Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حاكم دارفور: لا نسعى لعرقلة العملية السياسية لكننا ضد الإقصاء

أركو مناوي: لم نحرض سكان البلاد على القتال والحكومات المتعاقبة منذ 1956 أفشت ثقافة الحرب

يرى مناوي أن "هناك محاسن كثيرة حققها حمل السلاح منها زيادة الوعي بالحقوق والمطالب" (اندبندنت عربية- حسن حامد)

ملخص

أعلن حاكم #إقليم_دارفور أركو مني مناوي أن سياسيي الخرطوم يخططون لتوريث #السودان سياسياً ومادياً ويسعون إلى الإيقاع بين الحركات المسلحة

قال حاكم إقليم دارفور رئيس حركة تحرير السودان والمسؤول السياسي لقوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) أركو مني مناوي، "إنهم حملوا السلاح بسبب الظلم والهيمنة على السلطة وعدم قبول الآخر، ولم يحرضوا أحداً على حمله، بل إن الحرب نفسها التي اندلعت في دارفور أحدثت وعياً كبيراً وسط سكانها من ناحية حقوقهم التي ظلت مهضومة طوال 67 عاماً"، بينما اتهم الحكومات المتعاقبة باستغلال أبناء الإقليم (دارفور) للقتال في جنوب السودان على مدى ستة عقود، مما جعل الحرب لديهم ثقافة بدلاً من السلام، منوهاً إلى أنهم تصالحوا مع نظام الرئيس السابق عمر البشير لأنه جنح للحوار، لكن سرعان ما اختلفوا معه لعدم التزامه الاتفاق.

ونفى مناوي في حوار مع "اندبندنت عربية" اتهام الحركات المسلحة بأنها تسعى إلى كرسي السلطة وبعدها عن قضايا سكان الإقليم ونازحيه، مؤكداً تمسكهم باتفاق سلام جوبا لأنه في الأقل أوقف الحرب ولم تشهد دارفور منذ التوقيع عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 إطلاق رصاصة واحدة وأن الذي يدعو إلى مراجعة هذا الاتفاق يريد أن يقول، "اتركوا الاتفاق وارجعوا إلى الحرب، ونحن لا نريد ذلك".

ولفت إلى أن ما حدث في 25 أكتوبر مفاصلة بين شركاء الحكم من العسكريين والمدنيين وأنهم لم يكونوا جزءاً منه، وفيما نوه بتواصل الحوار في شأن العملية السياسية (الاتفاق الإطاري) من دون الوصول إلى اتفاق حتى الآن بل تفاهمات محدودة، أكد أنه لن تكون هناك حكومة مستقرة إذا لم تتوقف الخلافات السياسية ويتوحد المدنيون ويوضع العسكريون في مكانهم الطبيعي.

التوعية والإصلاح

وفي سؤالنا له عن سبب اتجاههم لحمل السلاح وما حققوه من أهداف، أجاب، "حملنا للسلاح جاء في سياق أدبيات المقاومة وليس هناك شخص يعشق القتال، وقضية دارفور لم تبدأ في 2003 فهي قضية كبيرة وتشعبت أهدافها هنا وهناك، لكنها ظهرت بشكلها الحديث بعد الاستقلال 1956، بحيث برزت أصوات عدة تدافع عن هذه القضية، فمثلاً في 1964 تكونت جبهة نهضة دارفور تحت قيادة عدد من أبناء الإقليم أبرزهم أحمد إبراهيم دريج، فهي جبهة مطلبية شبيهة آنذاك باتحاد عام جبال النوبة ومؤتمر البجا، وكذلك مثل حركة علي عبداللطيف الماظ الذي قاد ثورة 1924 ضد الاستعمار البريطاني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تابع، "بالتالي نحن امتداد لتلك الحركات والجبهات المطلبية التي كانت تركز على رفع صوت الوعي لدى المجتمعات المهمشة ولم نكن أول من حمل السلاح في هذا الإقليم، فسبقنا إلى ذلك داوود يحيى بولاد في 1992 الذي اغتيل وحسمت حركته عسكرياً، وجئنا من بعده نحمل السلاح في 2001 من أجل الدفاع عن قضايا السودان عموماً، وكان اعتراضنا على الممارسات الخاطئة سواء كانت في عهد النظام السابق أو ما قبله، فهدفنا التوعية والإصلاح معاً حتى تشهد بلادنا نظام حكم عادل ومساواة وعدالة من دون تمييز".

ويرى مناوي أنه "من الصعب في ظل هذه الأجواء عد الإيجابيات التي تحققت، فالناس دائماً تنظر إلى المآسي وما يحدث في معسكرات اللاجئين والنازحين وغيرها، لكن في نظري هناك محاسن كثيرة حققها حمل السلاح منها زيادة الوعي بالحقوق والمطالب، خصوصاً في المناطق الطرفية والبوادي ورفض الظلم وهذا عمل متقدم، كما أن الحراك المستمر هو من أدخل الثورة في كل بيت سوداني، ولولا الضغط المتواصل من قبل سكان الهامش لما نجحت ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت نظام البشير في أبريل (نيسان) 2019".

اتساع الحرب

يقول مناوي رداً على تحميل بعضهم لهم مسؤولية اتساع رقعة الحرب في دارفور وطول أمدها، "ليس بالضرورة أن يكون سكان دارفور تابعين مثل القطيع، طالما أن الناس عرفوا قضيتهم ورفعوا السلاح على المستويات كافة وفي كل البلد فهذا يعني أنهم رافضون لهذا الوضع ولسنا محرضين لهم، لكن بالضرورة أن يرفعوا صوتهم سواء بطريقة سلمية أو غيرها من أجل انتزاع حقوقهم، ومن يقول إننا وسعنا رقعة الحرب فهو يريد فقط أن يحكم إلى الأبد ولا يراعي حقوق الآخرين، فمن حمل السلاح كان يعبر عن مظالمه ومطالبه وليس كل من حمل سلاحاً ينتمي إلى الحركات المسلحة، وعلى رغم مأساة الحرب لكنها أحدثت تقدماً كبيراً في الوعي لدى سكان الإقليم، وفي تقديري أن اتساع الصراع سببه رفض الحوار من قبل الحاكمين وعدم اتباعهم صوت الحكمة".

 

وأردف "الحركات المسلحة لم تكن في يوم من الأيام خصماً على قضية دارفور بل هي إضافة حقيقية إلى القضية السودانية، فهي لا تعنى بقضية دارفور وحدها، فمثلاً نحن في حركة تحرير السودان لدينا انتشار ومكاتب في عدد من مناطق البلاد كالقضارف ومدني والجزيرة والخرطوم، وهذا دليل على قومية الحركات وليس انحصارها في رقعة محددة".

عدم قبول الآخر

وحول مغزى تصالحه مع نظام البشير ثم الاختلاف معه، أوضح  "بالطبع حملنا للسلاح كان بسبب عدم قبول الآخر، لكن أينما وجدنا من يريد الحوار، بخاصة مع من يحاربنا فنمد له يدنا، والآن نحن متصالحون مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) اللذين كانا في يوم من الأيام يمثلان القيادة العسكرية لنظام البشير وهم من قاتلونا بضراوة في أحراش دارفور، فنحن لم نحمل السلاح بغرض استئصال الآخر، بل من أجل قضية محددة ومعلومة للجميع، وطالما الطرف الآخر تجاوب معنا فلماذا نرفض الحوار معه، فهذا هو طلبنا منذ البداية".

وتابع "نعم اختلفنا مع نظام البشير لأنه لم يلتزم الاتفاق الذي أبرمناه معه، فضلاً عن تمترسه وتخندقه عند مواقفه السابقة ومواصلته ممارسة الديكتاتورية".

تصالح وحوار

ورداً على سؤالنا له عن القصد من دعوته إلى الحوار مع حزب البشير، أوضح مناوي "المؤتمر الوطني تنظيم سياسي يضم قيادة تنفيذية أجرمت في حق الشعب السوداني ومكانها الطبيعي السجون، لكن ما يتعلق بقاعدته من عامة الناس بحكم انتمائهم السياسي كسودانيين ولم يجرموا فهؤلاء لا ذنب لهم ويجب التحاور معهم وعدم إقصائهم حتى لا يشعروا بالظلم والغبن، بالتالي تشهد البلاد الاستقرار وقدمت دعوة إلى الحوار الشامل مع كل السودانيين، فالسودان هو البلد الأفريقي الوحيد الذي لم يشهد حواراً وطنياً منذ استقلاله".

 

وفي ما خص تسليم المطلوبين من عناصر النظام السابق إلى المحكمة الجنائية، أشار "ما زلنا نتابع مسألة تسليم الذين قاموا بالإبادة الشاملة بحق أهلنا في دارفور إلى المحكمة الجنائية، بخاصة الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال وهم الرئيس السابق عمر البشير ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين والقيادي في المؤتمر الوطني المحلول أحمد هارون، لكن الدواعي السياسية والاحترازات من قبل السلطة الحاكمة المشتركة آنذاك ممثلة بالمكونين المدني والعسكري حالت دون تسليمهم، وللأسف كانت المماطلة أكثر من جانب المدنيين، إذ كانوا يتعللون بأن وضع البلاد السياسي لا يتحمل، بالتالي ما زلنا نصارع من أجل تسليمهم إلى الجنائية".

استغلال مواطني دارفور

وعن رأيه في شأن استمرار النزاعات في دارفور من وقت لآخر، أكد مناوي "دارفور انضم إلى السودان قبل 107 أعوام ولم يجد الاهتمام البسيط من قبل السلطة المركزية في الخرطوم من ناحية التنمية سواء العمرانية أو البشرية، لذلك من الطبيعي أن يظل في هذا الوضع المأساوي، ومن الصعب أيضاً أن يشهد استقراراً حقيقياً، إضافة إلى أن مواطني دارفور كانوا يستغلون من قبل حكومة الخرطوم عسكرية كانت أو مدنية على مدى 60 عاماً للقتال في جنوب السودان قبل انفصاله في 2011، بالتالي زرعت تلك الحكومات ثقافة الحرب وسط أهل دارفور بدلاً من ثقافة السلام، لذلك ما يحدث الآن في هذا الإقليم أمر طبيعي في ظل تلك التداعيات التي فرضت السلاح والنزاع كواقع لحسم أي خلاف أياً كان شكله وحجمه".

وحول مكمن المشكلة التي تسببت في هذه النزاعات، وإذا كانت وراءها أيادٍ أجنبية، أوضح أن "المشكلة تتعلق بقضية السودان كافة وليست خاصة بإقليم دارفور لوحده، فانتقلت من الخرطوم إلى دارفور، وهي المشكلة ذاتها التي أدت إلى انفصال الجنوب وإلى أزمة الشرق والشمال والوسط، فهي مشكلة تتعلق بالهيمنة على السلطة والقرار على أن يكون الباقون مجرد أدوات، وحتى إذا كانت هناك أياد أجنبية، فقد دخلت نتيجة الثغرات التي وجدتها تلك الأيادي أو منحت لها، فلم تأت من فراغ".

اتفاق جوبا

وفي شأن خطوات تنفيذ اتفاق سلام جوبا، شرح مناوي أن "نسبة التنفيذ في مسار دارفور لم تصل إلى خمسة في المئة، لذلك جاءت ورشة تقييم تنفيذ اتفاق سلام جوبا التي استضافتها حكومة جنوب السودان في 13 فبراير (شباط)، وحددت القضايا ومواعيد التنفيذ، ونحن الآن ندخل في ورشة ثانية في الخرطوم لإنهاء كل العراقيل والتحديات التي تقف أمام تنفيذ بنود ذلك الاتفاق ونتمنى أن تشهد الأيام المقبلة خطوات مسرعة في هذا الجانب".

 

ورداً على سؤالنا عن أسباب رفضهم مراجعة اتفاق جوبا وهل نصوصه تحمل كل هموم الإقليم وقضاياه، قال "ليس بالضرورة أن يكون اتفاق جوبا حاملاً لكل هموم أهل دارفور، لكن طالما أن الاتفاق أوقف الحرب فهذه خطوة مهمة، فمنذ التوقيع على هذا الاتفاق لم تطلق أي من الحركات سواء الموقعة عليه أو تلك التي لم توقع عليه رصاصة واحدة على أرض دارفور، بالتالي هذه نعمة كبيرة، فالذي يدعو إلى مراجعة اتفاق جوبا يريد أن يقول اتركوا الاتفاق وارجعوا إلى الحرب، ونحن لا نريد ذلك. المطلوب الآن العمل على تنفيذ ما جاء في الاتفاق وليس مراجعته وهذا ما نسعى إليه بكل جدية وصبر".

اتهام باطل

وعما يتداول من اتهامات بأن الحركات المسلحة تسعى إلى السلطة ولم تعر قضايا النازحين والتنمية وغيرها اهتماماً، أكد أن "هذا اتهام باطل وأن ذلك حديث سياسيين جالسين في الخرطوم يريدون أن يرثوا السودان سياسياً ومادياً وغيره، فهم يسعون إلى الوقيعة بين الحركات بعضها بعضاً، وبينها وبقية سكان دارفور من نازحين وغيرهم، فهي محاولة يائسة لبث سموم الفرقة والفتنة من أجل الكسب السياسي، فنحن لم نسمع في أي يوم من الأيام مثل هذا القول من نازح أو لاجئ أو مواطن في دارفور، لكننا نسمعه تكراراً ومراراً هنا في الخرطوم للنيل من الحركات".

 

وحول انقسام حركات الكفاح المسلح في شأن مراجعة وتنفيذ اتفاق السلام وأثره في استقرار دارفور، قال مناوي "الذي يؤثر سلباً في الاستقرار هو الحرب البينية، والآن لا توجد حرب بين تلك الحركات، فما يحدث بين الحركات لا يسمى انقساماً بل هو اختلاف وجهات نظر، وهذا أمر طبيعي، فالحركات في الأساس تنظيمات سياسية لها رؤية وأهداف تتفق وتختلف مع بعضها، فمثلاً حزب الأمة منقسم إلى أحزاب عدة لكن لم تندلع حرب في الخرطوم أو الجزيرة، كما أن الحزب الاتحادي أيضاً منقسم ولم نر حرباً في مروي أو شرق السودان، وهناك الحزب الشيوعي متخندق في مكانه، فكل هذه التنظيمات تواجه تحديات ونحن جزء منها، لكننا نسعى إلى تجاوز أي عقبات لكي نصل للاستقرار الحقيقي وهو هدفنا المنشود".

شركاء وحلفاء

وفي شأن تأييدهم لانقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، ذكر مناوي "لسنا جزءاً من هذا الانقلاب، فالذين يروجون لمثل هذه الأقاويل والاتهامات هم من كانوا قبل هذا الانقلاب شركاء وحلفاء سواء عسكريين أو مدنيين، فهؤلاء هم من وقفوا ضد تنفيذ اتفاق سلام جوبا وبالذات القضايا المصيرية، فكانوا يجلسون مع بعضهم بعضاً في الغرف المغلقة، لكنهم اختلفوا في نقطة ما، واستغل العسكريون هذا الخلاف وفعلوا فعلتهم، فالمدنيون يسمونه انقلاباً، والعسكريون أطلقوا عليه مسمى إجراءات تصحيحية، ونحن نسميه مفاصلة بين شركاء الحكم، كما أن المجتمع الدولي والإقليمي إلى جانب واشنطن والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وصفوه بأنه إجراءات غير قانونية ولم يقولوا انقلاباً عسكرياً، فكلمة الانقلاب لم نسمعها إلا من الذين اعتقلوا، فنحن نقف ونتعاون مع أي حكومة أياً كانت، ولدينا اتفاق سلام ولا يمكن أن نحشد قواتنا ونطرد العسكريين لأن هناك أشخاصاً جرى اعتقالهم ليلاً، فهذه ليس مشكلتنا".

وحول موقفهم مما حدث من تعطيل لمسار التحول الديمقراطي من خلال إلغاء العمل بالوثيقة الدستورية، أجاب "التحول الديمقراطي أمر يعني الشعب السوداني ولا يخص مجموعة صغيرة لا تتعدى الشارعين في العاصمة الخرطوم، ومسألة إعاقة مسار التحول الديمقراطي شأن يسأل عنه البرهان وحميدتي، لكن ما حدث هو خلاف بين قوى الحرية والتغيير التي انقسمت في ما بعد إلى كتلتين، وامتد هذا الخلاف لأكثر من خمسة أشهر قبل إطاحة حكومة عبدالله حمدوك، والآن إذا لم يتفق السياسيون وظل الخلاف مستمراً فسيأتي عسكري آخر ويتسلم السلطة لأن العسكريين دائماً يستغلون خلافات السياسيين لتنفيذ انقلاباتهم، وكان من الأنسب تفضيل صوت العقل وحسم هذا الخلاف بطرق سياسية عبر الحوار، وفي تقديري لن تكون هناك حكومة مستقرة إذا لم تتوقف الخلافات السياسية ويتوحد المدنيون ويصار إلى وضع العسكريون في مكانهم الطبيعي".

حوار ثنائي

ورداً على سؤال حول سبب عدم توقيعهم الاتفاق الإطاري على رغم ما يشاع بأنهم الأقرب إلى العسكريين وفي ماذا يختلفون، أكد حاكم دارفور "لسنا جزءاً من هذا الاتفاق لأننا لم نكن ضمن ما جرى من حوار ثنائي حصل في الظلام، وهو في الأساس عبارة عن اقتسام للسلطة والعودة لما قبل 25 أكتوبر، وهي الفترة ذاتها التي كانت محل اختلال، وإذا كنا بالفعل متحالفين مع العسكريين، فلماذا نرفض الحوار المعطوب، فهؤلاء الذين وقعوا ما يسمى ’الاتفاق الإطاري‘ هم حلفاء العسكريين، وأحب أن أشير إلى أن الخلاف بيننا حول قضايا جوهرية منها ما يتعلق بالعدالة، فمجموعة ’المجلس المركزي‘ ترى أن يؤسس مجلس للعدالة وأن تؤول إليهم بعض الأجهزة الأمنية بصلاحيات واسعة منها حق الاعتقال وإجراءات أخرى مخالفة للحريات، فضلاً عن أن تكون للحرية والتغيير اليد الطولى في السلطة، إضافة إلى رفضهم توسيع قاعدة المشاركة".

وحول مدى صحة اشتراطهم للتوقيع على الاتفاق الإطاري ضم كيانات معادية للثورة السودانية، فضلاً عن سعيهم إلى إغراق العملية السياسية، أوضح مناوي "الذين يقولون هذا القول جاؤوا ووقعوا بأكثر من 40 تنظيماً يضم زوجاتهم وأصحابهم وأسماء لم نسمع بها من قبل، فنحن طالبنا بتوقيع القوى الحقيقية التي كونت الحرية والتغيير، لكنهم أتوا بقائمة تضم 41 مكوناً، بالتالي إذا كان هناك إغراق فهم أول من سن هذه السنة، فالحرية والتغيير في الأساس كانت تتكون من ثلاث كتل هي نداء السودان والإجماع الوطني وتجمع المهنيين، لكن تم بعد 22 يوماً من تكوينها فتح باب التوقيعات من دون إخطارنا فانضم إليها أكثر من 77 تنظيماً، ألم يكن هذا إغراقاً أم أمراً أخر؟ للأسف هذا هو الإغراق بعينه، وبالفعل هذه الأفعال تشبههم ولا تشبهنا".

إبادة جماعية

وعن تعقيبه عما أعلنته قوى الحرية والتغيير والعسكريون أنهم حددوا الكيانات التي يجب انضمامها إلى الاتفاق الإطاري، تساءل "من الذي لديه الحق في تحديد الأشخاص أم التنظيمات التي يجب أن تكون ضمن هذا الاتفاق؟ نحن جميعنا سودانيون ولا يستطيع أحد أن يفرض علينا سلطاته إذا كان عسكرياً أو مدنياً، فكلنا سواسية في هذا البلد، حيث نتمتع بجنسية واحدة، وليس هناك أحد لديه حق السيادة، نريد ضم كل من ناضل ضد فترة النظام السابق الذي استمر 30 عاماً وحتى قبله، فهؤلاء لعبوا دوراً أساسياً في محاربة ذلك النظام ودفعوا ثمناً غالياً سواء في الأرواح أو الممتلكات، لكن التحكم في تحديد من يكون ضمن الاتفاق الإطاري بمثابة الممارسات السابقة نفسها التي أدت إلى الانشقاق بين المدنيين خلال الفترة الماضية، وكذلك أدت إلى ارتكاب أكبر عملية إبادة جماعية على مستوى العالم راح ضحيتها الملايين في دارفور، فلماذا نعيد هذه المشكلة مرة أخرى؟".

 

وفي شأن اتهامهم بعرقلة العملية السياسية خشية الوصول إلى الانتخابات، نفى مناوي ذلك مؤكداً "لا أحد يريد عرقلة العملية السياسية، فالحركات مع الحريات والتحول الديمقراطي والانتقال السياسي. هذه قيمنا كحركات مسلحة، فهؤلاء الذي يطلقون هذه الأقاويل كانوا تجاراً يغتنون من أموال المؤتمر الوطني، ووقتها كنا نقاتل البشير والبرهان وحميدتي في الأدغال، فلا يعقل أننا نرفض أي توجه يصل بالبلاد إلى الانتخابات والاستقرار السياسي، لكننا نرفض أي إقصاء وأي عمليات هيمنة من قبل مجموعات سياسية صغيرة لا وزن لها ولا قاعدة".

طي الماضي

وعن صحة استئناف الحوار بينهم والمجموعة الموقعة على الاتفاق الإطاري، قال "صحيح حصل حوار وحصلت تفاهمات، لكن لم نصل إلى اتفاق، وما زال الحوار جارياً، وفي رأينا يجب أن نتوصل إلى اتفاق، لكن إذا لم يحدث هذا الاتفاق فعلى السودانيين حل هذه المشكلة".

وفي ما يتعلق بتمسكهم بموقفهم من العملية السياسية، أكد "بالطبع لأن هذا موقف وطني، ولا بد من أن تكون هناك قاعدة للمشاركة وقاعدة الحوار الحقيقي، فالدولة السودانية لم تؤسس بعد، ولا بد من أن نعترف بالمظالم السابقة، فالثورة لم تبدأ في 25 أكتوبر وأزمات السودان لم تؤرخ أيضاً في 25 أكتوبر فهي أزمات كثيرة، والمجموعة التي تقف وراء الاتفاق الإطاري تريد طي كل الصفحات الماضية، فهناك 3 ملايين نازح ولاجئ لم يتحدث أحد عنهم حينما كانوا في السلطة على مدى ثلاثة أعوام متواصلة، فعن أي قيم يتحدثون؟".

المجتمع الدولي

وعن تحرك المجتمع الدولي لإنهاء هذه الأزمة، قال حاكم دارفور "المجتمع الدولي له مصالحه ونحن لا نلومه، فإذا كان هناك خطأ فهو خطؤنا نحن السودانيين، وكان علينا أن نضع أولوياتنا ونعمل على حلها بعيداً من الآخرين".

وفي ما خص نقاشهم مع المبعوثين الغربيين الستة الذين زاروا الخرطوم أخيراً، أوضح مناوي "اختلفنا في أن الإطاري هو الأساس، واتفقنا معهم في توسيع القاعدة لأن ليس بالإمكان نجاح حكومة لا تحظى بالإجماع، فالمبعوثون الأجانب غير ملمين بالواقع السوداني وهم معذورون".

عقوبات فردية

وعن مدى صحة فرض عقوبات فردية من قبل المجتمع الدولي على كل من يعرقل العملية السياسية، شرح "العقوبات الفردية ليست بها مشكلة، لكن الأزمة في العقوبات الجماعية فهناك عشرات النازحين من النساء والأطفال في النيل الأزرق وجنوب كردفان يعيشون في معسكرات طوال الـ50 عاماً الماضية، وآخرون في الخنادق يحمون أنفسهم من الطيران العسكري، فهل هناك عقوبات أسوأ من ذلك، فالعقوبات الفردية لشخص واحد ماذا تعني؟".

 

ورداً على ما يشاع أن هناك خلافات وسط المكون العسكري (الجيش والدعم السريع)، أجاب مناوي، "واضح أن هناك خلافات بين قيادتي الجيش والدعم السرع، لكن لا علم لنا بتفاصيلها، وطالما أننا غير ملمين بها نطالب بأن نعرفها، لذلك تحدثنا بصوت عال في هذا الخصوص، وقلنا إذا هي خلافات شخصية يجب في هذه الحال إبعاد القوات من المدن، وإذا كانت خلافات قومية وطنية فلا بد من أن نعلم بها".

الإصلاح العسكري

وعن رأيه في شأن الدعوة إلى إصلاح الجانب العسكري والأمني في البلاد، قال "لا بد من أن يتم إصلاح المؤسسة العسكرية التي تستغل دائماً من قبل السياسيين، على أن تدمج كل القوات في جيش واحد سواء الحركات المسلحة أو الدعم السريع وكذلك الميليشيات التي كانت موجودة في السابق وتشمل 20 ميليشيا، وهي ما زالت موجودة من دون أن تحل من قبل لجنة تفكيك نظام الـ30 من يونيو، ويجب أن يشمل الإصلاح كل المؤسسات النظامية من أمن وشرطة وجيش حتى لا تسيس وأن تكون بعيدة من القبلية والجهوية، فعملية الإصلاح مهمة، وكذلك الدمج بالنسبة إلى قوات الحركات والدعم السريع في إطار المنظومة العسكرية الشاملة".

وفي ما يتعلق بمستقبل حركته، أوضح حاكم دارفور، "هي سياسية مثلها مثل بقية الأحزاب، لها الحق أن تنافس في الانتخابات وممارسة عملها السياسي، فقاعدتنا الجماهيرية الآن أكبر من الأحزاب، بل إن نشاطنا السياسي أكبر من الجانب العسكري، لكن دائماً الناس تسعى إلى تقزيم الحركات وحصرها في الجانب العسكري فقط".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات