Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا تهاجم مخيما للاجئين الأكراد في العراق

تسببت هذه العمليات بخلق حالة تشنج متصاعدة على الصعيدين العسكري والشعبي

مخيم مخمور للاجئين الأكراد من تركيا (أ.ف.ب)

في ما يبدو أنها أولى ردود الفعل العسكرية التركية على مقتل نائب قنصلها العام في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، شنت طائرات حربية تركيا، صباح الجمعة في 19 يوليو (تموز) الحالي، عدة هجمات على مخيم مخمور للاجئين الأكراد من تركيا، الذي يقع في عمق الأراضي العراقية، على بعد 70 كيلومتراً، جنوب غربي مدينة أربيل.

قصف مركز

مصادر كُردية قريبة من حزب العمال الكردستاني، ذكرت بأن عملية الهجوم جرت فجر الجمعة، وأنه لم يتم حتى الآن تحديد أعداد الضحايا والخسائر المادية الناتجة من ذلك القصف. لكن "اندبندنت عربية" حصلت على معلومات إضافية من أبناء المخيم، ذكرت أن ثلاثة تفجيرات كبيرة حدثت في أطراف المخيم، توقفت بعدها عمليات القصف، لكن أزيز الطائرات الحربية ظل يُسمع في المكان حتى بعد ساعة من تلك التفجيرات.

المصادر نفسها أكدت لـ"اندبندنت عربية" عدم مقتل أي من سكان المخيم، مُذكرين بأن اثنين على الأقل من الجرحى نقلا إلى المستشفى، وأن جروحهما ليست خطيرة.

من جهة أخرى، أصدرت وزارة الدفاع التركية توضيحاً ذكرت فيه بأن عشراً من طائراتها الحربية شنت هجوماً مسلحاً على قواعد لحزب العمال الكردستاني، في جبال "قره جوخ" ومخيم مخمور. البيان التركي ظهر كأنه ينفي سمة قصف منطقة مدنية مأهولة عن عملية القصف التركية، مركزاً على المناطق الجبلية المحيطة بها.

وسائل إعلام كردية محلية، ذكرت صباح السبت أن طائرات حربية تركية قصفت أيضاً مساء الجمعة قرية سبينداري التابعة لبلدة آميدية في محافظة دهوك، ما تسبب بجرح ثلاثة مواطنين مدنيين أكراد من المنطقة. بعد ذلك بساعات قليلة، قام سلاح الطيران التركي بقصف سيارة، قالت الأركان التُركية إنها تقل مقاتلين من حزب العمال الكردستاني. العملية التي حدثت بالقرب من بلدة أتروش في محافظة دهوك أيضاً، قالت المصادر أنها أدت إلى مقتل ثلاثة مقاتلين من العمال الكردستاني.

مجموعة الإجراءات العسكرية التركية التي حدثت منذ اغتيال نائب القنصل التركي في مدينة أربيل، في 17 يوليو، تأتي ضمن عملية هجوم جوية واسعة، أعلن عنها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في وقت متأخر من مساء الجمعة. وهو الإعلان الذي جاء عقب تعليق خلية الإعلام الأمني، التابعة لوزارة الدفاع العراقية، التي قالت إن الطائرات التركية اخترقت الأجواء العراقية بعمق، وقصفت مخيماً شرق مدينة الموصل.

ردود فعل مباشرة

العمليات التركية تسببت بخلق حالة تشنج متصاعدة على الصعيدين العسكري والشعبي. فقد شن مقاتلون، يعتقد بأنهم ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني، هجوماً مسلحاً على نقطة عسكرية تركية بالقرب من مدينة بدليس، في جنوب شرقي تركيا. ما أدى إلى مقتل ضابط من الجيش التركي وجرح عدد من الجنود الآخرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عملية الكردستاني داخل الأراضي التركية جاءت عقب توتر شعبي شهدته العلاقة التركية- الكردية، بعدما شن عدد من القوميين اليمنيين الأتراك في مدينة طرابزون الساحلية هجوماً على سياح أكراد من إقليم كردستان العراق، كانوا يرفعون علم الإقليم أثناء التقاطهم صوراً تذكارية.

الحادثة التي جرت في مكان قريب من وجود الأجهزة الأمنية التركية، التي تدخلت واعتقلت السياح الأكراد، وهددت بتسليمهم إلى الأجهزة القضائية التركية ليتم ترحيلهم. لكن حكومة إقليم كردستان العراق أصدرت بياناً عاجلاً، عبرت فيه عن استيائها مما جرى بحق السياح الأكراد في مدينة طرابزون، الأمر الذي دفع السلطات التركية إلى الإفراج عنهم.

مراقبون محليون أكراد، أكدوا بأن أجواء القلق الحالية لا يمكن لها أن تخدم الطرفين، فمجموع المصالح الاقتصادية والتداخل المجتمعي بين الأتراك والأكراد، سواء داخل تركيا أو في إقليم كردستان العراق، هو بدرجة من التداخل التي لا يمكن معها تصعيد حالة الاحتقان وتبادل ردود الفعل.

مخيم للمدنيين أم قاعدة عسكرية

على ما يبدو فإن مخيم مخمور للاجئين من أكراد تركيا سيتحول في الفترة القريبة المقبلة إلى مادة دسمة للصراع السياسي والأمني بين مختلف الأطراف، وبالذات بين تركيا والحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق.

فالمخيم الذي يقع في منطقة وسطى بين مدينتي أربيل والموصل، ويتبع إدارياً لمحافظة نينوى العراقية، كانت السلطات العراقية قد أسسته على دفعات للاجئين الأكراد أوائل التسعينيات، الذين كانوا يفرون من شدة المعارك الضارية التي تجري بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني وفرق الجيش التركي ضمن الأراضي التركية، تلك العمليات التي أدت لحرق قرابة أربعة آلاف قرية كردية وتهجير سكانها. يسكن المُخيم حوالى 25 ألف لاجئ، وكانت الحكومة المركزية العراقية تشرف عليه، عن طريق مجلس محافظة الموصل، إلا أن المخيم صار خاضعاً بعد عام 2014 لسلطة حزب العمال الكردستاني، الأمنية والسياسية.

تتهم تركيا العمال الكردستاني بأنه حول ذلك المخيم إلى إسناد خلفي لأعماله العسكرية والأمنية، وأنه صار بمثابة نقطة جذب للمتعاطفين مع الكردستاني، الذين يتلقون تدريبات عسكرية واستخباراتية، حتى داخل الأراضي التركية، خصوصاً منذ أن فقدت الحكومة المركزية العراقية والأمم المتحدة الإشراف المباشر على الحياة اليومية ضمن المخيم.

حزب العمال الكردستاني يؤكد أن المخيم خالٍ تماماً من أي من مقاتليه، وأن المخيم مجرد منطقة مدنية، وإن كان السكان المحليون ضمن المخيم متعاطفين مع العمال الكردستاني، فهم قد فروا من عمليات الجيش التركي التي استهدفت قراهم ومناطقهم السكانية، وصارت تلاحقهم حتى بعدما صاروا لاجئين في مخيمات بعيدة.

حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية العراقية تطالبان بالسيطرة الأمنية والإدارية على ذلك المخيم، لكنه أيضاً يقع ضمن المناطق المتنازع عليها بين الطرفين، فهي تتبع إدارياً لمحافظة أربيل، لكنها محكومة فعلياً من قِبل محافظة نينوى (الموصل).

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي