ملخص
#نصر دعائي لروسيا بعد #مقتل القائد الأوكراني القومي "دافنتشي"
أسفرت المعركة في سبيل السيطرة على باخموت عن مقتل أصغر قائد كتيبة في الجيش الأوكراني الذي اشتهر بجسارته وشكل هدفاً للروس منذ فترة طويلة.
وقتل دميترو كوتسيوبايلو، قائد المجموعة التي اتهمتها موسكو بتكوين صلات مع النازيين الجدد والفاشيين، في القصف قرب مدينة دونباس التي تتعرض لهجوم روسي مكثف منذ أشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي قلد كوتسيوبايلو وسام النجم الذهبي ولقب "بطل أوكرانيا"، العام الماضي، في نعيه له، "كان أحد أصغر أبطال أوكرانيا، ومن الأشخاص الذين التحم تاريخهم الخاص وهويتهم وشجاعتهم إلى الأبد بتاريخ وهوية وشجاعة أوكرانيا. وقتل في المعركة قرب باخموت - المعركة من أجل أوكرانيا".
كان كوتسيوبايلو (27 سنة)، يلقب بـ"دافنتشي"، ويقود مجموعة برافي سيكتور (القطاع الأيمن)، وقد ذاع صيته في أوكرانيا بسبب دوره في الحرب التي عصفت لمدة سبع سنوات ضد الانفصاليين المدعومين من موسكو في الشرق. وترسخت سمعته كمقاتل على الخطوط الأمامية خلال الصراع الحالي.
وتشكل وفاة الجندي الشاب فوزاً دعائياً للروس. ونشر أحد المواقع الداعمة للكرملين النص التالي حول مقتله "تمت تصفية قومي أوكراني رفيع المستوى. نتحدث عن دميترو كوتسيوبايلو الملقب بـ"دافنتشي"، والمناصر الشرس وأحد قادة "القطاع الأيمن" المحظور في روسيا، والذي يعد منظمة إرهابية".
تأتي وفاة كوتسيوبايلو في أعقاب الخبر الذي حظي بتغطية إعلامية موسعة عن مقتل جندي أوكراني آخر هو تيموفي ميكولايوفيتش شادورا في باخموت، إذ ظهر فيديو للجندي وهو يقول "المجد لأوكرانيا". قبل أن يعدمه الروس الذين كانوا يأسرونه على ما يبدو.
أعلنت الحكومة الأوكرانية أنها لن تنسحب من باخموت التي تطوقها القوات الروسية بقيادة مقاتلين من مجموعة مرتزقة فاغنر. ودمرت المدينة في دونباس بشكل شبه تام مع أن المحللين العسكريين في الغرب لا يرون فيها أي أهمية استراتيجية.
وفي هذا الإطار، ذكر مسؤول أمني غربي كبير هذا الأسبوع أن استعادة السيطرة على باخموت ستعتبر "حدثاً تكتيكياً صغيراً جداً" لا قيمة له "لأي من الطرفين"، لكن الرئيس زيلينسكي قال إن الروس سيهددون باقي منطقة دونباس في حال تمكنهم من فرض سيطرتهم على المدينة.
أثار قرار إبقاء القوات في باخموت التساؤلات في أوساط القوات الأوكرانية المسلحة، فيما أشار المنتقدون إلى مثال ماريوبول التي لم تنسحب منها القوات في الوقت المناسب وأسر الروس الآلاف بعدها عندما سيطروا على المدينة الجنوبية، كما أسفر تأخير مماثل في الانسحاب من سيفيرودونيتس وليسيتشانسك، المدينتين الواقعتين في الشرق، إلى مقتل وجرح عدد كبير من الجنود كذلك.
تعد مجموعة القطاع الأيمن إحدى أشهر المجموعات المسلحة وأكثرها إثارة للجدل من بين تلك التي انبثقت عن الاشتباكات العنيفة في الشوارع في إطار احتجاجات ميدان التي أطاحت حكومة الرئيس الأوكراني المؤيد لموسكو، فيكتور ياكونوفيتش في عام 2014.
ثم اضطلعت المجموعة بدور بارز في الصراع الذي دار لاحقاً ضد الانفصاليين في الشرق، وأصبح بالتالي مكروهة في أوساط أعدائها من الأوكرانيين والروس. على مدار الأشهر الستة الأولى للقتال آنذاك، كانت مجموعة القطاع الأيمن واحدة من بين أكثر ثلاث مجموعات مذكورة في الإعلام الروسي وحظرت المنظمة في موسكو.
قضيت بعض الوقت برفقة هذه المجموعة في دونباس، العام الماضي، مع انطلاق الغزو الذي شنه فلاديمير بوتين، حين أعلن الرئيس الروسي أن أحد أهم أهداف "العملية العسكرية الخاصة" التي تقودها بلاده هي "اجتثاث النازية" من أوكرانيا.
استخف مقاتلو القطاع الأيمن، كما الأوكرانيون والغرب بشكل أوسع، بمزاعم السيد بوتين في القضاء على الفاشية، واعتبروا أنها أحد الأعذار الكاذبة التي استخدمت للتبرير للحرب.
تشكلت المجموعة في الأساس باعتبارها اتحاداً للمنظمات القومية الراديكالية، لكن بعض هذه المنظمات، ومنها واحدة تسمى المطرقة البيضاء (White Hammer) طردت من المجموعة، فيما غادرت أخرى المجموعة، مثل قوميي أوكرانيا (Patriot of Ukraine)، الجناح شبه العسكري للجمعية الوطنية الاجتماعية في البلاد، بعد أن خففت نهجها المحارب، كما يزعم.
أصر كوتسيوبايلو في حديث معي بأنهم بذلوا جهوداً حثيثة من أجل إبعاد الأشخاص الذين يحملون فكراً نازياً أو فاشياً أو عنصرياً.
وقال "نحن قوميون، وأنا قومي، ولكننا لسنا (مثل) بعض الآخرين، النازيين الجدد والمؤمنين بتفوق العرق الأبيض، وكل هذه الأمور. لدينا في هذه الوحدة يهود ومسلمون ومسيحيون، ولن تجد أي أحد لديه وشم نازي أو فاشي أو أي شيء من هذا القبيل، كما لدينا متطوعون من دول أخرى كثيرة، ولا يهمنا من أين يأتون ولا ديانتهم".
اختار كوتسيوبايلو لقب "دافنتشي" بسبب إعجابه، خلال الفترة التي قضاها كطالب فنون، بالموسوعي المتعدد المواهب الذي عاش في عصر النهضة. وقال "أعجبت بمخيلته واختراعاته وتبنيه أفكاراً جديدة. لا يمكن للمرء أن يعجب بأمور مشابهة ويكون عنصرياً غير متسامح في الوقت نفسه".
وأضاف كوتسيوبايلو أن هدفه بعد أن تنتهي الحرب هو محاولة عيش "حياة عادية" مع شريكته ألينا ميخايلوفا، الناشطة السابقة ونائبة عضو المجلس البلدي في كييف التي خدمت أيضاً على الجبهة.
لكن كوتسيوبايلو اعتقد أن الحياة العادية ستكون صعبة للأشخاص أمثاله، لأنهم سيتعرضون باستمرار لحملات الدعاية المغرضة.
وتتعلق إحدى القصص التي أججت حملة من هذا النوع ضده بجرو الذئب الذي اهتم هو وقواته برعايته بعد أن قتلت أمه برصاص قناصة، وأصبح رمزاً وتميمة حظ بالنسبة إلى الوحدة التي يحمل شعارها رسم ذئاب في حالة هجوم. وعندما سأله أحد المراسلين الزائرين لقاعدة الوحدة ماذا يطعمون الذئب؟ أجاب كوتسيوبايلو بأن العظام الموجودة داخل القفص تعود إلى "أطفال يتحدثون الروسية". وبعد تلقيه الوسام من السيد زيلينسكي، ظهرت ادعاءات في الإعلام الروسي بأن أوكرانيا منحت أحد أرفع نياشينها لمتطرف يميني يريد إطعام ذئبه عظام الأطفال الروس.
واحتج كوتسيوبايلو بقوله "لا شك في أنها كانت دعابة، ورأى الجميع ذلك بوضوح. كنت أحاول أن أسخر من الأمور السخيفة التي يقولونها عنا، ثم تحول ذلك إلى (حقيقة)".
وأضاف "أظن أنها أسهمت في إظهارنا كما أرادوا أن يصورونا، بطريقة تجعل الناس يخشون بعضهم بعضاً، ويكرهون بعضهم بعضاً. نحن الآن نخوض حرباً حقيقية، وليس مجرد حرب دعاية. سيدور كثير من القتال، وسيموت الناس - علينا أن نتقبل بأننا لن نخرج جميعاً أحياءً منها".
© The Independent