Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حديث الخيانة" أزمة جديدة في تونس بطلها وزير الداخلية

اتهم إعلاميين ورجال أعمال ونقابيين وأحزاب بأنهم "باعوا الوطن" وأكثر من 30 نقابة ومنظمة تطالبه بالاعتذار

توفيق شرف الدين دافع عن التوقيفات الأخيرة باتهام رجال الإعلام والأعمال بالفساد والخيانة  (أ ف ب)

ملخص

 جاءت تصريحات وزير الداخلية #توفيق_شرف_الدين بعد أسابيع من الصمت تجاه موجة #الاعتقالات التي شهدتها #تونس، وهي اعتقالات أحدثت جدلاً صاخباً في الأوساط الإعلامية والسياسية والحقوقية

أثار هجوم حاد شنه وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين على النخب الإعلامية والسياسية أزمة واسعة النطاق في البلاد التي تشهد معركة "ليّ أذرع" بين الرئيس قيس سعيد والمعارضة.

شرف الدين قال في تصريحات أدلى بها على هامش الاحتفال بذكرى إجهاض مخطط لتنظيم "داعش" لتحويل مدينة بن قردان جنوب تونس إلى إمارة تابعة له، إن "رجال إعلام مرتزقة ورجال أعمال باعوا الوطن ونقابيين باعوا الوطن وأحزاباً باعت الوطن، والنخبة السياسية هي نكبة سياسية، إذ تحالفوا جميعاً ضد الشعب التونسي، إنهم خونة".

وأضاف بحسب مقطع فيديو نشرته وزارة الداخلية على صفحتها بموقع "فيسبوك" أنه "لا بد لكل من أخطأ أن يحاسب، إنهم لا يطيقون أي وطني، وأي وطني لا يساوم مثل رئيس الجمهورية يزعجهم".

وسارعت أكثر من 30 نقابة ومنظمة من بينها نقابة الصحافيين التونسيين والاتحاد العام للشغل إلى استنكار هذا الخطاب، داعية وزير الداخلية إلى الاعتذار ووصفت إياه بـ "العنيف والمتسرع".

وتحتفل تونس في السابع من مارس (آذار) كل عام بذكرى التصدي لهجوم "داعش" على مدينة بن قردان المتاخمة للحدود الليبية، وهو هجوم راح ضحيته عشرات المسلحين والمدنيين.

خطاب فاشي

وما فاقم الجدل في شأن تصريح وزير الداخلية الوضع المحتقن الذي تشهد تونس على وقع توقيفات طاولت سياسيين بارزين ورجال أعمال ومدير إذاعة "موزاييك أف أم" واسعة الانتشار نور الدين بوطار، وبالتالي أثيرت مخاوف في شأن التراجع عن الحريات التي أطلقت في أعقاب انتفاضة عام 2011.

ودعا توفيق شرف الدين الذي يعد من بين أقرب الوزراء لقيس سعيد إلى الالتفاف حول الرئيس التونسي في خضم ما وصفها بالحرب الضروس، في إشارة صريحة إلى الأزمة التي تعيشها البلاد منذ فترة.

واتهم الرئيس سعيد سابقاً نحو 20 سياسياً ورجل أعمال موقوفين بالتآمر على أمن الدولة، فيما لازمت النيابة العامة الصمت تجاه التوقيفات التي شملت معارضين بارزين للسلطات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الوزير السابق والناشط السياسي المعارض فوزي عبدالرحمن إن "هذا الخطاب فاشي بامتياز، ويهدف إلى هدم كل المؤسسات الوسيطة، وهو ما تخطط له السلطة القائمة التي تعتمد خطاباً شعبوياً يدغدغ مشاعر الناس وسط غياب لأي إنجاز حقيقي".

وأضاف عبدالرحمن لـ "اندبندنت عربية" أن "وزير الداخلية يعتبر الجميع خونة، فالصحافيين خونة والسياسيون خونة، وفقط هو من الوطنيين، وهذا الخطاب أيضاً يستمد شرعيته ووجوده من خطاب الرئاسة".

وشدد على أن "الأهم من كل هذا أيضاً، أي كفاءة لتوفيق شرف الدين حتى يتولى وزارة مثل وزارة الداخلية؟ هو فقط مدير حملة الرئيس قيس سعيد الانتخابية في محافظة سوسة (شرق تونس)، وبالتالي تم تعيينه على هذا الأساس في المنصب، وهو بالتالي يتبنى مواقف الرئيس كما هي".

ولم تعلق وزارة الداخلية على الفور على البيان الذي أصدرته أكثر من 30 منظمة ونقابة تونسية، لكن الشارع منقسم على نفسه بشدة إزاء التوقيفات الأخيرة بين مرحب ومبتهج بانطلاق قطار المحاسبة، وآخر يعتبرها تصفية حسابات سياسية.

إدانات فردية

وفي المقابل ترى أوساط سياسية موالية للرئيس سعيد الذي أطاح بخصومه قبل عام ونصف العام من الآن، عندما حل البرلمان والحكومة المدعومتين من حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، أن تصريحات وزير الداخلية لا تمس المنظمات بل جاءت في ظرف معين.

وجاءت تصريحات شرف الدين بعد أسابيع من الصمت تجاه موجة الاعتقالات التي شهدتها تونس، وهي اعتقالات أحدثت جدلاً صاخباً في الأوساط الإعلامية والسياسية والحقوقية.

وقال المتحدث الرسمي باسم حزب التيار الشعبي المؤيد للرئيس سعيد محسن النابتي إن "وزير الداخلية لم يخون المنظمات الوطنية وبالتالي لا أفهم ما الذي أزعجها في خطابه؟ فتوفيق شرف الدين تحدث عن أفراد، أي إدانات فردية، ولم يتحدث أبداً عن منظمة أو نقابة وهي منظمات وطنية".

وأردف النابتي في تصريح خاص أنه "كان على وزير الداخلية أن يكون أدق في تصريحه، خصوصاً في ظل السياق السياسي الراهن الذي يتميز بتصاعد التوتر مما يفتح المجال أمام التأويلات والتأويلات المضادة".

ودعا المتحدث باسم حزب التيار الشعبي الجميع، بما في ذلك المسؤولين والسياسيين، إلى توخي الدقة عند إطلاق التصريحات والأخذ بعين الاعتبار السياق الذي تشهده تونس.

وأكد النابتي أن "هناك جرائم خطرة ارتكبت في حق تونس والتونسيين كان على وزير الداخلية التحلي بالدقة عند التطرق إليها، خصوصاً أنها تصريحات جاءت في مناسبة مهمة لدى التونسيين تتعلق بالتصدي لتنظيم ’داعش‘"، لافتاً إلى أن "السياق السياسي فرض نفسه على هذه التصريحات مثلها مثل تصريحات رئيس الجمهورية حول الأفارقة من جنوب الصحراء".

وقالت النقابات التي رفضت تصريحات شرف الدين إنه "خطاب تخويني رثّ يضع الجميع في سلة واحدة ويحرض على الأجسام الوسيطة في استعادة لخطاب شعبوي خطر يبشر بالدولة البوليسية"، في إشارة إلى قمع الأمن للمعارضة.

ويعد الرئيس قيس سعيد الذي أعاد تونس لنظام الحكم الرئاسي عبر استفتاء شعبي شهد عزوفاً في الـ 25 من يوليو (تموز) 2022 بحماية الحريات والحقوق، لكن التوقيفات الأخيرة وما رافقها من صمت رسمي تجاه التهم أثار توجساً من تراجع محتمل للمكاسب التي حصل عليها التونسيون في أعقاب انتفاضة الـ 14 من يناير (كانون الثاني) 2011.

لكن إجراءات الرئيس سعيد وتحركاته لا تزال تحظى بشعبية قوية في الشارع، وسط مطالبات بمحاسبة الفاسدين بعد أن تردت البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.

وقال فوزي عبدالرحمن "كم يبلغ عدد الفاسدين؟ 1000 أو 1500؟ لكن بقية الشعب هم من يجاهدون ويتولون بناء تونس، فلماذا يتم تخوينهم؟ هذا غير معقول".

لكن النابتي اعتبر أن "الإدانات فردية بالأساس ولن تطاول المنظمات والنقابات، وحتى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي لم يعارض في وقت سابق محاسبة نقابيين إذا كانوا مورطين في قضايا فساد، ولا يوجد أي داع للقلق".

المزيد من متابعات