستورية في سن 78 عاماً و61 يوماً، وإذا قرر الترشح لدورة رئاسية ثانية، سيخوض الانتخابات المقبلة وقد بلغ 82 سنة من عمره، وهي مرحلة عمرية لم يبلغها رئيس من قبل في التاريخ الأميركي، وإذا فاز فسيصل إلى 86 سنة مع انتهاء ولايته، كما قد يكون أبرز منافسيه هو الرئيس السابق دونالد ترمب الذي سيبلغ 78 سنة العام المقبل وإذا فاز فسيصل إلى 82 سنة مع انتهاء ولايته، في حين أن متوسط سن الرؤساء الأميركيين عند أدائهم اليمين الدستورية هو 55 عاماً وكان أصغر رئيس منتخب جون كينيدي يبلغ 43 سنة من عمره، بينما يبقى ثيودور روزفلت، الذي كان نائباً للرئيس، هو أصغر رئيس أميركي في عمر 42 عاماً، بعد أن تسلم المنصب إثر وفاة الرئيس وليام ماكينلي، فهل أثرت السن على أداء الرؤساء الأميركيين عبر التاريخ؟

قضية حساسة

 لن يكون السباق الانتخابي يسيراً للرئيس بايدن إذا قرر خوضه خلال الأسابيع المقبلة، نظراً إلى أحد أهم العوامل الحاسمة التي لم تختبرها من قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية طوال تاريخها، ذلك أن بايدن سيخوض الانتخابات المقبلة وقد بلغ 82 سنة. ولهذا، من المرجح أن يكون العمر عاملاً سلبياً ضد الرئيس الحالي، بعد أن أظهر استطلاع للرأي أجرته "نيويورك تايمز" و"سيينا كوليدج" العام الماضي، أن ما يقرب من ثلثي الديمقراطيين لا يريدون أن يترشح بايدن مرة أخرى، واحتلت المخاوف في شأن عمره المرتبة الأولى في القائمة، إذ كان الشباب أكثر إصراراً على أن بايدن كبير في السن.
ومن شبه المؤكد أن ترمب سيرفع شعار "القوة في مقابل الضعف"، كما يفعل دائماً في كل شيء، وسيستخدم عمر بايدن كسلاح حاسم ضده، على رغم أن ترمب نفسه أصغر منه بأربع سنوات فقط وسيبلغ 78 سنة العام المقبل، مما يعني أن التنافس قد ينحصر بين مرشحين ولدا في أربعينيات القرن الماضي، أما إذا قدم الجمهوريون مرشحاً أصغر سناً مثل رون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا الذي سيبلغ 46 سنة يوم الانتخابات أو غلين يونغكين حاكم ولاية فيرجينيا الذي سيبلغ 58 سنة في 2024، فستلوح قضية العمر في الأفق بشكل أكبر ومن المحتمل بدرجة كبيرة أن تكون أكثر النقاط خطراً على بايدن نظراً إلى ما يعرفه الأميركيون عن التدهور الطبيعي للدماغ والجسم البشري في السن المتقدمة وهو ما يتعارض مع الإرهاق البدني والعقلي الذي تتطلبه الوظيفة الرئاسية حتى لمن هم في الأربعينيات أو الخمسينيات من عمرهم.
ومقارنة مع أصغر الرؤساء الذين شغلوا المنصب مثل جون كينيدي الذي كان أصغر رئيس وقت انتخابه في عمر 43 عاماً و236 يوماً، أو ثيودور روزفلت الذي يظل حتى الآن أصغر رئيس يتولى السلطة في البيت الأبيض في عمر 42 عاماً و322 يوماً بعد وفاة الرئيس وليام ماكينلي، تطفو أسئلة عدة على السطح حول مدى تأثير عامل العمر على أداء الرؤساء، وكيف يؤثر ذلك في انتخابهم.

مفارقات الأعمار

على رغم أن متوسط الأعمار للرؤساء الأميركيين الآن لا يزال عند 55 عاماً، فإنه ارتفع في القرن الـ21 إلى 62.3 سنة، مقارنة بـ54.6 سنة في القرن الـ20، و54.7 سنة في القرن الـ19، و59 سنة في القرن الـ18، وتعود الزيادة في القرن الحالي إلى آخر رئيسين (بايدن وترمب) اللذين كانا في السبعينيات وقت أداء اليمين الدستورية في حين بلغ جورج دبليو بوش 54 سنة وباراك أوباما 47 سنة وقت توليهما السلطة.
غير أن مسألة تقدم عمر الرئيس وصحته كانتا على الدوام في الذاكرة الأميركية، فقد احتفظ الرئيس وليام هنري هاريسون بلقب أكبر رئيس سناً لمدة 140 عاماً حيث كان عمره 68 عاماً و23 يوماً في عام 1841، ولم يحطم هذا الرقم القياسي سوى رونالد ريغان في عام 1981 في عمر 69 عاماً و348 يوماً، قبل أن يتجاوزه مرة أخرى الرئيس دونالد ترمب في عام 2016، بعمر 70 سنة و220 يوماً، ثم الرئيس جو بايدن في عام 2020، بعمر 78 سنة و61 يوماً. وإذا ترشح بايدن الذي احتفل بعيد ميلاده الـ80 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فسيحطم الرقم القياسي مرة أخرى حيث سيكون أول رئيس أميركي في الثمانينيات من عمره بل سيتجاوز الـ82 عاماً عند أدائه اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.
ومع ذلك، يقول البعض إننا نعيش في زمن مختلف يتمتع فيه مزيد من الناس بالصحة وطول العمر بسبب التقدم الطبي وتحسن أساليب الحياة، وهو ما يجب ألا يؤثر في المنصب الرئاسي، بخاصة أن أربعة رؤساء من بين أكبر 10 رؤساء في تاريخ أميركا شغلوا البيت الأبيض خلال الـ50 سنة الأخيرة، بحسب ما تشير بياناتهم وما إذا كانوا تعرضوا لأزمات صحية، ربما أخفوا كثيراً منها خلال فترات حكمهم.

جو بايدن

أصبح بايدن الذي يعد الرئيس رقم 46 في ترتيب الرؤساء الأميركيين، هو الوحيد الذي احتفل بعيد ميلاده الـ80 أثناء وجوده في منصبه، لكنه عندما أصبح رئيساً في 20 يناير 2021، كان يبلغ من العمر 78 عاماً، مما جعله أكبر رئيس يتولى هذا المنصب على الإطلاق.
ويواجه بايدن انتقادات المحافظين بسبب زلاته وتلعثمه أحياناً في المؤتمرات الصحافية، وتعثره المتكرر على سلم الطائرة الرئاسية، لكن طبيبه الخاص كيفين أوكونور يؤكد أن الرئيس بصحة جيدة ويتمتع بالنشاط وأنه لا يوجد ما يمكن أن يعوق ممارسته للسلطة، بعد أن خضع الرئيس للفحص البدني.
ومع ذلك، لاحظ أوكونور أن مشية بايدن لا تزال متيبسة لكنها لم تزداد سوءاً منذ عام 2021، وعزا التصلب إلى التهاب المفاصل في العمود الفقري، والقدم المكسورة سابقاً، والاعتلال العصبي الخفيف في قدميه.

دونالد ترمب

كان ترمب يبلغ من العمر 70 عاماً و220 يوماً عندما تولى منصبه في عام 2017، وجعله هذا أكبر رئيس أميركي سناً على الإطلاق عند تنصيبه، وفي حين تعرض ترمب لانتقادات بسبب أشياء كثيرة، لكن نادراً ما يتم ذكر حقيقة أنه كان تجاوز الـ70. ومع ذلك واجه ترمب خلال الفترة الأخيرة التي قضاها في البيت الأبيض، أسئلة حول عمره وصحته في أعقاب نوبة مع "كوفيد-19"، التي تبين أنها أكثر شدة مما توقعه الرئيس السابق في ذلك الوقت، إلى جانب السمنة، وما تم توثيقه على أنه أسلوب حياة غير صحي بشكل عام، لكن إذا فاز ترمب بولاية ثانية، فسيكون ثاني أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة بعد بايدن.

رونالد ريغان

تولى ريغان منصبه عن عمر يناهز 69 عاماً و348 يوماً في يناير 1981، حيث ولد عام 1911 ونجا من محاولة اغتيال خلال فترة ولايته الأولى في المنصب حين أطلق عليه الرصاص جون هينكلي بعد شهرين فقط من ولايته، حيث أمضى 12 يوماً في المستشفى، لكن في نهاية ولايته الثانية عندما ترك المنصب، كان ريغان يبلغ من العمر 77 عاماً. كافح ريغان باستمرار مع صحته السيئة، حيث عانى التهابات المسالك البولية، وخضع لإزالة حصوات البروستاتا، وتطور مرض المفصل الصدغي الفكي والتهاب المفاصل، وفي عام 1987، أجرى عمليات جراحية لسرطان البروستاتا والجلد.
وخلال فترة ولايته الأولى، اكتسب ريغان شهرة في تفويض المسؤوليات، ومع ذلك فإن قلة من الأميركيين شككوا في كفاءته على أساس العمر بعد فوزه الساحق في عام 1984، غير أن هذه المخاوف عادت للظهور مع انتشار فضيحة "إيران-كونترا"، لا سيما في سياق رد ريغان المتكرر على المحققين بأنه ببساطة لم يتذكر أنه أمر بمنح صفقة أسلحة غير قانونية لإيران من أجل توفير الأموال لمتمردي نيكاراغوا اليمينيين ضد الحكومة اليسارية.
في ذلك الوقت، اعتقد النقاد أن هذه مجرد حيلة، لكن مرض ريغان بألزهايمر بعد خمس سنوات من تركه منصبه، ربما يكون قد أسهم في عدم قدرته على مراقبة ما كان يحدث في إدارته، وألقى هذا الضوء على أهمية العمر كعامل خطر في ما يتعلق بالأداء الرئاسي.

وليام هنري هاريسون

كان هاريسون يبلغ من العمر 68 عاماً و23 يوماً عندما أصبح الرئيس التاسع للولايات المتحدة في عام 1841، لكن بعد 23 يوماً فقط من يوم التنصيب، وفي يوم بارد ورطب، ألقى خطاباً لمدة ساعتين من دون معطف أو قبعة وسط رياح عاصفة، واستسلم هاريسون لما كان يعتقد أنه التهاب رئوي أو حمى التيفود، وتوفي بعد 31 يوماً فقط من تسلمه المنصب، مما يمثل أقصر فترة رئاسة في تاريخ البلاد.
وبينما احتفظ هاريسون الذي ولد عام 1773 بالرقم القياسي لأكبر رئيس منتخب في المنصب، لمدة 140 عاماً حتى انتخاب ريغان، إلا أن وفاته السريعة حملت إشارة إلى أن مرشحاً أكبر سناً قد يكون خياراً محفوفاً بالمخاطر في هذا الوقت.

جيمس بوكانان

كان الرئيس الـ15 للولايات المتحدة يبلغ من العمر 65 عاماً و315 يوماً عندما تولى منصبه في عام 1857، قبل سنوات قليلة من الحرب الأهلية، وهو ديمقراطي شجب الحزب الجمهوري، مطالباً الكونغرس ألا يصوغ قوانين من شأنها أن تحدد وضع العبودية في الولايات. ووعد بوكانان بعدم السعي إلى إعادة انتخابه، وخلفه الرئيس أبراهام لينكولن في عام 1860، وهو انتصار دفع دول الجنوب للانفصال عن الاتحاد واندلاع الحرب الأهلية الأميركية.
أصيب بوكانان وآخرون بمرض غامض تعافى منه سريعاً يسمى مرض فندق ناشيونال، الذي كان أحد أكثر الفنادق شهرة وفخامة في واشنطن الذي يخدم السياسيين المؤثرين، وسرعان ما ظهرت إشاعات تغذيها التغطية الصحافية المثيرة، بأن الضحايا تسمموا بالزرنيخ، نتيجة محاولة اغتيال فاشلة لبوكانان من قبل دعاة إلغاء عقوبة الإعدام المتطرفين، لكن الخبراء الطبيين الآن يعتقدون أن تفشي المرض نتج عن نظام الصرف الصحي البدائي في الفندق في عصر كان العلماء والأطباء يعرفون القليل عن الالتهابات البكتيرية وكيفية علاجها.

جورج أتش بوش (بوش الأب)

كان بوش يبلغ من العمر 64 عاماً و222 يوماً عندما أدى اليمين الدستورية عام 1989 بعد أن خدم لفترتين كنائب للرئيس ريغان، وهزم في محاولته لإعادة انتخابه في عام 1992 على يد الديمقراطي بيل كلينتون على رغم أن شعبيته بلغت 92 في المئة وهو رقم تاريخي عقب تحرير الكويت من قوات الرئيس العراقي صدام حسين في عام 1991.
وكطيار بحري سابق، تعرض بوش لصدمة في الرأس والرئة، وأصيب طوال حياته بعديد من القرح النازفة والتهاب المفاصل وعديد من الخراجات، كما تم تشخيص حالته بأنه مصاب بالرجفان الأذيني بسبب فرط نشاط الغدة الدرقية، لكن حادثة واحدة خيمت على رئاسته ففي 8 يناير 1992، وفي أثناء حضوره مأدبة غداء أقامها رئيس وزراء اليابان آنذاك كيتشي ميازاوا فقد بوش اتزانه وأغمي عليه بعد التقيؤ في حجر ميازاوا، وعزا الأطباء الحادث في وقت لاحق إلى التهاب المعدة والأمعاء الحاد وإرهاق السفر.

زاكاري تايلور

كان تايلور يبلغ من العمر 64 عاماً و100 يوم عندما تولى منصبه في مارس (آذار) 1849، وعلى رغم أن الطقس كان لطيفاً، فإنه طلب منه حضور كثير من المناسبات الاحتفالية والقيام بجولة في الشمال الشرقي للبلاد، ولم يكن الروتين الرئاسي المتمثل في العشاء والاستقبالات يتناسب مع نظام تايلور. وفي يوم الاستقلال 1850، حضر الرئيس حفلاً لجمع التبرعات لنصب واشنطن التذكاري حيث تناول بتسرع الفاكهة والحليب المثلج، وأصيب من جراء ذلك بعدوى بكتيرية، تم تشخيصها في البداية على أنها التهاب في المعدة والأمعاء، ولم يستجب للعلاج وتوفي في 9 يوليو (تموز) 1850، بعد مرور 16 شهراً فقط على توليه السلطة حيث كان لا يزال يبلغ من العمر 65 عاماً.
وفي حين لا تعتبر وفاة كل من هاريسون وتايلور دليلاً على أن المرشحين المسنين يواجهون أخطاراً أعلى للوفاة في مناصبهم بالنظر إلى أن الأمر كان يتعلق أكثر بارتداء الملابس المناسبة للطقس واتباع الحمية الغذائية الجيدة، إلا أن وفاتهما عززت حكمة اختيار نائب رئيس أصغر سناً.

دوايت دي أيزنهاور

في سن 62 عاماً و98 يوماً، أصبح أيزنهاور الرئيس الـ34 للولايات المتحدة، وخدم لفترتين منذ عام 1953 وحتى عام 1961، وعندما ترك منصبه كان يبلغ من العمر 70 عاماً، لكنه أصيب في سبتمبر (أيلول) 1955 بأزمة قلبية في كولورادو وظل في المستشفى لمدة سبعة أسابيع، كما تم تشخيص الرئيس الـ34 للولايات المتحدة بمرض "كرون" في منتصف فترة رئاسته التي استمرت 8 سنوات، وخضع لعملية جراحية في يونيو (حزيران) 1956. وبعد عام واحد، أصيب الرئيس بجلطة دماغية خفيفة تمكن من التغلب عليها.
خلف أيزنهاور الرئيس جون كينيدي، ثاني أصغر رئيس منتخب على الإطلاق حيث تم تنصيبه عن عمر يناهز 43 عاماً، بينما تولى ثيودور روزفلت منصبه في سن 42 ويعد أصغر رئيس أميركي في التاريخ حتى الآن.

أندرو جاكسون

شغل جاكسون منصب الرئيس السابع للولايات المتحدة من عام 1829 وحتى عام 1837 وكان يبلغ من العمر 61 عاماً و354 يوماً عندما أدى اليمين الدستورية. وكان عمره 69 عاماً في نهاية ولايته الثانية.
عانى جاكسون من أمراض نفسية وجسدية وفقاً لموقع "هيلث لاين"، فعندما تم تنصيبه، كان نحيفاً بشكل ملحوظ، وتأثر بفقد زوجته للتو بسبب نوبة قلبية، كما كان يعاني أسناناً متعفنة، وصداعاً مزمناً، وضعفاً شديداً في البصر، ونزيفاً في رئتيه، وعدوى داخلية، وألماً من جرحين برصاصتين من مبارزات منفصلة.

جون آدامز

كان الرئيس الثاني للولايات المتحدة، جون آدامز، يبلغ من العمر 61 عاماً و125 يوماً عندما أدى اليمين، وشغل منصب الرئيس من عام 1797 إلى 1781 بعد فوزه على توماس جيفرسون في انتخابات عام 1796.

أصيب آدامز بارتجاف في يديه لسنوات عدة، تفاقم مع توليه منصب نائب الرئيس جورج واشنطن. وظهرت عليه هذه العلامات عندما خاطب مجلس الشيوخ، واستمرت معه في سنوات رئاسته، كما اشتكى كثيراً من ضعف البصر، وبحلول نهاية فترة رئاسته ساءت حالته حتى إنه بالكاد كان يقرأ أو يكتب.

ويعتقد المؤرخون والأطباء أن السبب الكامن وراء سلوك آدامز غير المنتظم والأمراض المتعددة على مدى عقود هو فرط نشاط الغدة الدرقية التي لم تكن وظيفتها معروفة في زمن آدامز، حيث ظهرت عليه علامات مثل الضعف، وعدم تحمل الحرارة، والتعرق، والرعشة، وعينان جاحظتان، وفقدان الوزن على رغم تناول الطعام بشكل جيد، ونمو في رقبته (ربما تضخم الغدة الدرقية).

الصحة أم العمر؟

ومع ذلك فإن صحة الرؤساء تلعب دوراً ربما أهم من العمر، كما يتضح في حالتي الرئيسين روزفلت وكينيدي، فالرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت كان قد بلغ من العمر 51 عاماً عندما دخل المكتب البيضاوي عام 1933 وكان قد أصيب بشلل الأطفال في الجزء السفلي من الجسم في عام 1921، ولكن هذا لم يمنعه من أن يكون حاكماً فعالاً لنيويورك في هذا الوقت، وبحلول الوقت الذي أعيد فيه انتخابه لولاية رئاسية رابعة في عام 1944، كان قد تجاوز 63 عاماً، وساءت صحته بسبب قصور في القلب وأمراض أخرى تفاقمت بسبب تدخينه المتكرر، وبدأت تظهر عليه علامات فقدان الشهية وفقدان الوزن. وعندما عاد روزفلت من مؤتمر يالطا مع ستالين وتشرشل في عام 1945، صدم مظهره الضعيف والشيخوخة المراقبين، ومع ذلك ظل نائبه هاري ترومان، مستبعداً من اتخاذ قرارات سياسية، مما يعني أن وفاة فرانكلين روزفلت المفاجئة نتيجة نزيف دماغي حاد في أبريل (نيسان) 1945 أدت إلى تحول درامي، حيث كان ترومان هو من قرر استخدام الأسلحة النووية ضد اليابان في العام نفسه.
أما الرئيس جون كينيدي، فقد كان خلال انتخابات 1960 في نفس عمر خصمه ريتشارد نيكسون، وكلاهما أوضح أن جيلاً جديداً يتولى الآن زمام الأمور، في إشارة إلى النوبة القلبية التي تعرض لها دوايت أيزنهاور أثناء وجوده في المنصب والتي كانت توحي بأهمية اختيار رئيس شاب.
لكن في أول مناظرة متلفزة على الإطلاق، كان كينيدي ينضح بحيوية الشباب بينما بدا نيكسون الذي كان يتعافى من عدوى حينها كما لو كان "محنطاً"، ومن المفارقات أن كينيدي اختار الحفاظ على سرية تشخيصه بمرض أديسون وهو اضطراب عضال في الغدد الكظرية، وبسبب آلام الظهر المزمنة والقلق، وأصيب بإدمان على المسكنات والمنشطات والأدوية المضادة للقلق. وأدى انهيار فقرات العمود الفقري إلى ارتدائه دعامة خلفية، مما أضعف أداءه في قمته الأولى مع الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف في فيينا، وفقاً لمقال نشره بيتر لينغ المؤرخ الرئاسي في موقع "هيستوري إكسترا" الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


العمر المثالي للرئيس

ومع ذلك، لا يزال عمر الرئيس يشكل أولوية لدى الأميركيين وفقاً لاستطلاع رأي أجرته "يو أس إيه توداي" وجامعة سوفولك في شأن الخصائص التي يجدونها جذابة في الرئيس وتلك التي قالوا إنها لا تهم، حيث قال ديفيد باليولوجوس، مدير مركز سوفولك للأبحاث السياسية، إنه لا يوجد حالياً في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 مرشحون مثاليون معلنون حتى الآن، ولا يتطابق الرئيس جو بايدن ولا الرئيس السابق دونالد ترمب تماماً مع الوصف، حيث يقول ستة من كل 10 أشخاص إنهم لا يريدون ترشح ترمب أو بايدن في 2024.
كما اختار 50 في المئة ممن شملهم الاستطلاع الفئة العمرية بين 51 و65 سنة، بينما اختار 25 في المئة فئة منتصف العمر بين 35 و50 عاماً كأفضل خياراتهم لمنصب الرئيس، في حين اختار ثمانية في المئة فقط فئة ما بين 66 و80 عاماً كعمر مثالي للرئيس.

العمر كعامل محدد لاختيار الرؤساء

غير أن المراقبين وخبراء السياسة يختلفون حول أهمية عمر الرئيس كعامل محدد للاختيار، حيث يقول المؤرخ بيتر لينغ أستاذ الدراسات الأميركية بجامعة نوتنغهام، إن الرؤساء السابقين الأحياء باستثناء ترمب، وهم كارتر وكلينتون وبوش الابن وأوباما، يتفقون على أن الرئاسة هي دور صعب، وأن ضغوطها تظهر في بعض الأحيان بشكل واضح في صور هؤلاء الأفراد قبل وبعد توليهم المنصب، بل إن كارتر نفسه دون في السجلات أنه لا يعتقد أنه كان بإمكانه تولي الوظيفة بفعالية كرجل أكبر سناً.
كما يشير لينغ إلى أن دستور الولايات المتحدة يتطلب أن يكون عمر جميع المرشحين للرئاسة 35 عاماً على الأقل، وهو ما يعكس الاعتقاد السائد بين الآباء المؤسسين بأن الرئيس التنفيذي للدولة يجب أن يكون شخصية ذات خبرة، كما أن التعديل الـ22، المصدق عليه عام 1951، يحد من العمر بشكل غير مباشر، لأنه رفض انتخاب رئيس لأكثر من فترتين مدتهما أربع سنوات. وكان هذا التعديل رداً على رئاسة فرانكلين ديلانو روزفلت، الذي توفي في منصبه في أبريل 1945 بعد أن فاز بولاية رابعة في نوفمبر 1944، ما يشير إلى أن الصحة هي أحد الاعتبارات المهمة عند تحديد العمر.
كما يشير غاري شميت، كبير الباحثين في معهد "أميركان إنتربرايز"، إلى أنه "على رغم أن الناس تعيش الآن لفترة أطول ويكونون أكثر صحة بشكل عام مع تقدمهم في العمر مقارنة بالأجيال السابقة، إلا أن الغالبية العظمى من الناس تتباطأ عقلياً وجسدياً، مع اقترابهم من العقد الثامن، ولهذا ينبغي أن تكون حقيقة الحياة هذه موضع قلق دستوري في ظل النفوذ الهائل والسلطات والأهمية التي يتمتع بها الرئيس الأميركي، ولهذا من المهم وضع حد أقصى لسن الشخص الذي يمكن أن ينتخب رئيساً".
في المقابل يقول موقع "فوربس"، إن "الناخبين يدركون أن عدداً أكبر من السكان الأميركيين قادرون على العمل لفترة أطول من أي وقت مضى، وأن الأميركيين الأكبر سناً أصبحوا أكثر صحة في المتوسط، مما كانوا عليه في الماضي، وأبلغ عدد أكبر من المتقدمين في السن عن تمتعهم بصحة جيدة مقارنة بالعقود الماضية، كما يعيش نحو ثلاثة فقط من بين كل 100 أميركي تتراوح أعمارهم بين 75 و79 عاماً، في دور رعاية المسنين، ما يشير إلى أن الوضع الصحي ومعدل الأعمار تحسن مقارنة بالماضي وهذا ينطبق على الرؤساء.
وخلص تقرير صادر عن الاتحاد الأميركي لأبحاث الشيخوخة، يقدر في تحليل مفصل طول العمر واحتمالات البقاء على قيد الحياة للمرشحين إلى البيت الأبيض، إلى أن "العمر ليس عاملاً ذا صلة في الحكم على مدى ملاءمة المرشحين للرئاسة لتولي أعلى منصب في البلاد". وقال المؤلف الرئيس للتقرير، الدكتور غاي أولشانسكي كبير الباحثين في مجال الشيخوخة بجامعة إلينوي في مدرسة شيكاغو للصحة العامة، إن "مفهومنا لما هو كبير في السن تغير، إذ لا ينبغي اعتبار هؤلاء الأشخاص مختلفين عن أي شخص آخر".
علاوة على ذلك، تشير فرانسيس هيل أستاذة القانون في جامعة ميامي، إلى أن "العمر متغير معقد يمكن أن يعني أشياء كثيرة في جميع السياقات تقريباً، بما في ذلك الخدمة في المناصب العامة، ونظراً إلى صعوبة إثبات أن العمر دائماً ما يتعارض مع الخدمة العامة الفعالة، فمن المرجح جداً أن ينظر إلى أي تشريعات تضع سقفاً لسن المرشحين على أنها تمييزية"، لكن مايكل تاتشتون الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية في جامعة ميامي يرى أن "الناخبين سيعملون كهيئة محلفين لعزل المرشحين الأكبر سناً الذين لا يبدو أنهم قادرون على التعامل مع قسوة المنصب الرئاسي وصعوبته".

وبالنظر عن كثب إلى القائمة التالية من جميع الرؤساء الأميركيين بحسب الترتيب من حيث العمر الأكبر لكل منهم عند التنصيب، وترتيبه في السلم الرئاسي، وانتهاء بأصغر الرؤساء سناً، يمكن تقييم كل منهم بشكل أفضل:

1- جو بايدن (78 سنة و61 يوماً) الرئيس الـ46 لأميركا.

2- دونالد ترمب (70 سنة و220 يوماً) الرئيس الـ45.

3- رونالد ريغان (69 سنة و348 يوماً) الرئيس الـ40.

4 - وليام هنري هاريسون (68 سنة و23 يوماً) الرئيس التاسع.

5- جيمس بوكانان (65 سنة و315 يوماً) الرئيس الـ15.

6- جورج أتش بوش (64 سنة و222 يوماً) الرئيس الـ41.

7- زكاري تايلور (64 سنة و100 يوماً) الرئيس الـ12.

 8- دوايت دي أيزنهاور (62 سنة و98 يوماً) الرئيس الـ34.

9- أندرو جاكسون (61 سنة و354 يوماً) الرئيس السابع.

10- جون آدامز (61 سنة و125 يوماً) الرئيس الثاني.

11- جيرالد فورد (61 سنة و26 يوماً) الرئيس الـ38.

12- هاري ترومان (60 سنة و339 يوماً) الرئيس الـ33.

13- جيمس مونرو (58 سنة و310 أيام) الرئيس الخامس.

14- جيمس ماديسون (57 سنة و353 يوماً) الرئيس الرابع.

15- توماس جيفرسون (57 سنة و325 يوماً) الرئيس الثالث.

16- جون كوينسي آدامز (57 سنة و236 يوماً) الرئيس السادس.

17- جورج واشنطن (57 سنة و68 يوماً) أول رئيس.

18- أندرو جونسون (56 سنة و107 أيام) الرئيس الـ17.

19- وودرو ويلسون (56 سنة و66 يوماً) الرئيس الـ28.

20- ريتشارد نيكسون (56 سنة و11 يوماً) الرئيس الـ37.

21- غروفر كليفلاند (55 سنة و351 يوماً) الرئيس الـ24.

22- بنيامين هاريسون (55 سنة و196 يوماً) الرئيس الـ23.

23- وارن هاردينغ (55 سنة و122 يوماً) الرئيس الـ29.

24- ليندون جونسون (55 سنة و87 يوماً) الرئيس الـ36.

25- هربرت هوفر (54 سنة و206 يوماً) الرئيس الـ31.

26- جورج دبليو بوش (54 سنة و198 يوماً) الرئيس الـ43.

27- رذرفورد هايز (54 سنة و151 يوماً) الرئيس الـ19.

28- مارتن فان بورين (54 سنة و89 يوماً) الرئيس الثامن.

29- وليام ماكينلي (54 سنة و34 يوماً) الرئيس الـ25.

30- جيمي كارتر (52 سنة و111 يوماً) الرئيس الـ39.

31- أبراهام لينكولن (52 سنة و20 يوماً) الرئيس الـ16.

32- تشيستر آرثر (51 سنة و349 يوماً) الرئيس الـ21.

33- وليام تافت (51 سنة و170 يوماً) الرئيس الـ27.

34- فرانكلين دي روزفلت (51 سنة و33 يوماً) الرئيس الـ32.

35- كالفن كوليدج (51 سنة و29 يوماً) الرئيس الـ30.

36- جون تايلر (51 سنة و6 أيام) الرئيس الـ10.

37- ميلارد فيلمور (50 سنة و183 يوماً) الرئيس الـ13.

38- جيمس بولك (49 سنة و123 يوماً) الرئيس الـ11.

39- جيمس غارفيلد (49 سنة و105 أيام) الرئيس الـ20.

40- فرانكلين بيرس (48 سنة و101 يوم) الرئيس الـ14.

41- غروفر كليفلاند (47 سنة و351 يوماً) الرئيس الـ22.

42- باراك أوباما (47 سنة و169 يوماً) الرئيس الـ44.

43- يوليسيس غرانت (46 سنة و311 يوماً) الرئيس الـ18.

44- بيل كلينتون (46 سنة و154 يوماً) الرئيس الـ42.

45- جون كينيدي (43 سنة و236 يوماً) الرئيس الـ35.

46- ثيودور روزفلت (42 سنة و322 يوماً) الرئيس الـ26.

المزيد من تحقيقات ومطولات